غاري كاسباروف : بوتين يحتاج إلى الحروب ليشرّع موقفه

نشر في 19-11-2015 | 00:01
آخر تحديث 19-11-2015 | 00:01
في مقابلة مع شبيغل، وصف زعيم المعارضة الروسية وبطل العالم السابق في لعبة الشطرنج غاري كاسباروف فلاديمير بوتين بالحاكم المستبد واتهم الغرب بالاستسلام في وجه سياسة الكرملين الخارجية العدائية.

غاري كاسباروف (52 سنة) ابن ثنائي أميركي روسي، ترعرع في باكو بأذربيجان، التي كانت لا تزال آنذاك جزءاً من الاتحاد السوفياتي.

كان الباحثون عن المواهب قد اكتشفوا عبقريته في لعبة الشطرنج في دار الحضانة، وفي سن  22 أصبح أصغر بطل عالم في لعبة الشطرنج.

 اعتزل كاسباروف المشاركة في دورات الشطرنج عام 2005، مع أنه كان لا يزال يُصنف أفضل لاعب في العالم، وبدأ مسيرة ثانية في السياسة.

أصبح كاسباروف رئيس الجبهة المدنية الموحدة ثم ترأس {روسيا الأخرى}، وهو ائتلاف معارض لفلاديمير بوتين. ومع أنه كان مرشح هذا الائتلاف لرئاسة الجمهورية، شعر بأن عليه الاستقالة عام 2007. فكانت أعمال الشغب تنشب في المناسبات التي يظهر فيها في حملته، وتحول إلى هدف مجموعة من المجرمين المأجورين. كذلك احتُجز وسُجن لفترة وجيزة بعدما نظم تظاهرة لم تحظَ بموافقة رسمية.

في عام 2012، خلف كاسباروف الرئيس التشيكي السابق فاكلاف هافل كرئيس لمنظمة حقوق الإنسان في نيويورك. ولكن، خوفاً من أن يُحرم من جنسيته الروسية، قرر العيش في المنفى في الخارج. أما اليوم، فيوزع وقته بين الولايات المتحدة وكرواتيا مع زوجته وولديه.

في شهر مارس، شهد كاسباروف أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي بشأن سياسات بوتين. فحذر الأميركيين من معاملة بوتين كشريك سياسي عادي يستطيعون التفاوض معه. يُعتبر كاسباروف الناقد الأشد للكرملين في الغرب. وقد نُشر كتابه الجديد Winter Is Coming:Why Vladimir Putin and Enemies of Free World Must Be Stopped (الشتاء قادم: لمَ يجب وقف فلاديمير بوتين وأعداء العالم الحر) باللغتين الإنكليزية والألمانية.

في مقابلة مع شبيغل، يناقش كاسباروف سياسات قوة بوتين وما دعاه استسلام الغرب الأخلاقي.

تعدّ فلاديمير بوتين الخطر الأكبر الذي يهدد السلام العالمي. ألا نحتاج إلى مساعدة الرئيس الروسي اليوم أكثر من أي  وقت مضى بغية إنهاء حروب واحتواء الإرهاب؟

روسيا دولة عصابات اليوم، وبوتين راعيها الأكبر. يعاني النظام مصاعب اقتصادية، وما عاد يستطيع تقديم أي شيء لمواطنيه. لذلك، على بوتين أن يتبع سياسة خارجية عدائية، كي يقدّم لشعبه قصة خرافية عن الفخر الروسي واستعادة روسيا قوتها الكبرى.

 إلا أنه يلجأ إلى دعاية فاشية لتحقيق ذلك. فمن أوكرانيا إلى سوريا، يتصرف مثل الجنرال الجديد في العالم ويحتفل بالانتصارات، في حين أن الرئيس الأميركي يجلس على الهامش وأوروبا تغط في النوم. نتيجة لذلك، يُعتبر سلوك الغرب تجاه بوتين استسلاماً سياسياً وأخلاقياً.

أنت تبالغ كثيراً.

كلا، أنا لا أبالغ. كان الناس سيومئون برؤوسهم غير مصدقين قبل 15 شهراً، إن توقع أحد أن بوتين سيضم القرم إلى روسيا وينتهك بشكل فادح حدود أوروبا ما بعد الحرب. وأتى بعد ذلك التوسع في شرق أوكرانيا، واليوم التدخل العسكري المباشر في الحرب السورية إلى جانب القاتل الجماعي بشار الأسد. يحتاج بوتين إلى الحروب ليشرّع موقفه. فهذه الخطوة الوحيدة المتاحة له. ولا شك في أن ظهوره أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أواخر سبتمبر تشكل الفعل وردة الفعل الملائمين.

