الشرّ... مرض يمكن معالجته؟ داعش و{عِلم الوحشية العصبي»

نشر في 24-11-2015
آخر تحديث 24-11-2015 | 00:01
يصعب على المرء أن يفهم كيف يستطيع النازيون، أو داعش، وغيرهما من المجموعات المتطرفة قلب الناس العاديين إلى قتلة وحشيين.

ولكن ماذا لو كان الشرُّ مرضاً يمكن معالجته.

لمَ قد يترك شاب يبدو طبيعياً الجامعة ليظهر بعد بعض الوقت في أحد أشرطة الفيديو وهو ينفذ عملية إعدام بدم بارد باسم الجهاد؟ يشكل الأمر لغزاً اضطررنا إلى التفكير فيه منذ أعلن تنظيم يُدعى داعش الحرب على {الكفار}. ولكن قبل سبعين سنة، كنا نطرح الأسئلة عينها عن حراس مخيمات الاعتقال النازية، فضلاً عن أن فرص التفكير في هذه المسألة كانت وللأسف كثيرة بين هاتين المرحلتين.

]

ما الذي يحوّل انساناً عادياً إلى قاتل؟ أن يرتكب المتحضر أعمالاً بربرية فكرة مستبعدة عادةً، حتى إننا غالباً ما نلوم غريزتنا الحيوانية على هذا السلوك المشين بحجة سيطرة المنطقة {البدائية} القديمة في الدماغ على الخلايا الدماغية وقدرتها على قلب نظيراتها نحو سلوك غير سويّ. لكن إعادة دراسة هذه المنطقة أخيراً قلب التفسير هذا رأساً على عقب، مؤكدا أنّ الناس قد يقومون بأعمال وحشية بسبب تفاعلات في مناطق {أعلى} من الدماغ وأكثر تطوراً. وسمّيت مجموعة التغييرات المعنية في الدماغ بمتلازمة E، علماً أن E تشير إلى كلمة evil، أي شر بالإنكليزية.

وفي عالمٍ يعج بأحداث القتل بسبب العقيدة، نبدو بأمس الحاجة إلى معطياتٍ إضافية حول هذه المشكلة. لكن إعادة تصوير الشر كمرض مسألة مثيرة للجدل. يعتقد البعض أن هذا الطرح قد يقدّم مبرراً لأعمال بغيضة أو يمنح المنظمات المتطرفة وصفةً لدفع أعداد أكبر من الشبان نحو التطرف. في المقابل، يشدد آخرون على أن هذا يشكل إنكاراً للواقع الذي يفيد بأنّنا كلنا نملك ميلاً إلى الشرّ بداخلنا. لكن أنصار هذا الطرح يقولون: إن كان الشر حقاً مرضاً، فعلى المجتمع إذاً تحديد من هم الأكثر عرضة له والحدّ من هذه العدوى. وإن لم نستطع تحقيق ذلك، علّنا ننجح على الأقلّ في عكس عملية التطرف.

عقب الحرب العالمية الثانية، تحوّل سلوك حراس معسكرات الاعتقال النازية إلى حقلٍ للأبحاث. اعتبرهم بعض الباحثين قتلة يرغبون في الاجرام بدافع العقيدة، في حين صنفهم آخرون كحراس مسلوبي الإرادة ينفذون الأوامر. واشتعلت المناظرة هذه مجدداً نحو منتصف تسعينيات القرن الماضي عقب الإبادة في رواندا ومجزرة سربرنيتشا في البوسنة. وفي العام 1996، نشرت مجلة The Lancet افتتاحية أشارت فيها الى أن لا أحد يعالج الشر من وجهة نظر بيولوجية. قرّر إيتزاك فريد، وهو جراح أعصاب من جامعة كاليفورنيا بلوس أنجليس قبول هذا التحدي.

