كامل الشناوي ... شاعر الليل (3) الخروج من عباءة الأزهر

نشر في 20-06-2015 | 00:01
آخر تحديث 20-06-2015 | 00:01
قليلون يجمعون بين طزاجة اللحظة وعتق الماضي، يحضرون في الأذهان كشخصيات أسطورية تأتي من أزمان ذهبية وتتدفق حكاياتهم كأنهم غابوا أمس... كامل الشناوي واحد من هؤلاء صنع مجده الخاص في بلاط صاحبة الجلالة وفي عالم الشعر ودنيا الجمال والحب فكان الشاعر في ديوان الصحافة والصحافي وسط إلهام الآداب والفنون والثقافة والعاشق المتيم بالجمال والراهب، الناسك في محراب الحب.
ترك الشناوي، الذي سماه والده مصطفى كامل لأنه وُلد في أعقاب رحيل الزعيم الوطني مصطفى كامل، آثارا إبداعية وثقافية وصحافية ومعارك ثقافية وفنية وسياسية كان طرفا أصيلا فيها، وحكايات لاتزال تتردد حتى الآن، طازجة كالحب المتجدد، نستعيدها هنا مع سيرته ومسيرته التي تعيدنا إلى زمن جميل مضى نحاول الإمساك به.
 عقد كامل اتفاق سلام مع المجتمع في {نوسا البحر}، وفي مركز {أجا}، وفي {المنصورة} كذلك، حيث عرف طريق المقاهي التي يتجمع فيها المثقفون الجدد، وهم يبدأون شباباً وفتياناً الخطوات الأولى في طريقهم.

عقدة الجسد البدين لم تعد كما كانت، فسخرية الآخرين وتنكيتهم وتندرهم على هيئته صارت تُضحكه كما تُضحك الآخرين.

إلى القاهرة

لكنه بينما يندمج هنا، كان الوالد الشيخ سيد الشناوي يعود من مصر وهو الاسم الذي يطلقه أهل الريف والصعيد على القاهرة، هناك التقى رئيس المحكمة الشرعية العليا، الذي زفّ لقاضيه خبر أن مشوار ترحاله المستمر بين الأقاليم والمديريات منذ تخرجه في الأزهر، وتعيينه قاضياً بالمحكمة، آن له أن يجد مُستقراً أخيراً في القاهرة، بعد خدمة امتدت من {أجا} بالدقهلية، إلى {سيوة} قُرب الحدود الغربية للقطر المصري، مروراً بـبورسعيد شرقاً على شاطئ القناة، وانتهاء بالإسكندرية شمالاً على شاطئ البحر المتوسط.

هذه المرة النقل مختلف تماماً، ليست القاهرة فحسب، بمركزيتها الطاغية كعاصمة مسيطرة على كل خيوط السياسة والثقافة والمجتمع، وإنما انتقال مصحوب بترقية كبرى، تجعل من الشيخ سيد الشناوي نائباً لرئيس المحكمة الشرعية العليا بـالقاهرة، ويصبح كامل وأشقاؤه أنجال القاضي الكبير، وجهاء {نوسا البحر}، كذلك {السيدة زينب}، حيث استقرت الأسرة المنتقلة حديثاً إلى منزلها الجديد بـ {جنينة ناميش} مطلاً على شارع {السد}.

صار مطلوباً من كامل إذن أن يغادر {نوسا البحر} بعد ائتلاف معها واتفاق، ليبدأ محاولة جديدة للاندماج في مكان جديد، وسط جيران جدد، ووجوه جديدة، ومجتمع جديد، ومشقة جديدة في خلق صحبة جديدة.

لا يعرف لماذا يُصر والده الشيخ سيد هذه المرة على اصطحابهم معه، منذ وعى على الدنيا، وهو يتنقل كقاض بين أفرع المحكمة الشرعية في مدن مختلفة، ولا يضطرهم إلى العيش معه، أو يحفزهم على اللحاق به، كان يذهب ويعود في الإجازات، في حين كانت الأسرة في رعاية الجد الشيخ أحمد السعيد والعمدة محمد عيطة.

