دكتاتورية الوزن الزائد

نشر في 25-04-2015 | 00:01
آخر تحديث 25-04-2015 | 00:01
اليكم أجوبة الخبراء حول الأسئلة التي غالباً ما تطرحونها عن علاقة المرأة بجسدها ومحفزاتها لبلوغ وزن أمثل.

هل يؤثر المجتمع كما الموضة على إرادة المرأة لخسارة الوزن؟

تتأثر الصورة المثلى للجسد بالموضة، التي تتأثر، بدورها،  بعوامل اقتصادية واجتماعية. عندما تحل المجاعة، يصبح الجسم الممتلئ أكثر جاذبية. فهو دليل صحة وعافية. أما السمنة فتشير إلى الثراء.

هل ترمز التضاريس إلى الأنوثة؟

يؤثر عامل ثانٍ على موضة الجسد، وهو القيمة المعطاة لخصوبة المرأة. لذا يعتبر الجسد الممتلئ والوركان الواسعان والثديان الكبيران أشارات خصوبة وثراء في الأماكن التي يعطى فيها أهمية للإنجاب وكثرة الأولاد. فتعتبر المرأة التي تتمتع بهذه المواصفات جذابة وتحبذ كزوجة.

هل من تناقض بين الأنوثة والتحرر؟

عندما تحاول المرأة أن تتحرر، غالباً ما تتخلى عن أنوثتها. برزت هذه الظاهرة في بداية القرن العشرين، عندما تخطت دور الأم وربة المنزل لتثبت وجودها ككائن مستقل. ومع اكتشافها للسباحة والرياضة، بدأ شكل  جسدها يتغير. في العشرينيات، ثارت المرأة ضد التقاليد والحقبة الفيكتورية، وتخلت عن المشدّ والسمات النسائية. قصت شعرها، بدأت ترتدي ملابس رجالية، تدخن، تتدلل، تخرج بمفردها وتناضل لتنال حق التصويت.

أثرت أزمة 1929 والحرب العالمية الأولى على هذه الحركة التي خمدت حتى السبعينيات، حقبة جديدة من الثراء تفسح المجال لإثبات الوجود. مجدداً، قررت المرأة أن تتحرر وتفرض نفسها. أما سنوات «تويغي» (Twiggy) وهي عارضة أزياء بريطانية، فروجت للجسم النحيل جداً، وأصبح رمز الأنوثة الجديدة.

تختلف امرأة الثمانينيات عن امرأة السبعينيات التي رفضت القيم التقليدية واعتبرتها قامعة للفكر. المرأة الجديدة غازية ومنتصرة. بالطبع تود مشاركة الرجل بالحرية وإثبات الوجود، لكنها تريد الاحتفاظ بأنوثتها، أيضاً. ترغب في  إكمال دراستها والتحكم بحياتها العاطفية من دون إهمال أطفالها. فهي تريد المساواة في الرياضة والحب والتربية.

لِمَ هذا الهوس بالجسم المثالي؟

يؤثر ذلك على تعريفنا للجسم المثالي، فيتغير الجسم مع تغير المدركات والمعايير الجمالية. الممنوعات الأبرز اليوم هي الأطعمة الدسمة، التي تتحوّل أحياناً إلى نوع من الأنوركسيا عند المرأة الهادفة إلى التماهي  مع الصورة المروج لها في الإعلام.

هل المسألة مسألة حضارة؟

لا يفسر تأثر الجسم بالتيارات الاقتصادية والاجتماعية، الظواهر الاجتماعية، الخضوع للموضة، بهذه القساوة. والجواب حول التوق إلى خسارة الوزن أكثر عمقاً.

قد يكون ذلك مسألة حضارة، فنحن حضارة الـ{أنا»، نولي أهمية للقيم الشخصية والتنافسية والمظاهر، على حساب القيم العائلية والاجتماعية. كل واحدٍ منا يبحث عن النجاح ويعتبر مسؤولاً عن نفسه. لا شك في أن هذه المسؤولية صعبة واعتبرت في  القدم مسؤولية إلهية.

