صراع الأشقاء في السينما... {ثيمة} قديمة تتجدَّد

نشر في 03-08-2015
آخر تحديث 03-08-2015 | 00:01
جدد فيلم {ولاد رزق} الحديث عن إحدى أبرز التيمات التي تعتمد عليها موضوعات أعمال سينمائية كثيرة، وهي الصراع بين الأشقاء لأسباب متعددة، منها مادية كالصراع على الإرث، أو الرغبة في السيطرة على بقية الأشقاء، أو الصراع على امرأة، وكأن الصراع الأبدي بين قابيل وهابيل سيلازم السينما دائماً!
كثيرة هي الأفلام التي تتناول الصراع بين الأشقاء، أبرزها: {ولاد رزق} من بطولة أحمد عز. {كف القمر} من بطولة وفاء عامر، خالد صالح، صبري فواز، هيثم أحمد زكي. {دكان شحاته} من بطولة هيفاء وهبي، عمرو سعد، ومحمد كريم. {خيانة مشروعة} من بطولة هاني سلامة، وسمية الخشاب. وبالعودة خطوات إلى الوراء نجد الفيلم الشهير {العار} من بطولة محمود عبد العزيز، نور الشريف، وحسين فهمي.

قال مؤلف {ولاد رزق} صلاح الجهيني لـ{الجريدة}إن الصراع في الفيلم يختلف تماماً عن صراع الأشقاء في الأفلام الأخرى التي اعتمدت على الثيمة نفسها، مشيراً إلى أنه أقرب إلى صراع في وجهات النظر بين أربعة أشقاء يجسدهم أحمد عز، عمرو يوسف، أحمد داود، كريم قاسم، ومعهم أحمد الفيشاوي. وأضاف: {يعيش الأشقاء في الفيلم في منطقة شعبية، والتحدي كان في إبراز الرابط الذي يجمعهم، فهم رغم الاختلاف الكبير في شخصياتهم، يقطنون المنزل نفسه، ومنهم الطماع والجبان والعقل المدبر، وهكذا. بالنظر إلى الأعمال الفنية على مدار العامين الماضيين، نجد مسلسلات وأفلاماً ناقشت هذه الثيمة بشكل أساسي أو في إحدى زواياها، وهو أمر طبيعي لأن الشقيق أول شخص يتعامل معه الفرد في حياته.

الجهيني ذكر أن أحد أهداف السينما عموماً تحقيق المتعة والتسلية للمشاهد، وإخراج الطاقة السلبية لديه. بالتالي، إن استطاع أي فيلم تحقيق هذه الأحاسيس فهو حقق جزءاً من النجاح، خصوصاً في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها الجمهور. وبإضافة أجزاء من حياتنا إلى هذا الصراع، يصبح الأمر  مقبولًا بدرجة أكبر لدى المشاهد.

{العار}

بدوره، قال المؤلف أحمد أبو زيد، ابن السيناريست الراحل محمود أبو زيد مؤلف {العار}، إنه اعتمد على هذه الثيمة في ثلاثة من مسلسلاته وهي: {العار}، {الشك}، {ولي العهد}، وأرجع ذلك إلى كون الأسرة نواة المجتمع الأساسية، فإذا كنّا سنعود إلى أساس الصراع سنعود إلى الأسرة، ونقدمه بشكل مكثف وواضح.

وتابع: {الأسرة هي وحدة الصراع الأولية، وتقديمه من خلالها يساعد في صناعة دراما عالية بصراعات متدفقة، فضلاً عن أن صراع الأشقاء يستحق تسليط الضوء عليه، خصوصاً أنه يختلف من بيئة إلى أخرى، فهو صراع قائم  وسيظل موجوداً إلى الأبد، تحديداً المرتبط منه بالميراث والذي يعتبره البعض قديماً، فيما أنه متجدد باستمرار، كما هي الحال بالنسبة إلى قصص الحب. فهل يعني تقديم روميو وجوليت عدم وجوب حياكة قصص أخرى؟}.

