معارك هيكل بين الصحافة والسياسة (7 من 10) وقائع أول خلاف علني مع السادات

نشر في 14-11-2015
آخر تحديث 14-11-2015 | 00:01
كيسنجر يطلب لقاءه سراً في نيويورك لكنه يمتنع رغم موافقة الرئيس

عندما اختير أنور السادات لرئاسة الجمهورية كان هناك إجماع على أنه يفتقد رصيد جمال عبدالناصر، ولم يحظ بالتقدير الذي كان يحظى به سلفه، لم يكن أحد مع السادات إلا طموحه في أن يجلس مستريحا على كرسي الفرعون، وكانت السلطة الفعلية وقتئذ موزعة على الآخرين من خصومه، فكانت المهمة الأولى الملقاة على عاتقه هي كيف يصنع لنفسه رصيدا يسانده.
كانت الصحافة من المواقع التي أدرك السادات مبكرا أهمية أن يكسبها إلى صفه، وهو صاحب علاقات قديمة بالوسط الصحافي، وهو على دراية لا بأس بها بالتركيبة الصحافية التي كانت في أغلبيتها تغار من الموقع المميز الذي يحتله محمد حسنين هيكل، ومع أن هيكل لعب دورا في تولي أنور السادات للحكم، إلا أن الأخير كان يبيت النية منذ البداية على أن يفتح بابه لكل الصحافيين.

ومنذ اللحظات الأولى من انقلاب 15 مايو 1971، نشطت تحركات من بعض رؤساء التحرير أرادوا أن يرثوا عند السادات مكانة تناظر مكانة هيكل عند عبدالناصر، وطالبت تلك التحركات بأن يعامل هيكل مثل سائر رؤساء التحرير، أو يعامل رؤساء التحرير بمثل معاملة هيكل، واقترح البعض أن يكون للرئاسة مستشار صحافي يتعامل مع جميع الصحف على قدم المساواة.

وسعت بعض الآراء إلى مسامع السادات تتحدث عن الفرق بين الأسلوب الذي كان يتعامل به هيكل مع الزعيم الراحل، والأسلوب الذي يتعامل به مع الرئيس السادات، وأشار أصحاب هذه الآراء إلى أن هيكل يكتب عن عبدالناصر وكأنه كائن مقدس لا ترقى إليه الأبصار، فلما جاء السادات استهل هيكل تعامله معه باستقالته من وزارة الإعلام بأن كتب إليه يخاطبه قائلا: "الأخ والصديق أنور السادات"، وهو نهج غير مألوف في تخاطب وزير مستقيل مع رئيس جمهورية يبدأ عهده الجديد.

لكن السادات كان لايزال يريد هيكل إلى جانبه، وكانت الظروف تحتم عليه أن يحتفظ له بمكانته الخاصة الرفيعة، فراح من ناحية أخرى يعمل على أن يظهر في الصورة آخرين؛ كصحافيين مقربين إلى الرئيس، كان منهم الكاتب والروائي إحسان عبدالقدوس بحكم الصداقة الحميمة القديمة التي تربطهما، ورشحت بعض التكهنات موسى صبري ليكون هو هيكل العهد الجديد.

***

مسيرة العلاقة بين أنور السادات ومحمد حسنين هيكل، التي بدأت بالتحالف ضد توحد المقاصد، لم تلبث أن راحت تسوء بوتيرة متصاعدة وبشكل دائم، وكانت علامات سوء العلاقة تتضح عندما تنشأ الاختلافات بين الرجلين ولا يتمكنان من الوصول إلى تفاهم حولها، وكان كل منهما يعمل على تأجيل انفجار العلاقة، دون أن تحل الخلافات التي تنشب بين جدرانها حتى استفحلت وتحولت من خلافات حول الأساليب إلى خلافات حول الأهداف، فانفجرت وهدم بنيانها وخرج هيكل من الأهرام بقرار من السادات الذي كان قد خيره بين أن يلتزم أو أن يخرج.

