كيف تُعالج ألم أسفل الظهر؟

نشر في 29-11-2014 | 00:01
آخر تحديث 29-11-2014 | 00:01
لا داعي لأن تجبرك آلام قرص متفتق أو الأوجاع الناتجة من داء المفاصل على النوم في السرير. ثمة طرق عدة لتخفيف هذا الانزعاج والحدّ من الآلام من دون اللجوء إلى الأدوية.
تمثل مشاكل العمود الفقري الثمن الذي ندفعه نتيجة سيرنا منتصبين. فاستعمال عظامنا المتكرر وما يلحق بهما من تلف وضغط الجاذبية المستمر على فقراتنا ترخي بظلها على ظهرنا بمرور الوقت. نتيجة لذلك، يعاني كل إنسان بالغ من ألم أو تصلب في الظهر في مرحلة ما.

نسمع الناس أحياناً يستخدمون عبارة {عرق النسا} لوصف آلام أسفل الظهر، الردفين، والساقين.

يقول الدكتور ستيفن أتلاس، وهو بروفسور مساعد متخصص في الطب في كلية جامعة هارفارد الطبية:

{عندما يخبرني المريض أنّه يعاني عرق النسا، فهو مصابٌ على الأرجح بحالة من اثنتين: قرص منتفخ أو متمزق أو تضيّق في قناة العمود الفقري}.

تؤدي هاتان الحالتان كلتاهما إلى ضغط كبير على عصب عرق النسا، الذي يخرج من المنطقة القطانية في أسفل الظهر، وينقسم فوق الردفين تماماً، ويمتد في كلتا الساقين.

فهم عمودك الفقري

العمود الفقري عمود من العظم يتألف من 24 فقرة الواحدة تلو الأخرى تتخلّلها فتحة في الوسط، ما يكوّن القناة التي يعبرها الحبل الشوكي. أما المسافات بين الفقرات فتملؤها أقراص مستديرة ليفية مليئة بـ{الجل} تحُدّ من الاحتكاك بينها وتمتص القوة التي يتعرض لها العمود الفقري. وتخرج الأعصاب من الحبل الشوكي في كل مسافة بين فقرتين.

تُصاب بألم في أسفل ظهرك يمتد إلى ساقك عندما يضغط قرص أو عظم على عصب يخرج من الحبل الشوكي.

ويحدث ذلك غالباً عند الفقرة الرابعة أو الخامسة القطنية. في حالة المرضى الذين تتراوح سنهم بين 30 و60 سنة، يكون القرص المتفتق السبب عادةً.

أما في حالة مَن تخطوا الستين، يصبح تضيّق قناة النخاع الشوكي أكثر شيوعاً.

وفي هذا الاحتمال الثاني، يضغط تضيّق حجم القناة في العمود الفقري بسبب نمو مفرط في العظم على الأعصاب.

القرص المتفتق

قد يعود التلف الذي يلحق بالقرص إلى إصابة ما أو إلى نشاطات الحياة اليومية. وإذا ورم القرص أو خرج من موضعه، فقد يضغط على عصب. أما إذا تمزق، فقد يؤدي {الجل} المتسرّب منه إلى التهاب الأعصاب.

يوضح الدكتور أتلاس: {يعاني الجميع تقريباً من قرص متفتق في مرحلة ما، إلا أننا لا نصاب جميعنا بالأعراض}.

صحيح أن المصطلح {عرق النسا} يُستخدم عادةً لوصف هذا الألم، فقد يعتبره طبيبك ألم ساق جذرياً، أي أنه ألًم ممتد من الجذر نتيجة الضغط على عصب. يظهر هذا الألم فجأةً عادةً بعد انفتاق القرص. ويزيد الجلوس عموماً الألم سوءاً، في حين يخففه المشي أو الوقوف.

يبدأ العلاج عادةً مع مسكنات للألم لا تتطلب وصفة طبية، فضلاً عن التمرن.

لكن تجربة سريرية مضبوطة أجريت أخيراً وحددت أن الأسيتامينوفين (Tylenol) أو الإيبوبروفين (Advil أو Mortin) لم يحققا نتائج أفضل من الدواء الوهمي في الحد من الألم.

