ضع خطة تنمية محدودة الأهداف تحصل على إنجازات وهمية!

• كيف بلغت المشاريع المنجزة 80% رغم أن 57% منها لم ينفق عليها أي مبلغ؟
• قروض «السكنية» والزواج والمساعدات الاجتماعية وضعت ضمن مشروعات الخطة لرفع نسب الإنجاز

نشر في 08-10-2015
آخر تحديث 08-10-2015 | 00:06
No Image Caption
من يطلع على تقرير المتابعة السنوي للخطة السنوية 2014-2015 سيلاحظ أننا أمام خطة متواضعة جداً في الأهداف، ويختلط فيها المنجز من المشاريع مع غير المنجز منها.
كان لافتاً خلال جلسة مجلس الوزراء قبل الأخيرة إعلان وزيرة الشؤون الاجتماعية وزيرة التخطيط والتنمية هند الصبيح بلوغ نسبة الإنجاز في الخطة التنموية، وفقا لتقرير المتابعة السنوي، 80 في المئة، مما يعكس اداء عاليا غير مسبوق في العمل الحكومي.

غير أن الاطلاع على تقرير المتابعة السنوي للخطة السنوية 2014/ 2015 يكشف أن هذه النسبة تحتاج إلى تدقيق في جودتها أصلا من حيث عدد المشاريع المنجزة أو مستهدفات الخطة على مستوى المؤشرات الاقتصادية، فضلا عن تعريف المشروع أو الخطة وعلاقتها أساسا بالتنمية.

فمن حيث المشاريع التي يبلغ عددها 955 مشروعا هناك 43 مشروعا لم تبدأ أصلا (4.5 في المئة)، إلى جانب 397 مشروعا في المرحلة التحضيرية بنسبة 41.6 في المئة، في حين أن المشروعات بالمرحلة التنفيذية بلغت 515 مشروعا بنسبة 53.9 في المئة، إلا أن وجود المشروع في المرحلة التنفيذية لا يعني انطلاقه فعليا، إذ إن 546 مشروعا من الاجمالي (955)، أي بنسبة 57.2 في المئة، لم ينفق عليها أي مبلغ لأن المشروع بالمرحلة التنفيذية يقصد به في الغالب استكمال المستندات والأوراق والاعتمادات وليس بالضرورة انطلاقه من ناحية الإنشاءات والبناء.

وعليه فإن نسبة المشروعات التي تم إنجازها بلغت 100 في المئة، عدا 121 مشروعا، أي بما يوازي 12.6 في المئة من جملة المشروعات المطروحة في خطة التنمية، في حين أن المشروعات المنجزة بأقل من 50 في المئة بلغ عددها 153 مشروعا بنسبة 16 في المئة من إجمالي مشروعات الخطة.

تركيبة سكانية

وبالحديث عن مستهدفات الخطة أي الأهداف التي تسعى الخطة السنوية إلى تحقيقها خلال عام كامل، فالأساسي منها يستهدف تحقيق أهداف محدودة الطموح لا تلبي إلا القليل من اختلالات الاقتصاد الكويتي، فمثلا عندما تطمح الخطة إلى أن تكون نسبة الكويتيين في التركيبة السكانية 31.9 في المئة من إجمالي السكان، وهي حاليا 31.1 في المئة، أو رفع نسبة العمالة الوطنية في القطاع الخاص إلى 7.2 في المئة، وهي الآن 6.5 في المئة، فإننا أمام خطة متواضعة جدا تنسجم مع تطلعات الوزيرة التي أكدت مع إعلانها قبل عام أنها ستكون «أقرب إلى الواقع دون إبهار المجتمع بوعود لا يمكن تنفيذها».

ولعل الواقعية وعدم إبهار المجتمع الذي تحدثت عنه الوزيرة يتطلب مصداقية أكبر في نتائج الخطة السنوية، إذ من غير الملائم وضع خطة محدودة التطلعات لنتفاخر بعدها بالنتائج العالية، أو وضع مشروعات لا علاقة لها بالتنمية لتسجيل إنجاز غير موجود في الأساس!

