«القوى العاملة»... هيئة للإنجاز الفعلي أم مجرد تغيير مسميات؟

نشر في 23-11-2014 | 00:09
آخر تحديث 23-11-2014 | 00:09
No Image Caption
المكيمي: قادرون على ضبط السوق وتعديل التركيبة السكانية ومحاربة تُجّار الإقامات
مع الزيادة الكبيرة التي بلغتها أعداد العمالة الوافدة بالبلاد خلال السنوات الخمس الماضية، والمقدرة، وفقاً لتقرير حديث صادر عن المجلس الأعلى للتخطيط، بـ2664917 نسمة، بنسبة 68.5% من إجمالي عدد سكان الكويت، كان لزاماً على الدولة إنشاء هيئة مستقلة عن وزارة الشؤون تكون حاضنة لكل ما يخص العمالة الوافدة.

وبالفعل صدر القانون رقم 6 لسنة 2010، بشأن العمل في القطاع الأهلي، متضمناً في مادته التاسعة «إنشاء هيئة عامة ذات شخصية اعتبارية وميزانية مستقلة تسمى (الهيئة العامة للقوى العاملة) بإشراف وزير الشؤون الاجتماعية، تتولى الاختصاصات المقررة للوزارة في القانون من استقدام واستخدام العمالة الوافدة بناءً على طلبات أصحاب الأعمال».

وفي لقاء «الجريدة» مع بعض مسؤولي الهيئة وأصحاب العمل ومندوبي الشركات تباينت الآراء وردود الأفعال بين متفائل بعمل «الهيئة» واعتبارها قادرة على تصحيح الأوضاع، وتلافي الأخطاء السابقة لقطاع العمل، وبين متشائم يؤكد أن الوضع كما هو «ولا طبنا... ولا غدا الشر». وفيما يلي التفاصيل:

بعد أن تسلمت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل وزيرة الدولة لشؤون التخطيط والتنمية هند الصبيح الحقيبة الوزارية، حرّكت المياه الراكدة، واستعجلت إشهار الهيئة العامة للقوى العاملة، واختيار مجلس إدارتها، ووضع هيكلها التنظيمي والاداري، لتظهر إلى النور بعد ولادة متعثرة دامت ثلاث سنوات.

وهنا يأتي السؤال... هل حققت "هيئة العمل" الهدف المرجو منها، من تعديل التركيبة السكانية في البلاد، ومحاربة تجار الاقامات، وقطع دابر الشركات الوهمية التي أغرقت السوق بمئات الآلاف من العمالة الهامشية التي تشوه صورة الكويت في المحافل الدولية؟

تباينت الآراء وردود الافعال ما بين متفائل بعمل "الهيئة" واعتبار انها قادرة على تصحيح الاوضاع، وتلافي الاخطاء السابقة لقطاع العمل، لاسيما الفساد والرشى والبيروقرطية التي "تعج" بها ادارات العمل، وبين متشائم يؤكد ان الوضع كما هو "ولا طبنا... ولا غدا الشر"، وما تزال ادارات العمل على وضعها القديم محملة بسلبياتها كافة مع تغيير فقط في المسمى.

تقليص الشكاوى

وفي هذا الشأن، أكدت الوكيلة المساعدة لشؤون حماية القوى العاملة في الهيئة العامة للقوى العاملة بدرية المكيمي أن "الهيئة" استطاعت تقليص اعداد الشكاوى العمالية المقدمة من جانب العمالة الوافدة، وذلك من خلال عمل تسويات ودية بين العامل وصاحب العمل، أو عبر احالة الشكاوى الى القضاء للفصل فيها في حال تعذر عملية التسوية.

وشددت المكيمي على ان "الهيئة" انشئت خصوصا لحماية حقوق العمال، وتنظيم العلاقة بين العمال ورب العمل وفقا للقانون، مؤكدة انه "عقب اشهار الهيئة لن يظلم احد من العمالة، وسيأخذ كل ذي حق حقه".

وبسؤال المكيمي عن قدرة "الهيئة" على محاربة تجار الاقامات، والحد من العمالة الهامشية، أجابت المكيمي "نعم... الهيئة قادرة على ذلك، بل اتخذت العديد من الاجراءات والخطوات لمحاربة ظاهرة تجارة الاقامات، حيث تمت احالة آلاف الملفات لشركات مخالفة الى الادارة العامة للتحقيقات في وزارة الداخلية، الى جانب وقف ملفات آلاف الشركات نهائيا خالفت قانون العمل في القطاع الاهلي.

التفتيش... والعمالة الهامشية

وقالت المكيمي إن "الهيئة تكثف عمليات التفتيش على الشركات والمنشآت حتى خلال العطل الرسمية، للتأكد من مدى التزامها بالقانون، ووجودها فعليا بالعنوان المحدد في الترخيص التجاري، وان عمالتها على رأس العمل".

وأضافت ان "الهدف من جميع هذه الاجراءات ملاحقة الشركات الوهمية التي تستقدم العمالة من الخارج، من ثم تعمد الى عدم تسليمها العمل، ما ترتب عليه ظهور آلاف من العمالة الهامشية التي كانت سببا رئيسا في الخلل الذي اصاب التركيبة السكانية بالكويت".

دقيقة واحدة

على مستوى إدارات العمل، أكد صالح العنزي مدير ادارة عمل محافظة الفروانية، التي تعد من اكبر الادارات من حيث اعداد ملفات الشركات التي تحتويها، وأيضا من حيث المشكلات وعمليات التزوير التي اكتشفت داخلها لانجاز المعاملات "تخصيص صالة لاصحاب الاعمال تضم 14 موظفة ومسؤولا، لانجاز أي معاملة (تجديد، تحويل، تصريح عمل) في دقيقة واحدة.

