النفط والطاقة: كلفة مصفاة الزور تضاعفت 6 مرات... دون إنجازها!

نشر في 30-06-2015 | 00:03
آخر تحديث 30-06-2015 | 00:03
No Image Caption
منذ عام 2000 لعدم دقة تقدير التكاليف وارتفاع أسعار المواد والسلع والعمال
يرى البعض أن عدم بناء مصفاة الزور ستكون كلفته كبيرة على المال العام من أجل توفير الوقود اللازم للكهرباء، وسيتم حرق النفط المكلف مادياً والمضر بيئياً.

من المنطقي ان تكون نتائج دراسة الجدوى الاقتصادية والفنية لمشروع مصفاة الزور عندما عُرض للمرة الاولى عام 2000 ايجابية، وإلا لما أقدمت مؤسسة البترول الكويتية على تبني المشروع، ثم الشروع في مناقصاته بعد ذلك.

وواجه المشروع عدة معوقات أهمها الارتفاع المتواصل في كلفة المشروع، إذ ارتفعت الكلفة التقديرية لتنفيذه من أقل من 2.5 مليار دولار عند دراسته في المرة الاولى الى نحو 4 مليارات دولار، ثم الى 6.5 مليارات دولار، ثم الى 15 مليار دولار ما يعادل 4 مليار دينار في عام 2007. أي ان الكلفة تضاعفت ست مرات، فضلا عما ما صرح به وزير النفط علي العمير بزيادة جديدة للمشروع ستكون بحدود مليار دينار لتصل الكلفة الى 5 مليارات دينار.

وقد نتج هذا الارتفاع عن عدة عوامل، أهمها: عدم دقة تقدير التكاليف في الدراسة الأساسية، وارتفاع اسعار مواد البناء والسلع المصنوعة والايدي العاملة، ونقص الكفاءات الادارية والتشغيلية اللازمة لبناء المصفاة في السوق الدولي خلال فترة الرواج الاقتصادي التي شهدتها السنوات الثماني الأولى من هذا العقد.

ومن بين المعوقات ايضا التحفظ ذو الطابع السياسي المتعلق بموقع بناء المصفاة، إذ أثير جدل بشأن هذا الموقع وجرى البحث عن بدائل لم يتم الاتفاق بشأنها بسبب الشكوك التي بدأت تحيط بنتائج دراسة الجدوى الاقتصادية والفنية للمشروع بعد الزيادات الكبيرة التي طرأت على كلفة المشروع.

وقد حاولت مؤسسة البترول الكويتية أن تخفف من أثر ارتفاع تكاليف المشروع من خلال تجزئته عام 2007 إلى 4 مشروعات أو أجزاء منفصلة، ثم عن طريق اعادة طرحه في عام 2008 بنظام الكلفة المستردة وذلك للاقتراب من القيمة الفعلية لكلفة التنفيذ.

الرأي المعارض

يرى الرأي المعارض ان الهدف الاول من انشاء "مصفاة الزور" هو تزويد محطات توليد الكهرباء بزيت الوقود، فقد دفع توقيع الكويت اتفاقية كيوتو عام 2005 للمساهمة في تقليل الانبعاثات الغازية الضارة بالبيئة والناتجة من عمليات استخدام النفط الخام او المشتقات البترولية، مؤسسة البترول الكويتية الى تحسين مصافيها وعملياتها، للوفاء في التزاماتها في تلبية المعايير العالمية للبيئة وتقديم وقود نظيف سواء للاستهلاك المحلي او العالمي.

وفي الوقت ذاته قامت المؤسسة باستيراد الغاز الطبيعي المسال (LNG) من الخارج فترة محدودة، حتى يتم تشغيل المصفاة كبديل للوقود المستخدم لتوفير كميات سواء من النفط الخام او من المشتقات البترولية للتصدير.

