نعيمة عاكف... التمر حنة (17) ... «الصبر طيب»

نشر في 04-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 04-07-2015 | 00:01
بينما يستعد حسين فوزي للسفر إلى فرنسا بصحبة زوجته بالميرا توبش للعلاج والاطمئنان على صحتها، فوجئ بالفنانة نعيمة عاكف تقف أمامه، لتكون في وداع زوجته قبل سفرها، وتبلغها أمنياتها بالشفاء، غير أنها ما إن اقتربت منها لتصافحها، حتى جذبتها نعيمة وعانقتها، وانهمرت دموعها.
مسحت بالميرا توبش دموع نعيمة، وبادلتها العناق وقبلتها، وربتت على كتفها وابتسمت لها، لينطلقا هي وحسين إلى المطار، وبينما هما في الطريق، أمسكت بالميرا بيد حسين ونظرت في عينيه وابتسمت قائلة:
- بطلتك بتحبك أوي يا حسين.

= إيه... آه آه طبعا... أكيد... مش أستاذها ومكتشفها.

- لا... أنا قصدي نعيمة بتحب حسين.

ارتبك حسين.... ولم يستطع أن يرد على ما قالته زوجته، بل ظل ممسكاً بيدها، وأدار وجهه لينظر من نافذة السيارة، هرباً من أن تفضحه نظراته أمام زوجته، فإذا كانت بالميرا قد اكتشفت من مجرد لحظة عانقت فيها نعيمة، أنها تحبه، فمن المؤكد أنها يمكن أن تكتشف بسهولة أن حسين نفسه هو من يقع في هواها، وما أدراه؟ ربما تعرف بالميرا بأمر حب حسين، وأرادت أن تبلغه رسالة ما.

ظلَّ حسين طوال الرحلة يفكر في الجملة التي قالتها له زوجته، فهو يعرف أنه يحب نعيمة، لكنه لم يكن على يقين من أنها تبادله الحب، حتى لو حرصت على أن تظهر ذلك، فمن أدراه أنها تحبه حقاً! كثيرات من المريضات يشعرن بعد الشفاء أنهن وقعن في حب الطبيب، أو تلميذة من التلميذات تشعر بحنين تجاه الأستاذ، وتظن أنه الحب، ومن المؤكد أن هذه حال نعيمة، خصوصاً أنها فنانة مهنتها المشاعر، فمن الممكن أن يكون إعجاباً وانبهاراً بالأستاذ. لكن هل هو حقاً وكما وصفته زوجته «نعيمة تحب حسين»؟ وإذا لم تكن تحبه، لماذا تتعمد إثارة غيرته؟ وإذا كانت تحبه بالفعل، لماذا تتظاهر بعكس ذلك؟

حصار الحب

لم يستطع حسين فوزي أن يبعد عشرات الأسئلة عن رأسه، حول حب نعيمة، والتي ظلت تطارده طيلة رحلة العلاج، رغم خوفه وانشغاله على زوجته، التي ما إن تماثلت للشفاء، وطمأنته الفحوص، حتى عاد إلى مصر، ليجد أن فيلمه الثالث مع نعيمة «العيش والملح» حديث الوسط الفني والجماهير، بعد النجاح الكبير والإيرادات غير المسبوقة التي حققها وسط ما يقرب من ثلاثين فيلماً ظهرت معه في توقيت عرضه نفسه، لكبار نجوم ونجمات مصر، من بينها: «آخر كدبة» لفريد الأطرش وسامية جمال، و{الآنسة ماما» لمحمد فوزي وصباح، و{شاطئ الغرام» لحسين صدقي وليلى مراد، و{أمير الانتقام» لأنور وجدي ومديحة يسري، و{معلش يا زهر» لشادية وكارم محمود وزكي رستم، و{الأفوكاتو مديحة» ليوسف وهبي ومديحة يسري، فضلاً عن أفلام إسماعيل ياسين التي ظهرت خلال هذا العام بعدد كبير، منها «فلفل، محسوب العيلة، المليونير، والبطل» وغيرها من أفلام، لتؤكد نعيمة عاكف بفيلمها الثالث، أنها ليست قادرة على منافسة كبار النجوم والنجمات فحسب، بل والتفوق عليهم بأعلى الإيرادات، ما وضعها في مكانة خاصة ومميزة بين نجوم ونجمات هذه المرحلة، رغم أن عمرها لم يتجاوز العشرين عاماً فقط.

