جوليا بطرس... عاشقة من طرف واحد! من أشرف إنسان؟

نشر في 02-09-2014 | 00:01
آخر تحديث 02-09-2014 | 00:01
No Image Caption
تعود جوليا بطرس بعد غياب سنتين بـ{حكاية وطن»، تسرد فصولها على مسرح «بلاتيا» في ساحل علما، في جونية- شمال لبنان. يلفتك تسابق على كتابة مواضيع حول الحفلة المرتقبة، 5 و6 سبتمبر الجاري، وعرض تفاصيلها. عازفون مرافقون، جنسياتهم، آلات موسيقية متنوعة، ديكورات مبتكرة، مفاجأة مفتعلة، فستان النجمة...
اختارت جوليا بطرس مجدداً مسرحاً لا تنفك تتباهى بأن فيروز اعتلته، وهي انتقلت أخيراً من التغني بجمهور أمين عام «حزب الله» في أغنية «أحبائي»، إلى مغازلة السيد حسن نصرالله نفسه في «أشرف إنسان».

تعيش الفنانة القومية «العلمانية» حباً بائناً من طرف واحد مع «حزب الله»، فهي لم تتردد منذ سنوات في غناء «أحبائي» مستوحاةً بقلم الشاعر غسان مطر من خطاب لنصرالله متوجهاً به إلى محازبيه (المقاومين) خلال حرب تموز 2006 في لبنان. فيديو كليب الأغنية، أفردت له صحف «الممانعة» السياسية مساحات على صفحاتها. حتى إن إحداها اختارت الأغنية وكليبها خبراً لصفحتها الأولى.

بطرس بدت بإطلالتها المحتشمة، أسلوباً ومضموناً، في الأغنية المصورة مشروع مغنية ستتخطى «حرمة» قناة «المنار» التابعة لـ{حزب الله» وتظهر على شاشتها الملتزمة دينياً، ولكن صوت المرأة- العورة، أخفق في تخطي عقبة الشرع الديني.

وليس بجديد الإشارة إلى أن بطرس شغلت اللبنانيين بأغنية من ضمن تسع أغانٍ تضمَّنها ألبومها الأخير. تقول «أشرف إنسان»: إنتَ أحسن ألطف أنضف أشرف إنسان بلاقيك، إنت أريح أفصح أنجح مين مش شايف حالو فيك/ إنت عندك قدر وقيمة، أفكار مثلك عظيمة، أوصافك نعمة كريمة الله يباركها ويحميك/ إنتَ الي بتصدق كلماتك، والناس بتحلف وحياتك، ما بتعطي إلا من ذاتك ما بتحكي شي ما بيعنيك/ إنتَ الي بتعرف شو بدّك، بالتواضع ما في قدّك، وين ما كنت منكبر حدّك، على إخلاصك منهنّيك». تغني بطرس اليوم «أشرف إنسان»، تعيد إلى

الواجهة- الذاكرة منطق تصنيف الناس في خطابات نصرالله إلى شرفاء أو عملاء.

وفيما جزم كثيرون أن الأغنية مهداةٌ إلى نصرالله، أكَّد مقربون من الفنانة أنها لا تقصد شخصاً بعينه، وكأن العشق يعوزه الإثبات أو الإمضاء! أو أن القصيدة تتوسل ورود اسم الحبيب فيها ليدرك الأخير أنه بيت القصيد!

ارتأت بطرس أن تقدم حفلتين هذه المرة، علّها تلبي عطش جمهورها الواسع الذي عتب عليها إحياء حفلة وحيدة بعنوان «يوماً ما» عام 2012. صوتها لا غبار عليه، كذلك الأداء. واستباقياً، سنقرأ بعد أيام كلاماً في هذا القبيل: «أطالت الغيبة ولكنها أبدعت في العودة، بصوتها النقي وما حمل من غناء راق وألحان أخاذة وكلمات تحكي قصة وطن موجوع. إنها إحدى أفضل الحفلات التي شهدها لبنان. صوت جوليا بطرس المقاوم و120 عازفاً، فضلاً عن تصاميم غرافيكية وأخرى بصرية، عناصر كافية لحفلة رائعة».

