كامل الشناوي ... شاعر الليل (8): فصل من كتاب العاشق

نشر في 25-06-2015 | 00:02
آخر تحديث 25-06-2015 | 00:02
قليلون يجمعون بين طزاجة اللحظة وعتق الماضي، يحضرون في الأذهان كشخصيات أسطورية تأتي من أزمان ذهبية وتتدفق حكاياتم كأنهم غابوا أمس.
كامل الشناوي واحد من هؤلاء صنع مجده الخاص في بلاط صاحبة الجلالة وفي عالم الشعر ودنيا الجمال والحب فكان الشاعر في ديوان الصحافة والصحافي وسط إلهام الآداب والفنون والثقافة والعاشق المتيم بالجمال والراهب الناسك في محراب الحب.
ترك الشناوي، الذي سماه والده مصطفى كامل لأنه وُلد في أعقاب رحيل الزعيم الوطني مصطفى كامل، آثارا إبداعية وثقافية وصحافية ومعارك ثقافية وفنية وسياسية كان طرفا أصيلا فيها، وحكايات لاتزال تتردد حتى الآن، طازجة كالحب المتجدد، نستعيدها هنا مع سيرته ومسيرته التي تعيدنا إلى زمن جميل مضى نحاول الإمساك به.
- {إلى أين يقودني الجمال، هل الناس جميعاً مثلي، يعذبهم إذا رأوه، ويعذبهم إذا احتجب عنهم، إنني أحب الجمال ولو تحوَّل إلى خنجر يسكن ضلوعي، ويجول فيها ويتلوى ويقفز... أحبه في فكرة، في كلمة، لوحة، نظرة، إشارة، شروق، ضباب، حقيقة، خيال، بحر هائج، رياح عنيفة، نسيم ضعيف، نغمة تنساب من حنجرة، آلة موسيقية... أو  كعب حذاء}. 

لماذا يقول كامل لنفسه كل هذا الكلام، ويعيد فيه ويزيد أمام أصدقائه؟ صحيح أنه يصف بعض جوانب شخصيته، ويكشف بعض مكامن عقله، ويرسم بعض ملامح روحه، لكنه تحديداً في هذا الموقف كان يحاول أن يفسِّر لشقيقه تعلقه بفتاتين في الوقت نفسه، وتعريفه قصة كل منهما بأنها حب. لكن كل منهما لها طبيعتها، وربما تمنحه شيئاً غير الأخرى.

 

حب واحد لا يكفي

 

كانت قصة غرامة بفتاة المعادي ما زالت ممتدة، بلا نهاية معروفة، ظلت تتابع تطوره، وهي تعتقد أنها نجحت في أن تقربه من طريقه الذي يستحق، وهو ظلَّ متمسكاً بها تمسك الكسول الراغب في العمل بأداة تحفيزه. ظلَّ يلتقيها، ويتعلَّم منها المزيد عن الحياة وطبائعها وإتيكيت هذه الطبقة من المتعلمين {الفرانكوعرب}. وبقيت رقتها وذوقها الراقي، ومشاعرها المرهفة، وفهمها واطلاعها وثقافتها الرفيعة، ورقتها في عزف الموسيقى، ووداعتها في التعلق به من دون تقييده باهتمام احتكاري زائد كالرفيقات المصريات، وانشغالها به بهدوء بالغ، وفهمها طموحاته المستجدة في الصحافة، وأفكاره الإبداعية، وتجاربه في الشعر والنثر والسخرية، نموذجاً ملهماً لا يجوز التفريط فيه. 

لكن يبدو أن هذا النموذج وحده لا يكفي. وظلَّ معتقداً أنه يحتاج في حياته إلى بعض الفوضى، وبعض الانطلاق المتحرر من قيود {الإتيكيت}، وبعض  الحوارات العبثية التي لا يحدث فيها التلاقي بين طرفي الحوار إلا نادراً، لم يكن يعرف تحديداً ما يريد، لكن تردده على الكازينوهات، وبالتحديد كازينو {بديعة}، جعله أكثر احتكاكاً بنماذج آخرى من النساء الشابات، وربما يكتشف في نفسه، ما سيظهر عليه بعد ذلك من ولع بالجمال، وتنقل بين زهراته، وانشغال بكل فتاة رقيقة تمر في حياته ولو مروراً عابراً، فيما سيظهر ويُكتشف في ما بعد، من قصص غرامية مع نجمات مجتمع وفنانات أنيقات وفتيات عائلات بملامح أوروبية جميلة. 