كعادة حسين فوزي، لم يكن يفكر ولا يتوقف كثيراً عن النجاح، رغم سعادته به، فإنه يتخطاه ويفكر في الجديد، فوجَّه الدعوة إلى فريق العمل شبه الدائم معه في العامين الأخيرين، للاجتماع في مكتب شركة «نحاس فيلم»، المنتج شارل نحاس، ومساعد وكاتب السيناريو حسن توفيق، ومدير الإنتاج رمسيس نجيب، إضافة إلى نعيمة عاكف، من أجل الاستقرار على الفيلم الجديد، ولأن الهدف الدائم له، وللشركة المنتجة، تجاوز كل المحيطين بهم في السوق السينمائي بتقديم الجديد، فقد فجر حسين فوزي مفاجأة لم يتوقعها أحد من الحضور:

- شو بتقول أستاذ حسين... بتعرف معنى الكلام اللي بتقوله؟

= إيه يا أستاذ شارل... أنت فاهم إن حسين فوزي بعد الخبرة والنجاحات دي كلها ممكن يقول كلام مش عارف معناه؟

- العفو يا أستاذ ما بقصد... لكن إنتاج فيلم ملون الحين ممكن يتكلف تلات أضعاف الفيلم الأبيض وأسود... وكمان ما مضمون يجيب مصاريه

= يا أستاذ شارل... أنا اشتغلت معاك كتير... عمري خذلتك؟ عمري قلتلك على حاجة وكانت غلط وندمت بعدها أنك سمعت كلامي.

- لا حاشك يا أستاذ... لكن إذا بتطلع الألوان مخربطة شو بيكون العمل

= ألوان إيه اللي مخربطة يا أستاذ... المخاوف اللي أنت بتتكلم عنها دي عدى عليها أكتر من ربع قرن... دلوقت شركات الألوان بتتعامل مع الفيلم الملون بره أكتر من الأبيض وأسود... وبعدين شوف لما يتكتب في التاريخ أن شركة نحاس فيلم أول شركة دخلت الألوان مصر... شوف بقى تسوى إيه.

- وها الكلام اللي بيقوله التاريخ ممكن يرجع لي المصاري.

= المصاري مش كل شيء في الفن يا أستاذ شارل... وعلى كل حال أنا بضمنلك مصاريك... ترجعلك وزيادة... وعلشان تطمن لا أنا ولا نعيمة هاناخد أجرنا إلا لما الفيلم يتعرض ويحقق إيرادات.

* وأنا موافقة على كل اللي قاله الأستاذ حسين.

مفاجأة بالألوان

بعد جلسات طويلة جمعت حسين فوزي ونعيمة عاكف، استطاع الخروج بفكرة فيلم اجتماعي كوميدي، اختار له اسم «بابا عريس» وعهد بكتابة حواره لمساعده حسن توفيق. تدور أحداثه حول التفسخ الأسري وما يعقبه من مشاكل اجتماعية بسبب طلاق الزوجين، ليدفع الأبناء ثمن ذلك، من خلال الرجل الثري «رأفت بك الخازندار» الذي تزداد ثروته بشكل مبالغ فيه، فيعرف طريق الكازينوهات والملاهي الليلية، وهناك يتعرف إلى «قشطة»، واحدة من فتيات هذه الأماكن، والتي تعيش قصة حب مع «بطاطا»، غير أنها وبدافع من والدتها «بلوظة» تنصب شباكها حول «رأفت بك» للإيقاع به، وتنجح في ذلك بالفعل، ويقرر الزواج منها، ويصل الخبر إلى بطاطا، مثلما يصل إلى زوجة رأفت بك وابنتيه «هادية ونادية». وبينما تقف الأم عاجزة مستسلمة للأمر الواقع، تقرر الابنتان إعادة والدهما بالحيلة، خصوصاً أنه تركهما  صغيرتين ولم يعرف بعد أنهما صارتا شابتين في سن الزواج. تسافران إلى القاهرة بحثاً عنه، وفي القطار تلتقيان بالشاب «كارم» الذي يحاول الإيقاع بالكبرى هادية، بعد أن يدعي أنه ابن ثري كبير، ويحاول أن يدفع لهما ثمن تذكرتي القطار، ولا يجد نقوده، فيتهمانه بأنه مدع، ثم تلتقيان صدفة مع بطاطا حبيب قشطة، ويتفقون معاً على استعادة والدهما، وإعادة قشطة إلى بطاطا.

