كامل الشناوي ... شاعر الليل (12): لا تكذبي... إني رأيتكما معاً

نشر في 29-06-2015 | 00:02
آخر تحديث 29-06-2015 | 00:02
قليلون يجمعون بين طزاجة اللحظة وعتق الماضي، يحضرون في الأذهان كشخصيات أسطورية تأتي من أزمان ذهبية وتتدفق حكاياتهم كأنهم غابوا أمس. كامل الشناوي واحد من هؤلاء صنع مجده الخاص في بلاط صاحبة الجلالة وفي عالم الشعر ودنيا الجمال والحب فكان الشاعر في ديوان الصحافة والصحافي وسط إلهام الآداب والفنون والثقافة والعاشق المتيم بالجمال والراهب الناسك في محراب الحب.
ترك الشناوي، الذي سماه والده مصطفى كامل لأنه وُلد في أعقاب رحيل الزعيم الوطني مصطفى كامل، آثاراً إبداعية وثقافية وصحافية ومعارك ثقافية وفنية وسياسية كان طرفا أصيلا فيها، وحكايات لاتزال تتردد حتى الآن، طازجة كالحب المتجدد، نستعيدها هنا مع سيرته ومسيرته التي تعيدنا إلى زمن جميل مضى نحاول الإمساك به.
- {أشتري الحب بالعذاب... أشتريه فمن يبيع... من يبيع؟}.

لم يكن قوله هذا سوى تعبير عن حظه مع الحب. ففي الوقت الذي صار فيه صحافياً كبيراً جلس على كرسي رئيس التحرير أكثر من مرة، وشاعراً شهيراً يتغنى بشعره نجوم الغناء في عصره، وتخلص من عقدة العزلة والانطواء، أقبل يرد الجميل لمجتمع منحه الفرصة على النبوغ المبكر، والتعبير عن هذا النبوغ، وهيأ له من يأخذ بيده ويساعده على المضي قدماً، لذلك لم تكن أهميته التاريخية في كتاباته شعراً ونثراً وصحافة، وإنما كانت أهمية كامل الشناوي في احتضانه المواهب ودفاعه عنها ورعايته لها في المجالات كافة: شعراء وفنانون وموسيقيون وصحافيون. وكان ينفق على هذه المواهب من جيبه حتى لا يضطر أي منهم إلى الغرق في دوامة البحث عن الرزق فينسى موهبته وتنساه. فعل ذلك مع كثير من نجوم عصره، فتبنى عبد الحليم حافظ ونجاة ونور الهدى، وكتب أغاني لأم كلثوم، وعبدالوهاب، ومال على فريد الأطرش في لحظات ضعفه ليساعده على النهوض والصمود في وجه المنافسة الشرسة، وتحدى عمالقة هذا الزمان بكلمته وفنه، واستغل نفوذه لإعادة بيرم التونسي من المنفى، بعد طرده لانتقاده الملك فاروق في أشعاره، ودبر له الفرص ليبيع قصائده لكبار المطربين ويتكسب ويعيش معوضاً سنوات المنفى والحرمان. كان يجد سعادته في ذلك، ويشعر أن قدره هيأه لهذا الدور. لكن رعايته للفنانات، لم تكن تمر كمجرد رعاية، كان يقع في حب كل امرأة يتبناها فنياً، فعل ذلك مع كاميليا، ومع المطربة اللبنانية نور الهدى التي تبناها فنياً وأحبها بهدوء.

كان يتصيَّد الحب، ينتقي المحبوبة بعناية، تكون جميلة فاتنة، أو رقيقة مرهفة، أو ذات حضور ساحر، أو فوضوية عابثة، يحاصرها ويدغدغ عواطفها بكلامه الحلو، يكتب فيها الشعر، ويغدق عليها بالمال، وإذا كانت فنانة يفتح لها الأبواب المغلقة لتستقر كنجمة في عالم الفن. لكن القصص دائماً ما تكون قصيرة، لا تدوم سعادته بها، ولا يطول ارتياحه معها، ظل هكذا في شبابه وكهولته، يحب حتى الثمالة، ينجرف في الهوى والاهتمام كطفل صغير، وتجرحه خيانة عابرة، أو فراق مقصود فيتألم ويبقى أثر الألم في روحه كندبة باقية. 

