محنة أيزيديّة في أسر الدولة الإسلامية

نشر في 22-10-2014 | 00:07
آخر تحديث 22-10-2014 | 00:07
تسعة أيّامٍ في «الخلافة»

لمّا اجتاح مقاتلو الدولة الإسلامية المنطقة الحدودية بين العراق وسورية، وقعت قرية كوشو الأيزيدية في قبضتهم أيضاً. كانت ناديا البالغة من العمر 22 عاماً من بين عشرات الشابّات اللواتي اختطفن وأسيئت معاملتهنّ. رالف هوب دوَّن قصّة معاناتها في {شبيغل}.
في الليلة التاسعة من أسرها لدى تنظيم الدولة الإسلامية، اغتنمت ناديا فرصةً غير متوقّعة للفرار.
في العودة إلى يومها الأوّل، كان الرجال الذين اختطفوا ناديا والشابّات الأخريات وأخذوهنّ رهائن وسبايا قد أرغموهنّ على خلع أحذيتهنّ. فالهروب حافية القدمين لم يكن إذاً خياراً وارداً لدى أيّ واحدةٍ منهنّ. وكما رأت النساء عبر النوافذ، كانت الأرض المحيطة بهنّ وعرةً وصخرية، ولكان انتهى الأمر بهنّ بجروحٍ داميةٍ، بليغة وطفيفة على السواء، في أقدامهنّ.
احتوى البيت الذي أُسِرن فيه على غرف عدة، وكثيراً ما نُقلت الشابّات من غرفةٍ إلى أخرى. لم يكن ثمة أيّ سببٍ واضحٍ أو منطقي لهذه التنقلات المتكرّرة، وبدا أنّهن رهينة أهواء الآسرين. لكن تضمنت إحدى الغرف خزانة وَجدت في داخلها ناديا زوجاً من الأحذية الرياضية الوردية تحت كومةٍ من الثياب البالية. وعلى الرغم من أنّ مقاس الحذاء صغيرٌ للغاية بالنسبة إلى قدمي ناديا، فإنّه سيفي بالغرض.

وقف ستة رجال، ليسوا إلّا آسريها ومغتصبيها ومعذّبيها أنفسهم، حرّاساً عليها. لكن في اللية التاسعة، لاحظت ناديا أنّ أربعةً من الرجال غائبون على ما يبدو، أو نائمون في مكانٍ آخر. وعلى كلّ حال، جلس مقاتلان فقط من الدولة الإسلامية في المطبخ في تلك الليلة وكانا مشغولين، كما لو أنهما في خضم جدالٍ.

أغلق الرجال في تلك الليلة الباب على ناديا بمفردها ولم تعلم أين باقي الشابّات. كان قفل بابها معطّلاً فتمكّنت من فتحه. أخرجت زوج الأحذية الرياضية وحشرت قدميها فيه، ثمّ تسلّلت خارج الغرفة وتمكّنت من فتح باب الحديقة. هرعت خارج البيت وعبرت الحديقة المليئة بالشجيرات الجافة والأشجار. خافت أن يبدأ أحد الكلاب بالنباح، لكنّ الحظّ جانبها.

الاستيقاظ باكيةً

وُلدت ناديا مراد-بيس، ابنة الـ 20 ربيعاً وترعرعت في منطقة كردية في سورية مع أمّها شامة ووالدها مراد. يقع مسقط رأسها كوشو، المنطقة التي كانت تضمّ 1700 نسمة، قرب جبال سنجار بالقرب من الحدود بين العراق وسورية.

امتلك بعض الأسر في القرية، بمن فيها أسرتها، تلفازاً وكانت العروض الموسيقية وأفلام الرعب أكثر ما تهوى ناديا مشاهدته، شريطة أن ينتصر الخير في النهاية. تابعت كذلك المباراة التي جمعت الفريقين الألماني والبرازيلي في كأس العالم، لكنّها شعرت في نهاية المطاف بالأسف لأجل البرازيليين ولم تفهم لمَ راح إخوتها يسخرون من الفريق الخاسر.