يصطحب بطاطا هادية إلى الملهى الذي يرتاده والدها، ويقدمها بأنها نجمة المستقبل، فيحدث صدام بينها وبين قشطة، خصوصاً بعد أن تبهر رأفت بك بجمالها وخفتها، فيقع في غرامها، وفي الوقت المناسب تكشف عن شخصيتها لوالدها الذي يصاب بالحزن والخجل من نفسه لما كان فيه، ويقرر العودة إلى بيته وزوجته وابنتيه.

مثلما قرر حسين فوزي العودة في فيلمه الثالث مع نعيمة عاكف إلى فريق عمل فيلمهما الأول، قرر في فيلمهما الرابع العودة إلى فريق عمل فيلمهما الثاني، فأسند إلى نعيمة دور «هادية»، وشكري سرحان في دور «كارم»، ونوال بغدادي في دور «نادية»، وفؤاد شفيق في دور «رأفت بك الخازندار»، وماري منيب في دور «بلوظة» والدة «قشطة»، وحسن فايق في دور «بطاطا»، وعزيزة حلمي في دور والدة هادية ونادية، وعبد السلام النابلسي في دور صاحب الملهي، وحسن كامل في دور «ميمي»، ومختار حسين في دور «توتو»، ولطفي الحكيم في دور «غندور باشا»، وعبد المنعم إسماعيل في دور «كمساري القطار»، ومحمود التوني في دور «صاحب المطعم»، وحورية حسن في دور مطربة الحفل، والمطرب الشاب محمد قنديل في دور «مطرب الأوبريت»، وزكي محمد حسن الشهير بـ «زكي الحرامي» في دور «مروج العملة المزيفة». ورغبة منه في إثارة غيرة نعيمة، اختار لدور «قشطة» فاتنة الوسط الفني، التي تشعل نار الحب والغيرة في قلوب العاشقين، بداية من حزمة من الفنانين، وانتهاء بالملك فاروق، الفاتنة الحسناء كاميليا، التي ولدت عام 1919 في أحد الأحياء الفقيرة بمدينة الإسكندرية، والدها تاجر أقطان إيطالي مسيحي، هرب إلى روما بعدما خسر كل أمواله، فنُسبت الطفلة إلى اليهودي الذي تزوج من والدتها، فأطلقت عليها اسم ليليان فيكتور كوهين. تعرفت إلى المخرج أحمد سالم في صيف 1946 بفندق {وندسور} وطلبت منه أن يمكنها من مشاهدة العرض الخاص لفيلمه الجديد {الماضي والمجهول}. وقد اشتهر {سالم} بغرامه وعشقه للجمال والجميلات، فسألها إذا ما كانت ترغب في العمل في السينما، فوافقت على الفور. وفعلاً عهد أحمد سالم إلى الفنان محمد توفيق أن يتولاها ويعطيها دروساً في الإلقاء والأداء والحركة واللغة العربية، ولكن محمد توفيق بعد أول درس فر هارباً من الوقوع في حب كاميليا، وتولى أحمد سالم مسؤولية شراء أفخر الثياب والمجوهرات وإظهارها إعلامياً في الصحف والمجلات والحفلات الخاصة والعامة. إلا أنه لم يحقق وعده إليها بأن تقوم ببطولة أفلام سينمائية، فانتهز يوسف وهبي فرصة تكاسل أحمد سالم بشأن كاميليا، واتصل بها سراً وطلب منها الحضور إلى مقره بالهرم وبدأ التنافس بين {وهبي} و{سالم}، كي يتنازل الأخير عنها عاطفياً وسينمائياً. فعلاً، تنازل عنها أحمد سالم مقابل ثلاثة آلاف جنيه، وقدم يوسف وهبي للمخرج سالم شيكاً بالمبلغ وقدمها في فيلم {القناع الأحمر»، بعدها حاول الموهوب أنور وجدي أن يدخل مع كاميليا في علاقة غرامية من باب ولعه بالجميلات، لكن كاميليا كانت تعرف ما بداخله ولم تعطه هذه الفرصة، لتنطلق نحو الشهرة والنجومية. وهي لم تكن فنانة عادية، فرغم أنها لم تقدم للسينما أكثر من 20 فيلماً، كونت من خلالها كل علاقاتها بأهل الفن وأهل السياسة، لتبدأ علاقتها بالملك فاروق عندما رآها ذات مرة في إحدى الحفلات بكازينو {حليمة بالاس}، وتوطدت العلاقة بينهما، ما جعلها على مقربة من الملك والقصر ومجتمع رجال السياسة والمال، ليؤكد البعض أن ذلك وفر لها الأجواء لتصبح عميلة للموساد وتسرب لهم أخبار الملك والسرايا، خصوصاً في فترة حرب فلسطين. غير أنه لم يكن ثمة دليل قاطع على ذلك، وبدلاً من تحجيمها، وإبعادها كانت شهرتها تزداد يوماً بعد يوم، لدرجة أنها قدمت خلال هذا العام 1950، ستة أفلام، من بينها الفيلم البريطاني {cairo road}، أمام الفنان العالمي إيريك بورتمان، وإخراج ديفيد ماكدونالد، قبل أن يختارها حسين فوزي لتشارك في فيلمه {بابا عريس}.