وفي هذه المرحلة المبكرة من حياته العاطفية، كان لقاؤه فتاة {الكازينو} مثيراً ومختلفاً. حتى إنه يصفه بنفسه ويقول:

- {اهتز كياني وأنا أسمع صوت حذاء عال يمر بجانبي، ووجدتني بغير إرادة أتجه إليه بكلتا عيني، كان يضم قدمين صغيرتين تمهدان لساقين رشيقتين تعرتا بجورب من الحرير يعلوهما قوام يتثنى بخفة في فستان يتحدى برد الشتاء، وقد برز القوام، بصدر جذاب يعلو ويهبط في خفوت كبقايا موجة، أو كضوء شمعة تعرضت لنسمة عابرة، وقد بدا على الصدر عقد من لؤلؤ،  فوقه عنق ممشوق، واستسلم العنق لوجه باهر القسمات، اكتسى بحمرة الورد وبياض المرمر، العينان زرقاوان ترفرف عليهما أهداب سوداء، والخدان ينبضان بالحرارة كقبلة الفراق، والأنف دقيق ينسحب على الشفتين في كبرياء، والفم مليء بالرقة، والأذنان الرقيقتان انسدلت عليهما خصلات الشعر الناعم الأصفر، لتغطى الأذنين وتحجب عنهما صيحات الإعجاب}.

{اختارت الفتاة إحدى الموائد وجلست، كانت وحدها... هكذا رأيتها عندما مشت أمامي، وهكذا رأيتها عندما جلست بالقرب مني، وكنت سمعت صوتها، هل تُحدث نفسها؟! ورمقت مائدتها بعيني، فوجدت معها شخصاً، لم أعترف بوجوده... فحيث يكون الجمال لا نستطيع أن نعترف بغير الجمال..}. 

في تجاربه السابقة، وربما اللاحقة لم يستخدم كامل جملة {السهم صاب} سوى في وصف قصته مع فتاة {الكازينو}. كانت إحدى بنات صالة {بديعة مصابني} الشهيرة، ثم صارت راقصة وصاحبة ملهى في ما بعد، كانت قصتها تثير استغراب شقيقه وأصدقائه، ببساطة اعتبروا أن الفارق شاسع بين فتاة {المعادي} الرقيقة المثقفة، وبين فتاة {الكازينو} التي لا تستوعب ما يكتبه، ولا تعرف إن كان {بيتهوفن} اسم خواجة من خواجات مصر آنذاك أصحاب محلات الساعات والمجوهرات، أم  علامة تجارية لسيارة؟!

لكنه كان يرد عليهم بقوله:

- {أهوى الجمال حيثما كان، حيياً أو ثائراً أو رزيناً}

.

الحب المنسي

 

وهذا تحديداً كان المعنى في دخوله قصة عشق {صاب سهمها} بحد تعبيره، في الوقت الذي احتفظ بحبه مع فتاة {المعادي}، وكانت قد سبقتها قصة تقليدية عن حب أول، كان لا يحب احتسابه في قصص غرامه التي تعددت، لكنه يتذكره ويقول عنه:

- { لست أذكر على وجه التحديد كيف كانت قصة حبي الأول. كل ما أذكره أنني كنت صبياً لم أدخل بعد مرحلة الشباب. كان حباً ساذجاً لم ينته إلى غير الشوق والنسيان. كانت تربطني بها أواصر قربى. كنا نلتقي في منزلنا أو منزلها كل يوم. أحسست نحوها بشعور غامض. وجدته يدفعني إليها وفي نفس الوقت يبعدني عنها. كنت أتمناها زوجة. ولكني كنت أتهيب أن أهمس لها بكلمة حب واحدة. كان الحديث يدور بيننا قصيراً جاداً. وحركت شيئاً حلواً جميلاً في قلبي. وكانت العيون حولنا كثيرة. وكنت صبياً صغيراً لم يزل يخشى الحب... وافترقنا... ولما كبرنا التقينا مصادفة، حين جمعتنا المفاجأة المدهشة في منزل الأسرة بعد سنين طويلة من عدم اللقاء. كانت قد تزوجت وأنجبت. وفي لحظة هادئة صارحتها بما كان في نفسي نحوها وأنا صبي. ووصفت لها شعوري زمان. وضحكت هي أيضاً من هواجس نفسي. وقالت إنها كانت تبادلني  المشاعر والأحاسيس نفسها في ذلك الحين. ولكن الوقت قد فات}.  