ينسدل شعر ناديا حتى كتفيها. أضفت الحناء على لونه البني الداكن بعضاً من لمعان. أمّا كتفاها فضيقتان وصوتها أجشّ، ولم يخلُ ساعدها من بضع ندباتٍ. تبدو قلقةً عندما تتكلّم فتخرج الكلمات متقطّعةً أحياناً، ثمّ ما تلبث أن تتدفّق كما لو أنّها تصرخ. مضى على فرارها شهرٌ ونصف الشهر، لكنّها لا تزال تستيقظ باكيةً في الليل، وفقاً لما يرويه أقرباؤها الذين صارت تسكن عندهم. لا يبعد منزلهم كثيراً عن مدينة عراقية كردية تُدعى دهوك وتقع على الجانب الآمن من الجبهة.

تتحدّث ناديا عن معاناتها التي دامت تسعة أيّامٍ، فتنتابها مراراً نوبات بكاءٍ، لكنّها لا تودّ أن تبقى صامتةً بعد الآن. صمّمت على أن تروي قصّتها، وهي رواية شاهدِ عيان مفصّلة عن كيفية اختطافها.

في خلال الصيف المنصرم، انسحب المقاتلون الأكراد في المنطقة الحدودية بين شمال سورية وشمال العراق أمام التقدّم السريع لمقاتلي الدولة الإسلامية. بسط مقاتلو {الخلافة} المنظّمون والمدجّجون بالأسلحة سيطرتهم على مساحاتٍ شاسعة. وقد فرّ من المنطقة أكثر من 1،8 مليون شخصٍ، وفقاً لأحد التقارير التي أعدّتها الأمم المتّحدة. ومنذ شهر يناير حتى شهر سبتمبر، أصيب 17386 مدنياً وقُتل 9347 آخرون. بالإضافة إلى ذلك، يقدّر المسؤولون العسكريون الأكراد أن آلاف النساء قد اختطفن.

وفي خضم هذه الفوضى كلّها، أمست بلدة ناديا فجأة من دون أيّ حمايةٍ.

في الليلة التي تسلّلت فيها ناديا خارج منزل آسريها، وجدت نتوءاً على طول حائط الحديقة وتمكّنت من التسلّق إلى الأعلى. والحظّ حالفها في طرقٍ أخرى أيضاً، إذ لم يكن ثمة أيّ سلكٍ شائك أو شظايا من الزجاج. كان السواد يخيّم على الطرف الآخر من الحائط، ولمحت من بعيد أضواءً صفراء خافتة تنير إحدى المدن. خافت القفز.

لكنّها، رغم ذلك، قفزت.

وقعت ناديا بأمان وراحت تركض بهدوءٍ ولكن بكلّ ما أوتيها من سرعة. كان الرجال قد حذّروها: {إيّاك والتفكير في الهرب}! زعموا أنّهم سيلقون القبض عليها مجدّداً في غضون ساعةٍ وأنّهم أعلنوا عن تخصيص مكافأةٍ تصل إلى 5000 دولار مقابل إلقاء القبض على الهاربين. وأضاف الرجال أنّ عقوبة الإعدام مصير كلّ من حاول الهرب.

عاشت ناديا طفولة سعيدةً في بلدتها الصغيرة حيث ترعرعت. تُوفّي والدها قبل 11 عاماً، لكنّه ترك للعائلة بيتاً فسيحاً بطابقٍ، فيه أربع غرف نومٍ واسعة ترعرع فيها الأطفال كلّهم، أي ناديا، وإخوتها الـ 12 وأختاها. تسعةٌ من إخوتها، وأختاها كلتاهما وأمّها جميعاً في عداد المفقودين. تخبرك بذلك ثمّ تريك صورةً لأمّها على هاتفها الخلوي.