ولفت إلى أن كل عمل من هذه الأفلام يحمل رسالة مختلفة، واستدل على حديثه بأن {العار}، فيلماً ومسلسلاً، يقدم رسالة مفادها أنك إذا علمت أن إرثك حرام لا يجوز لك أن تقبله، و{ولي العهد} يوجه الأهالي بألا يتركوا إرثهم لأبنائهم دوناً عن بناتهم لأنهم بذلك يظلمون أنفسهم والأبناء والبنات أيضًاً بدخول الشيطان بينهم.

وأوضح أن ثمة عناصر مختلفة بين هذه الأعمال، قائلًا: {رغم أن الأسرة هي مادة الدراما الخام، فإن نتيجة الصراع وملابساته تختلف، تماماً كما تتشابه المواد المستخدمة في تشييد مبنى أو عقار ضخم أو برج فيما تختلف النتيجة}.

ضرورة

الناقدة ماجدة موريس قالت إن ثمة ضرورة ملحة لتقديم هذه الأعمال لأن صفحات الجرائد، خصوصاً الحوادث تقدم لنا يومياً وقائع خلافات وصراعات بين أشقاء مع أو مع والدتهم أو والدهم، مشيرة  إلى تبدّل في الأخلاقيات جعل ملامح أفلام صراع الإخوة قديماً تختلف عن تلك الحديثة، وبالتالي تغيرت تطلعات أطرافها وأصبحت أكثر مادية. وباتت الأخيرة هي العنصر الحاسم في تعاملات الناس مع بعضها، وهو ما زاد الصراع قوة.

ولفتت إلى أنه يتوجب أن يقدم كل عمل تحليلاً لأسباب تعاظم الصراع، وضربت مثلاً بفيلم {كف القمر} معتبرةً أنه يتضمن تحليلاً جيداً للصراع، من خلال أسرة صعيدية لها قيم وعادات وتقاليد قديمة،  وتقديم نموذج الأخ الأكبر الذي جسده الراحل خالد صالح ببراعة، فهو يخاف على إخوته وفي الوقت نفسه يعيش صراعا مع أحدهم على امرأة.

وواصلت حديثها: {في {دكان شحاتة} بعد رمزي يوضح كيف تباعد الإخوة عن بعضهم، ويناقش مسألة انحياز الأب إلى ابنه الصغير دون بقية أبنائه، ومع أن هذا الأمر مرفوض دينياً وإنسانياً، لكن كثيراً ما نجده في المجتمع، ويكون سبباً في تدهور العلاقات بين الأشقاء}.

وشددت على ضرورة اتسام هذه الأفلام ببيان أسباب شر وقوة أطراف الصراع فيه، كذلك ترهيب المشاهد من أفعال المشاركين فيه بعدم تقليدهم واتباع القتل أو الاشتباك مع أشقائهم، فالمسألة بحاجة إلى وعي من صانعي السينما.

دراسة

الناقد محمود قاسم قال إنه عقد دراسة منذ سنوات عن قابيل وهابيل في السينما المصرية، واكتشف أنه أحد الموضوعات المحببة درامياً، وهو ينتهي بموت أحد الأطراف، أو تضحية الآخر بنفسه، فيما تكون أجواء الصراع عموماً مثيرة درامياً، وذلك لأن الممنوع مرغوب، فيتاجر الأشقاء بالسلاح أو يتصارعون على امرأة، وما دام الموضوع محبباً فلا يوجد ما يمنع تقديمه عدة مرات.

وذكر قاسم الفيلم الأجنبي {صراع في الشمس} الذي اقتبس موضوعه أكثر من مرة في السينما المصرية بأعمال أبرزها من تأليف الراحل عبد الحي أديب مثل {صراع العشاق}، و{شوق}، إلى جانب أفلام أخرى كانت المرأة عنصراً أساسياً فيها منها {عيون لا تنام} الذي قدم صراعاً بين فريد شوقي وأخوته بعد زواجه من مديحة كامل، وخوفهم من أن تشاركهم الميراث. كذلك فيلم {الأنثى} حيث الصراع بين الشقيقين فاروق الفيشاوي وحسين فهمي بسبب ليلى علوي، مشيراً إلى أن فيلم {كف القمر} لم يكن صراعه الأساسي على امرأة، لكن كانت الأخيرة هي التي تربط الأشقاء ببعضهم.

back to top