السفير الأوكراني: نعمل لإصدار التأشيرات للكويتيين بالمطارات والموانئ

نشر في 07-11-2015 | 00:04
آخر تحديث 07-11-2015 | 00:04
«التدخل الروسي في سورية زاد الأمر تعقيداً وفاقم الأزمة الإنسانية»
أكد السفير الأوكراني لدى الكويت فلاديمير تولكاش أن المباحثات مازالت جارية بين بلاده ودول الاتحاد الأوروبي لإتمام انضمام كييف إلى مجموعة التكامل الأوروبي، موضحا أن أوكرانيا خلال السنتين الأخيرتين أصبحت تخطو نحو هذا الاتحاد بشكل أسرع.

 وأضاف تولكاش أن الأحداث الأخيرة في شرق البلاد، والتي ساهمت روسيا، بشكل مؤثر وكبير في تفجيرها من خلال دعم الفصائل والعصابات واحتلالها لشبه جزيرة القرم ونزوح أكثر من مليون شخص وتشريدهم، زاد من مخاوف الدول الأوروبية، إضافة إلى أزمة اللاجئين السوريين، التي لم تتأثر بها أوكرانيا بشكل كبير، آملاً أن تنجز بلاده، مع بداية السنة المقبلة، جزءاً كبيراً من هذا التكامل.

وأكد حرص بلاده على العمل لإصدار تأشيرات للكويتيين في المطارات والموانئ الأوكرانية، لافتاً إلى أن أزمة اللاجئين السوريين المتدفقين إلى أوروبا أخرت الخطوات في هذا الشأن.

"الجريدة" التقت السفير تولكاش وناقشت معه أبرز التحديات وآخر التطورات في أوكرانيا والمنطقة، مروراً بالعلاقات الكويتية الأوكرانية التي شهدت تطوراً كبيراً خلال فترة تمثيله لبلاده في الكويت. وفيما يلي تفاصيل اللقاء:

●حدثنا عن مجالات التعاون والعلاقات الأوكرانية الكويتية؟

- بلا شك علاقات البلدين جيدة على كل المستويات، ونحن نقدر كثيرا المواقف الكويتية الداعمة لحقنا في استقلال أراضينا وسيادة بلدنا، وأشير إلى أنه رغم الأوضاع الأمنية التي تشهدها المنطقة فإننا سجلنا رقما كبيرا في إصدار التأشيرات للكويتيين.

وتم وضع الأسس للعلاقات الاوكرانية الكويتية قبل أن تولى منصب السفير في الكويت، وأشكر الجهود الدبلوماسية التي اوصلتنا إلى هذا المستوى من التفاهم، فمنذ قدومي كان من بين مهامي التي حددتها لتطوير العلاقات الثنائية تنويع تلك الشراكة وتوسيعها بالشكل المناسب، وخصوصاً في المجال الاقتصادي، لاسيما أن البعثة السابقة وضعت قاعده من الاتفاقيات الموقعة من الطرفين الاوكراني والكويتي، وعلى الرغم من هذه الاتفاقيات إلا أنني لاحظت انه من الواجب تطويرها وزيادتها بالشكل الذي يتناسب مع حجم العلاقة مع الكويت، واطلاع المجتمع الكويتي على الثقافة الاوكرانية من خلال الدعوة للمشاركة في فعاليات ثقافية استطعنا من خلالها أن نعرض مختلف الفنون الشعبية الأوكرانية.

التأشيرات

● أعفت أوكرانيا قبل فترة أصحاب الجوازات الدبلوماسية من إصدار التأشيرات فهل هناك خطوة قريبة لتشمل الإعفاءات كل الكويتيين؟

- هناك بالفعل سلسلة من الإجراءات الجديدة التي من شأنها تسهيل الحصول على تأشيرة دخول أوكرانيا بالنسبة للكويتيين، إذ تم إعفاء أصحاب الجوازات الخاصة من التأشيرة، كما تم إلغاء شرط الحصول على "دعوة مسبقة" من جهة أو من مواطن أوكراني، وأصبح بالإمكان طلب التأشيرة من دون دعوة مسبقة من داخل أوكرانيا، ونحن نحرص على تبسيط الإجراءات وتطوير العمل باستمرار لأن هدفنا الاساسي هو إعفاء جميع المواطنين الكويتيين من إصدار التأشيرات.