هل البحث عن النحافة هو، في الحقيقة، بحث عن السعادة؟

لم تعد السعادة امراً نلاحقه من دون أن نلتقي به، فقد أصبحت ضرورة ملحة في حياتنا. نحن مدينون لأنفسنا وللآخرين بالسعادة والرخاء والفرح. لا شفقة على المتعبين والمكتئبين والغاضبين والمستائين والبدينين... بل نضع نصب أعيننا نماذج منمطة تعلمنا كيف نتصرف، نجدها في الأفلام والمسلسلات والمنشورات المتمحورة حول حياة المشاهير المثالية.

بالطبع، نحتاج إلى جسدٍ يدعمنا في مواجهة السعادة هذه، ويستحسن أن يكون نظيفاً وأملس وفارغاً. نخطط لحركاتنا، تصرفاتنا، حتى الجنسية منها. أصبح الطبيب الذي كان في الماضي دعماً معنوياً ومرافقاً في الألم، مصلحاً للأعضاء كي تعود إلى نشاطها الطبيعي وننساها: وكما نعتبر أنفسنا متحكمين بحياتنا، نحن مسؤولون عن مظهرنا الجسدي بشكلٍ كامل.

كيف نجد التوازن الصحيح بين الحكم والشعور بالذنب؟

يتجاهل كثر عوامل وراثية واجتماعية وبيئية ونفسية تؤثر في شكلنا الخارجي وفي صحتنا. ولو كانت المحافظة على الصحة وعلى وزن سليم في يد كل واحدٍ منا، لكان كل من لم يبذل أي جهد في هذا السبيل محكوماً عليه بالموت، فهو شخص رافض للقيم، ضعيف الإرادة، ومواطن سيئ مثقل بعبء أمراضٍ سهلة التجنب. وفي هذه الحالة، يستأهل العقاب، أي البشاعة والتعب الجسدي والموت المبكر.

هل تعني خسارة  الوزن التخلص من المشاكل؟

فلنخسر الوزن سريعاً! أما صاحب الوزن الزائد، فيتخبط بين مبدأين: ضرورة خسارة الوزن للحصول على جسدٍ مثالي، وخسارة الوزن من دون أي جهد أو تعب، لأنهما ممنوعان. انطلاقاً من هذا المبدأ تنبع الأساليب الداعية إلى خسارة الوزن بسهولة وفرح، كحل لمشاكلنا، وباب إلى السعادة الضرورية. بالطبع، كل ذلك وهم، والحقيقة أن خسارة الوزن عملية متعبة مليئة بالعقبات البيولوجية والنفسية والاجتماعية.

السباق نحو النحافة: نمط حياة جديد؟

نتساءل إن لم يكن السباق نحو النحافة لدى بعض معاصرينا البديل من عيش حياتهم. «نعيش عندما ننحف، إذا حصل ذلك في أحد الأيام». بانتظار ذلك، سنختبر الحميات  والسبل المقترحة في الصحافة وفي وسائل الاعلام. ثم سنمل ونعود إلى الأكل، ونتوه في دوامة يصعب خرقها. يحصل أحياناً انعكاس في التحفيز، فنحاول اكتساب الوزن لخسارته من جديد.

هل نلاحق وهماً؟

اتخذ التوق إلى النحافة والخوف من المواد الدسمة وتهميش الأشخاص البدينين أبعاداً مخيفة في عصرنا. يعود ذلك إلى المسؤولية التي نشعر بها حيال أنفسنا وحيال نجاحنا أو فشلنا، واعتبارنا جسدنا راية ترمز إلى هذا النجاح. لذا نعبد الشباب والجمال والصحة المثالية وحتى الحياة الأبدية.

متى نكتفي؟

 ثمة من لا يكتفي أبداً، ويؤدي هذا الشعور إلى اكتئاب، ممارسة أنماط غذائية سيئة، إدمان، أمراض نفسية معاصرة. من هنا نفهم رفض السمنة واعتبارها رمزاً للفشل الشخصي.

back to top