لكن الوالد كانت له حكمة، فمن جانب أصبح يعلم أن القاهرة هي آخر مسيرة تنقلاته، وأنه باق فيها حتى يخرج من الخدمة بعد بلوغ سن التقاعد، أو يدنو أجله أيهما أقرب، في التنقلات الماضية كان يعرف أنها محطات مؤقتة، ولم يرد أن يؤثر هذا الارتحال على أسرته، وفضل استقرارهم في مسقط الرأس  بـ {نوسا البحر} بين الأهل، لكنه ينقلهم هذه المرة من استقرار إلى استقرار.

ومن جانب آخر، فقد جاءت الترقية في وقتها مع انخراط كامل في دراسته الأزهرية، وحاجته إلى الانتقال للقاهرة لمتابعة دراسته، فهل كان سيتركه يعيش منفرداً أو عند عمه الشيخ مأمون، هذا تدبير الله ورفق مشيئته بعباده.

رفاق البدايات

كان كامل قد بنى لنفسه صحبة في {نوسا البحر} وجوارها، تناسب ما استقاه من ثقافة وقراءات، وما ذهبت إليه نفسه من ميل نحو الشعر والأدب والسير والروايات، في وقت وجد رفاقاً يشاركونه ذات الاهتمامات والتطلعات والقراءات، والرغبة في مزيد من الاطلاع والمعرفة، والتوقع وقتها لمستقبل مشرق لمجموعة الفتيان اللاهثين خلف العلوم والآداب آنذاك، منهم إلى جانب محمد التابعي الفتى النابه وقتها، والذي سيكون أحد رواد الصحافة المصرية الكبار في ما بعد، إبراهيم ناجي الذي صار طبيباً وشاعراً شهيراً، صاحب قصيدة {الأطلال} الشهيرة التي تغنت بها أم كلثوم، وأحد رواد التجديد في الشعر العربي، في ما بعد عبر مشاركته في تأسيس جماعة {أبوللو} الشعرية المجددة، وقد وُلد في حي {شبرا} في القاهرة، وعاش بدايات حياته في المنصورة، وعلي محمود طه الذي سيُعرف مستقبلاً

بـ {شاعر الجندول}، وصار من كبار شعراء المدرسة الرومانسية، وشارك في تأسيس جماعة {أبوللو}، ووُلد وعاش طفولته وشبابه في مدينة المنصورة، وصالح جودت، الذي كان يُقيم أيضاً في المنصورة، حين تفجَّرت موهبته الشعرية والأدبية، شارك في ما بعد في تأسيس {أبوللو}، وأصبح شاعراً وروائياً وصحافياً كبيراً، وتغنت أم كلثوم، والموسيقار محمد عبد الوهاب، وفريد الأطرش، وآخرون من كبار المطربين بأشعاره، وأخيراً محمد عبد المعطي الهمشري. وكان من {نوسا البحر} تربطه قرابة بكامل الشناوي، كما كان محمد التابعي خاله، وصار شاعراً معروفاً وإن كان أقلهم حظاً، وكان أصغرهم سناً وأقرب إلى كامل باعتباره من القرية نفسها، وشهد كامل على قصة عشقه الأولى حين وقع الهمشري في حب جارته فتحية، وكان يناديها {توحة}، وكتب فيها وفي قريته {نوسا البحر} بواكير شعره فقال:

   

منك الجمال ومني الحب يا {نوسا}

فعللي القلبَ إن القلب قد يئسَا

ياحبذا نفحة من {توحةٍ} خطرتْ

أطالت النفسُ من أسبابها النَفَسَا

إن تسمعي قرعَ ناقوسٍ بقريتكم

في مطلع الفجر ينعى الليل والغَلَسَا

فإنه قلبيَ المنكودُ يذكركم

فهل سمعتِ بقلبٍ قد غَدَاَ جَرَسَا

الروح إن ظمئتْ يوماً فحاجتها

خمر سماويةٌ فاحت بها قُدُسَا

وأنت يا توح روحانيةٌ خُلقتْ

لكي ترينا عُلاَ الجنات منعكسَا  

كانت تلك صحبة لا تُفارق. صحيح أن كامل لم يكن يدري أن صحبته تلك بفتيانها النابهين، سيغيرون الكثير والكثير في مسيرة الشعر العربي والآداب والغناء والصحافة في مصر والعالم العربي، لكنهم كانوا أقرب رفاقه، وأكثر من يرتاح معهم ويذوب في الأحلام، ويُجرب مواهبه في النظم والخطابة والصياغة، ويجد ما يتعلمه الكثير من شعر وآداب واطلاع على الترجمات المتاحة للآداب الفرنسية والإنكليزية، كانت مقاهي {المنصورة} في ذلك الوقت تعرفهم، وكانت لتلك المقاهي أغلب الوحشة حين رضخ للانتقال إلى {القاهرة}، وبات يتحين كل فرصة للسفر إلى {المنصورة} لمجالسة رفاق البدايات والمشاركة في ندواتهم ومنتدياتهم التي نمت وتنامت، وجعلت من المنصورة مركزاً ثقافياً مهماً.

