أحد المُجنِّدين في الدولة الإسلامية: الديمقراطيةُ للكُفار

نشر في 30-10-2014 | 00:06
آخر تحديث 30-10-2014 | 00:06
No Image Caption
ما هو منطق الدولة الاسلامية؟ كيف يرى أتباعها العالم؟ {شبيغل أونلاين} التقت أحد المُجنِّدين في الدولة الاسلامية وهو يعمل انطلاقاً من تركيا وأجرت معه هذه المقابلة للاطلاع على نظرة الدولة الاسلامية المُتشدّدة للعالم ورؤيتها للمستقبل.
لا شك في أنّ الشروط التي يضعها الاسلاميون متشدّدة: ممنوع التصوير، وكذلك التسجيل السمعي. ينبغي كذلك الابقاء على سرية اسم المتحدث ومسقط رأسه. لن يعطيك الاسلاميّ إذاً أية معلومة باستثناء أنه عربيّ. وهو يتكلّم الانكليزية بطلاقةٍ فريدة وبلهجةٍ بريطانية صرف.
يطلق على نفسه اسم {أبو ستار}. هو في عقده الثالث على الارجح، بلحيةٍ سوداء كثّة طويلة تصل الى صدره، وقد حلق شفته العليا ورأسه وارتدى ثوباً أسود يمتدّ الى الارض. يحمل شنطةً سوداء من الجلد يحتفظ فيها بنسخة من القرآن مغطاة بقماشة سوداء.
يجنّد أبو ستار مقاتلي الدولة الاسلامية في تركيا. يسافر الاسلاميون المتطرفون من مختلف أصقاع العالم الى تركيا للانضمام الى {الجهاد} في العراق وسورية ويتولى أبو ستار مهمة التعمّق في نواياهم لاستبيان مدى تطابقها مع العقيدة الاسلامية ومعتقداتها. أوصاني عدد لا بأس به من أتباع الدولة الاسلامية بإجراء مقابلة معه كونه الشخص القادر بامتياز على شرح ما تمثله الدولة الاسلامية من مبادئ وما تُجاهد في سبيله. يبدو أن كثراً في الدولة الاسلامية يرون فيه مرشداً أساسياً وفقيهاً في العقيدة الاسلامية.

لم يقبل القيام بالمقابلة إلا بعد فترةٍ من التردّد. وبعد أن عيّن موعداً في مكانٍ من اختياره تخلّف عن الحضور ليعود ويعيّن مقابلة أخرى في اليوم التالي في مكانٍ عام هذه المرة. لم يتخلّف عن الحضور إذ سرعان ما أطلّ: رجلٌ بعينين بنيتين خلف نظارة شفافة من دون إطار محدّد. يبدو شخصاً محباً للجدال والمقارعة وواثقاً من نفسه الى أقصى الحدود. طلب فنجاناً من الشاي وطوال فترة المقابلة كان يمرّر مسبحة الصلاة بين أنامله.

السلام عليكم

هل أنت مسلم؟

وأين الأهمية في ذلك؟ الدين مسألةٌ خاصة بالنسبة إليّ.

لماذا إذاً قلت {السلام عليكم}؟

لأن العبارة تعني {فليعمّ السلام عليكم} وأجد في ذلك الأمر تحيةً لطيفة.

لستَ مسلماً إذاً! كنتُ متأكداً من ذلك!

لماذا تُصرّ الدولة الاسلامية على تقسيم العالم بين مؤمنين وكفّار؟ لمَ لا ترى الأمور إلا من منطلق {إما أبيض أو أسود}، {نحنُ ضد العالم}؟

ومن بدأ بالأمر؟ من سعى لإخضاع الثقافات المختلفة والديانات المختلفة لهيمنته؟ تاريخ الاستعمار طويل وملطّخ بالدماء. وهو مستمرّ حتى أيامنا هذه بشكل العنجهية الغربية تجاه كلّ الناس. {نحن ضدّ العالم} نظرية يقتدي بها الغرب. وأخيراً بات بإمكاننا نحن المسلمين أن نقوم بمقاومةٍ فاعلة وناجحة في هذا المضمار.  

أنتم تنشرون الخوف والرعب وتقتلون الابرياء ومعظمهم من المسلمين وتسمّون هذا النوع من المقاومة مقاومةً ناجحة؟

نحن نتبع كلمة الله. نحن نؤمن أن واجب البشرية الوحيد هو تكريم الله ونبيه محمد صلّى الله عليم وسلّم. نحن نطبّق ما جاء في القرآن. إذا ما استطعنا فعل ذلك، فطبعاً نحن ناجحون في المقاومة.

