مدير سيئ = «موظف سيئ» = «إنتاج سيئ»!

نشر في 30-09-2014
آخر تحديث 30-09-2014 | 00:01
 د. ساجد العبدلي أظهرت دراسة طبية نشرت في مجلة الصحة المهنية والبيئية "عدد نوفمبر 2008"، أنه بعد متابعة الحالة الصحية لثلاثة آلاف عامل في السويد على مدى ثلاثة أعوام، أن العمال الذين كانوا يشعرون بعدم التقدير والاحترام والتقليل من كفاءتهم على يد رؤسائهم في العمل كانوا أكثر عرضة للإصابة بمشاكل خطيرة في القلب بنسبة أعلى بـ24% من غيرهم، ووصلت النسبة إلى 39% في حالة من تعرضوا لهذه الضغوط لفترة تجاوزت الأربعة أعوام.

في دراسة أخرى أجرتها منظمة الوظائف البيئية الكندية في عام 2011، ظهر أن الموظفين الذين يعملون تحت رئيس لا يهتم بهم على الإطلاق أو لا يتابع شؤونهم ويتجاهلهم معرضون لحالة من الانفصال عن الاهتمام بمتطلبات وظائفهم، بل الإحساس بالعدائية تجاه بيئات أعمالهم بنسبة تصل إلى 40% أعلى من غيرهم، في حين أن النسبة في حالة أولئك الذين يعملون مع رؤساء يهتمون بمتابعتهم من خلال التركيز على نقاط ضعفهم فقط تنخفض إلى 22%، وأما في الكفة الأخرى، أي في حالة الرؤساء الذين يهتمون بموظفيهم من خلال التحفيز والتركيز على نقاط القوة لدى هؤلاء الموظفين فإن نسبة عدم اندماج الموظف في عمله وعدائيته تجاهه تكاد تنعدم، حيث تنخفض إلى 1 من 100 في المئة، وفي دراسة أخرى تم تناولها في كتاب "العيش الرغيد" لتوم راث وجيم هارتر، اتضح أن عدم الاندماج في العمل يزيد من التعرض لمرض الاكتئاب النفسي بنسبة تصل إلى الضعفين عن حالة الموظفين المندمجين في أعمالهم والراضين وظيفيا، بل إن الموظف المندمج والمرتاح وظيفيا تتحسن صحته الجسدية حتى من ناحية مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية في جسده مقارنة بقرنائه غير المندمجين وظيفيا.

بطبيعة الحال، فإن الموظف غير المندمج في عمله وغير المرتاح لا يعطي منتجا وظيفيا جيدا، وهذا مشاهد في كل البيئات الإدارية، ناهيك عن عشرات الدراسات التي تناولته، وعليه فإن عنوان المقالة، الذي جاء على شكل معادلة رياضية واضح جداً دون الحاجة لكثير من الشرح والتفصيل. المدير السيئ من ناحية عدم الاهتمام بمرؤوسيه، يؤدي بهم إلى أن يفقدوا الفاعلية بدورهم ليصبحوا موظفين سيئين بدورهم، الأمر الذي يؤثر في إنتاجية سائر المؤسسة ويقودها إلى الأسفل.

في كتابه الشهير "كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس" يحكي ديل كارنيغي قصة تشارلز شواب، والذي يقال إنه أول رئيس شركة تقاضى راتب مليون دولار سنويا، وذلك في عام 1900، ويذكر أن السبب في ذلك يعود إلى أنه كانت لتشارلز شواب طريقة مميزة في التعامل والتواصل مع مرؤوسيه والعاملين تحت إمرته جعلتهم يقدمون أفضل ما عندهم لشركة الحديد والصلب التي كانوا يعملون فيها؛ مما ضاعف من إنتاجيتها لمرات عديدة وجعلها تحقق أرباحا طائلة.

مجددا وبعبارة أخرى سأقول إنه بمقدار جودة وتميز المدير تكون جودة وتميز الموظفين، وتكون جودة وتميز الإنتاج، ولصدق هذه العبارة الإدارية البسيطة المباشرة فإن رؤساء الشركات الكبرى والمديرين الجيدين حول العالم يتقاضون اليوم مرتبات ومكافآت ضخمة نظير جهودهم. على سبيل المثال، تقاضى شريف سوكي، الأميركي الجنسية اللبناني المولد، المرتب الأعلى في أميركا في عام 2013، حيث بلغ قرابة المئة وخمسين مليون دولار توزعت ما بين أموال مباشرة وأسهم ملكية في الشركة التي يديرها، وهو المرتب المستحق بجدارة حسب تقارير مجلة "فوربس" الشهيرة. اقرؤوا عنه وستذهلون من حكايته وكيف استطاع إنقاذ شركة "شينيير للطاقة" ورفعها من مجرد شركة صغيرة لا تأثير لها في السوق، إلى لاعب أساسي في سوق الطاقة.

بكل بساطة، إذا أردت أن تعرف السر في نجاح مؤسسة عمل ما أو فشلها، حكومية كانت أو خاصة، أو حتى دولة، فانظر إلى من يجلسون على مقاعد القيادة فيها!

back to top