في جوار السيدة

استقر كامل مع الأسرة في منزل {جنينة ناميش} منفرداً بغرفة خاصة عن كل أشقائه، باعتباره الابن {البكري}، الطالب في حلقات الأزهر التعليمية، حتى يتفرغ لدروسه تلك.

لكن الإقامة في القاهرة، فتحت عيني كامل على المزيد من الاهتمامات، مزيد من المعرفة، تنوع في الصحف والمجلات الأدبية، مسارح ودور سينما، مقاهٍ، كذلك الأزياء المتنوعة، التي جعلته من لحظات الاحتكاك الأولى، يضيق ذرعاً بزي الأزهر، العباءة والجبة والقفطان والعمامة، ولم تكن المسألة في المظهر فحسب، بقدر ما كانت في جوهر ما كان يتعلمه في أروقة الجامع الشريف، ولا يلبي طموحه للمعرفة، استغراقه في كتب التراث الغارقة في الأفكار القديمة، ولا الأشعار النظمية الموغلة في استخدام العبارات الصلبة الجامدة غير السيارة في الاستخدام، والمتطرفة في استخدام المحسنات البديعية على حساب حلاوة المعنى وجمال الوصف، وصدق الإحساس.

بدا شاباً يسعى إلى الانطلاق فيما تكبله مؤسسة عجوز، لم تمتد إليها يد التحديث منذ أنشأها الفاطميون قبل قرون، لذلك ربما نما عنده مبكراً اهتمام بسيرة الدكتور طه حسين عميد الأدب العربي، ربما لأنه كان مثله {أزهري} تمرد على عباءة الأزهر، وعلى نظام التعليم فيه، واتجه للتعليم المدني {الأميري} والتحق بالجامعة الأهلية التي كان مصطفى باشا كامل سعى في تأسيسها، واستكمل دراسته في جامعة {السوربون} الفرنسية في قلب باريس، ومن قبله الإمام محمد عبده الذي كان ابن الأزهر وتمرّد على نظامه التعليمي، وطرائق التدريس فيه التي كانت تعوق الإبداع والتجديد والتحديث، ومن قبلهما شيخ التحديث والنهضة الثقافية والتعليمية في مصر الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي الذي كان أزهرياً منفتحاً، غادر الأزهر، وحاول استيعاب ما وصلت إليه الحضارة من علوم وطرائق تفكير، لكنه بنى مشروعه التحديثي خارج الأزهر.

لم يكن يعرف قطعاً وقتها، أن سنوات قليلة ستمضي، وسيلتقي، الدكتور طه حسين وسيعمل معه أيضاً.       

لعبت القاهرة في رأسه، بما حرك في داخله الرغبة في الخروج من الأزهر، أيضاً كانت بدانته عاملاً له اعتبار في قرار أخذه بصعوبة بعد ذلك.

مرحباً كامل أفندي

وجوده في حي {السيدة زينب} لم يجعل منه البدين الوحيد، كان هناك غيره وربما أكثر بدانة منه، يخطفون منه اللقب الذي كان يحتكره في {نوسا البحر}، وكان بين جيرانهم شاعر نظمي وخطيب مفوه هو الشيخ محمد الهراوي، وكان موظفاً كبيراً في دار الكتب، وصديقاً شخصياً للشاعر الكبير حافظ إبراهيم الذي كان وأمير الشعراء أحمد شوقي من كبار شعراء ذلك الزمان، وكان للهراوي ابن بدين إلى درجة ملحوظة، حتى إن صحبة {السيدة زينب} كانت تمزح دائماً في ما بينها وتُجري استطلاعات رأي، حول من هو الأكثر بدانة وضخامة بين فتيان الحي؟ وقطعاً كان كامل منافساً قوياً حتى صار الأمر محسوماً بين ابن الشاعر الهراوي وابن الشيخ الشناوي، وصار السؤال من منهما أكثر بدانة وضخامة من الآخر، ولم يحسم هذا التنافس سوى الشاعر الكبير حافظ بك إبراهيم الذي كان أحد ساخري زمانه، فقال لمحمد الهراوي ذات مرة:

- يا محمد.. أنا شفتك النهاردة واقف جنب دار الكتب بحالها.