كان يقول عن نفسه حين تقدم به العمر قليلاً:

 - {العجوز الطائش كالسهم الطائش لا يصيب الهدف... يا ويلي من طيشي.. إنني أعاني تناقضاً رهيباً في حياتي .. جسدي أرهقه الكبر، ومشاعري لم تتجاوز بعد مرحلة الطفولة، وتفكيري في عنفوان الشباب.. احتشم يا قلبي، فالحب طيش وشباب.. وأنت طيش فقط}. 

كان يستعذب الألم في الحب، ويخلق من عذاباته عالمه الخاصة وإبداعه المنبثق من هذه العذابات، لم يتحسر على الشباب كثيراً لأن حاله مع الحب شاباً كحاله فيه كهلاً كحاله كرجل في منتصف العمر يبدو ناضجاً ورزيناً على غير الحقيقة، حتى أنه كان يقول: 

- {أحياناً تنتابني حيرة لا أستطيع معها أن أحزن أو أفرح، لأن الأيام التى تنقضي من عمري تزيد من سني، وتجربتي وثقافتي وانفعالي بالجمال، فكيف أحزن على النقص، ولا أفرح بالزيادة؟ إنني دائماً ناقص وزائد}.

كان يكتب في زاويته حواراً مع نفسه، يتكلم معها في كل شيء وأحياناً كان يوجه رسائل لبطلات قصص حبه، في إحداها أدار هذا الحوار : 

 

- { ألا تزال تحب؟

*  ربما.

- ألا تعترف أنك لم تظفر من الحب إلا بالعذاب؟

* وما هو الحب؟

- التقاء العاطفة بالعاطفة.

* إن هذا الالتقاء هو عود الثقاب الذي يشعل نار الحب، فإذا اشتعلت النار التهمت الالتقاء، والتهمت أيضاً عود الثقاب.

- قل لي أنت ما هو الحب؟

* الحب أن تتعذب وحدك وألا تفرض العذاب على سواك.

- ومتى تتعذب وحدك ولا تفرض العذاب على سواك؟

* أنا في العذاب أناني .. أستأثر به لنفسي.

 ما أسعدها.

ما أشقاها وما أشقاني... فقد يصحو ضميرها ذات يوم فتعاني عذابي، وتتركني وحدي بلا عذاب}.

 

مرة سأله صديق المشورة بعدما هجرته محبوبته فجأة رغم ما بذله من أجلها، وما أنفقه عليها من مال ووقت واهتمام، وفوجئ بأن كامل الشناوي يجيبه بما يصدمه:

- {هي لم تفعل إلا الصواب، فالغدر شيمة حواء، وإذا لم تكن فعلت ما فعلت فيّ ليست بالمرأة الكاملة الأنوثة، المشبوبة العاطفة، لقد فازت بالحرية، وتركت لك الألم.. يا بختك}.  

 

لذلك كانت الخيبات والخيانات تظهر في شعره الشفهي والمدون، وهو قال الكثير من الشعر والنثر والنكات وحكى الكثير من القصص، لكن المدون منها قليل جداً، لكن الأهم أنه لم يكن يحقد على من تخونه أو تهجره حتى لو أعلنت أنها باتت تكرهه، كان رغم ذلك لا يكف عن مواصلة حبه لها، رغم ما كان يتضمنه شعره من مكابدة وألم. 

وجاء ديوانه {لا تكذبي} ليعبر عن هذه الخيبات والخيانات وكأنه صرخة ضد المرأة الخائنة. لكن رغم ذلك بدا أنه يستعذب هذا الألم حتى أنه يتذكر أن مقالاً نقدياً عن الديوان كتبه أحد الشعراء، عنوانه {شاعر يحب الخائنات} ويقترح عليه تغيير العنوان إلى {لا تكذب}، في إشارة إلى عشقه للألم، وإن أفصح بغير ذلك.

