التفاؤل مرتبطٌ بالصحة الجيدة؟

نشر في 01-10-2014
آخر تحديث 01-10-2014 | 00:02
No Image Caption
التفاؤل هو التوقع العام بأن المستقبل سيكون إيجابياً، وقد يسهم تعزيز ذلك التفاؤل في توفير طرق جديدة لتحسين الصحة بحسب رأي بعض الباحثين. لكن لا يعرف العلماء حتى الآن ما إذا كان التفاؤل يسبق التحسن الصحي أو العكس صحيح. التفاصيل من ISNS.
أجرت جوليا بوم، وهي عالمة نفس في جامعة هارفارد، وزملاؤها ما وصفته بواحدة من أولى الدراسات التي تحقق بوجود رابط قابل للقياس بين الصحة النفسية والفيزيولوجية.

لاختبار ذلك الرابط، ركز الباحثون على العلاقة بين التفاؤل وتركّز مضادات الأكسدة في الجسم. قد تسهم مضادات الأكسدة في محاربة الأمراض عبر إبطال مفعول الجزيئات غير الثابتة المسمّاة الجذور الحرة.

يتم إنتاج الجذور الحرة رداً على عدد من المصادر البيئية، بدءاً من دخان السجائر وصولاً إلى التلوث. حين تنطلق تلك العناصر في الجسم، هي تضر بالخلايا وقد تؤدي في نهاية المطاف إلى الإصابة بالمرض.

ينتج الجسم عدداً من مضادات الأكسدة من تلقاء نفسه، لكن تشتق نسبة كبيرة منها من الأغذية التي نستهلكها.

حدد العلماء في الدراسة {علامة} التفاؤل عند كل مشارك عبر سلسلة من الأسئلة مثل العبارة التفاؤلية {أتوقع حدوث أمور إيجابية أكثر من السلبية} والعبارة التشاؤمية {نادراً ما أتوقع أن تسير الأمور على خير ما يرام}. ثم جرى قياس مستويات مضادات الأكسدة لدى كل فرد استناداً إلى عينات الدم.

طرح الباحثون أيضاً أسئلة على المشاركين في شأن نسبة استهلاك الفاكهة والخضراوات واستعمال الفيتامينات وممارسة الرياضة وعادة التدخين. ثم استعملوا نماذج عدة لاختبار ما إذا كانت تلك السلوكيات تعكس بشكل مستقل وجود رابط بين التفاؤل وبين نسبة تركّز مضادات الأكسدة.

تشكّل هذه المقاربة نقطة قوة أساسية في بحث بوم بحسب رأي هيلاري تيندل، طبيبة في جامعة بيتسبرغ. نشرت تيندل حديثاً كتاباً بعنوان {التفاؤل: كيف تحول النظرة الإيجابية صحتنا وشيخوختنا} (Up: How Positive Outlook Can Transform Our Heath and Aging)، وهو يناقش العلاقة بين التفاؤل والصحة.

أوضحت تيندل: {يتحدث المتفائلون في العادة عن القيام بخيارات غذائية أفضل. لكن على حد علمي، لا أحد ذهب لقياس النتائج في حميته. من الناحية البيوكيماوية، يؤكدون على ما أثبتته الدراسات السابقة}.

تشير النتائج التي توصلت إليها بوم إلى أن التفاؤل قد يرتبط إيجاباً بمجموعة من مضادات الأكسدة المسماة كاروتينات، وهي مركّبات مصطبغة جداً وموجودة طبيعياً في عدد كبير من الفاكهة والحبوب والزيوت والخضار.

حتى عند تبني سلوكيات صحية، رصد الباحثون ارتفاع مستويات الكاروتينات بنسبة تتراوح بين 3 و7% عند المشاركين الذين يسجلون علامات تفاؤل أعلى. قالت بوم: {يرتبط التفاؤل بارتفاع مستويات الكاروتينات التي تتمتع بقدرة أفضل على كبح آثار الجذور الحرة وتقليص الضرر في الخلايا}.

نُشرت النتائج في وقت سابق من هذه السنة في مجلة {طب النفس} وقد أثبتت أن التدخين واستهلاك الفاكهة والخضروات يعكسان أكبر اختلاف في العلاقة بين التفاؤل وتركّز الكاروتينات.

تظن بوم أن التفاؤل يحصل أولاً وربما يحسّن الصحة. في المقابل، قد تحفز الصحة الجيدة على اتباع سلوك تفاؤلي. أو ربما تدعم الصفتان بعضهما البعض.

طبيعة إيجابية

تشير دراسة حديثة أخرى إلى أن كثيرين يفكرون بطريقة إيجابية من تلقاء أنفسهم.

قام إيد أوبراين، عالم نفس اجتماعي في جامعة ميشيغان في آن أربور، بإجراء هذه الدراسة وقد نُشرت في شهر أبريل في مجلة {علم النفس}. تشير النتائج إلى أن الناس يميلون بطبيعتهم إلى التفكير بإيجابية في شأن مستقبلهم.

طُلب من المشاركين أن يعدّوا لائحة من التجارب الشخصية الافتراضية التي يمكن أن تسعدهم أو تحزنهم خلال السنة المقبلة. ثم صنفوا مدى صعوبة صياغة تلك اللائحة وتحديد حجم السعادة التي سيعيشونها مستقبلاً.

كلما فكّر الناس بتجارب مستقبلية إيجابية بسهولة أكبر، كانوا يتخيلون أنهم سيكونون أكثر سعادة. لكن لم تبرز أي علاقة بين سهولة تخيل تجارب مستقبلية سلبية وتوقع التعاسة نتيجةً لذلك.

استنتج أوبراين أن الأشخاص يستبعدون على ما يبدو أن تجعلهم الأحداث السلبية المستقبلية تعساء بشكل عام، ما يشير إلى أن التفاؤل قد يحصل بشكل طبيعي. قال أوبراين: {نحن لسنا معتادين بالقدر نفسه على التفكير بالأحداث التي ستتخذ منحىً سلبياً في المستقبل}.

تُعتبر دراسة أوبراين واحدة من دراسات كثيرة استنتجت أن الناس يكونون دوماً متفائلين في شأن مستقبلهم، فيتوقعون خوض تجارب ممتعة ويستبعدون التجارب السيئة.

إذا كان التفاؤل قادراً على تحسين الصحة وإذا كان الناس يميلون عموماً إلى التفكير بطريقة إيجابية، فما معنى ذلك بالنسبة إلى الرابط بين الصحة العقلية والجسدية؟ أوضحت بوم: {إذا استطعنا إثبات أن التفاؤل يأتي قبل تحسن الصحة، قد نتمكن من التدخل وتحسين منسوب التفاؤل عند الناس}. صحيح أن المشاركين في دراستها كانوا راشدين في منتصف العمر، لكنها تنوي إجراء بحث مستقبلي على الراشدين الشباب أيضاً.

لكن مجدداً، يصعب أن نحدد ما الذي يأتي أولاً: التفاؤل أو الصحة الجيدة. وفق تيندل، تبقى مسألة السببية أساسية. توضح: {هذا البحث مهم على نحو خاص، لكننا نحتاج إلى دراسات إضافية على مستوى السببية. إنها نقطة ضعف موضوع البحث}.

* كاسي كروغر | Cassy Krueger

back to top