نحن وإيران مرة أخرى!

نشر في 01-10-2014
آخر تحديث 01-10-2014 | 00:01
 صالح القلاب قبل فترة قال أحد مستشاري مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي- أدام الله ظله- إن حدود بلاده (إيران) أصبحت على شواطئ البحر المتوسط عبر الجنوب اللبناني، وقبل أيام قال مسؤول إيراني آخر هو نائب رئيس الأركان، إن للجمهورية الإيرانية حضوراً عسكرياً من خلال ضباط مستشارين في لبنان وفلسطين والعراق... وبالطبع في سورية واليمن، ثم قال مؤخراً مسؤول آخر إنَّ أربع عواصم عربية باتت مرتبطة بطهران هي: دمشق وبيروت وبغداد وصنعاء، وهذا اعتراف صريح وواضح بأن هذه الدولة "الشقيقة"، التي يُفترَض أنها ترتبط بالعرب، وأن العرب يرتبطون بها عبر علاقات قديمة وجديدة مقدسة بعيدة عن التبعية والهيمنة والإلحاق، تتدخل تدخلاً سافراً في الشؤون العربية.

إن هذا الكلام لم يقله أي مسؤول عربي، رغم أنَّ كل العرب يعرفونه ويعرفون أكثر منه، ولعل ما تجب الإشارة إليه، ونحن نسمع كل هذا "التبجُّح" الآنف الذكر، أنَّ أشقاءنا الإيرانيين قد سمعوا مرات عدة، بل مئات المرات، أنهم ليسوا بحاجة إلى تحويل الشيعة العرب إلى أقليات إيرانية في بلدانهم مادام أبناء الأمة العربية، إنْ لم يكن كلهم فمعظمهم، ينظرون إلى إيران، خصوصاً بعد ثورة عام 1979، على أنها دولة شقيقة تربطها بهذه الأمة علاقات تاريخية مقدسة، وعلاقات مصالح مشتركة وعلاقات حسن جوار "مفترضة"، وأيضاً مادامت دول الجوار تصر على حلّ كل القضايا العالقة، كمشكلة الجزر الإماراتية الثلاث ومشكلة المحمرة وعربستان، بالوسائل السلمية ووفقاً لقيم الأخوة التي يجب أن تكون حاضرة دائماً وأبداً.

ما حاجة إيران إلى أنْ يكون لها حزب في لبنان، هو "حزب الله"، مادامت عمامة السيد موسى الصدر، رحمه الله، إن حياً أو ميتاً، كانت تحظى باحترام السُّنة قبل الشيعة... وأيضاً باحترام الدروز والطوائف المسيحية كلها، ومادامت هناك حركة "أمل" التي أسسها هذا الإمام الغائب الذي طال غيابه بعد زيارته لجماهيرية القذافي في عام 1978، التي أعطاها هذا الاسم وساهم في إنشائها القائد الفلسطيني الكبير الشهيد خليل الوزير (أبو جهاد) رحمه الله..؟!

ما حاجة إيران إلى أن يكون لها "إصبعٌ" في الوضع الفلسطيني إذا كان ياسر عرفات (أبوعمار) أول مسؤول عربي يزور طهران ويلتقي الإمام الخميني- رحمهما الله- حتى قبل انتصار الثورة الإيرانية نهائياً، وبالطبع قبل إنشاء حركة "حماس" بنحو ثمانية أعوام؟... وما حاجة إيران إلى أنْ تلعب لعبة "التسرب" و"الاختراق" في الساحة الفلسطينية مادام الفلسطينيون كلهم قد حسموا أمورهم مبكراً، ووقفوا إلى جانب ثورتها حتى عندما كان مفجرها الكبير لا يزال تحت الإقامة الإجبارية في العراق وفي المنافي البعيدة في فرنسا؟!

وما حاجة إيران إلى أن تختار "الحوثيين" من بين كل أبناء الشعب اليمني لتتحالف معهم إذا كان كل أبناء هذا الشعب، السُّنة- الشوافع قبل الزيديين، يؤيدونها ويساندونها ويدافعون عنها مادامت لا تتدخل في الشؤون العربية وما دامت هي للجميع ومع الجميع..؟ هل هناك ضرورة إلى أن تفعل هذه الدولة الشقيقة والعزيزة، إيران، ما تفعله في اليمن لجعل العاصمة صنعاء ملحقة بطهران وللسيطرة على باب المندب، مادامت الدولة التي تستهدفها، أي المملكة العربية السعودية، بقيت منذ عام 1979 تسعى إلى أن تكون علاقاتها بهذه الجارة الشقيقة والعزيزة قائمة على حسن الجوار، وعلى العلاقات القديمة المقدسة، وعلى المصالح المشتركة..؟

 هل إيران عندما تكون العلاقات مع المملكة العربية السعودية هي هذه العلاقات الآنفة الذكر المنشودة بحاجة إلى رأس جسر طائفي ومذهبي عبر مياه الخليج... الذي يُفترَض ألا نختلف على اسمه أكان عربياً أم فارسياً... أم إسلامياً، وهذا الاسم الأخير هو ما اقترحه ياسر عرفات في زيارته الأولى لطهران..؟!

إنه لا حاجة لإيران أن تراهن على نظام بشار الأسد وتدير ظهرها لنحو أكثر من ستين في المئة من الشعب السوري، مع أن هذا النظام أسوأ كثيراً من نظام الشاه السابق محمد رضا بهلوي، وكذلك فإنه لا حاجة لإيران أن تتمسك بمعادلة بول بريمر البائسة (المنتصرون والمهزومون)... وكذلك لا حاجة لها أيضاً إلى أن "يتفسخ" العراق طائفياً، على هذا النحو، إذا كانت هذه العدوى الخبيثة ستنتقل إليها عاجلاً أم آجلاً.

 إنه لا حاجة لإيران "الثورة" في كل هذا، ويُفترَض أن ينتهي، وأن تُشعِرَ دول الخليج العربي أو دول الخليج العربية بالأمان والاستقرار، فاستقرار هذه الدول يصب في مصلحة الجارة الشقيقة العزيزة... إنه لا مصلحة لإيران "الثورة" أن يضطر العرب للتحالف مع "الغرباء" وفي مقدمتهم الولايات المتحدة لدرء الشرور الإيرانية عن بلدانهم وعن أنفسهم... إن مصلحة إيران أن تُشعِر إخوتها العرب بالأمان والاستقرار وبدفء الأخوة الصادقة... فالمستقبل في هذه المنطقة يجب أن يكون مستقبل الجميع، ويجب ليكون هذا المستقبل زاهراً وواعداً أن يضع العقلاء الإيرانيون، وفي مقدمتهم مرشد الثورة السيد علي خامنئي، حداً لكل هذه التدخلات المسيئة إليهم وإلينا، إن في منطقة الخليج وإن في العراق وسورية ولبنان واليمن... وإن في "الساحة" الفلسطينية.

back to top