علِّمي أولادكِ قيمة المال

نشر في 28-03-2015 | 00:01
آخر تحديث 28-03-2015 | 00:01
No Image Caption
تشمل مصادر قلق الأهل الكبرى الخوف من أن يصبح أولادهم سيئين حين يكبرون، لأن ذلك يعكس نوعية التربية التي تلقوها، بما أن كل الأولاد يولدون أنقياء، حسبما يُفترض.
يصيب هذا الخوف قلب أحد أصعب محاور تربية الأهل وأكثرها تعقيداً: المال.
من المصروف الأسبوعي إلى هدية ساحرة، يشكل المال أداة يمكن من خلالها تعليم الأولاد دروساً تحول دون سلوكهم درباً خاطئاً في الحياة، وفق رون ليابر، مؤلف كتاب The Opposite of Spoiled: Raising Kids Who are Grounded, Generous and Smart about Money (نقيض الفاسد: تربية أولاد راسخين، كرماء، وأذكياء في استخدام المال).

كيف تجيبين عن سؤال ولدك: {هل نحن أثرياء؟} أو {كم من المال تجنين؟}؟  هل يجب أن يربط الأهل المصروف بالمهام المنزلية؟ وكم يجب أن يدفع الأهل من مال مقابل ألعاب فيديو باهظة الثمن أو سراويل جينز أنيقة؟

حتى الصحافي المتخصص في شؤون المال في صحيفة {نيويورك تايمز}، ليابر، أب لابنة في التاسعة من العمر، يواجه هذه الأسئلة الصعبة عن المال التي تطارد كل أب أو أم.

يقول: {بدل أن نتفادى كل هذه المحادثات عن المال، فكرت: لمَ لا نخوضها؟ ماذا سيحدث عندئذ؟  ما قد يحدث إن خضت مناقشة طوال 15 سنة مع الولد قبل إرساله إلى العالم عما ينفقه، ما يدخره وما يهبه؟}.

فضلاً عن كونه مسألة تربية أو مهارات مالية، يُشكل تعليم الأولاد الأمور المالية في المقام الأول مسألة قيمة، وفق ليابر. لا ترتبط الشؤون المالية بقسائم الشراء والحسابات المصرفية بقدر ارتباطها بتعليم الأولويات وطريقة العيش الملائمة.

يذكر ليابر: {أحاول جاهداً إقناع الناس بأن هذا جزءاً أساسياً من التربية. لا تختلف هذه المسألة عن تعليمهم القراءة}.

أفكار

إليك بعض الأفكار عن تعليم أولادك أو أحفادك قيمة المال:

مصروف الجيب: ابدأي ما إن يصبح الأولاد قادرين على فهم عمليات الجمع والطرح الأساسية. أعطيهم 50 سنتاً أو دولاراً واحداً لكل سنة من عمرهم وزيدي مصروفهم مع كل سنة. تقوم هذه الفكرة على حصولهم على المال الكافي لشراء غرض ما. ولكن تفادي منحهم مبالغ كبيرة كي لا يجدوا أنفسهم أمام خيارات شراء صعبة.

قدمي لولدك حاوية شفافة لحفظ المال ألصقي عليها كلمات {إنفاق}، {ادخار}، و{وهب}. يمكنك الاستعانة بحاويات طعام بلاستيكية إن شئت. أما المراهقون، فيمكنهم استخدام حسابات مصرفية للصغار أو بطاقات مسبوقة الدفع. وتشكل Allowance Manager، FamZoo،

وThreeJars ثلاثاً من أدوات كثيرة على شبكة الإنترنت يمكنك الاستعانة بها.

إن لم ترق لك هذه الأساليب، تستطيعين ابتكار طريقة خاصة بك. يبقى المهم أن تبني نظاماً ثابتاً وتحملي معك الكثير من أوراق العملة الصغيرة. لا تربطي مصروف الجيب بالمهام المنزلية. تشكل هذه إحدى النصائح المثيرة للجدل، بما أن معظم الأهل (أكثر من 80%، وفق الدراسات) يدفعون مصروف الجيب مقابل المهام المنزلية.

تقوم الفكرة وراء هذه النصيحة على أن على الأولاد القيام بواجباتهم المنزلية. ولكن من الضروري أن يؤدوها مجاناً، تماماً مثل والديهم، لأنهم عضو مساهم في الأسرة، لا لأنهم مأجورون. ينهار نظام مصروف الجيب في المرة الأولى التي يقرر فيها الولد عدم تنظيف غرفته وإن حُرم من مصروف الجيب.

على العكس، يجب أن يشكل مصروف الجيب وسيلة لتعليم الولد إنفاق المال بحكمة. يؤكد ليابر: {أريد أن يفكر الأهل في المال كأداة تعليم، تماماً كما ينظرون إلى الكتب والأدوات الفنية}.

من الضروري أن يقترف الأولاد الأخطاء مع المال ويشعرون بالندم، يجرون المقارنات بين المتاجر، ويتعلمون المقايضة. فمن الأفضل تعلم الدروس مع 50 دولاراً في متجر لبيع ألعاب الفيديو، مقارنة بأكثر من 300 ألف دولار كحبس رهن. يوضح ليابر: {إن أخفقوا، لا تهرعوا إلى نجدتهم. دعوهم يتحملون العواقب. نريدهم أن يخفقوا باكراً، كثيراً، وبقوة}.