أحبّت ناديا المدرسة وكانت، حسبما تفيد بخجلٍ، تلميذةً يُحتذى بها، إذ تخرّجت الثانية على دفعتها. كان التاريخ المادّة الأحبّ إلى قلبها وحلمت بأن تذهب إلى الجامعة يوماً ما وتصبح ربّما معلّمةً، فتشتري شقتها الخاصة وتملأ رفوفها كتباً ومجلّدات.

لم تكن عائلتها غنيةً، لكنّهم كانوا قادرين على توفير احتياجاتهم، إذ كانوا يملكون 50 رأساً من الأغنام وعشرين دجاجةً وعدداً من الماعز. عمل إخوة ناديا الأكبر عمّالاً بالمياومة فيما باعت أمّها الحليب، واللبن، والبيض والجبن. حتى المسلمون كانوا يأتون أحياناً من البلدات المجاورة ليشتروا من إنتاج العائلة. كانت الأخيرة على وفاقٍ مع المسيحيّين، لكنّ والدتها دائماً ما حذّرتها من المسلمين: {لا تثقي أبداً بهم}!

ألعابٌ مستباحة

صنعت ناديا ثلاثة أوشام منذ طفولتها، كلّ واحدٍ منها عبارة عن نقطة واحدة. ثمة ثقبٌ بنفسجي على كفّي يديها وخطٌّ بنفسجي على طرف ذقنها. تشكّل هذه العلامات نوعاً من الحماية ودرءاً من الشرير في مناطق أساسية من جسمها، أي في يديها التي تستخدمهما للمس الأشياء، وقرب الفم حتى لا يتفوّه بالأكاذيب.

تعتنق ناديا وعائلتها الأيزيدية، والأخيرة ديانةٌ توحيدية لها جذورٌ صوفية، وترجع أغلب الظنّ إلى القرون الوسطى. يعيش نحو 400 ألف أيزيدي، أي ما يقارب 5% من السكان الأكراد، شمالي العراق وسورية. يعتبر مقاتلو الدولة الإسلامية الأيزيديين {عبدة أوثانٍ وشياطين}، أي بعبارةٍ أخرى {حثالة قذرة}، وهذا توصيف لا يملّون من تكراره أمام أسراهم. لا يعني هذا كلّه إلّا أن النساء الأيزيديات ألعابٌ مستباحة.

جاء مقاتلو الدولة الإسلامية إلى بلدة ناديا بضع مرّات، يفصل دائماً بين المرّة والأخرى يومٌ أو يومان. حاولوا جاهدين أن يبرزوا قوّتهم العسكرية، مقتحمين البلدة ومعلنين أنّهم باتوا أسياد الأرض الجدد. تذكر ناديا أنّ الرجال وضعوا نظّارات شمسيةً عاكسة، وأبقوا على وجوههم ملثّمةً بأوشحة سوداء، مزيّنين أحزمتهم بالمسدّسات والخناجر. جعلوا سكّان البلدة يُصدّقون أولاً أنهم بأمان، شريطة أن يسلّموا أسلحتهم التي كانت بسوادها الأعظم بندقيات صيد قديمة وسكاكين للمطبخ. أعلموا رجال كوشو أنّ نزع سلاحهم كان الثمن الواجب أن يدفعوه، إذا ما أرادوا أن يوفّر مقاتلو الدولة أرواحهم.

بعدما صادر الجهاديون الأسلحة وراكموها على ظهر شاحنة صغيرة، ساقوا السكان إلى المدرسة وفصلوا الرجال عن النساء واقتادوا الرجال بعيداً في مجموعاتٍ صغيرة. تضيف ناديا أنّ النساء سمعن إطلاق نارٍ في فترة بعد الظهر كلّها فشلّهنّ الخوف، ثمّ فُصلت النساء الكبيرات في السنّ عن الصغيرات منهنّ. وفي اللحظة الأخيرة، نزعت أمّها خاتماً ذهبياً من إصبعها وناولته لناديا ثمّ همست: {في حال احتجت إليه}. وكانت هذه الذكرى الأخيرة التي طُبعت في ذاكرة ناديا عن أمّها.