هل يصيب القول إن بطرس تهتم بالقضية فعلاً؟ لعلها تبحث عن ترويج، إذ تغني كلمات مستوحاة من خطاب نصرالله، معولةً على ثمار شعبوية كثيرة. ويحضر هنا أيضاً الفنان زياد الرحباني، الذي توظف «المنار» تصريحاته في خطابها الإعلامي حاذفةً في المقابل كل ما لا يسهم في تعبئة قضيتها. وهو لم يتوانَ عن توريط والدته فيروز في «القضية» والقول بأنها تحب نصرالله.

تتنفس حرية

الفنانة التي التقت الرئيس السوري بشار الأسد بعد حرب تموز/يوليو 2006، ويُقال إن نقاشاً دار بينهما يتعلق بالفن الملتزم ودوره في القضايا الوطنية والقومية، هي نفسها خاطبت فلسطين وناسها ومقاومتها في فيديو كليب عرضته قناة «الميادين»، تضامنت مع الشعب الصامد في غزة، مع موت أطفالها، مع الحق في طرد المحتل المستبد: «الحق سلاحي، الحق سلاحي وأقاوم، أنا فوق جراحي سأقاوم، أنا لن أستسلم لن أرضخ، وعليكِ بلادي لا أساوم...». بطرس عابت على العرب صمتهم أمام العدوان على غزة، ولامبالاتهم تجاه آلة الحرب الصهيونية القاتلة، مؤكدةً أن الربيع العربي اختراع صهيوني أقصانا عن قضيتنا الرئيسة فلسطين!

جوليا بطرس لسان جمهورها، وهما ينظران إلى الأحداث في سورية في سياق  {الاختراع الصهيوني} طبعاً!

لطالما تحدثت بطرس عن أنها كرست مسيرتها لأجل الحرية والعدل ولإيصال صوت المظلومين، وعبرت عن الغضب من قتل الأبرياء، وشعرت أن أمامها مسؤولية التكلم باسم شعب لم يعد صوته مسموعاً... بطرس «أنا بتنفس حرية»، لا تتردد في القول إنها صديقة بشار الأسد. هنا، تصبح كلمة «حرية» موضع التباس وإبهام وفصام، أو أن بطرس تعيش المصطلحات في الأحلام فيما تنصاع في الواقع للمنطق الحزبي (السوري القومي) الذي تسير على خطاه. هي تتنفس حرية وفي المقابل تعلو البسمة ثغرها وتسارع لزيارة عدو الحرية. فهل يبقى للحرية معنى؟

واضح أن بطرس، زوجة وزير التربية، تقدِّم شهادات- إفادات شرف، تصافح من لن يصافحها يوماً، وتغني لمن لا يَطرب، أو هو يطرب في السر. تجعل من أساطير المقاومة و{سيدها» خشبةَ وصول إلى «أشرف الناس». وهي ستغني للمرة الثانية على «أشرف خشبة»، مسرح اعتلته فيروز قبلها.  

أخفقت جوليا بطرس في مرحلة ما بعد الحرب في لبنان في تخطي أغنية «غابت شمس الحق» (1985)، والتحشيد ضد العدو الإسرائيلي، وهي إلى اليوم صاحبة شعارات ثورية، أبرزها «وين الملايين». وأغانيها التي ارتبطت بمهرجانات حزبية وتظاهرات بقيت أقوى من «رومانسية» الفنانة، تلك الرومانسية الجامدة إلى حد ما برغم النفحة الصوتية، ربما بسبب جمود مسيطر حتى على أغانيها في الحب، البعيدة عن المرح والأقرب إلى الصرامة.

ألغت النجمة، وألغينا، من ألبوماتها «قصص» أغان كثيرة في مسيرتها، وصارت بالنسبة إلينا جوليا بطرس «يا أحبائي» و{أشرف إنسان».

back to top