هل تعتقد أن من يعمد الى قطع رؤوس الآخرين هو مسلمٌ خيّر؟

دعني أسألك أمراً: هل تعتقد أن من يشنّ غاراتٍ جويّة على أعراسٍ أفغانية أو يسير غازياً نحو بلدٍ مثل العراق بحججٍ مشبوهة هو مسيحيٌ خيّر؟ هل من قاموا بفظاعات غوانتانامو وأبو غريب هم من المسيحيين الأبرار؟

أنت تهرب من السؤال. الاحداث التي تتكلم عنها لم تقع بدافع الدين وقد تلقت انتقادات لاذعة في الغرب. مرة أخرى أطرح السؤال: من هو المسلم الجيّد بالنسبة إليك؟ أي نوعٍ من الناس تسعى الى تجنيده؟

المسلم هو من يتبع كلام الله من دون أي سؤال. الشريعة هي قانوننا. لسنا بحاجةٍ الى أي تفسير ولا الى قوانين هي من صنع البشر. إن الله هو المشرّع الوحيد. إننا واثقون أنّ هناك كماً هائلاً من البشر في كل أنحاء العالم يشعرون بخواء العالم الحديث من الأخلاق ويتطلعون الى القيم التي يمثلها الاسلام ويتوقون إليها. من يناهض الشريعة ليس بمسلم. نتحدّث الى من يقصدوننا ونقيّم بعد الحوارات بيننا مدى عمق الايمان لديهم.

ثمة أكثر من 1.6 مليار مسلم في العالم اليوم. معظمهم ديمقراطيون بعضهم ليبرالي، والبعض الآخر محافظ، وثمة أيضاً مجموعات أخرى غير متدينة. ومعظم هؤلاء لا يشاطرونك عقيدتك. ولكنك تصرّ على التحدّث وكأن هناك نوع واحد من المسلمين، النوع الذي يتلاقى مع أفكارك وطروحاتك الدينية. وذلك تفكير سطحي!

الديمقراطية هي للكفّار. المسلم الحقيقي ليس ديمقراطياً لأنه لا يهتم برأي الأكثريات ولا الأقليات. لا يهتمّ إلا بما يقوله الاسلام. ناهيك عن أنّ الديمقراطية هي أداة الغرب للهيمنة وهي نقيض الاسلام. لم تتصرفون وكأنّ العالم بأسره بحاجة الى الديمقراطية؟

هذا النوع من الكلام يرخي بظلال التشكيك على المسلمين كافةً. في عدد كبير من الدول يضطر هؤلاء الى إبعاد نفسهم عن كل ما يمتّ الى الدولة الاسلامية مع أنّ لا علاقة لهم بأجواء الرعب التي  تنشرها الدولة الاسلامية.

حتى لو كان ما تقوله صحيحاً (يضحك) أعتقد أننا نتمتع بدعمٍ أكبر بكثير مما تتخيّل. من يطالب المسلمين باختيار أحد المعسكرين إنما هو محقّ.لا بل نحن في الدولة الاسلامية نذهب الى أبعد من ذلك: على الجميع أن يقرّ في ما إذا كان يخضع خضوعاً تاماً الى الله أم لا. من هم ضدّنا همّ أعداء لنا ومحاربتهم واجبة. وينطبق ذلك على كلّ من يسمّي نفسه مسلماً ولكنه لا يتبع نمط الاسلام في حياته، كالذي يشرب، أو لا يصلي أو لا يصوم، أو ينتقل من شريكة الى أخرى باستمرار ومن لا يستطيع تلاوة القرآن.

هناك عدد كبير من المسلمين الذين ارتضوا لنفسهم طواعيةً نمط حياة من النوع الذي ذكرته.

ربما، ولكن تلك ليست مشيئة الله. وعندما تنتقل السلطة إلينا يوماً ما، إن شاء الله، سنطبّق الشريعة على العالم بأسره. وسنعاقب الناس على تصرفاتها وأفعالها.