استخدم مقاتلو الدولة سيارات الدفع الرباعي والحافلات الصغيرة ليقودوا 64 شابّةً، بمن فيهنّ ناديا، إلى الموصل، المدينة التي سيطرت الدولة الإسلامية عليها منتصف شهر يونيو. فأمضت ناديا تسعة أيام أسيرةً في {الخلافة} واحتُجزت النساء في خمسة أماكن مختلفة. وفي كل مرة تنقّل فيها المقاتلون، أخذوا الشابّات معهم.

{صمدنا}

تذكر ناديا أن المنزل الأول كان ملكاً للقاضي غازي حسين الذي فرّ من المكان، على حدّ ما أسرّه واحدٌ من الخاطفين إلى الشابات. لكنّه أضاف أنّ البيت سيكون ملكهم في المستقبل بإذن الله. كانت صور القاضي وزوجته لا تزال معلّقةً على الجدران وأقداح الشاي تحمل صورهما. أمضى الرجال وأسيراتهم في ذلك البيت ثلاثة أيّامٍ قبل أن ينتقلوا إلى بيتٍ ثانٍ، فثالثٍ، ورابعٍ وخامسٍ.

توضح ناديا أنّ تسعة أيّامٍ تستحيل أطول من حياةٍ بأسرها، لكنّها تستطيع أن تتذكّر كلّ ثانيةٍ عاشتها في خلال هذه الأيّام التسعة.

لم تُعطَ الشابات الستّ أحياناً أيّ شيءٍ ليأكلنه، وفي أحيانٍ أخرى بيضةً تفوح منها رائحةٌ كريهة كان عليهنّ أن يتشاركنها. وطوال يومين، لم يحصلن ولا على نقطة مياهٍ واحدة. كان الطقس حارّاً للغاية ولم يقدّم الخاطفون لهنّ إلّا قدحاً يتيماً من الشاي. فتناقلنه، تكتفي كلّ واحدةٍ منهنّ برشفتين لا أكثر. أمّا الرجال، فوعدوهنّ بأنّهن سيشربن ما شئن من المياه العذبة، شريطة أن يعتنقن الإسلام.

لكنّ ناديا تؤكّد: {صمدنا}.

حُرمن ذات مرّةٍ شرب المياه مجدّداً، واكتفى الخاطفون بأن وضعوا سطلاً من مياه الحمّام المستعملة. كان طعمها شبيهاً بالصابون وتفوح منها رائحة البول، لكن لم يتوافر أمامهنّ أيّ خيارٍ آخر.

ضربهنّ الخاطفون، بضع مرّاتٍ أحياناً في اليوم، من دون سبب واضحٍ. استخدم رجل ملتحٍ سلكاً كهربائياً فيما فضّل آخران استخدام العصي الخشبية. كنّ يُلكمن حيناً ويُركلن حيناً آخر، وكثيراً ما تعرّضن للاعتداء الجنسي.

لا تستفيض ناديا بسرد تفاصيل هذه الاغتصابات. مستحيلٌ عليها أن تتحدّث عنها، فهي تخالف تقاليد ديانتها. تكتفي بالآتي: {أخذونا على انفرادٍ إلى غرفةٍ أخرى ينتظرنا فيها أحد الرجال}. ثمّ تحني الرأس ساكنةً ويغمرها الخجل.

تضيف بعد أن تستعيد هدوءها: {هل كانت في اليد حيلة؟}. الرجال عديمو الرحمة. رمت بضع نساءٍ أنفسهنّ أمام أقدام معذّبيهن وقبّلن ركبهم وأياديهم. أمّا العيون، فمغرورقة بالدموع تسأل الرحمة. عبثاً. ما برح الرجال أصناماً يسلّيهم المشهد.

طمعاً بالمال والنساء

تباحثن في إمكان أن يهاجمن أحد الرجال ويقتلنه. وتتابع ناديا: {لكنّهم جاؤوا دائماً مجموعاتٍ من ثلاثة أو أربعة رجال مسلّحين على الدوام. بلغ اليأس بنا بأن كسرنا زجاج نافذةٍ وخبّأت كلّ واحدةٍ منّا قطعة زجاج في كمّ قميصها، حتى نقتل أنفسنا متى لم يعد في وسعنا تحمّل الأمر}.