كان هذا هو نوع الحب {الحيي} الذي غالباً ما كان يحتفظ به في نفسه ويخشى خروجه، إما لتأكده أنه حب من طرف واحد، أو لاستحالة اكتماله لتعلق الحبيبة بآخر، أو للخوف من الإفصاح عنه فيجرح صداقة قائمة أو معرفة وقرباً قد يضيعان بالإفصاح والصد من بعد هذا الإفصاح.  

في هذا التوقيت جمع في آن  بين نوعين آخرين من الحب، ومن المحبوبات، الحب الرزين الذي تمثله فتاة {المعادي} والحب الثائر الذي تمثله فتاة {الكازينو}، الأولى كما تعرف فتحت أمامه الحياة المدنية الحديثة، يتذكر كيف تعلم الإتيكيت بالممارسة، وكيف خرج معها أول مرة وسارا في الشارع فسبقها بخطوتين كعادة الرجال مع النساء في عائلته، فتعلمه أن خطوة الرجل لا بد من أن تحاذي خطوة المرأة التي يسير معها.وكيف كان يبتعد عندما يصادفان أحد معارفها وكأنه لا يعرفها أو يخجل من ضبطه بصحبتها في الشارع أو مكان عام، فتنادي عليه بثقة وتجري تعارفاً سريعاً بينه وبين الشخص الآخر، وكأنه تقول له أنا لا أخجل من علاقتي بك، وأحبها هكذا في النور. لكنه كان يغرق في الضحك ويغرق من يحكي له حين لاحظ أن الرجال في عائلة فتاة {المعادي} يقبلون أيدي النساء كنوع من التحية، حيث يصافح الرجل المرأة برقة ثم يرفع أصابعها نحو فمه في هدوء وهو ينظر إليها ويطبع قبلة على ظهر كف اليد أو الأصابع، وعندما أراد تقليدهم لأول مرة انحنى هو إلى اليد ولم يمسك بها ويرفعها إليه، وبعد أن قبلها هم برفعها إلى جبهته كما يفعل عادة مع والده ووالدته وعمه، لكنه اكتشف الخطأ الكبير في الإتيكيت في اللحظة الأخيرة.

 

محاولة زواج أولى وأخيرة 

 

استمرت علاقة كتلك، وإن خفت وهجها مع الأيام، فصارت بالنسبة إليه في حكم مستشار الشؤون الحياتية، خصوصاً أنها كانت راضية بدورها في حياته كمحفزة له على إيجاد طريقه والثبات عليه، وتعتقد أنها تسلمته شاباً تائهاً حائراً، وساعدته أن يجد طريقه وأن يعيد هيكلة حياته التي لم يكن لها معنى واضح قبل وجودها، خاصة بعد أن صارح كل منهما الآخر بأنه لا يرغب في الزواج من شريكه، تحديداً كامل الذي كان لديه موقف ضد الزواج عموماً، وكان يعتقد بحسب وصف صديقه الكاتب الصحافي يوسف الشريف، أن وجوده في الحياة مشكلة لم يصل إلى حل لها ولا يطمع في ذلك، لذلك لا يريد أن يُنجب مشاكل أخرى، وينقل عنه قوله: 

- {كثيراً ما سألت نفسي عندما أصبح شبحاً محطماً.. هل أواجه شيخوختي وأنا أتوكأ على عصا؟ أم أتوكأ على زوجة؟ ولم أتردد في الإجابة: العصا}.

لكن ذلك لم يمنعه مرة وحيدة أن يفكر في الزواج، ويمضي نحوه، ولعل هذه المحاولة هي ما كرست لديه هذا المفهوم عن الزواج وجعلته قانعاً بالعصا بدلاً من الزوجة، وبالحب الفوضوي المتقلب بدلاً من الاستقرار العاطفي.

