كامل الشناوي ... شاعر الليل (10) ... كامل بك والملك فاروق وقلب كاميليا

نشر في 27-06-2015 | 00:01
آخر تحديث 27-06-2015 | 00:01
قليلون يجمعون بين طزاجة اللحظة وعتق الماضي، يحضرون في الأذهان كشخصيات أسطورية تأتي من أزمان ذهبية وتتدفق حكاياتهم كأنهم غابوا بالأمس فقط... كامل الشناوي واحد من هؤلاء صنع مجده الخاص في بلاط صاحبة الجلالة وفي عالم الشعر ودنيا الجمال والحب فكان الشاعر في ديوان الصحافة والصحافي وسط إلهام الآداب والفنون والثقافة والعاشق المتيم بالجمال والراهب الناسك في محراب الحب.
ترك الشناوي، الذي سماه والده مصطفى كامل لأنه وُلد في أعقاب رحيل الزعيم الوطني مصطفى كامل، آثارا إبداعية وثقافية وصحافية ومعارك ثقافية وفنية وسياسية كان طرفا أصيلا فيها، وحكايات لاتزال تتردد حتى الآن، طازجة كالحب المتجدد، نستعيدها هنا مع سيرته ومسيرته التي تعيدنا إلى زمن جميل مضى نحاول الإمساك به.
لم يكن درس محمد محمود باشا، رئيس الوزراء الذي سعى إلى أن يتعلَّم كامل المسافة بين الصحافة والصداقة، هو الدرس الوحيد الذي تلقاه خلال مسيرته الصحافية وخلال وجوده في {الأهرام} تحديداً، فقد كان رئيس التحرير أنطوان الجميل مُعلماً آخر، بما عُرف عنه من انحيازه إلى نمط أخلاقي في ممارسة المهنة، وتركيزه على الدقة والأمانة، والاعتداد بكرامة الصحافي والجريدة.

فحدث أن عرف كامل من جلساته الخاصة أن عبد العزيز فهمي باشا يعتكف في داره بسبب مرضه، فسأله أنطوان الجميل:

- {هل استأذنته في النشر؟}.

وكان رد كامل:

- {أنا واثق من صحة الخبر}.

 لكن أنطوان قال له ما تعلمه بقية رحلته الصحافية:

- {هذا خبر شخصي... لا ينبغي نشره إلا باستئذان صاحبه فقد يتسبب نشر الخبر على الأقل في أن يزوره أصدقاؤه في داره للاطمئنان وهو غير مستعد لاستقبالهم، وربما أزعجته هذه الزيارات وضاعفت آلامه}.                  

كان هذا الدرس الأهم، وكان مما قاله أنطوان الجميل الكثير مما يستحق أن يبقى درساً لكل الأجيال الصحافية، خصوصاً قوله الجامع المانع:

- {الصحافة تتطلب من الصحافي عقل فيلسوف، وقلب شاعر، وضمير قاض، ولا مانع بعد ذلك أن يكون الصحافي صاحب رأي}.   

كان أنطوان الجميل يؤثر الأخلاق على الكفاءة، وعلى عكس محمود عزمي، رئيس تحرير {روزاليوسف} اليومية، كان يحب الأشعار والأمثال والكلمات المأثورة، وكثيراً ما كان يبدأ مقالات بجملة مأثورة، أو حكمة معروفة، أو أسطورة قديمة، أو بضعة أبيات من الشعر العربي أو المترجم عن الفرنسية أو الإنكليزية، لكنه في الوقت نفسه كان يختار الكلمة والمعنى بعناية، وإذا تناول موضوعاً سياسياً يعرض وجهات النظر المختلفة فيه بدقة وأمانة، ويترك القارئ ينحاز إلى ما يشاء من حلول وآراء ووجهات نظر، من دون فرض وصاية عليه. وبحسب كلام كامل الشناوي لم تكن الصحافة عند أنطوان الجميل سبقاً وانفراداً فقط، وإنما دقة وأمانة وحرص على تجنب التهييج والإثارة، وكان يتحرى الأخبار بعدما يتلقاها من الصحافيين، ويتحسب لتداعيات نشره على المصلحة العامة أو خصوصية الأشخاص، ويمتنع عن نشر أي خبر مهما كانت أهميته، إن كان الأذى من ورائه أكبر من النفع، وكان يكره العنف والحدة في النقاش والجدل.

