خريطة الاحتياجات المصرية

نشر في 12-09-2015
آخر تحديث 12-09-2015 | 00:10
 عبداللطيف المناوي هناك عديد من الخرائط التي تضعها الدول والمؤسسات، تسلط الضوء على اتجاه معين، فهناك على سبيل المثال الخريطة الجغرافية التي توضح التضاريس والمساحة وتقسيم البلدان، وهناك خريطة استثمارات توضح فرص الاستثمار الموجودة في الدول، وخريطة معادن توضح أماكن انتشار المعادن بمختلف أنواعها، وما أعتقده أنه حان الوقت لوضع خريطة من نوع جديد، يمكن أن يطلق عليها اسم "خريطة الاحتياجات المصرية".

يوجد في مصر عدد من الصناديق التي تجمع الأموال للمساهمة في إعادة بناء مصر، وعدد من المبادرات التي تقودها مؤسسات أو أشخاص، وتعمل في الاتجاه نفسه، كما يوجد عديد من المؤسسات الخيرية التي تقوم على هذه الفكرة، ولكن لا يوجد ما يحدد لهذه المؤسسات الأهلية أو الشخصيات الأماكن التي تحتاج إلى مساعدة فعلية، وبالتالي فمن الممكن أن نجد أنها جميعاً تعمل في اتجاه واحد، وتوجه مساعداتها لحل مشكلة واحدة، وتترك عديداً من المشكلات الملحة من دون حل أو تقديم يد المساعدة.

جزء من الأفكار المطروحة لحل هذه المشكلة أن يتم جمع الأموال التي تقدمها هذه المؤسسات، أو تجمعها هذه المبادرات، في مصدر واحد وإدارتها من قبل الدولة أو من قبل مؤسسة يتم الاتفاق عليها، ويتم توجيه الأموال إلى مصادر الاحتياج المختلفة، لكن هذه الفكرة تلقى عديداً من الاعتراضات، خصوصاً أن المساهمين بأموالهم أو مجهوداتهم يحتاجون أن يساهموا بشكل فعال في تقديم هذه الأموال إلى الجهات الأكثر حاجة من وجهة نظرهم، كما يفضلون أن يشرفوا بأنفسهم على هذه المساعدات، وهي تتوجه إلى مصادرها الحقيقية، وأن يروا ثمار ما زرعته أياديهم، وهي حاجة إنسانية يمكن تفهمها، وحتى لا يتحول الأمر إلى ما يشبه صندوق الزكاة.

ويمكن أن يكون الحل لضبط حركة هذه الأموال، وحتى تساهم كل هذه المبادرات في حل جزء من المشكلات العالقة، والمساهمة في التنمية بالفعل، هو أن تعلن الدولة عن "خريطة الاحتياجات المصرية"، وتترك لرجال الأعمال والمؤسسات الخيرية والمبادرات حرية التحرك والمساهمة في التنمية. وأهمية هذه الخريطة المقترحة هي أنها ستحدد احتياجات كل قرية أو مدينة في مصر، فربما تحتاج إحدى القرى إلى مدرسة أكثر من احتياجها إلى مستشفى في هذا الوقت، وربما تحتاج مدينة أخرى إلى مشروع للصرف الصحى أكثر من احتياجها إلى مدرسة، وقد تحتاج قرية ثالثة إلى تجديد شبكة الكهرباء.

وأهمية الخريطة ليست فقط في تحديد احتياجات كل قرية ومدينة، بل في أنها ستسلط الضوء على احتياجات بعض الأماكن التي ربما لم يلتفت إليها أبداً صناع المبادرات ورجال الأعمال، لبعدها أو عدم الالتفات إلى احتياجاتها الحقيقية.

وعندما يتم نشر هذه الخريطة على نطاق واسع، ستكون أمام الجميع خريطة بكل الاحتياجات المصرية الحقيقية للأماكن التي غابت عنها عين التنمية، أو التي تحتاج إلى علاج عاجل لمشكلاتها، وهنا يمكن للجميع أن يتوجه إلى الأقرب إليه والأنسب لما يريد أن يساهم فيه، فيمكن لرجال الأعمال أن يوجهوا مبادراتهم ومساهماتهم المالية ويقوموا بالإشراف على التنفيذ، ويمكن للمبادرات الشبابية أن تبادر بالجهد والمساهمات المالية التي إن كانت قليلة، لكنها ستكون كافية، فهكذا تتم التنمية، وهكذا تساهم الجهود الأهلية في إعادة البناء، لكن ضعوا أولاً خريطة للاحتياجات.

back to top