«يا عيني يا ليلي يالأصفر!»

نشر في 20-09-2014
آخر تحديث 20-09-2014 | 00:01
 يوسف عوض العازمي كنت في أوائل شبابي (ومازلت) أشجع فريق القادسية، وأحب لعبه، ولا تروق لي مشاهدة مباراة كرة قدم إن لم يكن القادسية طرفا فيها، أيامها كانت قمة الاستمتاع حينما أكون ضمن جماهير الأصفر، وأطرب لكبير مشجعي الأصفر "فهيدان" رحمه الله حينما يشدو بصوت جهوري "يا عيني يا ليلي يالأصفر"، ويردد جمهوره وراءه "آآآه"، في "شيلات" تشجيعية وحماسية نفتقدها الآن.

ليس المجال لشرح سبب افتقادنا هذه الأجواء الكروية الرائعة، والأهازيج التي تزيد من حماس الجماهير، وتغذي معنويات اللاعبين داخل المستطيل الأخضر، هي أيام ذهبت وأحسب أن من الصعب عودتها في ظل الوضع الرياضي الحالي البائس واختطاف الرياضة من إداريين فاشلين استغلوا نفوذهم؛ لتحقيق طموحات معينة، أدت في نهاية المطاف إلى ما تعانيه الرياضة ككل وليس القادسية فقط.

وعندما علمت أن الولايات المتحده سترصد مبلغ خمسمئة مليار دولار لمحاربة "داعش"! تذكرت القادسية وفهيدان- رحمه الله- وهو يهتف للأصفر، فهتفت بدوري ولكن لأوباما: وياعيني يا ليلي يا أوباما!

وتساءلت: ما المطلوب يا أوباما، هات من الآخر؟

تنظيم "داعش" عن بكرة أبيه تكفيه كتيبة من درع الجزيرة مع كم غارة جوية، فهو تنظيم لا يملك الأدوات اللازمة للقتال في حرب حقيقية، بل هو مجرد غطاء إعلامي مشبوه وانسحابات مكشوفة من منافسيه، حيث أخذ يتسلم المدن الواحدة تلو الأخرى وبدون مواجهات! أي أن "داعش" عذر من لا عذر له.

المشكله الآن أن مصر ورئيسها السيسي لا يمضي وقت إلا ويشتكي من ضعف الحالة المالية، والرسالة بالطبع و"الحكي لك يا جارة"! وأسعار النفط في أدنى مستوياتها، والآن أوباما يرفع لبرلمانه تكلفة خيالية غير مسبوقة لحرب عبثية ولا طائل منها، ودول الخليج العربية منشغلة بخلافاتها مع قطر! فمرة يعلن حل الخلاف فيتنفس أهل الخليج الصعداء، ومرة تظهر بوادر خلاف جديدة، مما يكشف أن ما يجري من الصعب حله أو أنه فوق طاقة قطر على تحقيقه، وبذلك تتعثر المصالحة ويتأخر حل الخلاف الذي يبدو غامضاً، ولم نعد نعرف ماهيته لانعدام الشفافية في الإعلان، والتكتم حول الخلاف، (واضح أن أبرز بنود الخلاف مسألة دعم قطر للإخوان المسلمين وقناة الجزيرة).

دول الخليج الآن تعاني خلافها الداخلي، ولا جدوى من دعمها للقيادات السياسية في بعض الدول، وتتمشكل أمام رئيس ديمقراطي لا صديق ولا توجه واضحا له، ويقدم ربما أسوأ أداء لرئيس أميركي في مجال السياسة الخارجية، خصوصا في الشرق الأوسط. (ربما تكون المقاصد الأميركية مختلفة عن المعلنة، لكننا لنا الظاهر، والظاهر سيئ).

الحل يكون بعقد قمة خليجية تتجلى فيها الصراحة ومواجهة النفس وتقدير المخاطر بحقيقتها، فمجلس التعاون ليس لعبة أو أداة يبتزها هذا أو ذاك، علينا أن نثق بقدراتنا ونتسامى فوق الخلافات، فما يجمعنا أكثر مما يفرقنا، علينا أن نتعامل بواقعية مع ما يحدث في المنطقة، وأن تكون طريقة التعامل واضحة مع التحركات الدولية، نملك جميع ما يحمينا بعد توفيق الله، لكن علينا التوجه نحو أنفسنا وهمومنا، وأن تنطلق سياساتنا بقناعتنا لا بقناعة غيرنا.

ليس من الصعب توحيد الكلمة، فدولنا تملك كل ما من شأنه أن يجعلها قادرة على حماية قرارها المستقل، فتملك اقتصادات قوية وشعوبا لا تشوب موالاتها وإخلاصها لحكامها شائبة، فقط علينا الالتفات لأنفسنا وبعدها سنجد أن مكاننا أفضل مما هو عليه الآن.

والله يذكر القادسية بالخير، وأيام فهيدان الله يرحمه.

ذكرني فيه أوباما، وكذبة "داعش"، والخمسمئة مليار الكوميدية.

وياعيني يا ليلي يالأصفر!

back to top