 ونحن نسير في هذا الاتجاه تدريجياً، ونعمل على إمكانية اصدار التأشيرات للكويتيين في المطارات والموانئ الأوكرانية، لكن هناك عوامل سلبية تؤثر على الاسراع في اتخاذ مثل هذه القرارات، وأهمها ازمة اللاجئين السوريين في أوروبا.

أما فيما يتعلق بمجالات الشراكة بين البلدين فرغم أن دول كثيرة تستورد النفط من الكويت لكن اوكرانيا لم تشتر النفط الكويتي، وذلك يرجع لأسباب تاريخية، حيث ان الكثير من المتخصصين يعملون في روسيا فاعتمدنا على النفط الروسي والمشتقات النفطية الروسية، لذلك ركزنا على تطوير تلك المجالات التي كانت غير متطورة وغير معروفة بين البلدين، فعلى سبيل المثال على مدار الاربع سنوات الماضية نجحنا في اقامة احتفالات ثقافية، وفي مجال الرياضة شاركت الفرق الاوكرانية في مختلف الألعاب مع الجانب الكويتي، وهذه الفعاليات نحرص عليها من أجل التقارب بين الشعبين.

التبادل التجاري

● ما التسهيلات التي تتخذها أوكرانيا لتشجيع المستثمرين الكويتيين وزيادة التبادل التجاري بين البلدين؟

- في سنة 2010 كان حجم التبادل التجاري بين البلدين 3 ملايين دولار، وهذا الرقم ضئيل جدا بالمقارنة مع مستوى وحجم أوكرانيا والكويت إلا أن سنة 2013 شهدت ارتفاع حجم هذا التبادل الى 32 مليون دولار، ما اعطى مؤشرا على مستوى الثقة المتبادلة بين البلدين، لكن، للأسف، نشهد حاليا تراجعا في حجم التبادل التجاري والاقتصادي، وهذا يرجع إلى تعرض اوكرانيا للعدوان الروسي، فنحن نقدر مخاوف الشركاء الكويتيين من الازمة التي تمر بها بلادنا.

ومن المتوقع هذا العام ان تمتنع الكويت من عقد صفقات لشراء الحبوب التي تنتجها اوكرانيا، حيث نتوقع أن يصل رقم التبادل بين البلدين الى 10 ملايين دولار، ونأمل في الوقت القريب ان يتنوع التعاون الاقتصادي ليشمل شراء منتجات اخرى غير الحبوب (المعدات والمنتجات الغذائية)، كما نأمل ان يزور الكويتيون اوكرانيا للاطلاع على الفرص المتاحة للاستثمار بأنفسهم. وعلى البرغم من التوترات في بعض النواحي الشرقية والضم الروسي غير الشرعي لشبه جزيرة القرم فإن باقي أنحاء أوكرانيا مستقرة.

مواجهة الإرهاب

● ما الدور الذي تلعبه أوكرانيا في مواجهة الإرهاب والتطرف؟

- حاليا أوكرانيا تواجه أخطر أشكال الإرهاب في شرق البلاد بسبب وصول العصابات من روسيا المجاورة، والتي بدأت الحملة المسلحة والأعمال الارهابية، ولولا هذه العصابات لم يتحول الوضع الى الخلاف العسكري، ومن الخطير ان تشارك دولة تقول إنها عضو في التحالف الدولي لمكافحة الارهاب في الاراضي السورية وتعلن من حين إلى حين أنها تكافح الارهاب في الاراضي الداخلية، وفي نفس الوقت تقوم بتمويل العصابات وتساندها إعلاميا ومعنويا وماديا.

ومع ذلك، منذ عدة أيام تمّ انتخاب أوكرانيا عضواً غير دائم في مجلس الأمن بمنظمة الأمم المتحدة للفترة من 2016 إلى 2017، حينما حصلت على دعم 177 دولة، وبكل تأكيد سننتهز هذه الفرصة من أجل تعزيز الأمن والاستقرار والتعايش السلمي في العالم.

الشرق الأوسط

● ما الموقف الأوكراني من الأحداث الجارية حالياً في الشرق الأوسط وخصوصاً في سورية؟

- موقف أوكرانيا واضح بالنسبة لما يحدث في الشرق الاوسط، إذ أصدرت وزارة الخارجية الاوكرانية بياناً استنكرت فيه التدخل الروسي بالأراضي السورية، واعتبرت هذا التدخل العسكري سياسة مستهدفة إلى إنشاء مناطق عدم الاستقرار والحفاظ على الأنظمة المعادية للديمقراطية، ونرى أن هذا لن يؤدي الى حل الأزمة ولن يخفف التوترات، بل سيزيد من حالة التصعيد، وينبغي أن يكون الهدف النهائي للعملية السياسية تشكيل حكومة وحدة وطنية واستعادة السيادة والسلامة الإقليمية لسورية.

