غريتا غرويغ... قوة Mistress America المنعشة

نشر في 27-08-2015
آخر تحديث 27-08-2015 | 00:01
No Image Caption
{المخلصة دوماً!}... هذه هي العبارة التي تكررها بروك كارديناس (غريتا غرويغ) الممتلئة حيوية، فهي مصممة ديكور حرة تطمح إلى أن تمتلك مطعماً، تحترف الغناء أحياناً، تعمل مدرّسة بدوام جزئي ومعلمة في SoulCycle، فيما تتنقل في مدينة نيويورك في فيلم Mistress America. وعندما تقول بروك أمراً، فهي تعنيه بالتأكيد. تملك الكثير من الأفكار الجيدة، غير أنها لم تجنِ بعد مكاسب أحلامها هذه، لذلك تحاول الحصول على التقدير قدر الإمكان. وذات ليلة، تقتحم حياة الشابة الوحيدة برنارد ترايسي {المبتدئة} (لولا كيرك)، مدخلة إلى عالمها الكثير من الإثارة والرغبة في التميز، علماً أن هذه الشابة تخفق في عيش حياة المتعة في الجامعة.
عندما تتحدان، تشكل ترايسي وبروك وجهين لعملة واحدة، مقدمتين إحداهما للأخرى ما تبدو بأمس الحاجة إليه: المغامرة لترايسي مقابل الاهتمام الكبير والمجِلّ الذي تتوق إليه بروك. وعلى غرار Frances Ha، العمل السابق الذي تعاونت فيه غرويغ مع المخرج وكاتب السيناريو نواه بومباش، نراها في حركة دائمة. وتذكّر موسيقى آلة السنثسيزر، التي تعود إلى الثمانينيات، بأفلام مثل Working Girl، فيما تعبر الشوارع وهي دوماً في عجلة من أمرها. لكن هذه الحالة من كثرة الأعمال والأشغال تعكس حياة الشابة العاملة التي مرت بها نساء كثيرات بعد الركود.

تعليقات لاذعة

لا شك في أن التفاعل المضحك بين ترايسي وبروك يبرز بوضوح، ولا ينفك يتسارع من دون أن يضيع وسط هذه المعمعة. فتنجح كيرك، بدور ترايسي الخجولة الجادة، في مجاراة غرويغ، مشكلة قوة ردع ممتازة لبروك المشرقة الدائمة الاندفاع. تشكل هذه الأخيرة مصدر إلهام مثالياً لقصة ترايسي القصيرة التي تعدها للجمعية الأدبية المدعية في الجامعة. ولكن فيما نسمع القصة بصوت ترايسي، ندرك أنها ليست مفتونة ببروك بقدر ما نظن. فقد تمكنت من اختراق ذلك النجاح الظاهري لتكشف عدم الاستقرار الذي تخفيه بروك. فيأتي تقييمها قاسياً وإن لم يكن متعمداً. مع إخفاق خطة المطعم، تقرر ترايسي وبروك إصلاح العلاقة مع خطيب بروك السابق ديلان (مايكل شيرنوس) وعدوتها مامي كلير (هيثر ليند)، بنصيحة من وسيط روحاني، وعلى أمل الحصول على استثمار جديد. فتعمدان برفقة صديق ترايسي في الجامعة توني (مايكل شير) وصديقته نيكوليت (جاسمين سيفاس جونز) إلى اقتحام نادٍ للكتاب في منزل مامي كلير وديلان. فتتحول الفوضى الناجمة إلى مجموعة مواقف سخيفة ومضحكة جداً تبلغ ذروتها مع الكشف عن رواية ترايسي التي تعري بروك.

تحفل بعض أجزاء Mistress America بإشارات وتعليقات اجتماعية لاذعة، مثل نادي الكتاب، فهو حكر على نساء الطبقة العليا الحوامل اللواتي يستخدمن تعليمهن في أهم الجامعات لتبادل الأحاديث التافهة. لا تختلف بروك كثيراً عن مامي كلير، إلا أن هذه الأخيرة سبق أن بلغت ما تسعى بروك جاهدة إلى تحقيقه: القدرة على عدم القيام بأي أمر. في المقابل، شغلت مامي كلير نفسها بأعمال زائفة ونشاطات رعوية، مثل تربية الماعز أو الحمل، علماً أن هذا يمثل عودة مطلقة إلى عهد ما بعد الثورة النسائية. وراء كل هذا الحوار العميق واللمسة المضحكة التي تضيفها غرويغ وكيرك إلى أدائهما، يخفي Mistress America إشارات خفية إلى السأم الرأسمالي. فتقرّ ترايسي وبروك كلتاهما أنهما لا تعلمان كيفية العمل، علما أن هذا أمر مطلوب منهما كفردين في هذا المجتمع. وقد تبدو مقاومتهما للصناعة شكلاً بسيطاً من الاحتجاج، حتى عنوان الفيلم يصبح عندئذٍ مثيراً للسخرية أو ربما تقدمياً. لكن الأكيد أنك ستشعر أن Mistress America منعش وجديد، وكل ذلك بفضل طاقة غرويغ التي لا تنضب.

back to top