أخلاقيات العمل: تُعتبر دروس كسب المال (تطوير أخلاقيات عمل وتعزيز روح إدارة الأعمال) مهمة أيضاً، لكنها مختلفة. فمن الممكن تعلّمها من دون الحصول على عمل فعلي في سنوات المراهقة، بل بالاعتماد على المهام المنزلية التي تتخطى الأعمال البسيطة، مثل غسل السيارة، تنظيف المرآب، أو توضيب الباحة الخلفية.

قاعدة متجر لاندز آند: من الضروري تعليم الأولاد الاختلاف بين الحاجات والرغبات، لكن هذا الوضع قد يختلط عليهم، مثلاً، خلال شراء الملابس. فالثياب ضرورة، إلا أن ذلك لا ينطبق على سترة ثمنها مئتي دولار.

فما هو الحد الفاصل؟

يقوم أحد الأجوبة على قاعدة لاندز آند، وفق ليابر. يشتهر متجر لاندز آند بنوعية منتجاته، رغم أن أسعارها ليست باهظة. فإذا أراد الولد شراء سروال جينز باهظ الثمن من متجر فاخر، يقرر الأهل دفع ثمن الجينز في متجر لاندز آند، وعلى الولد استخدام ماله الخاص لإكمال المبلغ المطلوب. كذلك يستطيع الأهل اعتماد الأسعار المتبعة في Target أو Nordstrom. تبقى الفكرة الرئيسة تحديد معيار ثابت.  يقول ليابر: {أعتقد أن من حق الأولاد الحصول على تفسير، مع أنهم قد لا يحبونه}.

• معدل المرح: يُخصص  عائد الاستثمار في شراء {الكماليات}. فما مقدار المتعة التي يجنيها الولد من عملية شراء ما؟

قد تكون النتيجة مفاجئة. قد تشكل  لعبة فيديو بنحو 60 دولاراً يتسلى بها الولد لعشرات الساعات مردوداً كبيراً، شأنها في ذلك شأن التسجل في Netflix مقابل 8 دولارات شهرياً أو تنزيل أغنية بنحو 99 سنتاً تُسمع مراراً. ولكن ما له المردود الأكبر على الأرجح؟ يجيب ليابر في كتابه: ورق لعب. في المقابل، تُعتبر اللعب الباهظة التي تُنسى بسرعة استثماراً مكلفاً، وفق مفهوم المردود هذا.

خدعة الأسئلة الصعبة: عندما يطرح عليك الولد أسئلة صعبة مثل {هل نحن فقراء؟} أو {هل نحن أغنياء؟}، يكون الرد الجيد غالباً: {لمَ تسأل؟}.

صحيح أن هذه مناورة للمماطلة والتمويه، إلا أنها قد تساعدك في بلوغ جوهر السبب الذي يدفع الولد إلى طرح سؤال مماثل، وقد لا يتطلب جواباً مباشراً إلى السؤال الأساسي، حسبما يؤكد ليابر.

يضيف: {لا أعتقد أن علينا أن نكذب. فتتوافر دوماً طريقة لإخبار الولد حقيقة تناسب سنه}.

في النهاية، إذا رغبت في أن تعلمي الولد دروساً مهمة عن المال، وأن تحرصي على أن أولادك لن يخفقوا حين يكبرون، فارسمي المثال الحسن باتباع عادات مالية جيدة.

فمع الأولاد، ينطبق المثال القائل: {المثال خير معلم من الكتاب}.

قاعدة ديوي

تُشكل المتعة المرجأة مفهوماً مالياً يجب تعلمه، خصوصاً في عصر تُعتبر فيه السرعة المعيار المتبع. فكّر في الأفلام التي تحصل عليها عند الطلب والتنزيل الفوري للكتب عن موقع Kindle.

من الأدوات المعتمدة في هذا المجال قاعدة ديوي، نسبة إلى العائلة التي اقترحتها على ليابر. تقوم هذه القاعدة على فكرة حصول الأولاد على 30% من الأشياء. إذا كان عشرة أولاد سيحصلون على هاتف ذكي، فيجب أو يكون ولدكم السابع ليحظى به. تستند هذه الفكرة إلى جعل الأولاد ينتظرون لنيل مبتغاهم، حتى إنهم قد يشعرون ببعض الحسد من دون أن يشعروا  بالحرمان، وفق ليابر.

لا شك في أن هذه أيضاً قاعدة صعبة التطبيق. لكن اعتمادها مفيد. يوضح ليابر: {30% نسبة مثيرة للاهتمام لأنها تعني أن على ولدك أن ينتظر وربما أكثر من معظم الناس}.

أخبريهم كم تجنين: من الاقتراحات الأخرى المثيرة للجدل التي يؤيدها ليابر إطلاع الأولاد في النهاية على مدخول الأسرة. ولكن يجب أن يأتي ذلك ضمن إطاره الصحيح وفي الوقت الملائم، وفق ليابر.

يذكر: {أعتقد أن الولد بحاجة إلى عقد من الزمن ليتعلم ما يكفي من المسائل المالية ويبرهن عن نضج ملائم للحصول على هذه المعلومات الخاصة بالبالغين. رغم ذلك، أعتقد أن من المهم إطلاعهم على هذه المعلومات}.

تمنحهم هذه المعلومات معياراً عن نمط حياتكم الذي يؤمن مستوى معيناً من الدخل. يوضح ليابر: {قولي لهم: يشكل هذا اختباراً لنضجكم وتكتمكم}.

back to top