خطة التنمية ليست بحاجة إلى الفصل بين ما هو تنموي وما هو إنشائي فحسب، بل حتى ايضا في اعادة تعريف المشروعات الانشائية، ففيها يتساوى الحديث عن مشروع كميناء مبارك الكبير او الوقود البيئي مع مشروعات انشاء الحدائق وحضانات الاطفال، بل إن الخطة تضع منح قروض الرعاية السكنية والزواج والمساعدات الاجتماعية للمحتاجين ضمن مشروعاتها مع احتساب نسب الإنجاز فيها لمصلحة الخطة، وهنا جانب جديد من ضعف جودة البيانات التي تدعم النتائج النهائية لتقرير المتابعة السنوي.

مشاريع الشراكة

حتى مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، التي يعول عليها كأحد المعالجات الاقتصادية، لا تزال تندرج في الخطة ضمن مراحل إعداد الوثائق وانتظار الموافقات وتسلم المستندات والتأهيل، ورغم ذلك فهي محسوبة من ضمن الأداء العام لمنجزات الخطة.

لا يمكن أن يتم التعامل مع خطة التنمية بهذا القدر من الاستخفاف في النتائج أو المستهدفات، فهي يفترض أن يعول عليها لحلحلة اختلالات الاقتصاد الكويتي كالاعتماد على النفط أو التركيبة السكانية أو سوق العمل، فالأهداف الضعيفة لا تخدم الاقتصاد لذلك لا بد من التركيز على ربط أهداف الخطة بالمؤشرات العالمية كمؤشرات التنافسية الدولية، خصوصا في ما يتعلق بتطوير بيئة الاعمال وجودة التعليم وكفاءة سوق العمل والحرية الاقتصادية وغيرها من المؤشرات، لاسيما أن الكويت اعتادت خلال السنوات السابقة الحلول في المراتب الأخيرة خليجيا، ومن ثم فإن تحسين أداء هذه المؤشرات سيكون نتيجة طيبة لأداء الخطة ورهانا على نجاحها.

ربط بالميزانية

وكذلك يجب ربط إنفاق الميزانية العامة بخطة التنمية، خصوصا أن الانفاق على البنية التحتية في الكويت غالباً لا يخدم نمو الإيرادات غير النفطية، ولا يساعد على توفير فرص عمل للعمالة الوطنية، وعليه يكون اعتماد المشروعات خاضعا لأولويات الميزانية بما يخفف إنفاقها الاستهلاكي ويزيد من اجمالي الايرادات، ومن ثم لا معنى لأي مشروع في الخطة يستهلك اموال الميزانية بلا عائد للدولة.

الأهم لتحقيق نجاح في خطة التنمية أن يتم التعامل معها كمشروع دولة يتم الاشراف عليه من أعلى المستويات، فهي تتحدث عن 181 سياسة اقتصادية و235 سياسة للتنمية البشرية و76 في التنمية الادارية، مما يحتاج الى جهد عال وتقارير متابعة ربع سنوية عالية الجودة في التقييم، مع العمل لحل العوائق التي تعانيها كبطء الدورة المستندية وتعثر المقاولين وتأخر تنفيذ المشاريع ميدانيا.

القلق من فشل الخطة السابقة للتنمية 2009-2013 يجب ألا يكون هاجسا يفضي للسعي الى أي إنجاز وهمي على حساب حقيقة الأداء، فبعض مشروعات الخطة، خصوصا المتعلقة بمشروعات الشراكة او مستهدفاتها كرفع نسبة الناتج غير النفطي في الناتج المحلي الاجمالي، من ضروريات هذه المرحلة لاسيما مع تراجع أسعار النفط وغموض مستقبل السوق.

back to top