نار الغيرة

اختار حسين فوزي أن يبدأ تصوير الفيلم بالمشاهد الخارجية، خصوصاً مشهد الاستعراض الخارجي. كان المشهد الأول في القطار، حيث تحاول كل من هادية ونادية الهرب من «الكمساري» لأنهما لا تملكان نقوداً لدفع ثمن تذكرتيهما، وتتعرفان إلى الشاب «كارم» الذي لا يجد أيضاً تذكرته ولا حافظة نقوده، فيقررون الهرب معاً من القطار، ليتصل بوالده الباشا ليرسل له سيارة لإنقاذه، وهما معه.

في المشهد السابق على الاستعراض، تشعر هادية ونادية بالجوع، ويحاول «كارم» أن يجد لهما طعاما فيفشل، فتسخران منه:

* هايأكلنا ويشبعنا... يا خي بلا خيبة.

= كفاية أني خلصتكم من ألف ورطة ورطة... عايزة إيه تاني؟

- عايزة أكل.

* طولي بالك يا نادية زمان عربية بابا الباشا جاية.

- وباعتلنا فيها حلتين محشي... هاهاها.

= بزياداكي تريقة يا أختي أنت وهي... الجعان يدور على لقمته.

* يا شيخ... والنبي... أصلك هلفوت ما يعتمدش عليك... قدامي يا نادية.

= الله هادية أنت زعلتي يا هادية.

* أيوا زعلت وهأرقص من الزعل حتى شوف.

ينتهي الحوار لتبدأ هادية ونادية، الاستعراض الغنائي الراقص في الشارع، لجمع بعض النقود لشراء طعام:

أنتي يا عمة وأنت يا عم

وأنتي يا شابة وأنت يا شاب

نحن في غاية الشوق للمم

وكل كريم ينضام له رب

أمانة يا عم علينا اتلم وهاتلنا مم

مم مم مم... ننسى الهم وننسى الغم وننزل هم

هم هم هم

اتنين اتنين... ولا فيش اتنين زينا اتنين

بالبلا الاتنين وحالتهم دنك

دايرين سواح

شلة يا فتاح... ساعة استفتاح

ارزقها لو بنص فرنك

النص ما ينفعناش

يا فرنك تمام يا بلاش

دا أحنا ولاد ناس

عندنا إحساس

بس الإحساس في بلدكم انداس

وبقينا مداس

لولا العيبة هاننزل دم

أنتي يا عمة وأنت ياعم

نحن في غاية الشوق للمم

أمانة يا عم علينا اتلم وهاتلنا مم

مم مم مم... ننسى الهم وننسى الغم وننزل هم

هم هم هم

أصل إحنا ذوات من نسل ذوات وولاد بهوات

عن بابا وماما ورثنا الفقر

والغلب يا بيه... قاطع أبونيه

واسم الله عليه

إحنا الحداية وهو الصقر

ربلنا يا كبدي القهر

لكن معلش يا زهر

أهو يوم ويفوت... ولا حد يموت

وإزاي ها يفوت بوجود الجوت

هنا بالنبوت

مين يدينا وننسى الهم

أنتي يا عمة وأنت يا عم

نحن في غاية الشوق للمم

أمانة يا عم علينا اتلم وهاتلنا مم

مم مم ننسى الهم وننسى الغم وننزل هم

هم هم هم

لم يكن حسين فوزي يشك لحظة في براعة أداء نعيمة عاكف، سواء في التمثيل، وبالتأكيد في الغناء والاستعراضات، غير أنه هذه المرة، وعلى غير عادته من التهليل والتصفيق، كان كلما أبدعت نعيمة في تقديم مشهد تمثيلي، أو أغنية أو استعراض، وبمجرد انتهائها من الاستعراض بمصاحبة الطفلة «نوال بغدادي»، يظل صامتاً، ويتظاهر بأنه ينظر في «الإسكريبت» الذي في يده، ثم يرفع عينيه ويوجه كلامه إلى نوال بغدادي دون نعيمة: برافو يا نوال كنت هايلة جداً جداً... كويس يا نعيمة.

كلمات حسين فوزي لنوال، وتجاهله لنعيمة، أشعر الجميع، وعلى رأسهم نعيمة، بأن ثمة مشكلة كبيرة وقعت بينه وبين بطلته.

سينما بالألوان

لم يكن المنتج شارل نحاس الوحيد الذي تخوف من فكرة تلوين الأفلام السينمائية، بل إن كبار المنتجين في هوليوود وعلى مستوى العالم، أبدوا مخاوف كبيرة عند تحويل الأفلام السينمائية، من الأبيض والأسود إلى ألوان. حتى إن عملية الشد والجذب، والرفض والقبول استمرت أكثر من عشر سنوات منذ ظهور الألوان، إلى أن جاءت تجربة فيلم «قصة البحر» عام 1922، كأول فيلم ملون كامل يعرض في قاعات العرض، بعد سنوات عدة من الإعلان الرسمي للتقنية التي أحدثت ثورة في عالم السينما، لتثبت عكس ما توقعه المنتجون وصانعو السينما، وهي التجربة التي حققت نجاحاً هائلاً، والذي كان كفيلاً بإثارة الجدل وقتها حول تلوين الأفلام، ما شجع صانعي السينما على تلوين الأفلام بعد رفض دام طويلاً. وتحوَّلت التقنية إلى شركة عملاقة لتلوين الصور السينمائية التي ما لبثت أن انتشرت في أفلام سينمائية عدة مثل «الأرملة ميري» عام 1925، و{شبح الأوبرا» عام 1925، و{بن هور» 1926. وخلال هذه الفترة استمر صانعو السينما في إنتاج أفلام الأبيض والأسود جنباً إلى جنب مع الأفلام الملونة التي بدأت المنافسة، خصوصاً بعد تقدم التقنية وتحسن الألوان والصور بشكل كبير، ليكون إنتاج فيلم «سحر الأرض المفقودة» عام 1935، هو بداية انخفاض معدلات إنتاج سينما الأبيض وأسود التي انحسرت بشكل كبير مع جيل أفلام من نوعية «ذهب مع الريح» و{الساحر أوز» من إنتاج عام 1939.

كما انتقلت السينما نفسها إلى مصر بعد عام من ظهورها في العالم، انتقلت تقنية تلوين الأفلام السينمائية إلى مصر بعد سنوات قليلة من نجاحها في العالم، ليقرر الموسيقار محمد عبد الوهاب أن يخوض تجربة التلوين بالحذر المعروف عنه، واختبر ذلك من خلال تلوين أغنية «يوم الاثنين» في فيلم «لست ملاكا» الذي أدَّى بطولته أمام المطربة «نور الهدى»، وأنتجته «شركة ستوديو مصر» بالتعاون مع «شركة بيضا فون»، ووزعته شركة «أفلام عبد الوهاب»، لتقف التجربة عند هذا الحد، حتى اقترح حسين فوزي هذه المغامرة المحسوبة، من وجهة نظره.

البقية في الحلقة المقبلة  

back to top