رئيس التحرير

تعلم في مدرسة {الأهرام} القديمة فنون الصحافة، من الكتابة الصحافية، إلى التعامل مع مصادر الأخبار، إلى أخلاقيات العمل الصحافي، وامتلأ أرشيفه في {الأهرام} بالقصص المهمة، ما بين الأخبار والتحقيقات والمقالات والدراسات الأدبية، والأحاديث الصحافية التي برع فيها وذاع صيته، وأجراها مع نجوم المجتمع في شتى المجالات.

وفي عام 1938، تولى مصطفى أمين رئاسة تحرير مجلة {آخر ساعة}، فاختار كامل الشناوي ليكون المحرر السياسي للمجلة إلى جانب عمله في {الأهرام}.

وفي عام 1942، تولى مصطفى أمين أيضاً رئاسة تحرير مجلة {الاثنين} وكتب فيها كامل عموداً شيقاً كل أسبوع بعنوان {سمعتهم يقولون}، زاخر بالقصص الإنسانية عن مشاهير السياسة والأدب والفنون. وفي عام 1944 اختاره مصطفى أمين ليكون رئيساً لتحرير مجلة {آخر ساعة} قبل أن يكمل عامه الرابع والثلاثين، وبعد صدور {أخبار اليوم} كان ألمع كتابها إلى جانب رئاسته لتحرير {آخر ساعة}، وفي عام 1949 تم اختياره رئيساً لتحرير جريدة {المسائية} المقربة التي قفزت في عهده لتصبح الجريدة المسائية الأولى، وتطغى على جريدة {البلاغ} التي كانت تتصدر التوزيع المسائي. ولما كانت  كلتا الجريدتين تتبعان حزب {الوفد}، قرر الأخير إغلاق {المسائية} ليحافظ على {البلاغ}، لأن كامل لم يكن وفدياً وكان عضواً في الحزب {الوطني}، رغم تعاطفه في كثير من المواقف مع {الوفد} واعترافه بتأثيره كصاحب الأغلبية، ودلالة على ذلك، فلم يُعرف عن كامل الشناوي أنه كتب شعراً سياسياً مباشراً، ورغم صداقته الوطيدة لمحمد محمود باشا، رئيس الوزراء، إلا أنه كتب قصيدة استثنائية ووحيدة في مديح مصطفى النحاس باشا، زعيم الوفد والأمة، رغم أن علاقته بالنحاس لم تكن كعلاقته بمحمد محمود ورغم انزعاج رئيس الحكومة القادم من حزب {الأحرار الدستوريين} من تصرف صديقه المقرب، قال كامل الشناوي قولاً منصفاً في حق النحاس:

- {كل ما هنالك أنه يستحق شعري .. إذا كانت الصداقة لرئيس الوزراء، فالشعر يجب أن يكون لزعيم الأغلبية}.

لكنه رغم وصوله إلى منصب رئيس التحرير، ظل تكوينه كصحافي أقل حضوراً وشهرة من موهبته كشاعر معروف ومحدث ساخر من ظرفاء عصره، وكانت مشكلته مع الصحافة محاولاتها إجباره على الالتزام بمواعيد عمل محددة ومواعيد كتابة محددة. وهو كانت مشكلته أنه يحب أن يكتب في الأوقات التي يريد أن يكتب فيها.

حتى إن مصطفى أمين قال عن ذلك:

- {كنت دائم الخلاف مع كامل الشناوي لأنه قليل الإنتاج، فقد كان المقال مساحة العامود، يستغرق منه عدة أيام، رغم أنه محدث وراوية ومبدع وحكاء وسط الناس، وكل ما ينطق به يصلح للكتابة، حتى أني كثيراً ما فكرت في أن أستأجر شخصاً يمشي معه ويسجل ما يقوله لأنشره موقعاً باسم كامل الشناوي}.

ويقول عنه الكاتب يوسف الشريف:

- {كان كامل الشناوي يجمع في شخصه وقلمه وفكره بين جيل رائد للصحافة الحديثة، والجيل الذي دخل عتبات الصحافة صغيراً ولمع وتطور مع تطورها، الأول كان قاعدة البناء، والثاني كان سند البناء، وهو كان عنصر مزج وإدماج وجسر التقاء بين العنصرين، ومركز إشعاع كشاعر لامع بين الشعراء، وصحافياً من أبرز الصحافيين وأكثرهم نفوذاً، وكان أيضاً فناناً بين الأوساط الفنية، ولم يكن الطريق ممهداً أمامه، لكنه تمكن بثقافته وذكائه من أن يستفيد من ممارساته وتجاربه في الصحافة، وأن يتخطى العقبات واحدة تلو الأخرى}.          