ربما بعض الدول الكبرى لا تولي اهتماما بالقانون الدولي أو تتجاوزه بشكل او بآخر بعكس الكثير من الدول مثل أوكرانيا والكويت فهي تهتم بتعزيز وتطوير نظام الامن العالمي، وتعتبر القانون الدولي من أهم أدواتها للحفاظ على سيادتها وسلامة أراضيها.

● كيف ترون الوضع في أوكرانيا حالياً خصوصاً بعد موجة التظاهرات؟

- الأمر يرجع إلى عام 2010 حيث فاز الرئيس السابق يانوكوفيتش بفارق اصوات ضئيل، وكانت البلاد تمر في ذلك الوقت بوضع اقتصادي حرج، حيث حصل في الجولة الثانية على 49 في المئة من اجمالي الأصوات، فبات من الواضح جليا انه لا يتمتع بدعم المجتمع الاوكراني، لذلك كان لزاما عليه إذا أراد إدارة شؤون البلاد بالشكل الصحيح ان يتخذ التدابير والاصلاحات، ولكنه استخدم السلطة في تعزيز ثروته الشخصية، ولم يعر أي اهتمام لتطوير اوكرانيا على كل مستوياتها.

 وتبين بعد فراره الى روسيا إثر تظاهرات عارمة اجتاحت اوكرانيا انه ترك خزانة الدولة فارغة، كما اتضح ان اوكرانيا تستورد الغاز الروسي بأعلى الاسعار مقارنة مع الدول الأوروبية الاخرى، فكانت البلاد أمام خيارين اما ان تتوجه الى التعاون الأوثق مع روسيا وعليه فسوف ينخفض سعر الغاز الروسي وتفقد أوكرانيا شيئا من سيادتها، أو ان تتوجه إلى التكامل الاوروبي، لذلك كانت نتائج الرئيس السابق يانوكوفيتش سلبية وصعبة جدا في حق الشعب الاوكراني خصوصا بعد الغزو الروسي، فأصبح من المهم حاليا الانفتاح على الاسواق العالمية وتطوير العلاقات التجارية والاستثمارية مع الدول الاخرى ومن بينها دخول الاسواق الخليجية والكويتية على وجه الخصوص.

شبه جزيرة القرم

وبالعودة الى أزمة شبه جزيرة القرم، فالمجتمع الدولي اعترف بأن القرم جزء لا يتجزأ من الاراضي الاوكرانية، وذلك عن طريق التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة بواقع 100 صوت من بينها دولة الكويت التي دعمت سلامة الاراضي الاوكرانية، ونحن بدورنا نثمن هذا الموقف السياسي للكويت، ولكن الضم غير الشرعي الذي قامت به روسيا بحق القرم أدى الى مزيد من عزلتها السياسية والاقتصادية، وهناك تقارير سجلت العديد من حالات انتهاك حقوق الانسان وتشريد اعداد كبيرة من سكان القرم من مختلف القوميات، وخصوصاً تتار القرم وهم من السكان الاصليين المسلمين، الذين يعانون من سلطات الاحتلال لموقفهم السياسي المناهض لها.

 ولم تكتف السلطات الروسية بالاحتلال، بل وصل الامر الى اغلاق المدارس والمساجد وتضييق الدائرة على هذه الاقلية، إضافة إلى منع زعمائهم من دخول شبه الجزيرة، واتهمت السلطات الروسية العديد من المواطنين الأوكرانيين بارتكاب جرائم ضد روسيا، وأتت هذه التهم بأثر رجعي، حيث ادعت انهم ارتكبوها قبل ضمها لشبه الجزيرة. وللأسف، لا يزال الكثير من المواطنين الأوكرانيين معتقلين سياسياً في الأراضي الروسية (ومن بينهم عضو البرلمان الأوكراني ناديا سافتشينكو والمخرج السينمائي أوليغ سينتسوف).