ماذا تقصد؟

تحدث بوتين بوقاحة عن أهمية السيادة الوطنية في سورية، مفهوم عزيز على قلبه على ما يبدو، إلا إن كانت السيادة التي نتحدث عنها سيادة جورجيا، أوكرانيا، أو أي بلد يتدخل فيه. قدّم بعد ذلك تعاونه، مع أنه لم يقدّم أي تنازلات على الإطلاق. وما كان مضطراً إلى ذلك. فهو يعي جيداً ما يمكنه الاعتماد عليه. يملك بوتين أصولاً أكثر أهمية من الكلمات: لديه دبابات في أوكرانيا، طائرات حربية في سوريا، وباراك أوباما في البيت الأبيض. فخطابه أمام الأمم المتحدة كان لا أهمية له قبل ساعة. لا يستطيع الغرب التوصل إلى أي طريقة للتعاطي مع موسكو، إلا من خلال الاسترضاء.

انطبقت هذه الصفة على سياسة رئيس الوزراء البريطاني السابق نيفيل تشامبرلين التي شجعت النازيين على غزو بولندا عام 1938. لكنك لست جاداً في تشبيهك بوتين بهتلر وأوباما بتشامبرلين، اليس كذلك؟

أدرك جيداً كم حساسة هذه المقارنة بعد عمليات الاسترضاء، وخصوصاً في ألمانيا. لكنني أعتقد حقاً بأن ثمة أوجه شبه. يتمسك سياسون كثر في الغرب بمفهوم الشراكة مع روسيا. فيريدون المشاركة مع بوتين، التوصل إلى تسويات، والتفاوض معه باستمرار بشأن صفقات جديدة. إلا أن التاريخ علمنا أننا كلما سعينا وراء الاسترضاء والتهدئة ولم نحرك ساكناً، ارتفع الثمن الذي علينا دفعه لاحقاً. لا يسأل الحكام المستبدون {لماذا؟}، قبل أن يزيدوا قوتهم، بل يقولون {لمَ لا؟}.

لكن الغرب ردّ بشكل صارم وحاد على ضم القرم، حتى إن البعض يعتبرون أن ردة الفعل كانت صارمة أكثر من اللازم. فقد استُبعدت روسيا من مجموعة الدول الثماني حتى إشعار آخر، وكان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة موحدين على نحو غريب في فرض عقوبات اقتصادية على روسيا، وقيود سفر على السياسيين ورجال الأعمال الذين يملكون روابط مع الكرملين.

أرحب بهذا من حيث المبدأ. لكن العقوبات وقيود السفر يجب أن تكون أكثر شمولية لتُعتبر مؤلمة حقاً لبوتين والمقربين منه. كذلك يجب أن تشعر الطبقة الوسطى الجديدة بتأثيرات ما يقوم به. على سبيل المثال، علينا أن نسأل مَن يودون دخول الاتحاد الأوروبي ما إذا كانوا قد زاروا منطقة القرم المحتلة في الأشهر القليلة الماضية، وإن كان جوابهم إيجاباً، فعلينا أن نحرمهم من تأشيرة الدخول. نعيش اليوم في عصر جليدي جديد، ومن الضروري أن نطبق وصفات الحرب الباردة على الكرملين. ويعني هذا العزل بدل عرض التفاوض. كذلك كان يجب تزويد أوكرانيا بالأسلحة منذ وقت بعيد.

أنحقق السلام بمزيد من الأسلحة؟

يجب أن يكون البلد قادراً على الدفاع عن نفسه. ولا أقصد هنا إلا الأسلحة الدفاعية.

لكن الأمل الأكبر لإحلال السلام في أوكرانيا يظل اتفاق منسك، الذي يشمل موسكو. وما كانت الصفقة النووية مع إيران لتولد لولا مشاركة بوتين. ورغم كل الانتقادات التي يجب أن توجَّه لسياساته، تظل روسيا عنصراً مهماً، وخصوصاً في إحلال السلام في سوريا.