ضحك الشيخ الهراوي، متفهماً مقصد الشاعر الكبير ورد عليه:

- ده ابني يا حافظ بك.          

فما كان من حافظ إبراهيم إلا السخرية بقوله:

- يا سيدي... اختلطت علينا الأحجام.

ومنذ أن راجت هذه المزحة واشتهرت، وابن الهراوي يتربع وحيداً على عرش البدانة في حي {السيدة زينب}، وينال كل السخرية والتندر بما زاد كامل تحرراً من تلك العقدة.

لكن انطلاقه في القاهرة، وارتياده منتدياتها ومسارحها ومقاهيها، كان يواجه دائماً صورته كشيخ أزهري صغير، تلك العباءة والجبة والقفطان والعمة، كان مجرد ظهورها تحيط جسده البدين على مقهى أو في مسرح، يجلب التندر والسخرية، ما الذي يجعل الأزهري يرتاد هذه الأماكن التي لا تليق بردائه وعمته، وسط أذهان لم تكن ترى للأزهري مكاناً سوى حلقات الدرس في صحن الجامع الكبير.

هذا الزي يقيده، كما تقيده الدراسة برمتها، ماذا لو كان أفندياً يلبس {البذلة الإفرنجية} و{الطربوش} كسائر الأفنديات.

-  {أي انطلاق يتمتع به هؤلاء؟}، يسأل نفسه متمنياً تحرراً يتوق إليه ولا يناله. حتى إنه تلصص على محل {الخواجة غابي} في وسط القاهرة، يشاهد ما عنده من أحدث تصاميم البذل الإفرنجية وربطات العنق، واجتهد لشراء واحدة، وأدخلها البيت سراً، وارتداها، وصفف شعره ولمع حذاءه، فإذا به يُخيل له أنه عاد رشيقاً تماماً، وأن كل مظاهر بدانته اختفت أو تضاءل ظهورها اللافت في بذلة {الأفندي}، ما جعله أكثر اقتناعاً بأن جزءاً من شكل بدانته راجع إلى ما كان يرتديه من زي أزهري، يُظهر ضخامته، وينعقد لديه العزم على مغادرة هذا الرداء وإلى الأبد، حتى يبدو مواكباً لما يرتديه رفاق صحبته الجدد، ورواد المنتديات والمراكز الثقافية التي يرتادها من شعراء وفنانين وصحافيين.

لكن كيف يغادر الرداء ولا يغادر الدراسة التي تفرضه عليه، كلاهما مرتبط بالآخر، وهو يريد مغادرة الدراسة التي لا يجد فيها نفسه قبل الرداء الذي يترجم على روحه المتطلعة للانطلاق من هذا الحصار.

كيف يمرر ذلك في الأسرة؟

كيف يُقنع والده الأزهري؟ وعمه الأزهري؟

الأمر يحتاج إلى قدر من فرض الأمر الواقع، مع قدر من الجدال، لن يُرضي والده الذي يُقدس {الأزهر الشريف} أن يظل مرغماً على دراسة لا يجد نفسه فيها، خصوصاً أنه هو ذات الأب الذي لم يُلحق شقيقه الأصغر مأمون بالتعليم الأزهري، وفضل أن يدرس في التعليم {الأميري}، وهو فعل جل ما يستطيع في هذه الدراسة، حتى حصل على الابتدائية الأزهرية، وفي الوقت نفسه بنى علاقات جيدة وواسعة مع الوسط الثقافي والفني والصحافي جعل كل من يلتقيه يعترف بمواهبه الواعدة ومستقبله المفتوح على كل الاحتمالات الإيجابية.