لذلك لا داعي لأن تسارع إلى تناول حبوبٍ مماثلة عند الشعور بالألم. يُعتبر التمرّن أكثر فاعلية لأنّ الوقوف والتحرّك يخففان الضغط عن القرص.

قد تجد ذلك صعب التصديق، إلا أن الألم سيزول من تلقاء ذاته من دون أي رعاية طبية ما إن يعاود الجسم امتصاص مواد القرص في عضون بضعة أيام أو أسابيع. وعندما تنتهي نوبة الألم هذه، ما من داعٍ لأي علاج إضافي.

يقول الدكتور أتلاس: {أعرف أن الناس يريدون راحة فورية، وأحاول أن أقنعهم دوماً بأنهم لا يحتاجون إلى جراحة}.

ولكن ثمة حالات استثنائية نادرة. ويوضح: {إذا شعرت أن ساقك ضعيفة أو أحسست بخدر فيها، أو إذا لاحظت أن هذا الألم يؤثر في وظائف المثانة أو الأمعاء، عليك طلب المساعدة الطبية في الحال بغية تفادي أي ضررٍ دائم في الأعصاب}.

معالجة تضيّق قناة النخاع الشوكي

بخلاف القرص المتفتق، يشكّل تضيّق قناة النخاع الشوكي حالة مزمنة. صحيح أن شفاءها غير ممكن، ولكن من الممكن التحكم بالألم بفاعلية من خلال ما يلي:

• مسكنات ألم فموية: تُعتبر مضادات الالهاب غير الستيرويدية، مثل الإيبوبروفين والنابروكسين (Aleve

وNaprosyn) أو مسكن الألم الأسيتامينوفين آمنة عموماً للتحفيف من نوبات الألم من حين إلى آخر، إلا أنها لا تخلو من تأثيرات جانبية. ترتبط مضادات الالتهاب غير الاسترويدية بزيادة خطر الإصابة بنوبة قلبية، أو سكتة دماغية. أما الأسيتامينوفين، فقد يلحق الضرر بالكبد. استشر طبيبك لتحدّد الدواء الأنسب لك والجرعة الملائمة.

• حقن العمود الفقري: تُعطى حقن الليدوكاين للتخفيف من الألم والستيرويدات القشرية للحد من الالتهاب في منطقة العمود الفقري التي تشكل مصدر الألم. لكن تجربة سريرية مضبوطة أجريت أخيراً شككت في فائدة استخدام الستيرويدات: بعد ستة أسابيع، حصل المرضى الذين عولجوا بالليدوكاين وحده على راحة مماثلة من الألم واستعادوا وظائفهم (مع تأثيرات جانبية أقل) تماماً مثل مَن تلقوا العلاجين معاً.

يُعلّق الدكتور أتلاس: «لا أستعين بالحقن عادةً إلا في حالة المرضى الذين يحتاجون إلى راحة فورية كي يتمكنوا من بدء العلاج الفيزيائي».

• العلاج الفيزيائي: يشكل التمرّن المقاربة الطويلة الأمد الفضلى للتعاطي مع تضيّق القناة. وبإمكان معالج فيزيائي أن يعلمك التمارين التي تقوّي عضلات ظهرك كي تتمكن من دعم عمودك الفقري وتحد من الألم.

قد لا يعود التدليك وتليين العضلات بفائدة تُذكر في هذه الحالة لأنّ المشكلة تنبع من العظم، لا من العضلات أو الأوتار. أما الوخز بالإبر، فقد يسهم في تحسين حالتك، ولكن عليك الخضوع لجلسات متكرّرة لتجني الفائدة المرجوة.

• جهاز المساعدة على المشي (walker): قد يساعدك هذا الجهاز على التمرن من دون ألم. فمن الممكن للانحناء قليلاً للامساك بقبضتي الجهاز أن يفتح المسافات بين الفقرات ويخفف الألم. يخبر الدكتور أتلاس: {أنصح مرضى تضيق قناة النخاع الشوكي غالباً بشراء جهاز مساعدة على المشي مدولب ومزود بمقعد. وهكذا يستطيعون التنزه، وعندما يشعرون بالألم في ظهرهم وساقهم، يجلسون فيحصلون على راحة فورية}.

• استئصال الصفيحة الفقرية: تشكل هذه الجراحة خياراً حين لا تنفع العلاجات التقليدية. يشمل استئصال الصفيحة الفقرية إزالة النتوء العظمي الذي يضغط على العصب.