نعم، أعي ذلك، فهذا ما ندعوه سياسة الواقع. لكن سياسة العالم الحر الخارجية التي تقوم على القيم ستكون أفضل، إن أدركنا أننا نقف إلى الجانب الصحيح من التاريخ. يتمتع بوتين بالغرائز الحيوانية لكل الحكام المستبدين: يشتم الضعف. وكما عرّف ونستون تشرشل الاسترضاء، {يشبه المسترضي شخصاً يُطعم تمساحاً ويأمل أن يكون آخر مَن يلتهمهم}.

هل كنت دوماً واثقاً من أن بوتين سيقود بلدك إلى الكارثة؟

عندما أصبح بوتين، وهو مقدّم سابق في جهاز الاستخبارات السوفياتي KGB، رئيس روسيا في 31 ديسمبر عام 1999، بعد ثماني سنوات من محاولة الانقلاب الفاشلة ضد (الرئيس السوفياتي آنذاك ميخائيل) غوربتشوف، وبعد ثماني سنوات من تحطيم الشعب تمثال فيلكس دزيرجينسكي، مؤسس جهاز الاستخبارات المكروه هذا، في موسكو، شكل هذا صدمة بالتأكيد. رغم ذلك، قررت منح بوتين فرصة. فقد بدا حيوياً وقادراً على التعلم. لكن آمالي تبددت بعد بضعة أشهر. فقد اتضح أنه حاكم مستبد. ولأن الغرب سمح له بالقيام بما يحلو له، تحول إلى ديكتاتور.

ألا تعتبر هذه عملية فصل مبالغ فيها بين الأبيض والأسود؟ ألم يكسر الغرب، بتوسع حلف شمال الأطلسي شرقا،ً وعداً مهماً كان قد قطعه لموسكو وأذل بذلك روسيا؟ ألم يرتكب الاتحاد الأوروبي الأخطاء في التعاطي مع المسألة الأوكرانية وتحدى الكرملين من دون أي داعٍ؟

لا أعتبر هذا ذلاً. انضمت دول أوروبا الشرقية إلى تحالف عسكري بملء إرادتها. وأرادت أوكرانيا أن تسلك طريقها الخاص، ولا تزال. لكن موسكو ترفض بكل بساطة الاعتراف بحق هذه الأمم في تقرير مصيرها.

طالبت أخيراً بمحاكمة بوتين أمام المحكمة الجنائية الدولية. ولكن ماذا عن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن، الذي يُعتبر مسؤولاً عن غزو العراق، وشكل انتهاكاً للقانون الدولي، استند إلى أكاذيب، وتسبب بمقتل آلاف الآلاف؟

لا أقول إن جورج بوش الابن كان مصيباً في كل ما قام به. ولكن حتى لو تبنيت نظرة مشككة إلى حربه في العراق، تُلاحظ أن أوباما اقترف خطأ أكبر بسحب جنوده من العراق في وقت مبكر. فقد سمح لميليشيا إرهابية (داعش) مريعة بالتأصل.

يقول بوتين اليوم إنه يريد أن يحارب داعش ويقصف مواقعها، ألا يجب أن نرحب بخطواته هذه؟

لكن هذا ليس ما يفعله، وإن كان يقوم به، فبشكل هامشي. يحاول في المقام الأول قصف الثوار الذين يحاربون الحاكم المستبد بشار الأسد. يريد بوتين إبقاء الأسد في السلطة وتوسيع قاعدته العسكرية في سوريا، مهما كلف الثمن. أعتقد أيضاً أنه يود تهجير أعداد أكبر من هذا البلد. فتدفق اللاجئين يعزز موقفه في المفاوضات مع الغرب، وخصوصاً المستشارة الألمانية. ولا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى أنه يكن لها احتراماً أكبر من أي سياسي غربي آخر. فهو يمقت معظمهم. وينتمي العدد الأكبر من أصدقائه في أوروبا إلى اليمين المتطرف، مثل مارين لوبان من الجبهة الوطنية في فرنسا.

انضم بوتين وجيشه إلى مستنقع الشرق الأوسط. فهل يملك أي فكرة عن كيفية الخروج منه؟

من الممكن أنه أخطأ في حساباته بشأن سوريا على الأمد الطويل.