بهذا الديوان دخل عالم الشعر الرومانسي من باب الألم وترجمة التجربة شعرياً، وارتبط الديوان وتحديداً أشهر قصيدتين فيه {لست وحدك حبيبها}، و{لا تكذبي}، بأشهر قصة حب في حياته، ما زالت تثير الجدل والغموض حتى الآن، ورغم أن كثيرا من شهود العيان يشيرون لأن بطليها هما المطربة المعروفة نجاة والكاتب والأديب الكبير يوسف إدريس، فإن نجاة نفسها نفت أن تكون بطلة قصيدته، وينفي ذلك أيضاً الكاتب والناقد طارق الشناوي، ابن شقيق كامل. 

لكن على أي حال هي قصة تستحق أن تروى، ففي جميع الأحوال محبوبته في هذه الأيام كانت مطربة صاعدة، جميلة ورقيقة، تبناها كامل وشملها برعايته، وأحبها كعادته بإخلاص جم، واهتمام بالغ.

يصف لحظة لقائه الأول بها حين ظهرت في إحدى السهرات الفنية مع شقيقتها النجمة الصاعدة وقتئذ، والتي وجدت رعاية غير عادية من عبد الحليم حافظ، وقبله صديقه {الصعلوك الكبير} عبد الرحمن الخميسي: 

- {اتجهت أنظارهم جميعاً إلى عشرين عاماً، ترتدى فستاناً أزرق، وقد تشبث الفستان بقوام رشاقته، حملت العدوى إلى مشاعرنا، ونظراتنا، وإشارات أيدينا، إنه لا يتحرك لكنه ينبض كقلب خائف، يعلوه وجه اطمأنت قسماته، الفم أحمر كالورد، تفتحه كلمة وتغلقه ابتسامة، الخدان ملتهبان كالحريق، أنفها صغير كسنها، شعرها كليل الشتاء أسود وطويل، والعينان في لون الفستان زرقاوان}.

جلست إلى جواره  تحديداً، ودار بينهما الحديث، وتعالت الضحكات والابتسامات من حديث مشوق تغمره نكات وحضور لم يفارقا صاحبه أبداً، وغدت الابتسامات غراماً واهتماماً، ووقتاً من الحب المتبادل، ظهرت فيه الحبيبة، وفرضت نفسها كصوت ساحر، بغنائها الآخاذ، فبدت أنضج كصوت وكامرأة. وفي يوم من أيام شتاء 1962، كان يوم عيد ميلادها، فاهتم به اهتماماً خاصاً، أشرف على التفاصيل كلها، واشترى {تورتة} 3 أدوار من {غروبي}، وذهب للاحتفال معها بشقتها بحي {الزمالك} وسط أصدقائهما، فإذا بها لحظة إطفاء الشموع تمسك بيد كاتب {القصة الشهير} ليساعدها في تقطيع التورتة، وكأنهما يقطعان في جسده، ويقصفان بنظراتهما لبعضهما قلبه بسهام حادة ومميتة، ظهرت على ملامحه، وأطفأت بهجته التي دخل بها على الضيوف مازحاً وساخراً وضاحكاً ومستبشراً، فغادر المكان هائماً، واستكمل السهرة مع أصدقاء في إحدى الحانات، ثم انصرف فجأة عائداً إلى الزمالك، وهو يمني نفسه بلقاء خاص مع محبوبته بعد انصراف ضيوفها، ويقنع نفسه أن ما شاهده كان مجرد مجاملات بين صديقين لا أكثر. لكنه تلقى الصدمة حين وجد الضيوف قد انصرفوا فيما استكملت السهرة مع ضيف واحد  لم يغادر، فخرج مجروحاً وهائماً على وجهه، ولا يعرف إلى أين يذهب. ذهب إلى منزل مصطفى أمين وحكى له كل شيء، وكتب قصيدته الشهيرة عنده: 

- { لا تكذبي ..

إني رأيتكما معا

ودعي البكاء.. فقد كرهت الأدمعا

ما أهون الدمع الجسور إذا جرى

من عين كاذبة فأنكر وادعى ! !

إني رأيتكما ... إني سمعتكما

عيناك في عينيه ... في شفتيه

في كفيه ... في قدميه

ويداك ضارعتان

ترتعشان من لهف عليه! 

تتحديان الشوق بالقبلات

تلذعني بسوطٍ من لهيب!