تقدم لخطبة فتاة تمت بصلة قرابة إلى الصحافي الكبير محمد التابعي، تحديداً كانت حفيدة شقيقته، وكانت صغيرة في السادسة عشرة من عمرها، جميلة ورقيقة وخجولة ومنطوية على نفسها، ووافق أهلها على الفور لأن العريس يمت لهم بصلة قرابة، وأصبح صحافياً معروفاً. لكنهم قرروا أولاً أن يستأذنوا التابعي باعتباره كبير العائلة، وكان الصحافي الكبير يصطاف في {إسطنبول} فبعثوا له ببرقية، فرد عليهم ببرقية مماثلة يقطع فيها برفضه وعدم موافقته على هذ الزواج. 

مرت سنوات على هذه الواقعة لم يحاول كامل خلالها أن يسأل التابعي عن أسباب رفضه. لكن الفضول كان يستبد به، وفي مرة التقى التابعي في مصيف {رأس البر} وسط نخبة من نجوم المجتمع، فانفرد به وسأله عن أسباب رفضه بعدما تزوجت صاحبة الشأن، وصار سؤاله لا يعني محاولة مراجعة كبير العائلة في قراره، فقال التابعي:

- {أنت يا كامل مولع بالسهر طوال الليل، وتنام النهار كله. فماذا تفعل زوجتك الشابة طوال الليل، وأنت طبعاً لن تصطحبها معك في سهراتك حتى لا تقيد حريتك. كذلك أعرف أنك غيور جداً ومحافظ في ما يخص عائلتك، إذن فستتركها في المنزل وحدها، فهل تظن أن هذه هي الحياة التي تناسب فتاة جميلة وشديدة الأنفة والرقة والحساسية، وماذا تكون نتيجة زواج كهذا؟}.  

صمت كامل طويلاً في حين كان يهز رأسه موافقاً على كل جملة يقولها التابعي، وقال له: 

- {أصبت... ومعك كل الحق، ولكني كنت أفضل أن تكتب لي رأيك هذا فإذا اقتنعت عدلت عن الزواج وانسحبت قبل أن أتقدم}.  

لكن التابعي احتج بأن كامل لم يخبره بنيته مسبقاً، ولو فعل وأبرق إليه وانسحب بعد أن تقدم، لكان الموقف أصعب، ولشعرت الفتاة الرقيقة أنه تراجع عن خطبتها لعيب فيها. وانتهى اللقاء بأن تصافيا، لكن الأمر وإن بدا في الظاهر عادياً أثر في كامل ورسخ موقفه المناهض للزواج، خصوصاً بعد أن تزوجت التي يمكن اعتبارها من نوع الحب {الحيي} وكتب عنها قصيدة يقول فيها: 

- {كل ما أذكره أنا انتهينا.. وتولاني الضياع. حين أبصرت الوداع... لا تثر حولي ضجة. فلقد أصبحت زوجة}. 

 

الحب في كازينو بديعة

 

ظلَّ يبحث عن الحب فلا يجده متناسباً مع ما يرسمه في خياله، لذلك تشبث بالحب {الثائر}، الذي وجده في كازينو {بديعة}. كانت فتاته، وتدعى {زهور}، من فتيات الصالة ثم راقصة في الكازينو، وكانت صديقة للراقصة الشهيرة تحية كاريوكا التي تعرف عليها كامل وصادقها وعرفت عن قصص حبه الكثير، خصوصاً وسط هذا النوع من الفتيات الذي كان يسميه الحب {الثائر} بمعنى تحرره من قيود الاصطناع، وقيود العادات والتقاليد والإتيكيت والبروتوكول. كان يشرح لشقيقه، أن ما جذبه إلى {زهور} هو عكس ما جذبه إلى فتاة {المعادي} هي على النقيض تماماً منها، بيئتها والمناخ الذي تعيش فيه، جمالها العشوائي غير المرتب اللافت والمثير بحاله، حركتها الجريئة في الصالة وانطلاقها، صفرة أصابعها من أثر السجائر، اكتناز قوامها، وقدرته على التثني. ذلك كله جعله يصف تعلقه بها بأنه {سهم صاب} فأقبل على رفقتها بإخلاص وعامين متصلين غارقاً في حب مكتمل، حتى استفاق يوماً على حقيقة محبوبته، التي من المرجح أنه شاهدها تخونه، وتتجاهله بالظهور في الصالة لتمرح مع كل من يدفع أكثر، فتركها بعدما تركت في قلبه جرحاً غائراً، لم يعرف حقيقته إلا تحية كاريوكا. ومرت سنوات وامتلكت {كازينو وصالة} وسألته تحية عنها، وربما نقلت إليه رسالة منها، فكتب فيها قصيدة العيون التي قال فيها: 