لكن هل سيمضي هكذا دون دراسة أو {شهادة كبيرة} كان هذا هو السؤال الذي يشغل بال والده الشيخ سيد الشناوي، لكن كامل أقنعه أنه سيُكمل دراسته في مدرسة الحقوق الفرنسية، وسيبدأ عملاً في الصحافة، وحين اقتنع الوالد بكل هذه المبررات وقبل أن يتحول نجله الأكبر ذو الستة عشر ربيعاً من {الشيخ كامل} إلى {كامل أفندي}، بات الوعد بدخول الحقوق الفرنساوي التزاماً يتطلب دروساً في اللغة الفرنسية التي لا يعرف منها سوى {ميرسي} و{باردون}، ما سيفتح أمامه المجال للسقوط في أول غرام على الطراز الفرنسي وتلك قصة أخرى.

طه حسين .. عميد الأدب العربي

وُلد طه حسين في 14 نوفمبر 1889 في عزبة الكيلو، التي تقع على مسافة كيلومتر من مغاغة بمحافظة المنيا بالصعيد الأوسط، وكان والده حسين علي موظفاً صغيراً، رقيق الحال، في شركة السكر، يعول ثلاثة عشر ولداً، سابعهم طه حسين.

فقد طه حسين بصره في السادسة من عمره نتيجة الفقر والجهل، وحفظ القرآن الكريم في عام 1902 وبدأ رحلته الكبرى عندما غادر القاهرة متجها إلى الأزهر طلباً للعلم، تتلمذ على الإمام محمد عبده الذي علمه التمرد على طرائق الاتباعيين من مشايخ الأزهر، فانتهى به الأمر إلى الطرد من الأزهر.

وفي عام 1908 التحق طه حسين بالجامعة المصرية وتلقى دروساً في الحضارة الإسلامية والحضارة المصرية القديمة ودروس الجغرافيا والتاريخ واللغات السامية والفلك والأدب والفلسفة على أيدى أساتذة مصريين وأجانب، وفي تلك الفترة أعدَّ طه حسين رسالة الدكتوراه الأولى في الآداب التي نوقشت في 15 مايو 1914 عن أديبه الأثير أبي العلاء المعري، ولم تمر أطروحته من غير ضجة وجدل واسع على مستوى قومي.

في عام 1914 التحق بجامعة مونپلييه في فرنسا، وفي عام 1915 أكمل بعثته في باريس وتلقى دروساً في التاريخ ثم في الاجتماع، ثم حصل على دكتوراه في الاجتماع عام 1919، عن ابن خلدون، ثم حصل في العام نفسه على دبلوم الدراسات العليا في اللغة اللاتينية، وكان قد اقترن في 9 أغسطس 1917 بالسيدة سوزان التي كان لها أثر ضخم في حياته.

في عام 1919 عاد طه حسين إلى مصر، وعين أستاذاً للتاريخ اليوناني والروماني، واستمر كذلك حتى عام 1952، حيث تحوَّلت الجامعة المصرية في ذلك العام إلى جامعة حكومية، وعين طه حسين أستاذاً لتاريخ الأدب العربي بكلية الآداب.

في عام 1942، أصبح مستشاراً لوزير المعارف ثم مديراً لجامعة الإسكندرية حتى أحيل للتقاعد في 1944 واستمر كذلك حتى 1950 عندما عين لأول مرة وزيراً للمعارف.

أثار طه حسين عواصف التجديد حوله، في مؤلفاته المتتابعة ومقالاته المتلاحقة وإبداعاته المتدافعة، طوال مسيرته التنويرية التي لم تفقد توهج جذوتها العقلانية قط، رافعاً شعار {التعليم كالماء والهواء حق لكل مواطن}.

وظل طه حسين على جذريته بعدما انصرف إلى الإنتاج الفكري، وبقي يكتب في عهد الثورة المصرية، إلى أن تٌوفي جمال عبد الناصر، وقامت حرب أكتوبر التي تٌوفي بعد قيامها في الشهر نفسه سنة 1973.

ألَّف ما يزيد على خمسين كتاباً في القصة والأدب والتاريخ وفلسفة التربية وترجم كثيراً من مؤلفاته إلى اللغات الأجنبية منها: {المعذبون في الأرض}، {دعاء الكروان}، {الأيام}، {الوعد الحق}، {الفتنة الكبرى}، {في الشعر الجاهلي} ، {ذكرى أبي العلاء}، {فلسفة ابن خلدون}، {الظاهرة الدينية عند اليونان وتطور الآلهة وأثرها في المدينة} وغيرها.

  

back to top