بالهمس ، بالآهات

بالنظرات ، باللفتات

بالصمت الرهيب!

ويشب في قلبي حريق

ويضيع من قدمي الطريق

وتطل من رأسي الظنون

تلومني وتشد أذني! 

فلطالما باركت كذبك كله

ولعنت ظني.

ماذا أقول لأدمع سفحتها أشواقي إليك ؟

ماذا أقول لأضلع مزقتها خوفاً عليك ؟

أأقول هانت ؟

أأقول خانت ؟

أأقولها ؟

لو قلتها أشفي غليلي!

يا ويلتي..

لا، لن أقول أنا، فقولي..

لا تخجلي.. لا تفزعي مني.. فلست بثائر!

أنقذتني من زيف أحلامي وغدر مشاعري!

فرأيت أنك كنت لي قيدًا

حرصت العمر ألا أكسره

فكسرته!

ورأيت أنك كنت لي ذنباً

سألت الله ألا يغفره

فغفرته!

كوني.. كما تبغين

لكن لن تكوني!

فأنا صنعتك من هواي

ومن جنوني..

ولقد برئت من الهوى

ومن الجنون!»

 

جاءت القصيدة وفيها قدر من الترجمة لما شاهده مع خيال الشاعر، في تصور هذا الجدل بينه وبينها، لكنه رغم ذلك كله أمسك الهاتف وطلبها ربما ليعاتبها فتهدأ نفسه، أو ليسمع منها تبريراً أو قراراً ينهي هذه القصة، إلا أن الصدمة أنها لم تتأثر بدموعه، حتى عندما قرأ عليها هذه القصيدة المؤثرة، تعاملت وكأن الأمر لا يعنيها، وكأنها مجرد قصيدة، وطلبت أن تغنيها، وهي القصيدة التي لحنها محمد عبد الوهاب وغناها في ما بعد عبد الحليم حافظ، ثم نجاة الصغيرة في سياق أحداث فيلم الشموع السوداء، كذلك لها تسجيل بصوت عبد الوهاب نفسه، وهو غناها أكثر من مرة. 

نشر كامل الشناوي قصيدته وكأنه يشبب بها وينتقم منها، لكن الكشف الأكبر عما جرى كان على يد الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس الذي كتب التفاصيل كلها في قصته «وعاشت بين أصابعه» التي نشرها على حلقات في الأهرام، حتى باتت شخصيتها معروفة، وتتلقى اتصالات استهجان من القراء. فطلبت من إحسان أن يغير في التفاصيل ليبعد أذهان الناس عنها، لأنه يكاد يفصح باسمها، كما لاحقت قضائياً بعد ذلك كل من حاول الربط بينها وبين قصة القصيدة. 

لكنه كان يفصح عن بعض التفاصيل في زاويته «ساعات» التي كان يكتبها في «أخبار اليوم»، وظل يوجه إليها الحديث عبر هذه الزاوية بعدما انقطع التواصل بينهما، حين اكتشف كامل أنها ليست حبيبته فقط، ولا حبيبة الكاتب الذي وجدها معه في شقة الزمالك، وإنما كان في السياق شاعر معروف، ومخرج كبير، وإذاعي ومدير إذاعة عربية، فكتب قصيدته الشهيرة التي غناها عبد الحليم حافظ أيضاً «لست وحدك حبيبها». 

وكان يقول عنها:

- «إنها تحتل قلبي وتتصرف فيه كما لو كان بيتها، تكنسه وتمسحه، وتعيد ترتيب الأثاث، وتقابل فيه كل الناس، شخص واحد تهرب من لقائه، صاحب البيت». 

وحكى المشهد الصدمة مرات آخريات، كان أشهرها حين كتب في زاويته: 

- «كان المفروض أن أكون معهم، أشاركهم الاحتفال بعيد ميلادها، فهي صديقة، وهم أصدقائي، ولكنهم نسوا أن يدعوني إلى الاحتفال، وتداركوا نسيانهم فذكروني في سهرتهم، وقدموا إليها الهدايا، وكانت سيرتي أبرز ما في الهدايا، وضعوا أمامهم التورتة، ومزقوها بالسكين.. ثم أكلوا، أكلوا التورتة.. وسيرتي».