وفي تقرير نشره عام 1997، ذكر فريد أن تحويل الأشخاص غير العنيفين إلى قتلة متسلسلين يشمل مجموعة من العوارض تشير إلى حالة شائعة دعاها متلازمة E. وأوضح أنّ الأمر يعود إلى {الخلل المعرفي} الذي يحدث حين تتوقف منطقة تقع في أعلى نقطة من الدماغ، أي القشرة الجبهية الأمامية (التي تؤدي دوراً في التفكير المنطقي واتخاذ القرارات)، عن التنبه لإشارات المناطق الأكثر بدائية من الدماغ وتفرط في العمل.

مخيّلة وخلل

استحوذت هذه الفكرة على مخيلة كثير من العلماء لأنها أظهرت إمكان تحديد هذا الخلل الأساسي لدى الإنسان. يوضح فريد: {كما تشير مجموعة عوارض مثل الحمى والسعال إلى الإصابة بذات الرئة، كذلك فإنّ مجموعة من العوارض تميز هذه المتلازمة وقد نتمكن من اكتشافها في مراحلها الأولى}. لكن الامر ما كان إلا مجرّد نظرية تحتاج الى أدلة ملموسة. وقد قطع علم الأعصاب شوطاً كبيراً منذ ذلك الحين. لذلك عقد فريد مؤتمراً في باريس في مطلع هذه السنة لمراجعة هذا المفهوم.

لنفهم لمَ يقدم الناس على القتل علينا أولاً فهم عملية اتخاذ القرارات. وقد شدّد علماء الأعصاب على هذه النقطة في المؤتمر. انطلقت نظرية فريد من الافتراض القائل بأن الناس يتمتعون عادةً برادع طبيعي يمنعهم من أذية الآخرين. إن صح الأمر يعني ذلك أنّ الدماغ الأعلى يتخطّى هذه الغريزة في حالة مَن يعانون متلازمة E. فكيف يحدث ذلك؟

تمكن إتيان كويشلين من {معهد باريس العالي} من تسليط الضوء على هذه المسألة بتأمل حالة مَن يطيعون قوانين تتضارب مع ما يفضلونه شخصياً. طلب  كويشلين من متطوّعين دخول آلةٍ لمسح الدماغ وسمح لهم الاختيار بين مهمتين بسيطتين استناداً إلى تجاربهم السابقة حول المهمة التي قد تؤدي الى مكافأة مادية أكبر (دفع 6 يوروات أو 4). وبعد فترة، فرض عشوائياً تجارب ترتكز على قوانين محددة: حدّد في التجارب هذه شفرة ألوان تحدّد المهمة التي على الشخص اختيارها، وقيل للمتطوعين إنه في حال رفضهم الانصياع لن يحصلوا على أي مال.

مسح وتجارب

لا عجب في أنهم تقيدوا بالقوانين، حتى عندما عنى ذلك اختيار المهمة التي علموا أنها ستعود عليهم بمردود أقل خلال تجارب الاختيار الحر. لكن أمراً غير متوقع حدث. صحيح أن اتباع القوانين كان يُفترض أن يؤدي إلى اتخاذ قرار بشكل أقل تعقيداً، إلا أنّهم استغرقوا وقتاً أطول في الحالة الثانية، كما لو أن الإنسان يعيش حالة من التناقض. وفي عمليات مسح الدماغ، نشطت المناطق الجانبية والوسطى من القشرة الجبهية الأمامية كلتاهما. من المعروف أن الأولى تتأثر بالقوانين، في حين أن الثانية تتلقى المعلومات من الجهاز {الحوفي}، وهو جزء قديم من الدماغ يعالج الأحوال العاطفية، لذلك يتأثر بما نفضله بطبيعتنا. بمعنى آخر، عند اتباع القوانين، أخذ الناس تفضيلاتهم الشخصية في الاعتبار رغم كل الاعتبارات.

