الطحال الصناعي... تكنولوجيا جديدة للتخلص من العدوى المستعصية

نشر في 01-10-2014 | 00:03
آخر تحديث 01-10-2014 | 00:03
جسم الإنسان دائماً من أكبر مصادر إلهام الباحثين لإيجاد حلول تكنولوجية سعياً إلى حل المعضلات الصحية التي يواجهها الإنسان. ولو أمعن العلماء في فهم كيفية عمل أعضاء جسم الإنسان، وحاولوا أن يفهموا العمليات المعقدة للخلايا، لساعدهم ليس فقط في اختراع ما يستفيد منه الإنسان صحياً، بل حتى في مختلف مجالات العلم الرئيسية.

قبل أسبوع أعلن باحثون تطوير جهاز عالي التقنية يساعد الجسم على التخلص من العدوى، حتى تلك التي تسببها بكتيريا غير معروفة، فعضو الطحال -وهو العضو المسؤول عن تصفية الدم من البكتيريا والفيروسات- كان الملهم الرئيسي لهذا الجهاز، حيث تم تطويره لينقي الدم من كل الكائنات المسببة للأمراض «من بكتيريا إيكولاي إلى فيروس إيبولا» كما يقول باحثون.

● كيف بدأت القصة؟

- دائماً ما كانت العدوى التي تنتقل عن طريق الدم الهاجس الذي يخاف منه الأطباء، لأن ذلك يؤدي إلى تلوث الدم

(Sepsis الإنتان) الحدث الذي قد يتسبب في مقتله، إذا لم يتم التعامل معه بشكل صحيح وسريع، وفي كثير من الأحيان (٥٠ في المئة) لا يعرف الأطباء الكائن المسبب لهذا الحدث المرضي، لذلك يتم إعطاء مضاد حيوي عام بكميات كبيرة، حتى يتم التحكم في الحالة بشكل مبدئي، ثم إذا تم اكتشاف الكائن المسبب تبدل المضاد العام بآخر خاص لقتل الكائن. هذه الطريقة لا تكون ناجحة في كل مرة، وقد تكتسب البكتيريا مقاومة ضد هذا المضاد.

● كيف يعمل الجهاز؟

- بحث العلماء عن كيفية تفادي هذه المشكلة وتوصلوا إلى تطوير «طحال صناعي» يمكنه أن يتخلص من البكتيريا والفيروسات والفطريات بكل أنواعها في الدم.

يستخدم الجهاز نوعاً خاصاً من البروتينات يطلق عليه «MBL»- وهو بروتين يصنعه جسم الإنسان- يرتبط كيميائيا «بجزيئات السكر»

الموجودة على سطح أكثر من ٩٠ نوعا من البكتيريا والفيروسات والفطريات، وأيضاً يرتبط بـAالسموم» التي تفرزها البكتيريا الميتة في الدم التي تسبب تفاعلات مناعية تؤدي إلى الإنتان. لذلك، حينما يمر الدم الذي يحتوي على الكائنات الممرضة خلال الجهاز يتم حبسها في الداخل عن طريق جذبها بمغناطيس خاص

ويسمح للدم (النظيف) بالمرور خارج الجهاز، بعد أن تم تخليصه من الكائنات الممرضة.

● كيف تم اختبار الجهاز؟

- ولاختبار هذا الجهاز في الواقع العملي، قسم العلماء فئران التجارب إلى مجموعتين (A وB). وحقنوا الاثنين ببكتيريا

الـ»الإيكولاي» و»ستاف أوريس» المجموعة (A) استخدموا الجهاز لتنقية دمهم، والمجموعة (B) تركوهم دون الجهاز، والخبر السار أن نسبة ٨٩ في المئة من فئران المجموعة (A) بقيت على قيد الحياة، بينما ١٤ في المئة فقط من المجموعة (B) استطاعت ذلك. وليكون هذا الاختبار أكثر واقعية، اختبر الباحثون قدرة تحمل الجهاز لقوة تدفق دم الإنسان وكميته (٥ ليترات)، حيث مرروا من خلال ٥ ليترات (لتر في الساعة).

والخبر السار أيضا أن الجهاز استطاع أن ينقي الدم خلال ٥ ساعات.

أخبار مفرحة

صرح رئيس الباحثين دونالد انقبر بأن الجهاز ينقي الدم من معظم الملوثات، مما يتيح للمضادات الحيوية التخلص من الباقي بشكل أكثر فاعلية. كما صرح بأن «الطحال الصناعي» قادر أيضاً على علاج فيروسي الإيدز وإيبولا اللذين يعتمدان في علاجهما بشكل أساسي على تقليل كميتهم في الدم حتى نسب ضئيلة. حاليا يتم اختبار الجهاز على الخنازير، تمهيداً لاعتماده رسمياً للاستخدام البشري،

والذي من المتوقع أن يكون بعد سنوات قليلة.

من مزايا القرن الـ21 تسخير التكنولوجيا في عملية تطوير المجال الصحي، وبالتالي السعي نحو إطالة عمر الإنسان واكتسابه حياة أكثر صحة بأقل الأمراض. تبقى الأسئلة محلقة في خيالات العقل، هل سيكون مستقبل الرعاية الصحية مرتبطا بالتكنولوجيا كأكبر عامل مطور لها؟ هل سيستغني الإنسان عن اعتماده على الأجهزة العضوية واستبدالها بأجهرة تقنية تقوم مقام العضو الحي؟ هل سيصبح نصف عضوي ونصف تقني؟ ماذا عن سوق الأعضاء الجسمية التقنية؟ هل سيكون متاحاً أن تؤسس منظمات ومؤسسات تدخل في هذا النوع من سوق العمل؟ هل سيكون هناك جهة عليا تدير هذا السوق وتضبطه أخلاقياً وعلمياً؟

كلها أسئلة تنتظر سعي العلماء والباحثين للإجابة عنها.

    

*(source: مجلة «الطبيعة»

http://www.nature.com/news/artificial-spleen-cleans-up-blood-1.15917)

back to top