هذه التجربة العريضة في الصحافة يحكي كامل عن بعض محطاتها ومواقفها ودروسها فيقول بحسب ما نقل عنه يوسف الشريف:

- {في عام 1935 كنت محرراً في روزاليوسف، ولم يكن لي عمل محدد، أحياناً أساهم في تحرير الصفحة الأدبية وصفحة الشباب، وأحياناً أكتب التعليقات الساخرة الخفيفة، وأحياناً أحرر باباً (من أدب القرآن )، وهو باب كنا نستخدمه في معارضة الحزب الذي كانت الجريدة تنتمي إليه، دون أن نقول إننا معارضون، فمثلاً كان رئيس الحزب يدافع عن وجهة نظر وزراء حزبه في إرجاء عودة الدستور، فننشر أقواله ونضعها في إطار نكتب في صدره الآية الكريمة (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم)... وكنت في ذلك الحين لا أكتب مقالات تحمل اسمي، كنت أدخر ظهور الاسم لموضوعات جديدة وأحاديث فيها شيء جديد، وفكرت أن أنشر عدة أحاديث مع بعض رجال السياسة اللامعين، واخترت للحديث الأول حافظ رمضان باشا، رئيس الحزب الوطنى، وكان إنساناً ذكياً واسع الثقافة، وفي الوقت نفسه برلمانياً خطيراً.. وذهبت إليه في بيته ووجهت إليه أسئلتي ودونت إجاباته بأمانة ودقة، وحملت الحديث إلى الأستاذ محمود عزمي والفرحة تكاد تقفز على ملامحي. لكن رئيس التحرير قال لي إن ذلك ليس حديثاً صحافياً مع حافظ رمضان لكنه مقال بقلم حافظ رمضان! وأضاف: أريد حديثاً يقوم على الحركة والأخذ والجذب بينك وبين من تحاوره، ووصفاً لتلقيه السؤال، وكيف يبدو وهو يجيب، ثم ألقى الأوراق في درج مكتبه رافضاً نشرها... للحظات شعرت بالفشل، وفكرت أن أترك مهنة الصحافة وألا أجرب حظي مع الأحاديث الصحافية مرة أخرى. لكنني عدت وتأملت ملاحظات رئيس التحرير، وفكرت في ضرورة البدء على هداها، وبالفعل دخلت التجربة مرة أخرى وأجريت أحاديث بطريقة رئيس التحرير، ونجحت للدرجة التي كان الأستاذ محمود عزمي يدرس أحاديثي على طلاب معهد الصحافة آنذاك... وكان الفارق بين أن أتراجع وبين إقدامي على التجربة، هو أنني عرفت لماذا فشلت، ودفعني إحساسي بالفشل إلى إعادة التجربة}.   

هذا الدرس تحديداً جعل كامل الشناوي أفضل من يجري الأحاديث الصحافية، وأشهر من يجيد إدارتها وكتابتها، واستمر صيته في هذا المجال ذائعاً حتى بعد الثورة وزوال الملكية، حين كان أول حوار صحافي للزعيم جمال عبد الناصر في الصحافة العربية والعالمية أجراه كامل الشناوي معه في مايو من عام 1956، على نحو ما سنعرض في الحلقات المقبلة.

من محرر برلماني إلى نائب

في عام 1944، شكَّل أحمد ماهر باشا الحكومة، وكانت هذه أول مرة يصبح فيها أحد المنشقين عن حزب {الوفد} رئيساً للوزراء، وكانت مناسبة أقام لها أحمد ماهر باشا حفلاً ساهراً في بيته، أحيته السيدة أم كلثوم، وحضره الملك فاروق، وكان أول تعارف بين الملك الشاب ورئيس التحرير الشاب، وكان الملك سمع عن كامل الشناوي وقرأ له شعراً ونثراً وسمع عن مهاراته في السخرية اللاذعة وقدرته على تقليد الأشخاص، فطلب أن يجلس إليه كامل وكان مدعواً في الحفل نفسه، وأعجب الملك فاروق بحديثه الضاحك الودود إعجاباً كبيراً وصار بينما تعارف ودود.

ولما علم الملك أن ثمة اتجاهاً إلى ترشيح كامل لعضوية مجلس النواب، أمر بأن يكون ترشيحه في دائرة {الزعفران} بمنطقة {كفر الشيخ} التي كانت تابعة وقتها لمديرية {الغربية}، وكانت الدائرة تتبع الأوقاف الخاصة الملكية، بمعنى أن الملك كان يملك فيها الأرض، وكل الناخبين في الدائرة كانوا من مزارعي أرضه أو موظفي دائرته. ما يعني أن الملك فاروق أراد أن ينجح كامل، وهو ما حدث بالفعل حيث نجح نجاحاً ساحقاً، وصار نائباً للشعب وصال وجال في مجلس النواب مدافعاً عن قضايا الحرية والدستور والانتصار للصحافة الحرة.