لا شك في أن السعي وراء كمية متواضعة من المال مختلف كلّ الاختلاف عن قتل إنسان، لكن كويشلين يعتقد أن نتائجه تُظهر أن قيمنا الغريزية تستمرّ في التأثير حتى عندما تتبدل اللعبة. يوضح هنا: «لا تبدّل القوانين القيم، بل السلوك فحسب». وبالنسبة إليه إذاً يصبح من الطبيعي، وليس مرضياً، أن يتغلب الدماغ الأعلى على الإشارات الآتية من الدماغ البدائي. وإن كانت فكرة فريد صحيحة، فإن هذه العملية تخرج عن حدها في متلازمة E، ما يوضح لمَ يتغلب أشخاص عاديون على ميلهم للقتل. قد يشكل علم الأعصاب ذاته أساس التجارب الشهيرة التي أجراها عالم النفس ستانلي ميلغرام في جامعة {يال} في ستينيات القرن الماضي، والتي كشفت الشوط الكبير الذي قد يقطعه كثيرون في انصياعهم لشخصية أعلى منهم سلطة، حتى إنهم قد لا يترددون في صعق غرباء بتيار كهربائي قاتل.

يقترح فريد أن الناس يعيشون رد فعل بدائياً عندما يقتلون للمرة الأولى، إلا أن البعض يفقد بسرعة أي إحساس بالخطأ. ويصبح التغلب على غريزتنا البدائية التي تمنعنا من أذية الآخر أكثر سهولة عندما يعتبر الناس {أنهم يتبعون الأوامر بكل بساطة}. واستخدم باتريك هاغارد من جامعة لندن في عمل لم يُنشر بعد عمليات مسح للدماغ ليبرهن هذه الفرضية. يستنتج هاغارد التالي: {عندما يُرغم الإنسان على عمل ما، يؤدي ذلك إلى تجربة مختلفة، كما لو أنه ينجح شخصياً في فصل نفسه عن الحدث المأساوي الذي يسببه}.

لكن اللافت في معظم اعتداءات القتل الجماعي، سواء كانت معاصرة أو تاريخية، أن مرتكبيها يختارون غالباً القتل حتى عندما لا يؤمرون بذلك. يذكر المؤرخ كريستوفر براونينغ في كتابه Ordinary Men (رجال عاديون) قصة وحدة نازية تُدعى الكتيبة 101 في شرطة الاحتياط. لم يُرغم أي فرد في هذه الوحدة على القتل. لكن أقلية صغيرة قامت بذلك بحماسة منذ البداية. لعلّ أفرادها عانوا من ميول سادية أو جنونية، ولكنّ المثير في الأمر أنّ الغالبية الواسعة ممّن كانوا متردّدين في القتل خضعوا سريعاً لتحوّل ليصبحوا بالوحشية عينها. لذلك دعاهم براونينغ قتلة {بالتعوّد}: بدا كما لو أن القتل تحول بسرعة إلى عادة، ما إن قرّروا القتل.

سلوك آلي

لطالما اعتبرت العادات سلوكاً شبه آلي لا يتطلب تفكيراً ولا يؤدي أي دور في الدماغ الأعلى، ما يدعم فرضية أنّ الدماغ البدائي وهو المسيطر في الحالات التي يتحول فيها الأناس العاديون إلى قتلة. لكن هذا التفسير يصطدم ببحث جديد أجرته آن غرايبيل، وهي عالمة أعصاب من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. درست هذه العالمة حالة أناس يعانون اضطرابات عقلية، مثل الإدمان والكآبة، اعتادوا اتخاذ قرارات سيئة. ففي الحالات المحفوفة بالمخاطر يميل هؤلاء إلى التخفيف من أهمية الكلفة وقارنوها بالمكسب، ما يدفعهم إلى القبول بمعدلات عالية من المخاطر. ويشير عمل غرايبيل إلى أن الدماغ الأعلى هو الملام في هذه الحالات.

ففي إحدى التجارب، درّب فريقها جرذاناً لاكتساب عادات (اتباع مسارات محددة في متاهات). وعمل الباحثون بعد ذلك على كبح نشاط الخلايا العصبية في منطقة من القشرة الجبهية الأمامية تعوق الإشارات الآتية من الجزء البدائي من الدماغ الذي يُدعى «اللوزة». بدلت الجرذان في الحال سلوكها في الركض، متخلّية عن عاداتها. توضح غرايبيل: «بات من المؤكد أن الفكرة القديمة والتي تعتبر أنّ الدماغ المعرفي لا يملك أيّ تأثير تقييمي في السلوك المعتاد ولا يتدخّل فيه غير صحيحة»، مضيفة أن نتائج الدراسات مثيرة للغاية كونها تدلّ على طريقة لمعالجة مَن يعانون عادات مرضية، مثل اضطراب الوسواس القسري أو حتى متلازمة E المحتملة.