رواية هيكل لمسيرة العلاقة، لا تتحدث عن الفترة الأولى في علاقته مع السادات رئيسا إلا تحت عنوان عام هو أنه كان أقرب الناس إليه في تلك الفترة، إلا أن الوقائع تشير إلى أنها شهدت تدني مستوى العلاقة بين الرجلين إلى حدودها الدنيا في بعض الأحيان.

وأقسى هذه الأحيان تلك التي جاءت بعد مقال مدوٍ نشره هيكل قبل نهاية سنة 1972 بثلاثة أيام، وكان عنوان المقال: "كيسنجر وأنا مجموعة أوراق"، وللمقال قصة، لابد أن تروى، وقبله خلفيات، لابد أن تعرف... وفيه مفاجآت لم يكن السادات يتخيل في أكثر كوابيسه رعبا أنها ستحدث،‍ ونبدأ بالخلفيات.

كان السادات يستمع بقلبه إلى كل الحاقدين على هيكل، لكنه كان يحتفظ بكل أوراقه قريبة إلى صدره، ولم يكن أحد يعرف ما لديه، ترك هيكل في موقعه المميز بالقرب منه، وراح يقرب بعض الآخرين إليه... كان يريد أن تتم عملية الإحلال والتجديد بطريقة سلسة، وساعدته غريزة المتآمر فيه على حفظ أسراره.

في هذه الأثناء برز فجأة وعلى غير انتظار طلب أميركي للقاء موسع ومعمق لدراسة ما يمكن عمله تجاه قضية الشرق الأوسط من وجهة النظر العربية، وحدد الطلب الأميركي اسم هيكل ليكون ممثل وجهة النظر العربية، وهو الصحافي اللامع والكاتب قريب الصلة بالسلطة في مصر في عهدي عبدالناصر والسادات، ثم إنه –إضافة إلى ذلك– ومن وجهة نظر الدعوة، قريب الشبه بالرجل الذي سيتحادث معه من الطرف الأميركي، وهو هنري كيسنجر، الاسم اللامع في سماء السياسة الدولية، والمستشار المقرب من الرئيس ريتشارد نيكسون، وساحر الحل الأميركي في فيتنام، ومنظر الوفاق الدولي، ومحقق التقارب الصيني الأميركي... وجاءت الدعوة الأميركية كطوق نجاة للسادات الغارق في أحلام يقظة تصور له إمكانية التوصل إلى حل ما، لا يدفع به إلى أتون حرب لا يعرف عواقبها وقد تودي بنظامه.

بداية القصة –كما يرويها هيكل– جاءت بعد أن تحقق كيسنجر من فشل وليام روجرز وزير الخارجية في زيارته للمنطقة في أوائل مايو 1971، فقرر لأسباب رآها أن الفرصة قد تكون مناسبة له الآن لعملية استكشاف من بعيد لأزمة الشرق الأوسط، وجرى ذلك بطريقة بالغة الغرابة.

كان دونالد كاندال (رئيس مجلس إدارة شركة بيبسي كولا، والصديق المقرب من الرئيس ريتشارد نيكسون الذي كان لسنوات طويلة محاميا لشركة بيبسي كولا بأميركا)، موجودا في القاهرة لزيارة سريعة، وقد وسط الدكتور زكي هاشم محامي شركته بالقاهرة في مقابلة يريدها مع هيكل، لأنه يتطلع إلى أن يسمع منه عن أزمة الشرق الأوسط، ودعا هيكل كاندال إلى فنجان قهوة في مكتبه، ومعه زكي هاشم، وقضى أكثر من ساعتين يشرح له وجهة النظر العربية في أزمة الشرق الأوسط كما تصورها وقتها.

وعاد كاندال إلى نيويورك، وفي 8 يونيو 1971 تلقى هيكل من كاندال خطابا يتضمن دعوة لزيارة الولايات المتحدة الأميركية، موضحا أنه "أبلغ الرئيس عن عزمه دعوته لزيارة الولايات المتحدة، وأن الرئيس أعرب هو أيضا عن أمله في أن تقبل دعوتي"، وأجاب هيكل برد ودي شكر فيه كاندال وقبل الدعوة من حيث المبدأ، مؤجلا تنفيذها إلى فرصة أخرى في ظروف ملائمة.