تتطلب هذه الجراحة عادة المكوث في المستشفى من يوم إلى ثلاثة أيام. ويستطيع المريض عموماً العودة إلى العمل في غضون أسابيع. من الممكن إجراؤها عبر فتح صغير والاستعانة بكاميرا صغيرة لاستئصال العظم.

إلا أن الأدلة لم تُظهر بعد ما إذا كانت طريقة الجراحة هذه فاعلة بقدر الجراحة التقليدية.

يقول الدكتور أتلاس في هذا السياق: {أواجه صعوبة عادةً في إقناع مرضاي بالخضوع لجراحة استئصال الصفيحة الفقرية. وقد يتحملون الألم طوال سنة أو أكثر قبل أن يوافقوا، إلا أنهم ينعمون بالراحة في النهاية}.

تضيّق قناة النخاع الشوكي

تصبح هذه الحالة أكثر شيوعاً مع التقدم في السن. يؤدي تراكم تأثير الجاذبية بمرور الوقت إلى اقتراب الفقرات الإحدى من الأخرى. كذلك تجف الأقراص أو تصبح أرق. ومع ضعف الفاصل بين الفقرات، تحتك إحداها بالأخرى مسببةً التهاب المفاصل. ومن الممكن لترسبات التهاب المفاصل العظمية أن تسبب تضيّق القنوات التي تمرّ عبرها الأعصاب، ما يزيد الضغط عليها ويسبّب الألم.

يُدعى الألم الناجم عن تضيّق قناة النخاع الشوكي {عرج عصبي المنشأ}، مع أنه أقل حدة من الألم الناجم عن تضرر القرص.

كذلك قد تشعر بعوارض في الظهر، الردفين، وأعلى الفخذين، إلا أن هذا الألم قد لا يمتد إلى أسفل الساق. وقد يؤثر هذا الألم في جانبي الجسم معاً. ومع هذا التضيّق، قد تشعر أيضاً بالألم في أعلى فخذيك وساقيك عندما تقف.

يخفف الجلوس بهدف إزالة الضغط عن الجزء السفلي من العمود الفقري الألم بعض الشيء. كذلك يسمح الانحناء قليلاً نحو الأمام فتح المسافات بين الفقرات ما يحد من الضغط على الأعصاب. وإذا استجمعت قواك وقصدت متجر البقالة، فقد تُسر حين تلاحظ أن دفع العربة يخفف من آلامك.

• دمج الفقرات: تشمل عملية دمج الفقرات استئصال الصفيحة الفقرية لإزالة الضغط عن العصب.

بالإضافة إلى ذلك تُزال الأقراص بين الفقرات المتضررة وتُملأ المسافة بمادة مصنوعة من غبار العظم ومادة أخرى شبيهة بالعظم.

وفي عملية دمج الفقرات التي تعتمد على معدات، تُثبت الفقرات في موضعها بواسطة صفيحات معدنية، قضبان، وبراغٍ.

ولكن لهذه الجراحة مساوئ كثيرة. تستغرق فترة الشفاء ما لا يقل عن ستة أسابيع من الضروري أن يبقى العمود الفقري خلالها من دون أي حراك، ما يؤدي إلى خسارة كثير من العضل ويفرض على المريض الخضوع للعلاج الفيزيائي.

بالإضافة إلى ذلك، لا تعود المنطقة المدمجة من العمود الفقري قابلة للحركة. نتيجة لذلك، تعجز عن الانحناء بقدر ما اعتدت في السابق. كذلك تمارس المنطقة المدمجة من العمود الفقري المزيد من الضغط على الفقرات فوقها وتحتها، ما ينبئ بمزيد من المشاكل في المستقبل.

يشرح الدكتور أتلاس: {يحظى معظم المرضى الذين يعانون تضيّق قناة النخاع الشوكي براحةٍ كبيرة بعد استئصال الصفيحة الفقرية. صحيح أن دمج الفقرات قد يكون مفيداً، ولكن في حالة قليلة محددة.

لا أنصح بهذه الجراحة إلا لمن يعانون انزلاق الفقار التنكسي، أي لدى وجود حالة شديدة من داء المفاصل تخرج فيها الفقرات عن اصطفافها الصحيح}.

back to top