وأضاف العنزي ان "هذا الانجاز ساهم بصورة فاعلة في التغلب على مشكلة الزحام التي كانت تعانيها الادارة خلال الاعوام الماضية، لاسيما في مبناها القديم بمنطقة الضجيج، وأسرع في انجاز المعاملات حيث تستقبل الصالة 200 صاحب عمل بصفة يومية، الامر الذي تقلص معه اعداد المندوبين، وخفف حدة الزحام".

وعن السلبيات التي تعانيها الادارة، قال العنزي انه تم التغلب على قرابة 90 في المئة من السلبيات، والمتبقي اشياء بسيطة سيتم تداركها خلال الفترة المقبلة، وهذا انعكس على اعداد المعاملات التي نتلقاها حيث نستقبل قرابة 700 معاملة يوميا مقسمة على النحو التالي، 300 تجديد 300 تحويل 100 تصريح".

التزوير... والتفتيش

لا يخلو التقرير السنوي لديوان المحاسبة الصادر بشأن مراجعة اعمال وحسابات الوزارة الختامية من رصد ملاحظات داخل ادارات العمل، خصوصا بشأن عمليات التزوير، حيث أكد العنزي ان احد اهم اولويات "هيئة العمل" خلال الفترة المقبلة هي وقف عمليات التزوير التي تتم داخل ادارات العمل، لاسيما في كشوفات المرور (ار.جي).

واضاف ان "الهيئة عقدت مع الادارة العامة للمرور في وزارة الداخلية اجتماعا لضبط مسألة ربط المهنة بكشوفات (ار.جي)، ومع بداية العام الجديد سيتم القضاء نهائيا على مشكلة التلاعبات في كشوف المرور".

وعن المشكلة الدائمة لاصحاب الاعمال وهي تأخر عملية التفتيش على المنشأة لتحديد تقدير الاحتياج، اوضح العنزي ان "الامر حُل، والان تستغرق معاملة التفتيش يوما واحدا فقط".

«أنا... كويتي»

رغم كل هذه الايجابيات التي ذكرها مسؤولو "هيئة العمل" يظل هناك امتعاضات من قبل المراجعين الذين يأملون من المسؤولين وضعها بعين الاعتبار، والعمل على تلافيها سريعا، وفي مقدمتها المعاملة السيئة للعمالة الوافدة والمندوبين من قبل بعض الموظفين، وتغيير الفكرة السائدة لدى السواد الاعظم منهم بأنني "انا كويتي" أنت وافد... "وكافي اني قاعد استلم معاملتك".

سلبيات «الإدارات»

وعلى مستوى اصحاب الاعمال وممثليهم داخل ادارات العمل من المندوبين، يقول عمار عبدالله، مندوب احدى الشركات بالقطاع الاهلي: "إنه بشأن سرعة انجاز المعاملات فقد لمسنا تغييرا حقيقيا في الامر، غير ان هذا لا ينسحب على جميع المعاملات، لاسيما التحويل او استصدار تصاريح العمل".

وأضاف عبدالله ان "انجاز معاملات تجديد اذونات العمل بات الآن عبر الموقع الالكتروني لوزارة الشؤون، من خلال استخدام (باسوورد) كلمة مرور خاصة بالشركة، وهذا ويوفّر علينا عناء الذهاب الى الادارة المختصة لانجاز المعاملة، ويختصر الكثير من الوقت والجهد المبذولين في هذا الشأن"، غير أنه يؤكد استمرار تأخر الادارات في انجاز معاملات تصاريح العمل والتحويل الى رب عمل اخر.

 وأشار إلى أن "آخر معاملة قدمتها انجزت في 30 يوما، وهذا يجافي تصريحات مسؤولي هيئة العمل ان التصاريح تأخذ 3 ايام على الاكثر"، لافتا الى ان "الواسطة ما تزال تلعب دورا رئيسا داخل الادارات في تسريع وتيرة انجاز المعاملات".

الواسطة والمحسوبية

أبو فرح، صاحب شركة في القطاع الاهلي، يصف الاوضاع داخل ادارات العمل، وخصوصا بعد اشهار "هيئة العمل" بالمثل القائل "لا طبنا... ولا غدا الشر"، مؤكدا أن "الامور القديمة لم تمض وكما هي، وكأنك تُرقّع قطعة قماش جديدة على ثوب قديم عث".

وقال ابوفرح: "مازلنا نعاني مشكلة الزحام الشديد داخل الادارات، لاسيما عند انهاء معاملات التحويل واستصدار تصاريح العمل، ومازالت الواسطة والمحسوبية مستفحلة داخل تلك الادارات"، غير انه يرى ان الجديد الوحيد الذي اضافته "هيئة العمل" هو انهاء معاملات التجديد الكترونيا.

وأشار الى مشكلة اخرى تؤرق الشركات وهي عدم الربط الآلي بين "هيئة العمل" وجميع البنوك المحلية، اذ انه حتى الآن هناك بنوك تطلب كشوفا يدوية لتحويل الرواتب"، مناشدا مسؤولي "الهيئة" سرعة الانتهاء من الربط الالي بين جميع البنوك، للتسهيل على الشركات بشأن تحويل الرواتب للعمالة المسجلة على ملفاتها في موعده المحدد بـ"كسبة زر" دون تكبد عناء الذهاب الى البنك.

back to top