ضريح ابن سعد مقصد لتبرك البسطاء والملوك

صاحب مقام قال عنه الإمام الشافعي عندما وقف على قبره: "لله درك يا إمام لقد جمعت أربع خصال لم يكملهن عالم: العلم والعمل والزهد والكرم". إنه فقيه مصر الإمام الليث بن سعد بن عبدالرحمن الفهمي، وهو أصفهاني الأصل مصري المولد إذ ولد ببلدة قلقشند إحدى قرى محافظة القليوبية وكان مولده في شعبان سنة 94 هـ.

كان الإمام الليث عالماً فقيها اشتهر بورعه، وعندما مات تحول ضريحه إلى مقصد للتبرك من البسطاء وحتى الملوك، وبني حوله مسجد حمل اسمه، ويعتبر من الآثار الإسلامية الفريدة.

يقع مسجده في حي الخليفة بالقاهرة وكان قبر الإمام الليث على شكل مصطبة وكتب عليها ما نصه: "الإمام الفقيه الزاهد العالم الليث بن سعد بن عبدالرحمن أبو الحارث المصري مفتي أهل مصر".

أول من بنى على القبر هو أبو زيد المصري أحد كبار التجار سنة 940 هـ، وتوالى التجديد على الضريح حتى عصر السلطان الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون ثم جدد الحاج سيف الدين المقدم قبة الضريح وذلك سنة 780 هـ، ثم بعد ذلك جددت وأجريت عمارة المسجد في أيام الناصر فرج بن الظاهر برقوق على يد الشيخ أبي الخير محمد بن الشيخ سليمان المادح في محرم سنة 811 هـ.

ومن العبارات المنقوشة على جدران المسجد: "هذا مقام السيد الإمام الليث بن سعد نفعنا الله به آمين"، "جدد هذا المقام المبارك في أيام سيدنا ومولانا السلطان الأعظم الملك الظاهر محمد عز نصره على يد الفقير إلى الله تعالى أبي بكر بن يونس شيخ القرافيين الصوفي خادم السيدين الإمامين الشافعي والليث بن سعد لطف الله به المحرم عام 811 هـ".

ثم جدد سنة 832هـ على يد امرأة قدمت من دمشق أيام السلطان المؤيد، عرفت بمرحبا بنت إبراهيم بن عبدالرحمن أخت عبدالباسط  توفيت في 19 ذي القعدة سنة 840 هـ.  

وفي عهد السلطان الملك الأشرف قايتباي أقام الأمير يشبك بن مهدي سنة 884 هـ مئذنة لجامع الإمام الليث في الطرف الغربي منه، كما أجرى السلطان الغوري عدة تجديدات بالمسجد.

ويرجع تاريخ القبة والمقصورة الموجودتين الآن على الضريح إلى العمارة التي قام بها الأمير موسى جوريجي ميرزا مستحفظان، ونرى تاريخ التجديد مكتوباً على القبة "بسم الله... هذا تاريخ تجديد رحاب الإمام الأعظم والملاذ الأكرم الليث بن سعد قدس الله روحه ونور ضريحه الذي جدده الجناب الأعظم المخدوم المكرم الأمير موسى جوريجي ميرزا مستحفظان تاج المرحوم مصطفى جوريجي ميرزا مستحفظان وكان الفراغ يوم (الخميس) 25 ذي القعدة سنة 1138 هـ.  

أما المحراب والمنبر فمن تجديدات إسماعيل بك بن المرحوم راتب باشا سنة 1294هـ، وتحتفل الطرق الصوفية بمولده في شهر شعبان من كل عام.