وحدث أن قرر الملك فاروق الإنعام على بعض الصحافيين الكبار برتبة {البكوية} بعدما صاروا جزءاً من الفئات الأكثر شهرة ونفوذاً في المجتمع بعد سنوات من الاحتقار الاجتماعي لمهنة {الجورنالجى} الذي كان في عهد أجداد فاروق لا تُقبل شهاداتهم أمام المحاكم، ويتذكر الجميع كيف حصل الشيخ السادات أحد كبار مشايخ الأزهر والأشراف على حكم من المحكمة الشرعية بتطليق ابنته من الصحافي الرائد الشيخ علي يوسف باعتباره {جورنالجي}، وثمة انعدام تكافؤ بينه وبين بنت الشيخ السادات.

تغير هذا الأمر في السنوات اللاحقة مع تطور الصحافة والاعتماد عليها في الحصول على المعلومات والأخبار، ودخول المثقفين والأدباء الكبار عالمها، فصار الصحافي شخصاً ذا حيثية اجتماعية كبرى، ومع هذا الصعود الاجتماعي، منح الملك فاروق رتبة {البكوية} لعشرين صحافياً كان من بينهم كامل الشناوي، الذي صار كامل بك، وكان يتندر برتبته تلك، التي لم تنجح في تغيير عاداته في السهر في المقاهي، ويدخل مقهى {الأنجلو} ويصيح في الزبائن بود ساخر:

- {وسع يا أفندي أنت وهو لسعادة البيه}.

ورغم الإنعام عليه بهذه الرتبة فإنه لم يوال القصر أو يدفع ثمن هذا الإنعام من مواقفه وقناعته، ولم يشتريه القصر بـ{البكوية}، والمواقف كثيرة، ولعل أبرزها حين حاول الملك فاروق أن يمرر تشريعات مقيدة لحرية الصحافة في مجلس النواب، فتصدى له الصحافيون في معركة كبرى، كان قلم كامل الشناوي فيها أبرز هذه الأقلام التي دافعت عن حرية الصحافة وتصدت لمحاولات التغول عليها حتى انتصرت حرية الصحافة.

كاميليا.. والحب التائه

إلا أن العلاقة بين كامل والملك فاروق لم تقتصر على الصحافة والسياسة، وإنما امتدت إلى الحب الذي جمع الرجلين في هوى امرأة واحدة.   

كانت أشهر قصة حب في حياته مع الفنانة كاميليا الممثلة الشهيرة التي أدت أدواراً كثيرة في السينما ثم ماتت بشكل غامض، وقيل إنها انتحرت، وكانت تُسمى بمارلين مونرو المصرية، وكانت فاتنة ذات جمال صارخ، ومعروف كذلك أنها عشيقة الملك فاروق.

أحبها كامل حباً كبيراً، وكانت أم كلثوم وتوفيق الحكيم وفكري أباظة وعبد الوهاب شهوداً على هذا الحب، وكانت قصته معها على كل لسان، وشعره عنها يفضح هيامه بها، قبل أن يفضحه جمالها اللافت جداً في كل مكان يجلسان فيه.

اصطحبها معه في حفل عيد ميلاد، فداعبته أم كلثوم واتهمته أنه متحيز إلى كاميليا صحافياً ويحابيها باهتمامه، وبادر كامل بالاعتراف بصحة الاهتمام، فطلبت منه أم كلثوم أن يثبت هواه بأن يقول فيها شعراً الآن، ورد عبد الوهاب بأنه مستعد فوراً لتلحين أي شعر يقوله كامل، وبالطبع تعهدت أم كلثوم أن تغنيه، فكتب كامل من وحي اللحظة:

- {لست أقوى على هواك ومالي

.. أمل فيك.. فارفقي بخيالي

إن بعض الجمال يذهل قلبي

.. عن ضلوعي.. فكيف كل الجمال}

ولم تكن كاميليا تفهم العربية جيداً وقتها، فكان توفيق الحكيم يترجم لها الأبيات بالفرنسية التي تجيدها، ولحن عبد الوهاب القصيدة، وغنتها أم كلثوم، وكان أول غناء لها من كلمات كامل.