يدّعي تنظيم داعش الإرهابي أنه قصف طائرة ركاب روسية انطلقت من شرم الشيخ وكانت تعبر فوق شبه جزيرة سيناء في 31 أكتوبر، مودياً بحياة 224 شخصاً على متنها. ولكن إن اتضح حقاً أن هذا عمل إرهابي، فماذا ستكون ردة فعل الشعب الروسي في رأيك؟

لا نعرف الكثير عن هذه المسألة حتى اليوم. لا شك في أن بوتين سيحقق مكاسب كبيرة من إلقاء اللوم على داعش بدل البنية التحتية الروسية المتداعية. يُعتبر الانتقام من الاعتداء الإرهابي ملائماً تماماً لنموذج بوتين. فتعرض مكينته الدعائية الكثير من صور التحطم وضحاياه، وخصوصاً إذا رأى بوتين أن ثمة حاجة إلى حرب أكبر، وذلك بغية تعزيز الدعم المحلي مرة أخرى، فيما يترنح الاقتصاد الروسي.

لكن المهمة السورية لم تسئ إليه بعد. على العكس، يبدو أنه يستمتع بالتأييد الواسع. فقد أعلنت الفائزة الجديدة بجائزة نوبل للأدب، سفيتلانا ألكسيبفيتش، أن ثمة بوتين صغير في كل روسي.

مهلاً! حظيت بامتياز لقاء أندري ساكاروف...

عالم الفيزياء والناشط في مجال حقوق الإنسان الذي نُفي إلى معسكر اعتقال بين عامي 1980 و1986 لترويجه لحقوق الإنسان.

وكان بوريس نيمتسوف أحد أصدقائي المقربين.

السياسي المعارض الذي قُتل رمياً بالرصاص في 27 فبراير عام 2015 أمام الكرملين.

لا شك في أن هذين الرجلين لم يحتويا أي أثر لرجل عصابات أو حاكم مستبد فيهما، ومن المؤكد أنهما لم يحملا فيهما أي أثر لبوتين. كذلك ما كان عشرات الآلاف الذين نزلوا إلى الشوارع في السنوات الأخيرة للاحتجاج على ظلم الحكومة في روسيا مصابين بعدوى الاستبداد. سرني أن تُمنح الجائزة لهذه الكاتبة الملتزمة، التي عبّرت عن صوت الكثير من إخوانها الروس في كتبها. ولكن ليست المسألة بالبساطة التي تعبر عنها، مع أنني أملك فكرة عما كانت ألكسيبفيتش تقصده.

ربما تشير إلى توق الروس المميز إلى رجال أقوياء وتقبلهم للبنى الصارمة. فهل هي مخطئة؟

لا أحب مناقشة الشخصية الوطنية الروسية المفترضة.

رغم ذلك، وضعت الإحصاءات القاتل الجماعي ستالين على رأس لائحة أفضل السياسيين في تاريخ روسيا. كذلك تبلغ شعبية بوتين اليوم نحو 80%.

لا أعول كثيراً على هذه الأرقام. فلا أصدق أنها تعكس شعبية بوتين الفعلية. يكفي أن تفكر في طريقة عمل معدي هذه الاستطلاعات. يتصلون بالناس أو يطرحون عليهم الأسئلة في الشارع. وفي روسيا اليوم، يجب أن تتحلى بكثير من الشجاعة لتنتقد رئيس الكرملين أمام شخص غريب. رغم ذلك، لا يتردد نحو 20% بالقيام بأمر مماثل.

اهديت كتابك الجديد إلى بوريس نيمتسوف، الذي شاركته في تأسيس حركة معارضة خارج البرلمان تُدعى Solidarnost  في ديسمبر  2008. لكنه بقي في روسيا لمتابعة النضال هناك، في حين اخترت أنت المنفى.

لاحظت إشارات واضحة إلى أنهم ينوون مصادرة جواز سفري، وبدأت أمي تتلقى زيارات مفاجئة. اختلفنا في الرأي بوريس وأنا بعد عودة بوتين إلى سدة الرئاسة عام 2012. ففي رأيي، ما عاد من الممكن تبديل النظام من خلال الطرق السياسية السلمية أو الانتخابات الحقيقية. لكن بوريس لم يفقد الأمل مطلقاً. وشعر بأن تقييمي هذا كان سابقاً لأوانه. قال لي: {عليك أن تعيش حياة مديدة لترى التغيير في روسيا}. إلا أنه حُرم من هذه الفرصة.

يدّعي الكرملين أنه ينوي اللجوء إلى كل السبل المتاحة لحل هذه الجريمة، ووجه تعازيه إلى العائلة.

هذه قمة السخرية. لا شك في أن بوتين مسؤول عن هذه الجريمة، سواء أعطى هو بنفسه الأمر لتنفيذ عملية القتل أو لا. فقد ولّد بوتين ظروفاً وجواً جعلا أمراً مماثلاً ممكناً.

