{المؤيد شيخ} يستعيد روائح الزمن المملوكي

نشر في 24-09-2014 | 00:01
آخر تحديث 24-09-2014 | 00:01
No Image Caption
بدء أعمال ترميم حمامات وسط القاهرة
كان يعلي شعار النظافة من الإيمان ويضفي على من حوله روائح ذكية تنبعث من داخله .كان يقصده الرجال والنساء للاغتسال والاستحمام يومياً. إنه حمام {المؤيد شيخ} الذي يحتل مكاناً بارزاً في منطقة الحسين في الغورية في مصر، وصار بعدما مسّه الإهمال والتجاهل في حالة مزرية تنبعث منه أقبح الروائح.

إلى جوار مسجد {المؤيد شيخ}، تجد حمام {المؤيد شيخ} وهو نموذج لفخامة البناء في العصر المملوكي وشاهداً على تاريخ العمارة المملوكية وعظمتها. تعرض طيلة السنوات الماضية للإهمال، فتحول من مكان يعج بالرجال والنساء القاصدين الاستحمام إلى مكان يعج بالحيوانات النافقة وأكوام القمامة والمخلفات، إضافة إلى تهدّم بعض أجزاء المبنى من دون أي أعمال إصلاح أو ترميم للأثر من وزارة الآثار في مصر منذ سنوات طويلة.

قال مدير عموم آثار مناطق الأزهر والغورية مجدى سليمان إن {أعمال ترميم الحمام كانت قد بدأت منذ أكثر من عشر سنوات وتوقفت لعدم وجود ميزانية. لكننا نستأنف راهناً أعمال ترميم الحمام، إلى جانب ترميم ثلاث مواقع أخرى وهي حمام السكرية، منزل الشبشيري ووكالة السريبي}. وذكر أن مؤسسة خاصة تسلمت المواقع وتقوم بالتجهيزات اللازمة لبدء العمل على أن ينتهي خلال 18 شهراً.

أضاف مدير عموم المنطقة أن آخر لجنة رمّمت حمام المؤيد هي لجنة حفظ الآثار العربية عام 1919. كذلك قامت اللجنة بأعمال ترميمية للحفاظ على بقايا الحمام، خصوصاً بعدما سقطت قبته الضخمة وضاع معها كثير من معالمها، من بينها الشريط الكتابي الضخم أسفل القبة، والشبابيك الجصية المعشقة بالزجاج الملون. أما بقية أجزاء الحمام فقد طمست معالمها، كما ضاع معظم معالم المبنى التي كشفتها لجنة حفظ الآثار العربية.

العصر المملوكي

حمام المؤيد أحد أمثلة الحمامات في العصر المملوكي التي توضح مدى عظمة وفخامة المنشآت المدنية في ذلك العصر، ولهذا الحمام مدخلان أحدهما في الجهة الشمالية والثاني من داخل عطفة سليم ولم يتبق من الحمام سوى الممسلخ العظيم ذي المسقط المتعامد، ويتكون من أربع أيونات مبنية بالحجر المنحوت ولها أقبية مدببة ويتوسط هذه الإيونات فسقية، ولا تزال بقايا الحمام قائمة تشهد بمدى عظمة وفخامة ما كان عليه.

ومن المعروف أن السلطان المؤيد شيخ المحمودي هو الذي بنى الحمام. ولد عام 770هـ. جاء إلى مصر مع آخرين من {عبيد} يملكهم التاجر محمود البزدري، وكان عمره آنذاك 13 سنة. اشتراه الأمير برقوق قبل توليه السلطنة عندما كان أتابكياً. ولما تولى برقوق السلطنة أعتق المؤيد شيخ من رقه. وفي سنة 794هـ، عين في رتبة أمير عشرة. وفي سنة 801 هـ، عين في رتبة أمير طبلخاناه، ثم أميراً للحج وعمره 31 سنة.

توفي السلطان برقوق وتقلد الناصر فرج بن برقوق وعين المؤيد نائباً لدمشق. وفي نيابته لدمشق دبر المؤامرات للإطاحة بملكية الناصر فرج. ونجح فعلاً في ذلك. وكان من الممكن أن يصبح الأمير شيخ سلطان إلا أنه خشي قوة المماليك الظاهرية، فأخر نفسه عن السلطنة وقدم الخليفة العباسي المستعين بالله للخلافة. وفي 8 من شعبان 815هـ، خلغ الأمير شيخ المحمودي الخليفة العباسي ووثب على السلطنة. وكانت مدة حكم السلطان مؤيد شيخ ثماني سنوات وخمسة أشهر.

يذكر أنه كانت في مرض السلطان المؤيد شيخ وموته عبرة نتيجة لكثير من المظالم التي ارتكبها، فلم يبق مرض من الأمراض إلا واعتراه، وقد بدأ مرض في 11 من ذي الحجة سنة 823هـ بإسهال وقيء مستمر وألم في الحصاة وحمى وصداع وحبس للإراقة.ثم توفيّ في التاسع من محرم 824هـ، وقد جاوز عمره الخمسين فقط.

back to top