متى يصبح نظام الغذاء «الصحي» غير صحي؟

نشر في 05-12-2014 | 00:01
آخر تحديث 05-12-2014 | 00:01
No Image Caption
عندما انتقلت جوردن يونغر إلى النظام الغذائي النباتي، أحبت في الحال مأكولاتها الجديدة. كتبت: {شعر جسمي أنه مليء بالانتعاش والطاقة. ما عدت أعاني أي اضطرابات في المعدة. كذلك كنت أتناول الطعام الأكثر تعاطفاً والأقل ضرراً بالنسبة إلى الحيوانات/ الأرض. فضلاً عن ذلك، كان ذهني صافياً وشعرت بالرضا}.
يونغر امرأة تعمل في مجال المقاولة، شعرها مشعث، تسكن في كاليفورنيا، وتصف نفسها بأنها إنسان دؤوب يسعى إلى تحقيق أحلامه ومهووس بالرشاقة. وقد أدركت أنها تستمتع بنمط غذائها النباتي الصحي الجديد، حتى إنها قررت مشاركة الآخرين في تجربتها. فأطلقت قبل نحو سنة مدونة The Blonde Vegan (الشقراء النباتية). وتفاجأت حين لاقت خطوتها النجاح وبدأ الآلاف يتتبعون عادات أكلها ورشاقتها.

لكن كثيرين من متتبعيها الأوفياء صعقوا عندما أعلنت يونغر في 23 من يونيو الماضي تبدلاً جذرياً مفاجئاً عبر مدونتها: قررت التخلي عن نظام الغذاء النباتي.

تراوحت ردود الفعل بين مَن تمنوا لها الخير وقدموا لها الدعم وبين مَن حاولوا تحليل أسباب إخفاق نظامها النباتي أو صبوا جام غضبهم عليها.

كتب أحد المعلقين: {أنت ضعيفة وغبية يا جوردن. سددت ضربة إلى حركة النباتيين وحماية الحيوانات. فقد منحت النقاد زخماً ودفعاً إضافيين}.

لكن قرار يونغر التخلي عن النظام الغذائي النباتي لم يكن مفاجئاً بالفعل. فكما وصفت على مدونتها وأوضحت أخيراً لصحيفة وول ستريت جورنال، كانت تفكر في هذا التغيير منذ مدة. فهي نحيلة أساساً، إلا أنها فقدت نحو 11 كيلوغراماً بسبب نظامها الغذائي الصارم وغابت عنها الدورة الشهرية، فضلاً عن أن بشرتها باتت صفراوية. أدركت يونغر أنها تعاني خطباً ما، وسرعان ما اتضح لها أن كل هذه المشاكل تعود إلى نظامها الغذائي. وأكد لها اختصاصي التغذية تشخيصها هذا.

إذاً، ما كانت المشكلة؟ يدعي النباتيون عموماً أن النظام الغذائي الخالي من المنتجات الحيوانية يُعتبر الأفضل للصحة والأكثر مسؤولية، إلا أنه لم يلائم يونغر بالتأكيد. لا ترتبط المشكلة بنظام الغذاء النباتي بالتحديد، مع أن من الصعب عموماً اتباع الأنظمة الغذائية النباتية بطريقة صحية. تكمن المشكلة في أن رغبة يونغر المبررة في تناول أطعمة صحية تحوّلت إلى هوس مخيف مؤذٍ.

تتذكر يونغر: {بدأت أعيش في فقاعة من الممنوعات: نباتي بالكامل، معد من النباتات بالكامل، خالٍ تماماً من الغلوتين، خالٍ من الزيوت، خالٍ من السكر المعالج، خالٍ من الطحين، خالٍ من الصلصة... وتمحورت حياتي كلها حول متى أستطيع أو لا أستطيع تناول الطعام وما الأطعمة التي يمكنني أو لا يمكنني جمعها في وجبة واحدة}.

نتيجة لذلك، أُصيبت يونغر باضطراب غذائي، إلا أنه كان مختلفاً عن القهم العصبي (فقدان الشهية) أو النهام العصبي (الشره). اعتُبرت حالتها جديدة إلى درجة أنها لم توثَّق بعد في كتاب تشخيص الاضطرابات النفسية وتحليلها، علماً أن هذا يشكل المرجع الأساس لأطباء النفس.

هوس غير صحي

أُصيبت يونغر بما يُدعى {الأورثوركسيا العصبية} أي {هوس غير صحي بتناول طعام صحي}. وصف هذه الحالة للمرة الأولى الطبيب ستيف براتمان عام 1997، ولم يتناولها في البداية سوى دراسات محدودة. لكن الوضع تبدَّل خلال العقد الماضي مع ملاحظة عدد أكبر من الأطباء هذه الحالة. ففي عام 2005، وضعت مجموعة من الباحثين استبانة لتقييم معدل الأورثوركسيا في حالة المريض. كذلك اقترحت مجموعة أخرى في مطلع هذه السنة مجموعة من معايير تشخيص هذه الحالة.

تشمل المعايير المقترحة وفق وول ستريت جورنال {هوساً بنوعية الوجبات وتركيبتها يصل إلى حد تمضية المريض وقتاً طويلاً، ربما ثلاث ساعات أو أكثر، في القراءة عن أنواع محددة من الطعام وإعدادها. أضف إلى ذلك الشعور بالذنب بعد تناول طعام غير صحي. ويُعتبر هذا الانشغال المفرط بالطعام، الذي يؤدي إما إلى خلل غذائي أو عرقلة الحياة اليومية، أورثوركسيا}.

يبدو الرياضيون، مَن يعانون ميولاً قسرية، ومَن يتمتعون بمكانة اجتماعية واقتصادية مرموقة أكثر عرضة لأورثوركسيا. وقد تتفاقم هذه الحالة بسبب الموجات الغذائية المنتشرة التي تنصح بتجنب أنواع محددة من الطعام، مثل غير المعدل جينياً، الخالي من مشتقات الحليب، والخالي من الغلوتين. لكننا نحتاج اليوم إلى مزيد من الأبحاث لتحديد مدى شيوع هذه الحالة وتطوير أدوات فحص أكثر فاعلية، قبل أن تحدد الأورثوركسيا رسمياً.

منذ تخليها عن النظام الغذائي النباتي، تتبع جوردن يونغر مقاربة صحية مدروسة أكثر تقوم على الاعتدال. كذلك بدلت اسم مدونتها. فما عادت الشقراء النباتية بل الشقراء المتوازنة (Balanced Blond).

back to top