«كينز» وتعثرنا الاستراتيجي

نشر في 22-10-2014
آخر تحديث 22-10-2014 | 00:01
 د. ندى سليمان المطوع • يقول أرسطو في الخصخصة والملكية العامة "إن المرء يصبح أكثر حرصاً وعناية تجاه ممتلكاته الخاصة مقارنة بتلك المملوكة ملكية عامة"، ذلك الفيلسوف اليوناني الذي ترك إرثا ثقيلا من المخطوطات والكتابات حول فلسفة التعليم والسلوك السياسي، بالإضافة إلى النظم السياسية بعدما عمل مدرباً شخصياً للإسكندر اليوناني ثم أسس "مدرسة اللقيون" لطلبة العلم من اليونانيين الذين ترددوا لأسباب متعددة في ترجمة أفكاره، حتى جاء ابن رشد بعد قرون عديدة واتخذ القرار بالمساهمة في ترجمة مؤلفاته ونشرها، ورغم امتعاض البعض من أفكاره الداعية إلى التغيير فإن فكرة الدولة المثالية التي لا تعرف إلا الأخلاق والعدل والقانون وحق المواطنة قد حفزت العديد من الباحثين الأوروبيين بعد الحرب العالمية الأولى لإرساء قواعد النظريات في العلاقات الدولية.

اللافت للنظر سعي فيلسوف مسلم عربي أندلسي إلى كسر احتكار الإغريق للعلم والمعرفة، وكشف سبل وأسس الديمقراطية والمواطنة الصالحة رغم معارضة أهل الأندلس وخشية مسلمي فرطبة من "الربيع العربي" الذي أثاره ابن رشد حول الديمقراطية والإدارة والفلسفة معاً.

إذاً لنقرأ دعوة ابن رشد جيداً ولنحفز الاهتمام بالإبداع في العلوم الفلسفية والإدارية لعلنا نجد حلا للتخبط الاستراتيجي عبر إعادة استكشاف العلوم القديمة، ولمَ لا، فقد وجدنا قوانين للخصخصة والملكية العامة قد كتبها أرسطو قبل الميلاد بقرون.

• أعلن المجلس الوطني الفلسطيني استقلالا أحادي الطرف عام 1988، واعترفت أكثر من 130 دولة بدولة فلسطين، ثم أعلنت السويد قبل أسبوع اعترافها مرة أخرى، وحذت بريطانيا حذوها وصوتت بالاعتراف الذي اعتبره البعض تضامنا لتطبيق حل الدولتين، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، فانطلقت بعض الرؤى مشجعة للحل الثنائي بين الدولتين ومشبهة الوضع الجديد بالبوسنة والهرسك، وعارضتها رؤى أخرى عبر المطالبة بالحل الاندماجي بدولة واحدة وإزالة الجدار العنصري الفاصل والمستوطنات التي انتشرت بشكل استفزازي.

 فما سر صمت جامعة الدول العربية تجاه ما يجري؟ وللتذكير فقط فإن البريطاني آرثر بلفور كان قد قدم وعودا للإسرائيليين من قاعة البرلمان البريطاني لأرض لم يمتلكها، واليوم ومن القاعة ذاتها يصوّت النواب بأحقية الدولة الفلسطينية في الوجود، وعجلة التاريخ ما زالت تدور.

•    نشط المهتمون بالسياسات الاقتصادية مؤخرا في إعادة إحياء مدارس الفكر الاقتصادي "الكينزي" التي عادت إلى الأذهان مؤخراً بسبب الأزمات المالية أبرزها أزمة عام 2007 ومن قبلها فترة الكساد العظيم في الثلاثينيات، وفي ظل الاهتمام بموضوع الخصخصة باعتباره حيويا وجزءا أساسيا من خلال المرحلة التنفيذية للدول النامية التي تعيش مرحلة الخروج من القطاع العام إلى القطاع الخاص، إذاً فماذا نحن بفاعلين؟ ليس أمامنا إلا أن نتأمل كما سعى ابن رشد إلى إعادة استكشاف الفكر الإغريقي للحصول على إجابات لأسئلته حول الديمقراطية، نحن بانتظار أن يعود "الرشد" إلى أهل الإدارة والتخطيط لعلهم يجدون في الفكر الكينزي حلا للتعثر الاستراتيجي المتعاقب.

back to top