لكن بعض المراقبين يرى انه اذا كان الامر يتعلق في البيئة وتزويد محطات الكهرباء بالوقود المناسب والامثل اقتصاديا وبيئيا. فهل سيكون زيت الوقود ذو المحتوى الكبريتي القليل افضل بيئيا واقتصاديا من الغاز الطبيعي المسال؟ فالمعلومات الصادرة عن وكالة الطاقة تشير الى ان الغاز الطبيعي هو الافضل بيئيا للاستخدام والاعلى من حيث القيمة الحرارية الكامنة، وان زيت الوقود هو اكثر تلويثا للبيئة عند احتراقه مقارنة بالغاز الطبيعي.

كما تشير خطط وزارة الكهرباء الى شراء توربينات غازية وتبديل توربينات بخارية متقادمة بأخرى جديدة تعمل بالأساس على الغاز الطبيعي في محطات مثل الزور الجنوبية والصبية

والشويخ والدوحة الشرقية.

وقد يتساءل من يعارض فكرة انشاء المصفاة: لماذا تتجه مؤسسة البترول الى انتاج زيت الوقود اذا كان المستفيد الاول (وزارة الكهرباء) يفضل الغاز الطبيعي؟ وما هي حال هامش الربحية للمصفاة عندما يكون اكثر من ثلث انتاجها زيت الوقود؟ هل ستضطر المؤسسة في حينها إلى تشغيل المصفاة الجديدة بطاقة تكريرية أقل تفاديا للخسائر؟

وفيما يتعلق بتوفير وظائف ادارية وفنية للكويتيين من انشاء المصفاة حيث إن عدد الوظائف المتاحة في المصفاة الجديدة محدودة لا تتعدى 500 فرصة وظيفية بسبب اغلاق مصفاة الشعيبة ونقل موظفيها الى المصفاة، حيث ان استثمار مبلغ كبير يقدر بحوالي 15 مليار دولار (قبل زيادة المخصصات الجديدة التي سيناقشها مجلس مؤسسة البترول) لخلق فرص وظيفية بحدود 500 وظيفة هو امر بكل الحسابات عالٍ جدا.

الرأي المؤيد

شبه من يؤيد بناء مصفاة الزور المشروع بالابن المريض الذي امتنع والده (الحكومة) عن علاجه بحجة التوفير في فترة من الفترات فهم يعتبرون ان المصفاة مشروع "أمن قومي للمستقبل".

وان من الخطأ التشكيك في مدى حاجة الكويت الى المصفاة، اذ ان هناك اصواتا كثيرة من المتخصصين تطالب بتوفير الوقود النظيف لمحطات الكهرباء، وان التشكيك والمماطلة امر غير جيد.

كما انه يجب التفرقة بين مصفاة الزور وإجراءاتها، وانه في حال وجود ملاحظات من قبل ديوان المحاسبة، وإذا ثبت أنه ليس مطابقا للوائح فهذا امر عادي، ويمكن طرحه بالصيغة التي يراها الديوان مناسبة في المستقبل.

كما انه اذا لم يتم بناء المصفاة فستكون الكلفة كبيرة على المال العام لتوفير الوقود اللازم للكهرباء، والكويت في هذه الحالة ستتجه الى حرق النفط الخام المكلف ماديا والمضر بيئيا.

وتشير المصادر الى أن الوقت الحالي يعد من افضل الاوقات لبناء الكويت للمصفاة، خصوصاً ان الاسواق العالمية في ركود والاسعار مناسبة، والكويت تمتلك المصادر المالية، مؤكدة ضرورة انتهاز الفرصة الآن لتقليل التكاليف.

الا انه في حال تم الغاء المصفاة بشكل نهائي فعلى مؤسسة البترول اعادة استراتيجيتها لعمل موازنة بين انتاج النفط الخام ومشتقاته، بحيث يستوعب السوق النفطي للمنتجين.

كما باتت المشاريع البيئية، مثل مصفاة الزور، ضرورة ملحة للتخلص من نسب الكبريت العالية التي تضر بصحة الإنسان، حيث ان البعد الاجتماعي لتلك المشاريع أهم من البعد الاقتصادي.

back to top