ورغم أنها كانت سبباً في غضب عبد الحليم حافظ منه حين لاحظ المطرب الشهير أن كامل يستخدم نفوذه في الوسط الفني ليحتفي بها صحافياً وينتقي أفضل الأشعار لتغنيها، ويجند لها ألحان عبدالوهاب وبليغ حمدي، فإن حليم سعى حثيثاً في الصلح بينهما ليعودا صديقين على الأقل. 

قصيدة حبيبها

حبيبها، لست وحدك

حبيبها.. أنا قبلك!

وربما جئت بعدك

وربما كنت مثلك!

فلم أزل ألقاها

وتستبيح خداعي

بلهفة في اللقاء

برجفة في الوداع

بدمعة ليس فيها

كالدمع.. إلا البريق!

برعشة هي نبض

.. نبض بغير عروق!

حبيبها، وروت لي

ما كان منك ومنهم!

فهم كثير... ولكن

لا شيء نعرف عنهم!

وعانقتني، وألقت

برأسها فوق كتفي

تباعدت وتدانت

كأصبعين بكفي!

ويحفر الحب قلبي

بالنار، بالسكين

وهاتف يهتف بي

 حذار يا مسكين!

وسرت وحدي شريدًا

محطم الخطوات

تهزني أنفاسي

تخيفني لفتاتي!

 

كهارب ليس يدري

من أين، أو أين يمضي؟

شك! ضباب! حطام!

بعضي يمزق بعضي!

سألت عقلي فأصغى

وقال: لا، لن تراها

وقال قلبي: أراها!

ولن أحب سواها!

ما أنت يا قلب؟ قل لي:

أأنت لعنة حبي؟!

أأنت نقمة ربي؟!

إلى متى أنت قلبي؟

 

كامل الشناوي

نجاة الصغيرة 

بدأت نجاة الصغيرة حياتها الفنية بترديد بعض أغاني كوكب الشرق أم كلثوم في الحفلات التي شاركت بها، ولكن موهبتها كانت أكبر من ثوب تقليد الكبار، فخرجت في منتصف الخمسينيات عن ذلك الإطار وقامت بغناء أغنياتها الخاصة التي ألفت ولُحنت خصيصًا لها.

هي من مواليد القاهرة، والدها محمد حسني البابا من أكراد سورية، وكان يعمل خطاطاً وقد هاجر إلى مصر في شبابه، وتزوج أم نجاة وهي سيدة مصرية وأختها الفنانة المصرية سعاد حسني. اعتقد كثيرون أنها وأختها سعاد حسني تربطهما صلة قرابة مع الفنان السوري المعروف أنور البابا، إلا أنه لا توجد أية صلة قرابة بينهما، أول من أطلق عليها لقب الصغيرة كان { فكري أباظة} الكاتب الصحافي، وذلك عندما كتب عنها في بداية ظهورها {إنها الصغيرة التي تحتاج إلى رعاية حتى يشتد عودها، وفي حاجة إلى عناية حتى تكبر وهي محافظة لموهبتها، مبقية على نضارتها}.

عندما بلغت نجاة سن التاسعة عشرة كانت تقوم بتقليد {أم كلثوم}، غير أنها بدأت مرحلة جديدة في مشوارها الفني، عندما قدم  لها مأمون الشناوي أغنية {أوصفولي الحب} من تلحين محمود الشريف، ومنذ ذلك الوقت أحاطت {نجاة} نفسها بالمثقفين أمثال كامل الشناوي محمد التابعي،  وفكري أباظة، فكونت بذلك هيئة مستشارين من أصدقاء ينصحونها، وينيرون الطريق أمام هذه الموهبة العبقرية، إلى جانب دقتها الشديدة في العمل، وحرصها الشديد الأقرب إلى الوسوسة، ما كان له دور كبير في نجاحها المستمر. ثم التقت بالموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب في لحن {كل دا كان ليه}، لتتوالى بعدها أعمالها الفنية، وغنت للملحنين سيد مكاوي، وحلمي بكر، وبليغ حمدي، وكمال الطويل ومحمد الموجي، وهاني شنودة.

 

back to top