دول العالم الثالث وضعف المناعة الاقتصادية

نشر في 29-04-2015
آخر تحديث 29-04-2015 | 00:01
 د. ندى سليمان المطوع ما سر الاندفاع والشغف وحب الاستطلاع الذي يجتاحنا أحيانا كباحثين في مجالات المعرفة العلمية والتاريخية؟ هل للتوصل إلى قراءة مستقبلية لأحداث المنطقة؟ أم لإعادة اكتشاف أدوات للتحليل السياسي السليم؟

لا شك أن هناك طرقاً شتى تقع بين التطلعات والمتابعة للأحداث المحلية والعالمية، ومن خلالها تأتي المدارس التفسيرية المختلفة لتضيف إلى الباحث الشغوف مهارة التحليل الاستراتيجي السليم بأبعاده الجديدة.

واليوم نعود لنبحث عن المدارس التحليلية المتجددة لنجد تفسيراً لأنماط النظم السياسية والمؤسسات التنفيذية والتشريعية والقضائية، تلك المدارس كالمدرسة السلوكية قد نجحت في إضافة أبعاد جديدة طبقا للتفاعلات بين المؤسسات.

والمتابع للنظم العربية لا بد أن يلحظ تأثرها بفترة ما بعد الثورة التكنولوجية وانتهاء الحرب الباردة، بل حتى الربيع العربي بالمتغيرات الداخلية والخارجية معا، وبشكل أكبر من السابق، وإن كان قد اختلف من دولة إلى أخرى. تلك الثورات وأبرزها الثورة الاتصالية التي غيرت العالم، ورغم اختزالها الحدود الفاصلة بين دولنا، فإنها لم تنتزع منا تصنيف "العالم الثالث"، وهي المرتبة التي اكتسبناها كدول نالت استقلالها بعد الحرب العالمية الثانية.

ولم يأت التصنيف إلا من كاتب فرنسي استخدمه في الخمسينيات إشارة إلى الدول غير الملتزمة أيديولوجيا تحت المظلة العالمية بفترة الحرب الباردة، تلك المظلة التي جمعت المعسكر الرأسمالي الغربي وهو الأول والمعسكر الذي ضم العالم الشرقي الاشتراكي وهو الثاني، فلم يتبقَ لنا إلا الثالث.

وتذهب بعض الروايات إلى أسباب أخرى مستوحاة من أجواء الثورة الفرنسية، التي برزت من خلالها الطبقة الثالثة التي لم تنتمِ إلى النبلاء ولا إلى رجال الدين، واليوم نجد الكتّاب العرب قد أضافوا أبعاداً جديدة لنا كعالم ثالث، ومنها المعاناة المستمرة والأزمات التنموية وأزمة الهوية في ظل التشتت الثقافي والتغلغل العابر للحدود من ثقافات أخرى.

وتستمر أزمات العالم العربي اليوم، وهي تنموية بأجنحتها السياسية والاقتصادية، ومواجهتها لن تنجح إلا باتباعنا السبل الصحيحة والمناسبة، فهناك الطريقة التقليدية التي تتم عبر تحديث مؤسسات الدولة وعلاج البيروقراطية وتحديث المجتمع المدني، وتنظيم التجمعات السياسية، والطريقة الحديثة أو التحديث تتم عبر الإصلاح الاقتصادي بشكل لا يتأثر به النظام الاجتماعي.

 أما الإصلاح عبر الصدمة، أي الطريقة اليابانية، فيأتي عبر التغيير الشامل للنظام الإداري والبيروقراطي، وخير مثال لدينا اليوم يتمثل بجامعة الشدادية، فلو انتقل الجهاز الإداري بعيوبه الإدارية من الخالدية وكيفان والشويخ إلى الشدادية فلن نستطيع إصلاح النظام الجامعي الجديد؛ لأننا استوردنا النظام الإداري والأكاديمي القديم بعيوبه.

 أما السيناريو الآخر فهو البدء من مرحلة الصفر بنظام تقني متطور وقالب إداري إصلاحي جديد مستوحى من الجامعات الحديثة، التي تمزج التعليم التقليدي بالتعليم الإلكتروني، فتصبح لدينا جامعة حكومية أخرى "مدينة صباح التعليمية" تمنح الطلبة تعليما متميزاً، وتسند الخدمات إلى القطاع الخاص لتخفف العبء المالي عن الدولة، وترتقي بالخدمات الممنوحة للطلاب والطالبات.

خلاصة الحديث: مهما تعددت المدارس التحليلية التي تضفي بين الحين والآخر طابعا جديدا لعالمنا العربي "الثالث"، تبقى الأبعاد الثقافية والتعليمية عنوانا للمرحلة القادمة، وإن لم نستطع إعداد الأجيال القادمة بالمهارات التكنولوجية والوظيفية السليمة فلن نخرج من مسمى العالم الثالث، بل سنصبح دولاً ذات مناعة اقتصادية ضعيفة.

كلمة أخيرة:

 استضافت الكويت مؤتمراً للمبادرين تحت رعاية جامعة "إم إي تي" الشهيرة، وكان لي شرف المشاركة كعضو ضمن لجنة المحكمين لدراسة المشاريع الصغيرة وتقييمها. المؤتمر ضم مئة مبادر عربي بمئة فكرة تسويقية وتكنولوجية، فماذا ننتظر؟ أتمنى من المؤسسات التي تمول المشاريع الصغيرة أن تتعرف على المتسابقين ذوي الأفكار المبادرة.

back to top