كل العراقيين مرتابون من أوباما... ونقص الثقة يعقّد مهمته

نشر في 30-09-2014 | 00:08
آخر تحديث 30-09-2014 | 00:08
No Image Caption
الشك في البيت الأبيض لا يقتصر على الصدر ومناوئي واشنطن
الأطراف التي قاتلت الجيش الأميركي في العراق حتى عام 2011، هي الوحيدة التي لاتزال تصرح بأنها لا تثق بواشنطن، وتشكك بخططها في قتال تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، لكن ذلك لا يعني أن "أصدقاء أميركا" في العراق يمتلكون الثقة الكافية بالبيت الأبيض.

ولدى مقتدى الصدر، كما لدى فصائل سنية، مبررات دينية وتاريخية لرفض العمل مع الولايات المتحدة، رغم أن أصحاب هذا الموقف، من الطائفتين، اضطروا إلى تخفيف موقفهم من الأميركان، ولم يوجهوا دعوة لأنصارهم كي يستهدفوا المصالح الأميركية، شعوراً منهم بأن واشنطن هي "الشر الذي لابد منه" في مواجهة "داعش"، الذي كان يهدد بغداد نفسها ولا يزال، وبعضهم يقول همساً بأن إعلان مواقف معترضة على واشنطن في هذه اللحظة، ليس هدفه سوى إبلاغها بأن عليها حصر مهمتها في تقديم دعم جوي واستخباري وتسليحي، للعراقيين، وألا تتمادى وتفكر، حتى مع حصول تطورات ميدانية، في بناء قواعد داخل البلاد أو تأسيس تواجد عسكري كبير.

لكنّ لدى الأطراف العراقية الأخرى المعروفة بحرصها على علاقة طيبة بواشنطن، شكوكاً في خططها، لا تقل جدية عن ريبة الصدر وباقي المناوئين للبيت الأبيض. وعلى سبيل المثال فإن إدارة باراك أوباما تتحدث عن خلل في تقييم الـ"سي آي إيه"، لخطورة "داعش" ولحجم إمكانيات الجيش العراقي، ساهم في التمهل بمواجهة التنظيم المتشدد، لكن أصدقاء أميركا في العراق يسخرون من ذلك، قائلين إن واشنطن تمسكت بتقييم خاطئ لعموم الوضع في العراق منذ 2010 بشكل خاص، وظلت تنظر بعين واحدة إلى طريق انسحاب جيوشها عبر بوابة سفوان، وتساهلت، لا مع "داعش" أو مع معايير تقييم الوضع العسكري فحسب، بل مع سياسات حكومة نوري المالكي، إذ تركته يخرب العلاقات الإقليمية ويستعدي الأطراف الداخلية، على نحو وفر لـ"داعش" المناخ المناسب لحشد الأنصار وكسب التعاطف.

ويشعر أصدقاء أميركا في العراق بأن أوباما خذلهم؛ فبينما كانت إدارة الجمهوريين في عهد جورج بوش الابن، تولي أهمية للضغوط السياسية في حماية التوافقات بين طوائف العراق وأحزابه، امتنع أوباما عن ممارسة أي ضغط على المالكي لإجباره على تصحيح الأخطاء، بل إن واشنطن تصرفت حتى الأسابيع الأخيرة قبل انهيارات يونيو الماضي وسقوط الموصل، بنحو أوهم المالكي بأن البيت الأبيض داعم لسياساته، ضد الأكراد والسُّنة.

وإذا كانت كردستان هي الطرف الأكثر قدرة على التعايش مع شكوكها بشأن أوباما وإحباطاتها السابقة من إدارته، فإن المشكلة تكبر مع السنة، إذ تحتاج واشنطن إلى إقناعهم بتشكيل قوات محلية تتولى طرد "داعش" من شمال بغداد حتى حدود تركيا، كي لا تضطر الدول الغربية إلى إرسال مشاتها لفعل ذلك، وسط تسليم بأن الجيش العراقي غير مرحب به من قبل سكان تلك المناطق. لكن مراكز القوى السنية دينياً وعشائرياً بشكل خاص تتساءل: لقد عملنا مع واشنطن منذ 2007 وطردنا تنظيم القاعدة، ثم خذلنا أوباما وراح يتفرج على المالكي وهو ينكل بنا وينقض الالتزامات، فلماذا نكرر الأمر نفسه دون ضمانات كافية في الأفق؟!

وتدرك واشنطن صعوبة المهمة، وهي ليست مهمة إقناع وبناء ثقة فحسب، بل يتطلب الأمر أيضاً مساعدة السُّنة الممزقين سياسياً واجتماعياً، على إعادة تنظيم صفوفهم وبناء مرجعية سياسية قادرة على التفاوض بشكل صحيح وتقديم أداء مقنع لجمهور المحافظات المحتلة من قبل "داعش". ولذلك يراقب كثيرون حجم المشاركة العربية في التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، ويراهنون على دور العرب في ملء فراغ الثقة بين الجانبين، وصوغ الأجواء المواتية لإنجاح أكثر المهمات تعقيداً منذ إسقاط نظام صدام حسين قبل 11 عاماً.

back to top