***

ومرت ثلاثة أشهر تلقى بعدها هيكل من السفير أشرف غربال، القائم بأعمال المصالح المصرية في واشنطن وقتها، رسالة شفوية بأن هناك أحاديث في الدوائر المحيطة بالبيت الأبيض الأميركي عن فكرة اجتماع بين هنري كيسنجر وبينه، وبعث هيكل إلى السفير غربال رسالة شفوية يعتذر فيها بأن شواغله في القاهرة لا تسمح له بالسفر الآن إلى واشنطن.

ولم تمض غير أيام قليلة، وبالتحديد في 15 سبتمبر تلقى هيكل خطابا من السفير أشرف غربال بخط يده قال فيه: "إن كاندال يعتقد أنك وكيسنجر متشابهان في الروح والأسلوب، وستنسجمان من أول وهلة مع بعضكما، واتفقنا على أن أحاول معك من جديد على أن ترد علي برقيا فور تلقيك هذا بالنتيجة، حتى يمكن الرد على كيسنجر".

وفي محاولة من جانب السفير غربال لإقناع هيكل بقبول الدعوة أشار إلى أن "كيسنجر يسمع كل يوم من الجانب الإسرائيلي، وليس هناك من يمكن أن يحدثه بحرية، ودون رسميات في الجانب العربي، ولذا يشعر كاندال أن لقاءك مع كيسنجر لازم ومفيد". وكان رأي هيكل –لا يزال– أن الوقت ليس ملائماً بعد لاجتماع من هذا النوع، وكتب بذلك إلى السفير أشرف غربال.

والغريب أن هيكل لم يجد ضرورة للحديث في ما جرى مع الرئيس أنور السادات، وهو أمر يجب التوقف أمامه طويلا... ويبدو أن الجانب الأميركي أراد أن ينقل الدعوة إلى الجهات المصرية الرسمية بشكل مباشر فاتصل كاندال بالدكتور محمد حسن الزيات (المندوب المصري الدائم وقتها في الأمم المتحدة) وأبلغه بأفكاره، فأرسل الزيات إلى السادات يبلغه بالأمر، ووجدها الرئيس فرصة كبيرة فاتصل بهيكل وكانت الحماسة ظاهرة من أول كلمة نطق بها، حيث قال:

- محمد... أخيراً كيسنجر أدرك أنه من الضروري عليه أن يتصل بنا، يريد أن يقابلك، أحد أصدقاء نيكسون اتصل بالزيات، وتحدث معه في ذلك.

وذكر هيكل للرئيس السادات أن لديه فكرة عن أن كيسنجر يريد مقابلته، وأن أشرف غربال كتب إليه من قبل بتفاصيل اقتراح اللقاء والموعد والمكان المحددين له، وكذلك كتب إليه صديق نيكسون (كاندال) لكنه أرسل برقية اعتذار، وتعجب السادات من موقف هيكل:

- "أيه ده ؟ اعتذار أيه؟ كيسنجر يا محمد... كيسنجر...!

كان خطاب الزيات إلى الدكتور فوزي يحمل الدعوة نفسها وبنفس الأسباب والمبررات والإشارة إلى ضرورة أن يسمع كيسنجر وجهة النظر العربية بطريقة عميقة وشاملة، والجديد فيه أن الدعوة أخذت شكلا أكثر رسمية وأكثر عملية، واقترح كاندال أن تتم المقابلة بشكل سري تماما، وفي عطلة نهاية الأسبوع في منزله بضواحي نيويورك، مع إمكانية إرسال طائرة خاصة إلى القاهرة لنقل هيكل وتعود به إلى القاهرة بعد نهاية الأسبوع.

أسباب اعتذاره عن عدم لقاء كيسنجر

في 7 نوفمبر 1971 كان هيكل ضيف عشاء على الرئيس السادات في بيته، وكان هيكل لايزال على رأيه في أن الموقف لايزال غير مناسب لمثل هذا اللقاء، وراح يعد أسبابه لذلك:

- إن الموقف العسكري على الجبهة لا يزال على حاله لم يتغير منذ أن كان أيام ويليام روجرز هنا في مايو الماضي.