لكنه والملك فاروق كانت لهما علاقة بكاميليا في ذات الوقت، أو في أوقات متقاربة، وهو ما اكتشفها  كامل لاحقاً قبل فراقهما، وظهر في قصيدته الأخيرة التي كتبها فيها، معبراً عن جرح كبريائه وإحساسه بخطر أن يكون منافساً لفاروق في عشق امرأة فاتنة مثلها قد تجعل بينه وبين الملك خصومة لا يحمد عقباها، فكتب يقول:

- {يا كبريائي لقد كلفتني خطرا

.. فيه المنايا مطلات بأنياب

تمرد الليل لا أغفو به أبداً

... حتى أرى الفجر مسفوحاً على بابي}

   

ولم يمض سوى وقت قصير على هذا الفراق حتى توفيت الفاتنة الصغيرة في ظروف غامضة في عز تألقها وبعد عمر قصير جداً.

كاميليا

إحدى أشهر الفنانات اللاتي نسجت حولها الكثير من الأقاويل، وحول ارتباطها بالملك فاروق الأول، آخر ملوك مصر وهي علاقة لا يزال يحيطها الغموض.

الفنانة كاميليا واسمها الحقيقي ليليان ليفي كوهين فيكتور ولدت في  13 ديسمبر عام 1919م في أحد الأحياء الفقيرة بمدينة الإسكندرية، وهي ذات أصول أجنبية اختلف حولها الكثيرون، فثمة من يرى أنها ذات أصول إيطالية، فيما يعتقد البعض أنها ذات أصول يهودية.

اتهمها البعض أنها كانت عميلة يهودية ارتبطت بالموساد الإسرائيلي، وقد وضعتها الظروف في طريق الملك فاروق الذي كان معروفاً عنه ولعه بالنساء الجميلات في فترة من الفترات.

مسألة ارتباطها بالموساد فسرها البعض بأنها مؤامرة من الملك فاروق للتخلص منها بعدما ملّ الحياة معها حتى اتهم بأنه دبر حادثة الطائرة التي قتلت فيها والتي سقطت في مدينة الدلنجات بمحافظة البحيرة، لأن سلاح الطيران الملكي لم يكلف بالبحث عن الطائرة المفقودة داخل الأراضي المصرية.

الفنانة كاميليا كانت قد تعرفت إلى المخرج أحمد سالم في صيف 1946 بفندق {وندسور} عندما طلبت منه أن يمكنها من مشاهدة العرض الخاص لفيلمه الجديد {الماضي والمجهول}.

علاقة كاميليا بالملك فاروق بدأت عندما رأها ذات مرة في إحدى الحفلات بكازينو {حليمة بالاس}، وكانت كاميليا تشعر بجمالها وبدأت مطاردات الملك لها حتى توطدت العلاقة بينهما لدرجة أنها علمت بقرار طلاقه من الملكة فريدة قبل إعلانه رسمياً.

ثمة من يرى أن ما حدث جعلها على مقربة من الملك والقصر ومجتمع رجال السياسة والمال معتمدة على جمالها وأنوثتها مما وفر لها الأجواء لتصبح عميلة للموساد وتسرب لهم أخبار الملك والسراي، خصوصاً في فترة حرب فلسطين.

أما عن حادثة الطائرة TWA فقد كانت كاميليا تشعر بآلام في معدتها بشكل متكرر وأرادت السفر إلى سويسرا لتعرض نفسها على الأطباء هناك، وطلبت حجز مكان لها على هذه الطائرة. ولم يكن يتوافر مكان لها ولكن موظف الشركة وعدها بأن يبذل قصارى جهده، خصوصاً بعدما عرف بمرضها.

وفي المساء، اتصل بها وأخبرها عن تنازل أحد الركاب المصريين عن مكانه وتذكرته لأسباب مفاجئة وكان هذا الرجل هو الكاتب الصحافي أنيس منصور. وبالفعل، فرحت كاميليا وعقدت العزم على السفر وكان ذلك في يوم  31 أغسطس عام 1950م حيث سقطت الطائرة تقريباً بعد إقلاعها من مطار القاهرة في مدينة الدلنجات بمحافظة البحيرة ولم يعثر إلا على فردة حذاء الساتان الأخضر بلون فستان كانت ترتديه كاميليا وعمرها لا يتجاوز الواحدة والثلاثين.

قدمت كاميليا الكثير من الأفلام منها «بابا عريس»، «آخر كدبة»، «العقل زينة»، «المليونير»، «الطريق إلى القاهرة»، «صاحبة الملاليم»، «القناع الأحمر».

back to top