أمسية ثقافية رائعة مع «فن الصوت» في اليوبيل الذهبي لجمعية الخريجين

نشر في 31-10-2014 | 00:02
آخر تحديث 31-10-2014 | 00:02
الرشيد والفرس وحمدان شاركوا في المحاضرة... وسلمان العماري بالفقرة الغنائية

حضر «فن الصوت» في أمسية جمعية الخريجين الثقافية، وستعقبه محاضرات أخرى للفنون الكويتية القديمة في القادم من الأيام بإشراف د. صالح حمدان.
أقامت جمعية الخريجين، ضمن احتفاليتها بمناسبة مرور 50 عاماً على تأسيسها، أمسية موسيقية ثقافية بعنوان «ليلة مع فن الصوت»، أمس الأول، وهي مكونة من جزأين، الأول محاضرة تحدث فيها كل من د. يوسف الرشيد ود. فهد الفرس، والثاني فاصل من الغناء مع الفنان سلمان العماري، وأدار الأمسية د. صالح حمدان.

في البداية تحدث د. حمدان قائلاً: «بالتعاون مع جمعية الخريجين سنقدم أمسيات فنية جديدة، نستهلها بفن الصوت، ثم عن السامري والفنون الأخرى في الكويت، بعد ذلك سنعقد مقارنات بين الفنون في الكويت والخليج. ووقع اختيارنا على فن الصوت في الأمسية، لأنه الفن الرئيس في الكويت، والخليج العربي».

وقال عن د. الرشيد إنه من الفنانين الرائعين، «الذي جعلني أحب الموسيقى العالمية، لأنه كان يعزف على آلة التشيلو، ومع الأسف العرب ليسوا مهتمين بهذه الآلة الجميلة، وهي في الأوركسترا تسمى الآلة التي تعبّر عن الإنسان الوقور».

من جهته، أكد العميد السابق لمعهد الفنون الموسيقية د. يوسف الرشيد وجود مؤشرات تاريخية على امتداد الفنون الكويتية القديمة قد تصل إلى العصر الجاهلي، وهذه تشكل مفاجأة للكثيرين، الذين يتساءلون كيف أن الكويت عمرها 300 سنة وتصل إلى ذلك العصر؟

وتابع: نعم لأن هذه الأرض لم تخلُ من الناس، فكانت قبيلة بني تميم، قبائل أخرى، ومن ثم ما يحصل في شبه الجزيرة العربية يؤثر، وخصوصا إذا ما عرفنا أن الفنون العربية بشكل عام منبتها الجزيرة العربية، من الحجاز، وبدأت تنتشر مع الإسلام، لكن لاتزال بعض الفنون ترجع إلى العصر الجاهلي وعلى طبيعتها لم تتغير، وأقرب ما فيها «الحداء»، ومن أبدع فيه مضر بن نزار يعتبر الجد السابع عشر للرسول (صلى الله عليه وسلم)، وهذا مؤشر يؤكد أن الكويت احتفظت ببعض الفنون.

وأضاف د. الرشيد: «ما يحزنني أن بعض البحوث كرست أن عمر الفنون الكويتية 150 سنة، وهذا أمر خاطئ، ومستحيل، فحكم آل الصباح ليس أقل من 400 عام. والفنون هي مقياس ثقافة أي مجتمع، وإذا تعمقنا في التاريخ سنجد أن معظم الشعراء ومن بينهم الفرزدق وابن جرير كانوا مقيمين في المنطقة، حيث ذكر الفرزدق كاظمة أكثر من خمس مرات في ديوانه».

وتناول موضوع نسب فن الصوت إلى عبدالله الفرج، وهو من أوجده، هذا أمر غير صائب، فليس هناك فن تمت ولادته بالكامل، والصحيح أن الفرج هو من أوصل إلينا هذا الفن، وقال د. يوسف دوخي، يرحمه الله، إن الفنون الكويتية بدأت من الفرج ومحمد بن لعبون، وهذا ليس صحيحاً أيضاً، فلو نظرنا إلى إيقاعات الفن البحري، إيقاعات معقدة جداً، من المستحيل أن يركبها بحار بسيط.

وأكد أن الفن السامري كان يغنيه العرب قبل بن لعبون، لكنه أوصل لنا نوعا منها، مثل يوسف البكر في الصوت، وخصوصا في القرن التاسع عشر لم يتم تسجيل هذه الأعمال، وختم حديثه «دورنا كباحثين أن نؤصل هذه الفنون، ولدينا مؤشرات قوية بحاجة إلى إيضاحات، فبعض الأصوات مجهولة المصدر، فمن أين أتت؟. مثل الرودماني والخيّالي».

دلالة تاريخية

بدوره، أشار د. فهد الفرس إلى أن فن الصوت له جذور تاريخية منذ الدولة الأموية والعباسية، مؤكداً أن هذا الفن أصيل وعريق، لأنه الفن الوحيد في الكويت يغنى باللغة العربية الفصحى، تلك دلالة على مدى رقيه، وقد اشتهر في الكويت والبحرين، وهما الرواد ولهما بصمة وتاريخ.