تخطفون النساء غير المسلمات وتحولونهنّ الى جنسٍ رقيق. تصلبون أو تقطعون رؤوس من هم من ديانات أخرى بمن فيهم الأطفال. أين ذلك من الإسلام؟

لماذا لا يحرّك أحد ساكناً لمئات القتلى الذين يقعون على يد نظام الرئيس السوريّ بشار الاسد؟ ولكن عندما نعلن رغبتنا في إنشاء الخلافة تقوم القيامة فجأةً. رداً على سؤالك: انّه لواجب على المسلم محاربة أي شخص غير مسلم حتى تتم عبادة الله وحده في جميع أنحاء العالم. وللجميع فرصة تقبّل الله والتحويل نحو الصراط المستقيم راجع السورة 5 الآية 33 التي تقول: {إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ»

معظم غير المسلمين لا يشنون حرباً على أحد. ملايين الناس مهما كان دينهم يعيشون بتآخٍ مع الآخرين، أو على الأقل جنباً الى جنب.

(ومرة أخرى يتلو من القرآن ولكن هذه المرة من السورة 4 الآية 89): وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء حَتَّىَ يُهَاجِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتَّمُوهُمْ وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا.

انك تتهرب من السؤال عبر اللجوء الى النصوص الدينية المعقدة. ولكن إذا كنت تريد اللجوء إلى هذا الأسلوب إليك طرحي: يقول القرآن كذلك: {لا إكراه في الدين} كذلك يقول في مكان آخر لا يحق لأي كان {الإخلال في التوازن الموجود} لأنّ الله لا يحب {عدم التوازن}، وهذا ما تقومون به أنتم {الاخلال في توازن العالم}.

نعم هذا في السورة 2 ولكنه يقول أيضاً بوجوب قتل الكفار أينما وجدوا.

شهد عصر الاسلام الذهبي، انتشار الموسيقى والرسم والرقص، والتخطيط والهندسة. اليوم أنتم تروّجون لإسلام خالٍ من الثقافة والفن.ألم يحن الوقت للتعمق في المضمون الديني بحثاً عن تفسيرٍ عصريّ؟ ألا تعتقد أن ذلك ضروريّ؟

لا يقع على عاتقنا تفسير كلام الله. وقعت المجتمعات المسلمة على مر التاريخ في مغالطاتٍ كبيرة ومتكرّرة. ولا شكّ في أن {العصر الذهبي} الذي تتحدث عنه أنت هو إحداها.

إذاً لا بدّ من أنّك على الأقل تؤيد السماح للناس بقراءة القرآن بلغتهم كي يفهموا أيّ نمط من الحياة عليهم اتباعه. معظمهم لا يتقن العربية أو يفهمها. ألا تعتقد أن الدعوات الى القتل والجهاد هذه تصبح مفهومة أكثر في حال قراءتها باللغة الأم؟

إنه كلام الله كما ورد في القرآن. لا يحق لنا ترجمته. لا يهمّ إذا كنا نتلقاه بشكلٍ جيد أم لا ولا يحقّ لنا التشكيك فيه ولا حتى بكلمةٍ واحدة.

تريدون نشر الأمية كي يبقى الناس تحت سيطرتكم. إنها استراتيجية المتطرفين طبعاً.

لكم وجهة نظركم ولنا وجهة نظرنا.

ولكنكم تحاربون كلّ من لا يشاطركم رؤيتكم للعالم.

المسيحيون واليهود يلاحقون من لديه المواد الخام ومن يمنع الحصول عليها. النفط أبرز مثال على ذلك. تتدخّل الولايات المتحدة وحلفاؤها باستمرار في بلدان لا علاقة لهم بها وذلك طمعاً برفاههم الخاص. فهل ذلك أفضل مثلاً؟ لسنا نحارب طمعاً أو أنانيةً بل نحارب في سبيل القيم والأخلاق.  

لا نلاحظ هذا الأمر حين ننظر الى أفعالكم في العراق وسورية. يشعر المرء وكأن أفعالكم ناتجة عن عقدة نقص. ينطبق الأمر نفسه على المجندين لديكم: يشعرون بأنهم لا ينتمون الى بيئتهم ثم يرون فرصةً لممارسة أهوائهم السلطوية.

ليس صحيحاً أنّ من يأتون إلينا لم يختبروا النجاح يوماً. فثمة منهم من يحمل الشهادات الجامعية العالية أو من هم في أفضل الأحوال اجتماعياً. ولكنهم جميعاً اختبروا الظلم وعدم المساواة اللذين يعاني منهما المسلمون لفترةٍ طويلة ويريدون الجهاد لمحاربة ذلك.

لا تنفك تتحدّث عن القتال. ألا يقول المسلمون دوماً إن الاسلام هو دين السلام؟

الاسلام هو حين يخضع المسلمون لله الرحيم فهو يغفر لكل من يلحق به.

back to top