ما جعل هذه التجربة ممكنة تقنية تُدعى {علم البصريات الوراثي}، الذي يسمح للضوء بضبط نشاط خلايا معدلة جينياً في القشرة الجبهية الأمامية لدى الجرذان. لا شك في أنّ اختبار ذلك على الإنسان غير مقبول، إلا أن العلاجات المعرفية والسلوكية أو الأدوية قد تؤدي إلى التأثير عينه. تؤمن غرايبيل بإمكان منع الناس من اتخاذ القرار بالقتل بإبعادهم أولاً عن نوع التحليل وتقييم الكلفة والفائدة الذي قادهم، مثلاً، إلى تفجير أنفسهم داخل حافلة مكتظة بالركاب. في تجربة أخرى شملت فئراناً تميل إلى المخاطرة، اكتشف فريقها أن الحد بواسطة علم البصريات الوراثي من نشاط جزء آخر من الجهاز {الحوفي} يتواصل مع القشرة الجبهية الأمامية، ويّدعى {الجسم المخطط}، جعل الجرذان تبتعد عن المخاطرة. تذكر هنا: {يمكننا أن نشغل زراً لنبدل سلوكها بشكل جذري}.

وقف العوارض

إلامَ تقودنا كل هذه الأفكار إذاً؟ يعتبر رايتشر وأتران كلاهما أن الأبحاث المستقبلية يجب أن تركز أكثر على ما يجذب الناس إلى مجموعات متطرفة في المقام الأول، لا على ما يدفعهم إلى ارتكاب أعمال متطرفة. فخلال محاضرته في الأمم المتحدة، أكد أتران  أن الشبان يحتاجون إلى حلم. ولن تكون الدعوات إلى الاعتدال جذابة مطلقاً {للشباب التواق إلى المغامرة، المجد، والشهرة}، وفق هذا العالِم.

لكن فريد عبر عن سروره لدعم علم الأعصاب فكرة متلازمة E، وما زال يعتقد أننا نستطيع جني الكثير من الفوائد من معرفة ما يدور داخل دماغ القاتل. علاوة على ذلك، قد تساهم تفاعلات المجموعة في توضيح لمَ تشكل القشرة الجبهية الأمامية أصل الشر. ففي النهاية، تتفاعل الأجزاء المتطورة حديثاً مع القوانين لأن هذه الأخيرة ضرورية لعمل المجموعة بفاعلية وسلاسة. لكن احتمال دخول رد الفعل هذا في حالة من المبالغة قد يكون الثمن الذي نُضطر أحياناً إلى دفعه.

لا يؤيد فريد استعمال الأدوية لمعالجة متلازمة E. بدلاً من ذلك، يعتقد أن علينا استعمال معرفتنا العلمية العصبية المتنامية لتحديد التطرف في مراحله الباكرة، عزل المصابين، ومساعدتهم على التغير. يقول: {من الضروري نشر الوعي بشأن الإشارات والعوارض كي يتمكن الناس من تمييزها}. أما في مجال الوقاية، فيعتبر أن التعليم يشكل الطريقة الفضلى على الأرجح. وفي هذا يتفق على الأقل مع منتقديه.

سلوكيات وفرضيات

تقر غرايبيل أن قبول المجتمع بتدخلات مماثلة أو رفضه لها يشكلان مسألة مختلفة. فإن كان الشخص الذي يُعتبر إرهابياً في مجتمع ما يُصنّف مقاتلاً في سبيل الحرية في آخر، فمن يحدد ما هو السلوك السيئ؟ يشدد على هذه النقطة عالم الأنثروبولوجيا سكوت أتران من جامعة ميشيغان، الذي خاطب في مطلع هذه السنة مجلس الأمن في الأمم المتحدة بشأن أبحاثه في مجال العنف المرتكز على العقيدة. يعلّق أتران: {يعتبر تنظيما القاعدة وداعش أن اعتداءي هيروشيما وناغازاكي شرّ، بغض النظر عن الضحايا المدنيين}.

