نهاد الترك يرسم سورية في بيروت

نشر في 01-04-2015 | 00:02
آخر تحديث 01-04-2015 | 00:02
يفتتح «غاليري أيام» في بيروت المعرض الفردي بعنوان «رسومات على ورق»، للرسام السوري نهاد الترك. يشمل المعرض مجموعة جديدة من الأعمال مسلطاً الضوء على عنصر أساسي من أسلوب الترك الفني عبر تحليل طريقة استعماله الرسم كأداة فاعلة لإضفاء قوة وعمق على الشخصيات والأجسام التعبيرية التي يقدمها: يظهر الناس وكأنهم يتحركون في مكانهم، في حين تتعثر الحشود بالقذائف المشوهة.
إزاء الأحداث التي تعصف بسورية، أصدر الفنان السوري نهاد الترك سلسلة من اللوحات الحبرية ورسومات بألوان الأكريليك تجسّد الصراع القائم في البلد منذ أيامه الأولى، حين بدأ على شكل انتفاضة شعبية، وصولاً إلى وضعه الراهن، بعدما تحوَّل إلى حرب شاملة.

استوحى الترك أفكاره من انتقاله من دمشق إلى بيروت بعد اندلاع الحرب. وهو المعروف بلوحاته المجازية التي تستكشف مجموعة من الشخصيات الوحشية بطريقة شبيهة بالسِيَر الذاتية، رصد طريقة تعايش السوريين مباشرةً مع أعمال العنف. هي حالة من التشوّه تعيد رسم الأجسام، ابتكرتها ريشة الفنان مبينة الأثر اليومي للدمار الواسع بطريقة مختلفة ولافتة.

شخصيات الترك صلبة وكأننا إزاء ملامح الصخور المتهالكة، تحمل ندوب صراع راح يفتك بها حتى صارت وجوهها أشبه بخرائط غير مقروءة من الأنقاض.

سلسلة «رسومات على ورق»، التي يفتتحها غداً «غاليري أيام» في بيروت، تشمل أيضاً وجوه شهداء معروفين وشهود مجهولين وشخصيات محورية من الحرب، ولكل واحد منهم وجه متورم، ويقف بعضهم رافعاً علامة النصر في إشارة إلى صمود شخصيات الترك المهزومة.

حس نحتي

وفيما يبدو أثر التظليل المتعدد الطبقات الذي طبع أعمال الرسام السابقة أكثر وضوحاً في السلسلة الجديدة، تشير الرسومات إلى خطوة جريئة تتمثَّل بالتخلي عن الطابع الرسمي الذي عُرفت به لوحاته السابقة، إذ يعيد الترك النظر بالمساحات والصور المجازية والألوان.

تفصّل طبقات الخطوط المتقاطعة أشكال شخصياته، ما ينتج حساً نحتياً قوياً يتناقض مع شكل الورقة المسطحة ويضفي درجة من الواقعية. في جميع أعمال الترك (غالباً ما تكون عبارة عن صور ذاتية تتسم برموز متكررة توحي بسيرته الخاصة)، تصف الصور وضع الشخصية النفسي. تبدو الشخصيات التي يرسمها الترك نصف بشرية ومجهولة ظاهرياً، وهي تظهر في معظمها مع أطراف مبتورة: إنها الأعضاء التي تضمن القدرة على التحرك واللمس.

تجسِّد رسوماته الأخيرة أبطالاً بملامح واضحة. على عكس شخصياته السابقة، لهؤلاء الأبطال عيون وأذرع وهم يبدون معزولين في تركيبة الرسمة وكأنهم جامدون في مواقع غير محددة، ما يسمح للمشاهد بتخيل قصص متنوعة لتحديد مكانهم.

تواكب أعمال الترك الجديدة مرحلة من حياته الفنية حيث يجدد أسلوبه، فقد بث درجات ألوان لامعة وقلّص الخلفيات عبر ابتكار مناطق مسطحة من الألوان. لذا تبدو السلسلة الأخيرة تفاؤلية في ظاهرها. في المقابل، تعكس أحدث رسوماته جانباً مظلماً من التهجير عبر أداة تسمح بتجسيد استدلالات غنية بالمعاني. تبدو خطوط الرسام وكأنها تخترق سطح الورقة، ما يولّد جواً عاماً من التوتر الحتمي.

 تبدو الاستكشافات الموضوعية عن صمود الإنسان وسط صراع الخير والشر على السلطة محورية في أعمال الترك. ومن خلال تركيز الترك الدائم على تجسيد كائنات شائبة وشياطين أسطورية وأجسام جامدة وعناصر نباتية، هو يريد تجسيد شخصيات رمزية منبوذة وشخصيات عادية لا تتمتع بصفات الأبطال وأشخاص متمردين على الوضع السائد. لذا تخلى في الفترة الأخيرة عن درجات الألوان الداكنة التي كان يستعملها سابقاً في لوحاته المبنية على وسائط مختلطة واستعمل ألواناً حيوية على شكل حقول ملونة وصلبة لتسليط الضوء على الشخصيات.

يتداخل هذا الحس التفاؤلي الواضح مع ملامح أبطاله الهادئة عبر خصائص جسدية قوية وغير مشوهة، ما يرمز إلى أنهم نجحوا أخيراً في الهرب من أعباء عالمهم.

نبذة

وُلد نهاد الترك في مدينة حلب السورية في عام 1972، وهو يعيش راهناً ويعمل في بيروت. بدأ يرسم منذ سن مبكرة وتابع الرسم في مرحلة المراهقة قبل أن يطلق مسيرته الفنية في سورية في أواخر التسعينيات. يشمل بعض معارضه الفردية والجماعية المنتقاة: {غاليري أيام القوز} في دبي (2014)، {غاليري أيام} في {مركز دبي المالي العالمي} (2014)، {غاليري أيام} في لندن (2014)، {غاليري أيام} في بيروت (2014، 2011)، {غاليري أيام} في دمشق (2009)، {متحف الفن الحديث والمعاصر} في دمشق (2009)، {بارك أفنيو أرموري} في نيويورك (2008)؛ {معرض مارك هاشم} في نيويورك (2008)، ديار بكر في تركيا (2005)، {بينالي اللاذقية» (2003) حيث حصد الجائزة الذهبية.

المعرض مستمر من 2 أبريل حتى 28 مايو 2015.

back to top