هل يفعل أردوغان هذا؟!

نشر في 17-12-2014
آخر تحديث 17-12-2014 | 00:01
 صالح القلاب كما نتحدث نحن كذلك يتحدث أشقاؤنا الأتراك، فالجميع يريدون علاقات عربية - تركية صحية وصحيحة، بعيدة عن الألاعيب والمناورات الحزبية.

 والمعروف أن رئيس الوزراء التركي الحالي، وزير الخارجية السابق، أحمد داود أوغلو كان قد رفع شعار: "تصفير الخلافات"، لكن مع الأسف فإن ما جرى هو: "تصفير الصداقات".

 وحقيقة أن كل هذا تم خلافاً لرغبة الشعب التركي الذي يعيش الآن صحوة فعلية عنوانها أنَّ المجال الحيوي لبلده هو الجنوب، وليس الغرب الذي بقي يقرع أبوابه سنوات طويلة، ولكن من دون جدوى ولا فائدة.

يقول بعض المثقفين الأتراك عندما نفاتحهم بشأن تردي العلاقات بين بلدهم ومصر وبينها وبين بعض الدول العربية: إن عليكم أن تتركوا الرئيس رجب طيب أردوغان جانباً، وأن تركزوا على تركيا، فالأنظمة عندكم وعندنا تتغير وتتبدل، ولكن الدول باقية.

 وهنا فإن ما يجب أن يقال مراراً وتكراراً هو أنّ هناك توجهاً تركياً جاداً في اتجاه العرب، ولذلك فإنه علينا ألا نضيع هذه الفرصة التاريخية، فاللحظة غدت مناسبة، وعلينا أن نستغلها بسرعة، وذلك لأن الفرص متغيرة، وهي كالنهر الذي يراه الناظر ثابتاً بينما هو يتحرك بسرعة ويتغير في كل لحظة.

ما كان على الرئيس أردوغان، الذي راهنَّا عليه كثيراً، والذي أعجبنا فيه أكثر، أن ينظر إلى مصر وإلى هذه المنطقة كلها من خلال نافذة الإخوان المسلمين، بل من نافذه التاريخ المشترك والمصالح الواعدة الكثيرة، وكان المتوقع منه أن يبادر لـ"التوسُّط" لإعادة إدخال هذه "الجماعة" في الحياة السياسية المصرية، وخصوصا أن ما بات واضحاً هو أن الأفق غدا مغلقاً أمامها ليس في أرض الكنانة وحدها، بل في المنطقة كلها.

يجب أن يراهن الرئيس أردوغان على مصر وعلى دورها في الشرق الأوسط كله وفي العالم، وليس على تنظيم حزبي بقي يسبح ضد تيار التطورات المتلاحقة منذ نهايات عشرينيات القرن الماضي، من دون أن يحقق أي شيء على الإطلاق، وقد ثبت أنه غير مؤهل للحكم جملة وتفصيلاً، وأنه من غير الممكن أن يؤهل نفسه للسلطة طالما أنه مستمرٌّ في التمسك بنظريات سياسية بالية أكل عليها الدهر وشرب، وغدت لا تصلح حتى لإدارة مدرسة "كتاتيب" في قرية نائية.

ربما من حق أردوغان أن يحتضن هذه "الجماعة" التي يقال إنه ينتمي إليها تنظيمياً وفكرياً، لكن ما كان عليه أن يقدم التزامه بالإخوان المسلمين على مصالح دولة أساسية ومركزية هي تركيا، وما كان عليه أن يدير ظهره إلى مصر على هذا النحو، وخصوصاً أن هذه المنطقة تعيش ظروفاً استثنائية، وتمرّ بأخطر المراحل، وأن الإرهاب يهدد الجميع، وأن كل دولها موضوعة على "جداول" التمزيق والتقسيم، ومن بينها الدولة التركية!

إننا بحاجة وفي أمسّ الحاجة إلى تركيا، وتركيا في أمسّ الحاجة إلينا، وهذا يتطلب "تصفيراً" فعلياً للخلافات، وأول خطوة على طريق هذا التصفير هي إخراج العلاقات المصرية - التركية من "شرنقة" الإخوان المسلمين، وهي السعي لإدخال هذه "الجماعة" أو "المجموعة" مرة أخرى في العملية السياسية لهذا البلد، والفصل بينها وبين تنظيم "أنصار المسجد الأقصى" فصلاً نهائياً، على اعتبار أنه تنظيم إرهابي مثله مثل "داعش" و"النصرة" وبقية ما تبقى من أفراد هذه العائلة الكريهة!

back to top