يجيئون ويذهبون بلا انقطاعٍ، ويصل دائماً رجال جدد مسلّحون يرتدون زيّاً أسود أو كاكيّ اللون. ثمّ ينسحب المقاتلون ليخوضوا في نقاشات مطوّلة. ثمة اعتقاد مفاده أنّ مقاتلي الدولة الإسلامية يتعاطون المخدّرات ثمّ يقاتلون تحت تأثيرها، لكنّ ناديا لم ترَ أيّ شيء يثبت صحة هذه المقولة، واقتصر الأمر على أن تفوح من أحد الرجال أحياناً رائحة الدخان وحسب.

نزع أحدهم خاتم أمّها الذهبي من إصبعها وأدخله في إصبعه. وقد أقسمت ناديا: {سوف أجد يوماً ما هذا الرجل وأقطع إصبعه ثمّ أستعيد خاتمي}.

كان هذا الرجل أغلب الظنّ من السكان المحليين، على حدّ قول ناديا، التي تشير إلى أنّه لم يكن يتكلّم العربية بل بالأحرى اللهجة الكردية الشائعة في منطقتها. ثمّ تضيف أن ثمة مجموعتين من مقاتلي الدولة الإسلامية. تتألّف المجموعة الأولى من رجالٍ جدّ مخلصين يستلمون مناصب قيادية ويتكلّمون العربية. أمّا الثانية، فتتألّف من رجال يتكلّمون مزيجاً من العربية والكردية، بدا ولاؤهم مصطنعاً وكشفت لهجتهم أنّهم جاؤوا من المنطقة الحدودية. هؤلاء كانوا على ما يبدو مقاتلين انضمّوا إلى المنتصرين المزعومين طمعاً بالمال والنساء.

قفزت ناديا من فوق الحائط، راحت تركض باتجاه الأضواء وتمكّنت من الوصول إلى وسط المدينة في الموصل التي كانت في ما مضى مدينة مزدهرةً تضمّ مليوني نسمة، وثاني أكبر مدن العراق بعد بغداد. لكن فيما راحت ناديا تمشي في الشوارع، بدت المدينة خاليةً ومهجورة.

من حينٍ إلى آخر، كانت تدخل بسرعة إلى مداخل الأبنية وتختبئ خلف الشجيرات لترى إن كان ثمة من يلاحقها. على الرغم من إيقانها أنّها في الموصل، ما كانت تألف المدينة. وصلت أخيراً إلى منطقة سكنية، وإذ أنهكها الإرهاق الشديد، طرقت أحد الأبواب عشوائياً.

ألحّت في طرق الباب، فتح رجلٌ ناعس الجفنين الباب لها موجّهاً ضوء هاتفه الخلوي نحو وجهها. انهمرت الدموع من مقلتي ناديا وهي تخبره عن نفسها وعمّا عاشته. أدخل الرجل الشابة الأيزيدية إلى منزله ونادى زوجته. خبّأ كلاهما ناديا خلف كومةٍ من الأغراض. أعطياها فراشاً وبطانية وقدّما لها الماء. وهي إذ خلعت حذاءها، اكتشفت أن أصابع قدميها تنزف.

قد تكتب ناديا يوماً ما شهادةً عمّا قاسته. سمعت عن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي وقد أخبرها عمّها أنّ القضاة هناك يتقصّون الحقيقة ولو بعد عقودٍ، فيثبتون في نهاية المطاف إدانة الأطراف المتورّطة وينزلون بها عقوباتٍ تليق وجرائمها. متى حان الوقت، تزمع الشابة العشرينية أن تدلي بشهادتها، وإن يتطلّب الأمر سنين عدة. لن تنسى أدقّ تفصيل. لن تنسى.

back to top