محمود المليجي... شرير السينما المصرية

نشر في 04-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 04-07-2015 | 00:01
No Image Caption
كان محمود المليجي واحداً من الفنانين الذين اشتهروا بتقديم أدوار الشر في السينما المصرية، بل نجح في أن يجعل وجهه مرادفاً للشر أكثر من ثلاثة عقود، ليكون أحد أفضل البارعين بتقديم هذه الأدوار في تاريخ السينما المصرية.
ولد محمود المليجي في 22 ديسمبر 1910، وبدأ بإظهار موهبته بالتمثيل مبكراً في المدرسة، فكان يقف في الفصل ليقلد المدرسين. وكان يحظى بإعجاب  زملائه، ما جعله يشارك في فريق التمثيل بالمدرسة الثانوية، لا سيما  بعدما شاهده مصادفة مدرس اللغة العربية وهو يقلِّد شرحه وطريقة حديثه للتلامذة، ليصبح سريعاً رئيس فريق المسرح بمدرسة الخديوية  والتي كانت تضم مسرحاً لعروض  التلامذة المسرحية.

في تلك الفترة، تولى الفنان عزيز عيد مهمة الإشراف على فريق المسرح بالمدرسة، وهي الفرصة التي حاول المليجي استغلالها للتعلم منه، فكان يلاصقه مثل ظله. لكن عيد عنَّف المليجي في إحدى المرات وطلب منه الابتعاد عن التمثيل لعدم إجادته له والبحث عن عمل آخر يقوم به، وهو التعنيف الذي كاد أن يدمر مستقبل المليجي الفني قبل أن يبدأه. إلا أن أحد أصدقائه في فرقة المسرح أخبره بأن سلوك عزيز عيد معه مرتبط بخوفه عليه من الغرور والاستسهال وهي النصيحة التي حاول دائماً الاستفادة منها في أعماله الفنية.

خلال الدراسة عمل محمود المليجي ضمن فرقة «رمسيس» في مقابل أموال قليلة، فكان كومبارساً بهدف التواجد على المسرح ومعرفة تفاصيل عالم الفن، إلى جوار عمله على مسرح المدرسة الذي منحه فرصة الانطلاق إلى التمثيل عندما استأجرت المدرسة مسرح الأزبكية لعرض مسرحية «الذهب» الذي شارك فيها المليجي. يومذاك، شاهدته الفنانة فاطمة رشدي واعتقدت أن ممثل محترف استعانت به المدرسة، لكنها فوجئت بأنه تلميذ ووعدته بالانضمام إلى فرقتها بعد الحصول على البكالوريا.

نفذت فاطمة رشدي وعدها مع المليجي، فقد انضم إلى الفرقة عام 1930 بعد أيام قليلة من حصوله على الشهادة براتب أربعة جنيهات ونصف الجنيه، بينما كان أول أعماله كوميدياً وهي مسرحية «667 زيتون» بقلم أحمد علام، لتكتب المسرحية شهادة ميلاده الفنية ويقدم بعدها أعمالاً عدة منها «علي بك الكبير»، «الزوجة العذراء»، «الولادة»، «حدث ذات ليلة»، و{يوليوس قيصر» ليذيع صوته كممثل شاب له مستقبل واعد.

زيارة مفاجئة

في أحد الأيام، فوجئ محمود المليجي بوالده يزوره في المسرح، بينما كان يعمل من دون علم أسرته وهي الزيارة التي انتهت بقرار من والده بعدم عودته إلى المنزل إلا إذا توقف عن التمثيل، فلم يقبل المليجي واستأجر غرفة في شارع عماد الدين يقيم فيها بمفرده.

واصل المليجي عمله مع الفرقة وحظي بثقة كبيرة من بطلتها فاطمة رشدي التي رشحته للمشاركة معها في «الزواج»، فيلم تكبدت بسببه خسائر فادحة بعدما وصلت تكلفته إلى سبعة آلاف جنيه، وهو رقم كبير جداً آنذاك أدخلها في ديون لم تستطع سدادها وكانت سبباً في حل الفرقة وتشرد المليجي الذي قدم دوراً أثنى عليه النقاد في الفيلم.

لم يجد المليجي فرصة عمل إلا كملقن في فرقة رمسيس التي يملكها يوسف بك وهبي فوافق مضطراً كي يوفر دخلاً له يضمن من خلاله حياة كريمة، فتقاضى تسعة جنيهات عن عمله كملقن قبل أن يقتنع به يوسف بك ويبدأ في إسناد بعض الأدوار الثانوية له. ظلَّ المليجي يبحث عن الفرص فكان يتقدم للاختبارات عندما يعرف بأن ثمة عملاً سينمائياً جديداً، فشارك بأدوار صغيرة في أفلام عدة من بينها «الحب الورستاني»، و{ساعة التنفيذ» وغيرهما من أفلام قبل أن يقرر الخروج من فرقة رمسيس بعد زواجه من الفنانة علوية جميل.

انضم المليجي إلى فرقة اتحاد الممثلين التي أسستها الحكومة وأشرف عليها الشاعر اللبناني خليل مطران، ليقدم من خلالها مسرحيات عدة من بينها «حماتي طابور خامس»، و{عريس في علبة»، بينما نجح في تصدر ملصقات السينما من خلال فيلمين هما «ليلة ممطرة»، و{قيس وليلي».

ساهمت ملامح محمود المليجي مع بداية انتشاره سينمائياً في جعله أحد الشخصيات الشريرة في أعماله، وهو ما اعترف به في أكثر من لقاء صحافي قبل وفاته إذ كان يقول: «تركيبة وجهي بها كثير من الصلابة وعيناي يشع منهم بريق الجريمة، فأنا على الشاشة مجرم أصيل محترم».

تأثر المليجي في بداية الأربعينيات بالحرب العالمية الثانية وتراجع الإنتاج السينمائي قبل، بينما ساعده الاهتمام بتقديم القصص المليودرامية على إيجاد أدوار جيدة بعيدة عن البطولة التي اعتمدت على الوسامة وقصص الحب التي اعترف بأنه لم يجيدها ولم يحاول الاقتراب منها.

أسس  المليجي في بداية الخمسينيات شركة إنتاج قدَّم من خلالها أفلاماً عدة شارك فيها وعبرت عن رؤيته الفنية من بينها «الأم القاتلة»، «أبو الليل»، «الرعب»، «المبروط»، و{سجين أبو زعبل». يمكن القول إن ثمة تجارب مختلفة قدمها المليجي بعيداً عن أدوار الشر من بينها دوره في فيلمي «أيام وليالي»، و{الحب الضائع» لكنها تجارب لم تمح الطبيعة الشريرة التي ارتبطت به أمام الكاميرا.

{الأرض} والزواج

الاستثناء البارز الوحيد في مسيرة المليجي هو فيلم «الأرض» الذي قدَّمه مع المخرج يوسف شاهين، حيث جسَّد شخصية الفلاح المصري الذي يحاول التمسك بالقيم والتقاليد التي تتعارض مع أخلاق المدينة، ليكون أقوى أدواره بعيداً عن أدوار الشر.

تزوج المليجي من الفنانة سناء يونس عام 1974 بعدما قدما معاً مسرحية «عيب يا آنسة» وهي الزيجة التي تمت بموافقة زوجته الأولى علوية جميل التي عانت من داء القلب. وتُوفي المليجي خلال تصوير دوره في  «أيوب» عام 1983، وذلك عن عمر يناهز 73 عاماً قدَّم خلالها أكثر من 150 عملاً فنياً.

back to top