يعارض أتران فكرة تصوير الشرّ كمرض، ويوافقه آخرون الرأي. على سبيل المثال، يعتبر ستيفن رايتشر، وهو عالم نفس اجتماعي من جامعة سانت أندروز في المملكة المتحدة أنّ مشكلة ملازمة E أنها تقسّم العالم إلى {هم ونحن}. فهي تفترض أن مَن يعانون خللاً في دماغهم يستطيعون وحدهم ارتكاب الشرور، فيما نحن جميعنا قادرون على ذلك، إن وضعنا في الإطار الصحيح (أو الخاطئ). وإن أردنا أن نجعل العالم مكاناً أقل عنفاً، على حد تعبيره، علينا أخذ ذلك في الاعتبار. لكن هذا يفرض علينا ترك الفرد وتأمُّل المجموعة ككل.

يؤكد رايتشر أن الملاحظات التي دونها ميلغرام {خلال تجاربه الشهيرة} بالغة الأهمية لأنها تُظهر أنّ الناس يظهرون مجموعة كاملة من ردود الفعل، من المشاركة بحماسة إلى الرفض من خلال التردّد القلق. وما يساهم في تحديد ردة فعل الإنسان الواقع الذي يفيد عما إذا كان يتعاطف أكثر مع منفذ التجربة (الشخصية صاحبة السلطة) أو مع الضحية. لذلك يعتقد أن السؤال الأساس يقوم على كيفية تحديد مرتكبي المجازر أنفسهم: المجموعة التي يتمثلون بها ومَن يعتبرونهم خطراً يهددهم.

يبدو هذا منطقياً بالاستناد إلى ما نعرفه عن سلوك المجموعة. تطور الإنسان كحيوان اجتماعي، معتمداً على انتمائه إلى مجموعة للاستمرار. لذلك يُعتبر ميلنا إلى التجمع قوياً جداً. يكفي أن نلمح لوناً ما لنشعر بالانتماء إلى المجموعة عينها التي تضم شخصاً غريباً يحمل اللون عينه. تؤكّد جولي غريزيس، وهي عالمة أعصاب معرفية من المعهد العالي للابحاث في فرنسا أن الانتماء إلى مجموعة صغيرة يحدد نظرتنا إلى الغرباء، فنشعر بتعاطف أقل مع مَن لا ينتمون إلى مجموعتنا، حتى إننا نستطيع فعلاً نزع الطابع الإنساني عنهم.

وبما أننا نميل إلى تبني معتقدات وقيم أي مجموعة نشعر أننا ننتمي إليها، تؤثر مجموعاتنا في طريقة تصرفنا مع الغرباء. يوضح رايتشر هنا: {تكمن المشكلة الحقيقية في تصنيف الناس داخل المجموعة أو خارجها، ما يجعل الإبادات الجماعية عمل فضيلة ويحوّل القتلة إلى الأكثر نبلاً بيننا}.

لكن المجموعات قد تشكل أيضاً قوة جيدة تدفع بالمجتمع إلى التحضر. فقد تتخذ مقاومة العنف بحد ذاتها طابعاً جماعياً، كما يتضح من مثال الشبان الأميركيين الثلاثة الذي أوقفوا مسلحاً كان يخطط لتنفيذ هجوم في قطار فرنسي في شهر أغسطس. في المقابل، تشكل النماذج الفردية الفريسة الأسهل لمن يتبنون التطرف العنيف.

وهنا يكمن وجها هذه المشكلة المتناقضان. يشدد رايتشر على ضرورة تشجيع الانتماء إلى مجموعة لأنها قد تشكل أفضل حماية من تبني الاعتقاد السيئ عن أننا أكثر نبلاً ممن هم خارج المجموعة. كذلك من الضروري أن نعلّم الناس الابتعاد عن تقسيم الناس أخلاقياً بين أبيض وأسود، على حد تعبيره.

back to top