وقد أحيا فن الصوت عبدالله الفرج بثقافته ودراسته في الهند، فهو رجل أديب وقارئ وباحث، وقبل وفاة يوسف البكر بعامين، سجل له أحمد بشر الرومي، وثق الألحان المنسوبة لعبدالله الفرج، وأخرى مجهولة، حيث لم يذكر اسم الفرج.

وفن الصوت له جذور أيضاً في اليمن، في بعض اسطوانات المطربين القدامي مكتوب عليها صوت كويتي، يعني ذلك أن يغنى منذ القرن العشرين، وما قبل تلك الفترة.

ووثق الصوت في فترة ما بعد البكر، من قبل جيل آخر عبداللطيف الكويتي وعبدالله الفضالة.

ثم عقد د. الفرس مقارنة بين إيقاع الصوت في الكويت والبحرين، وكلاهما متفق في الصوتين العربي والشامي، إلا أن لحن الصوت الكويتي واضح وثابت، والبحريني يتخلله الارتجالات.

وانتقل بعد ذلك إلى أنواع فن الصوت، وهي: الصوت العربي يتكون من ميزان 6 على 4، الصوت الشامي وميزانه 4 على 4 أنشط وأسرع من العربي، ويستخدم فيه الشعر العامي والحميني، الصوت الخيالي سمي نسبة إلى رقصة الخيل وميزانه 12 على 8.

غناء

وحانت لحظة الاستماع إلى المطرب المبدع سلمان العماري مع فرقة الماص للفنون الشعبية، حيث قدّم أربعة أعمال من فن الصوت.

بدأ العماري وصلته الغنائية، بصوت «مضانين قلبى»: «مضانين قلبى يوم أمسوا نازحين، وفيهم كحيل الطرف أهيف أزج حور، مدلمج دعج أغنج مغنج غنج فطين، هلكني ملكني هاشني باهي الغرر، نحلني وعذبني وانا ناصح أمين، وله غرةٌ بيضاء كما طلعة القمر، ونون الحواجب ملتوى شكلها قرين».

ثم الصوت الشامي الشهير: «مر بي واحترش أهيف مليح الدلال»، حيث بفاصل من الغناء الاستهلالي «إذا المرء لا يرعاك إلا تكلفا، فدعه ولا تكثر عليه التأسفا، ففي الناس إبدال وفي الترك راحة،  وفي القلب صبر للحبيب ولو جفا»، وأنهى الصوت بتوشيحة: «يا أم عمرو جزاك الله مكرمة، ردي عليّ فؤادي أينما كانا، لا تأخذين فؤادي تلعبين به، فكيف يلعب بالإنسان إنسانا».

وبعدها صوت «اليافعي قال كيف الحال»، حيث بدأ بزهيرية لعبدالله الفرج : قمور الأشخاص غابن وانقضى فيّهم، البين يا ليت ما جاهم ولا فيهم، الدهر ياما ضرب سمعي على فيهم، ظليّت من عقبهم ما لي ظلال وفيّ، الهم مزّع ضميري وفيّ قلبي في، أول أنا بالغصب يا صاح آخذ في، واليوم دوبي أراعي الناس في فيّهم»، وكان ختام الصوت مع توشيحة: «ألا حسبي على أهل الهوى، هم بالهوى ولعوني، من يوم ثوبي ذراع، عطشان ظميان أنا يا أهل الهوى، أدركوني شربة هنية بساع».

بعد ذلك، قدم العماري صوت «يا ليل دانة»، الذي أنهاه بتوشيحة: «إن العيون التي في طرفها حور، قتلننا ثم لم يحيين قتلانا».

وغنى صوت آخر بعنوان «اغنم زمانك أمانة يا حبيب اغنم»، حيث قدم فاصلا استهلاليا: «نظري إلى وجه الجميل نعيم، وفراق من أهوى عليّ عظيم، أنا الذي كنت لم أرحم عاشقاً، حتى بليت بالعشق، فصرت بالعاشقين رحيم».

 وختم بتوشيحة: «من باع درا على الفحام ضيعه، شبه السراج الذي في دار عميان».

ونزولاً عند رغبة الجمهور الحاضر، أدى العماري في نهاية وصلته أغنية «السمر والبيض» لعبدالله فضالة.

يذكر أن من بين الحضور د. خليفة الوقيان والأديب حمد الحمد والمطرب القدير محمد المسباح، ونخبة من محبي فن الصوت.

توضيح الرميثان

كانت هناك مداخلة للملحن والأستاذ في المعهد العالي للفنون الموسيقية د. عبدالله الرميثان، أشار فيها إلى أن الصوت الشامي معناه أنه أتى من الشمال، أما الصوت اليماني فهو من اليمين أي اليمن والدول المجاورة له، أما الصوت العربي فكان يسمى في مجان «عُمان» حالياً باسم «شرح».

back to top