تحديات

● ما هي أبرز التحديات التي تواجه كييف حالياً؟

- التحدي الداخلي الأكبر هو الفساد، ولذلك تم إنشاء هيئة مكافحة الفساد، ولا تزال المناقشات جارية من أجل ضمان استقلالية هذه الهيئة، بحيث نضمن قيامها بدورها دون الخضوع لضغط من أي جهة سواء رئيس البلاد أو البرلمان أو الحكومة أو جماعات تأثير من أي مكان، وأولوياتنا هي إعادة بناء النظام الاقتصادي من جديد على خلاف النظام السابق، الذي يوصف بأنه نظام سوفياتي حيث نطمح الى بناء نظام بأسس اوروبية، وتنويع مصادر التجارة والاستثمار.

وبدأنا التطوير في مجالات جديدة غير المجالات القديمة التي اشتهرت بها أوكرانيا وأعني الحديد والصلب، إضافة إلى سياسة اللامركزية التي نطمح الى انتهاجها والتي تتوافق مع المعاير الاوروبية، بحيث نسهل الامر على المواطنين، لكن نظرا للظروف الحالية التي تمر بها البلاد يصبح الامر صعبا، فالتوترات الحاصلة في شرق اوكرانيا هي محاولة لمنعنا من تحقيق الاصلاحات الشاملة، كما نسعى إلى جعل تطوير طريقة تفكير المواطن الأوكراني من أهم اولوياتنا، فالمسألة لا تتعلق بالقوانين والانظمة فقط، بل تشمل الاستثمار البشري والتنمية البشرية.

الاتحاد الأوروبي

● هل هناك خطوات قريبة لانضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي؟

- انضمام اوكرانيا للاتحاد الاوروبي هو سياستنا الاستراتيجية، لذلك تم سن القوانين التي تساعد على بلوغ هذا الهدف، وبتنا قريبين من تحقيقه، وخطواتنا في هذا الاتجاه سريعة، وعند مقارنة السنتين الاخيرتين بالفترة السابقة، فقد تم توقيع اتفاقية الشراكة وإنشاء منطقة التجارة الحرة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، ومن الاشياء التي نناقشها حاليا، بشكل جاد، إعفاء المواطنين الاوكرانيين من اصدار التأشيرات للدخول إلى الدول الاوروبية، حيث تساعد هذه الخطوة على التقارب، لكن وجود أكثر من مليون شخص مشرد في اوكرانيا جراء الغزو الروسي والتوترات في شرق البلاد أخر خطواتنا المرسومة، وزادت من مخاوف الاتحاد، خصوصا أن هذه المشكلة شكلت عبئا كبيرا على الدولة وميزانيتها.

● أعداد الطلبة الكويتيين الدارسين بالجامعات الأوكرانية هل يتناسب مع حجم علاقات البلدين؟

- في هذه السنة استقبل القسم القنصلي 200 طلب من كويتيين وغير كويتيين للدراسة في الجامعات الاوكرانية، ولكن حصة الطلبة الكويتيين قليلة بالمقارنة مع الجنسيات الاخرى، ويرجع السبب الرئيسي في ذلك إلى وجود بعض الصعوبات في اعتراف جهات التعليم العالي الكويتية ببعض الجامعات الاوكرانية، ونحن في السفارة نضع خطوات للوصول إلى الاعتراف بالجامعات بشكل مبدئي، لذلك نعمل على توقيع المزيد من الاتفاقيات بشكل ثنائي بين جامعة الكويت والجامعات الاوكرانية الرائدة وتعميق التعاون الأكاديمي.

الدعم المتبادل والعلاقات بين البلدين

جدد السفير تولكاش شكره للكويت قائلا "إن دعم دولة الكويت لأوكرانيا لم يتوقف عند حد المواقف السياسية، بل كان للمساعدات الكويتية الأثر الأكبر في إزالة آثار كارثة مفاعل تشرنوبل النووي، التي وقعت في أواسط ثمانينيات القرن الماضي، كما لا ننسى دعم الكويت الكبير لأوكرانيا بشأن القرارات الدولية المتعلقة بإدانة المجاعة الكبرى لعامي 1932/1933، كذلك قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة المتعلق بسلامة الأراضي الأوكرانية وسيادتها".

 وأشار السفير إلى استمرار الدعم لتنفيذ مشروع بناء الغلاف الجديد حول المفاعل، مؤكداً أن بلاده كانت ولاتزال تدعم قرارات الكويت في مجلس الأمن والأمم المتحدة، لاسيما القرارات المتعلقة بتعويضات الكويت عن الغزو العراقي الغاشم، إضافة إلى مشاركة بلاده بالوحدة العسكرية للدفاع عن المدنيين الكويتيين، لمواجهة تهديدات استخدام الأسلحة الكيماوية في عام 2003.

back to top