- الموقف السياسي الدولي لايزال هو الآخر كما كان، ولم يطرأ عليه جديد، بل بالعكس فإن موقف الاتحاد السوفياتي يتأرجح.

- وفي ظل الموازين الراهنة فإن إسرائيل -والولايات المتحدة وراءها– وكيسنجر بالطبع- سيطلبون تنازلات لا تستطيع مصر تقديمها. وفي كل الأحوال فإن ما هو جاهز للعرض تحت المائدة في محادثات سرية مع كيسنجر لن يزيد على ما كان معروضا فوق المائدة في المحادثات العلنية مع ويليام روجرز.

- إن تحليل الموقف يشير إلى أن كيسنجر لا يستطيع في اللحظة الراهنة أن يعطي شيئا له قيمة، لأنه فيما يظهر الآن يريد أن يأخذ الأزمة معه إلى موسكو لمفاوضات الوفاق.

- وهو الأرجح يريد اتصالات سرية مع مصر، وسيقوم بتسريبها إلى الاتحاد السوفياتي ليزيد من شكوكه في مصر بما يساعد على تليين موقفه في أزمة الشرق الأوسط، وهذا أمر لا ينبغي أن نساعده عليه.

- وحتى إذا كان يريد أن يتحدث بطريقة جدية، فهو يريد أن يستعمل ما قد يتوصل إليه في مصر كورقة مع الاتحاد السوفياتي. ومعنى ذلك أن السوفيات قد يزداد شكهم في الموقف المصري، ومن ثم يؤثر ذلك على شحنات السلاح، وهذه نقطة محورية لأننا قد نضطر في النهاية إلى استخدامه في مرحلة من مراحل الاتصالات، وحينما تتعثر، وهي لا شك متعثرة.

- إن الأوضاع في مصر لا تبدو مستقرة. فهناك شعور عام بالإحباط، كما أن هناك تغييرا وزاريا على الأبواب، ثم إن الجامعات المصرية تبدو فيها ظواهر قلاقل، وتلك كلها عوامل لا تساعد أي متحدث مصري مع هنري كيسنجر.

- إن العلاقات العربية – العربية خصوصا على الجبهة الشرقية، وبالذات في علاقات سورية بالأردن، والمقاومة الفلسطينية والأردن – في حالة صدام، وهذا وضع من شأنه أن يضعف موقف أي متحدث مع كيسنجر.

- وفي الغالب فإن كيسنجر يسعى إلى اتصالات سرية مع مصر في إطار عداوته المريرة مع ويليام روجرز، وهذا وضع غير ملائم موضوعيا.

وأخيرا، فإن هنري كيسنجر بحكم كونه يهوديا، لا يستطيع أن يكون موضوعيا في أمر يتعلق بإسرائيل، ولقد كان دائما يعلن أنه يريد أن يبتعد عن أزمة الشرق الأوسط، فما الذي جد الآن وجعله يغير رأيه ويقرر أن يقترب؟ - إلا أن يكون في ذهنه شيء غير واضح لنا حتى الآن – وعلينا أن نبحث عنه قبل أن نذهب إليه.

وكانت الخلاصة أنه لابد من صنع حقائق جديدة على الأرض يكون من شأنها تغيير الموازين أكثر لصالحنا، حتى يمكن أن تكون هناك فائدة من أي لقاء... ولم يكن الرئيس السادات على استعداد للاقتناع. ودارت مناقشة طويلة استمرت حتى منتصف الليل، وتدخلت فيها السيدة جيهان السادات في محاولة منها لتقريب وجهات النظر. لكن الأمور وصلت -كما يقول هيكل- إلى حائط مسدود، وكظم السادات غيظه... وأسرّها في نفسه.