- {لا وعينيك يا حبيبة روحي

.. لم أعد فيك هائماً فاستريحي

سكنت ثورتي، فصار سواء

.. أن تليني أو تجنحي للجموح

واهتدت حيرتي فسيان عندي

.. أن تبوحي بالحب أو لا تبوحي

وخيالي الذي سما بك يوماً

.. ياله اليوم من خيال كسيح

والحنان الذي غمرتك فيه

.. ضاع مني وخانني في جروحي

لا وعينيك.. ما سلوتك عمري

.. فاستريحي وحاذري أن تريحي}. 

تحية كاريوكا

اسمها الحقيقي بدوية محمد علي النيداني من مواليد مدينة الإسماعيلية. بدأت بممارسة الرقص والغناء والتمثيل وهي في سن صغيرة حتى اكتشفتها الراقصة محاسن محمد، ثم تعرفت إلى بديعة مصابني وانضمت إلى فرقتها فاستعانت بها في السينما والمسرح.

بدأت شهرة الفنانة تحية كاريوكا الحقيقية عام 1940 عندما قدمت رقصة الكاريوكا العالمية في أحد عروض سليمان نجيب، وهي الرقصة التي التصقت بها بعد ذلك حتى أنها لازمت اسمها.

عرفت تحية كاريوكا بأنها آخر العظماء في تاريخ الرقص الشرقي، حيث طورت تحية أسلوبها الخاص الذي اعتمد على إعادة إنتاج الهرمونية الشرقية القديمة في الرقص، وهو الأسلوب الذي تأسس عليه مدرسة كاملة في الرقص الشرقي، في مقابلة مدرسة سامية جمال التي لجأت إلى مزج الرقص الشرقي بالرقص الغربي، فيما تطور بعد ذلك إلى حدوث خلط كبير بين أساليب الرقص الشرقي والإستربتيز (رقص تعري). 

وفي منتصف الخمسينيات اعتزلت كاريوكا الرقص الشرقي، وتفرغت نهائياً للسينما، حيث شاركت في عدد ضخم من الأفلام السينمائية البارزة التي حملت بصمتها الفريدة منها: لعبة الست، شباب امرأة، خلي بالك من زوزو، وداعا بونابارت، إسكندرية كمان وكمان، قامت فيه بأداء دورها الحقيقي في حركة اعتصام أعضاء اتحاد النقابات الفنية، كما قدمت مع زوجها السابق فايز حلاوة عددا من المسرحيات الشهيرة منها روبابكيا ويحيا الوفد.

لعبت كاريوكا أيضاً دوراً سياسياً بارزاً، حيث ألقي القبض عليها أكثر من مرة بسبب نشاطها السياسي السري، حيث كانت عضواً في أكثر من تنظيم شيوعي أشهرهم تنظيم {حدتو}، وتأثراً بشخصيتها الكاريزمية كتب أكثر من كاتب ومثقف عربي الكثير من الدراسات عن تحية كاريوكا أهمها الدراسة التي كتبها المثقف الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد.

تزوجت تحية كاريوكا 14 مرة، وبذلك تكون صاحبة الرقم القياسي في عدد الزيجات بين الفنانات.

توفيت تحية 20 سبتمبر عام 1999 عن عمر يناهز 

الـ 80 عاماً إثر تعرضها لجلطة رئوية حادة بعد عودتها من رحلة العمرة، وقد تبنت الفنانة الكبيرة بنتا صغيرة عندما كانت في السبعين من عمرها، وكانت دائما تمازح أصدقاءها بقولها إنها {أنجبت وهي في السبعين}، وقد أوصت إحدى صديقاتها المقربات بأن تتولى رعاية البنت الصغيرة بعد وفاتها.

 

back to top