مستقبل روسيا

• هل تعتقد أنك قد تلعب دوراً أساسياً في مستقبل روسيا؟

• لا أفكر في مناصب محتملة. إلا أنني أريد بالتأكيد المشاركة في السياسة والمساهمة في صوغ عملية الانتقال. أحافظ على اتصالي مع منتقدي النظام الذين اضطروا إلى مغادرة روسيا والانتقال إلى الغرب. ومن هؤلاء ميخائيل خودوركوفسكي، رجل الأعمال السابق الذي سُجن عشر السنوات في معسكر للاعتقال.

• يحمل أحد كتبك عنوان How Life Imitates Chess (كيف تحاكي الحياة لعبة الشطرنج). هل من دروس يمكنك أن تستمدها من الشطرنج لتطبقها على لعبة السياسة العالمية الكبيرة؟

• يُعتبر بوتين مقامراً. وفي الميسر، بخلاف الشطرنج، يمكنك التعويض عن الأوراق الضعيفة التي تحملها بالخداع. تتبع الشطرنج قواعد محددة، ولا أحد يعرف ما ستؤول إليه اللعبة. لكن الأوضاع تبدو مختلفة تماماً في عالم بوتين. إلا أنها لن تبقى كذلك إلى ما لا نهاية. وأنا أنتظر بشوق اليوم الذي يُنقذ فيه بلدي، ويُصبح فيه الفائز الحالي خاسراً.

ألا تقلق بشأن سلامتك الخاصة؟ نجري  هذه المقابلة في لندن، حيث تعرض ناقد آخر لبوتين، عميل الـKGB السابق ألكسندر ليتفينينكو، للقتل بتسميمه بمادة البلوتونيون قبل تسع سنوات. وتشير التحقيقات البريطانية إلى أن هذه المواد أتت بالتأكيد من مصنع في روسيا.

لا أعاني الخوف المرضي، إلا أنني أتوخى الحذر. لا أشرب الشاي مع الغرباء، لا أسافر على متن الخطوط الجوية الروسية أيروفلوت، وأتفادى بعض الدول التي تربطها بروسيا علاقات وثيقة.

ما قد يحدث إن عدت إلى موسكو غداً؟

أحمل اليوم الجنسية الكرواتية. لكنني لم أقبل بها، إلا  لأن كرواتيا سمحت لي بالاحتفاظ بجواز سفري الروسي. بكلمات أخرى، يمكنني العودة نظرياً. تعيش أمي في موسكو، وأود زيارتها. صار عليها اليوم السفر إلى فنلندا أو إحدى دول البلطيق للقائي. لكنني أتوقع أن تُصادر أوراقي في موسكو في الحال، وأنهم سيضايقون عائلتي. لا شك في أن تأثيري سيكون أكبر في الغرب من خلال كتبي ومحاضراتي.

ما الذي  يجعلك متفائلاً إلى هذا الحد؟

نعم، كنت أفكر في الانتخابات، عندما نشرت كتابي. آمل أن تؤدي السياسة الروسية دوراً كبيراً في الانتخابات. وأرجو أيضاً أن تُسمع حججي وأفكاري.

أثنى السيناتور الجمهوري جون مكاين لتوه بحماسة على كتابك.

لا أخفي واقع أنني أقرب إلى الجمهوريين منه إلى الديمقراطيين. ولكن حتى لو فازت هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية، ستكون السياسة الخارجية الأميركية تجاه موسكو على الأرجح أكثر انتقاداً وعدائية. وآمل ألا يكون الأوان قد فات. أود السفر مجدداً إلى موسكو، إلى بلد لا يخضع لحكم مستبد، إلى روسيا ما بعد بوتين.

متى سيحل ذلك؟

الخبر السيئ: لا أعرف الجواب. الخبر الجيد: لا يعرفه بوتين أيضاً. تشبه عدائيته مخدراً. عليه أن يتابع زيادة الجرعة، ما يفاقم المخاطر التي يتعرض لها. يسقط الحكم المستبد أحياناً فجأة وبسرعة. ويدرك بوتين جيداً أن خسارته السلطة لا تعني بالنسبة إليه تقاعداً مريحاً، بل نهاية مختلفة تماماً.

أتقصد أنه يخشى الملاحقة الجنائية أو الأسوأ؟

يخشى بوتين أن تكون نهايته كنهاية (القائد الليبي السابق معمر) القذافي في ليبيا.

back to top