السادات ضبطه متلبساً بالخروج عن النص

بعد مرور أقل من عام نكأ هيكل الجراح التي لم تكن قد طابت بعد، وفي سلسلة مقالات تحت عنوان "مسافر وسط العاصفة" نشر الحلقة الأولى منها 15 سبتمبر 1972 كتب هيكل يقول:

"ما كدت أصل إلى ميونيخ حتى امتلأت صحف العالم وإذاعاته بحكايات تقول: إن مقصدي من السفر إلى عاصمة بافاريا هو ترتيب للقاء بيني وبين هنري كيسنجر، مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي، وإنها محاولة جديدة في الدبلوماسية السرية التي مارسها كيسنجر بنجاح مشهور في بكين وموسكو وباريس... وجاء الدور فيها الآن على أزمة الشرق الأوسط".

ويبدو أن ويلي براندت مستشار ألمانيا الغربية صدق ما ذكرته الصحف، فسأل هيكل حين دعاه إلى فنجان قهوة معه: "هل صحيح أنك ستقابل كيسنجر في ميونيخ؟ إنني أعرف أنك لن تكون موجودا في ميونيخ حينما يصل كيسنجر إليها، لكن إلحاح الصحف والإذاعات في العالم جعلني أتساءل".

نفى هيكل وأكد عدم صحة الخبر، وحين وصل إلى فندقه في ميونيخ - بعد لقائه مع مستشار ألمانيا الغربية - كانت كاميرات التلفزيون الألماني في انتظاره على بابه، كان السؤال الأول على النحو التالي:

- إن ذلك اللقاء المنتظر بينك وبين كيسنجر، باعتباركما مستشارين لرئيسين سيكون لقاء مثيرا، فماذا تتوقع أن يتحقق فيه؟

ووجدها هيكل فرصة لكي يقول ما عنده، فقال: "دعني أولا أصحح لك مسألة شكلية: إنك أشرت في سؤالك إلى مستشارين لرئيسين، وذلك في ما يتعلق بي ليس صحيحا. إن هنري كيسنجر مستشار للرئيس ريتشارد نيكسون، لكنني لست مستشارا للرئيس أنور السادات. إن مستشار الرئيس وظيفة رسمية في مصر لها من يشغلها وهو بالتأكيد ليس أنا. الوظيفة ليست لي رسميا. والصفة ليست لي واقعيا. دعني أقل لك إنه ليس في علمي ولا في نيتي أن يكون هناك لقاء بيني وبين هنري كيسنجر".

وأشار هيكل إلى أن الولايات المتحدة الأميركية ليس في مقدورها في الوقت الراهن أن تسهم بأي جهد إيجابي في أزمة الشرق الأوسط. والأخطر أنه قال: "إنني أعارض أي اتصال بيننا وبين الولايات المتحدة، ورأيي الآن بالنسبة لنا أن هناك أولويات لابد لها أن تسبق أي شيء آخر، بل إنه بدونها يصبح أي شيء آخر مجازفة في الفضاء، هناك أولا قضية إعادة ترتيب وتوثيق العلاقات بيننا وبين الاتحاد السوفياتي على أساس صحيح وصحي، ويجب ألا يخامركم شك في أن الاتحاد السوفياتي أهم وأقرب الأصدقاء بالنسبة لنا، وهناك ثانيا قضية إعادة ترتيب وتدعيم الموقف العربي العام لمواجهة واسعة ومتعددة الأساليب مع الولايات المتحدة الأميركية قبل غيرها من القوى، وهناك ثالثا قضية إعادة ترتيب وتعبئة طاقتنا للمواجهة المباشرة مع إسرائيل، سواء كان ذلك على نطاق مصر، أو على نطاق دولة الوحدة المصرية الليبية أو على نطاق دولة الاتحاد المصري الليبي السوري... بعد ذلك كله نعم... قد يكون مفيدا أن نفتح الباب. قبل ذلك كله لا... لأن فتح الباب يصبح كما قلت مجازفة في الفضاء".

ومرة أخرى وجد السادات أن هيكل يفكر بطريقة مختلفة، وضبطه متلبسا بالخروج عن النص، الذي يقرره هو ولا أحد غيره، ثم إنه فعل ذلك بشكل علني وتحت أضواء عدسات وكاميرات العالم، ولم يكن في يده الكثير الذي يفعله تجاه ما فعله هيكل، غير أنه أسرها في نفسه من جديد.

back to top