«كان رفيجي»... وعطش الجمهور الكويتي!

نشر في 27-08-2014
آخر تحديث 27-08-2014 | 00:01
 طالب الرفاعي تبدو مقولة: "السينما الكويتية تعيش حالة مخاضٍ متعسر"، مقولة يصعب إثباتها. فبالرغم من الصعاب والعراقيل والإحباطات التي تواجهها الحركة السينمائية الكويتية، فإن الراصد للمشهد السينمائي يرى بوضوح حركة شبابية جادة وطموحة تضج بالحماس والاندفاع والتضحية، ولا تنقطع عن إنتاج أعمال سينمائية وثائقية، وأخرى روائية قصيرة أو طويلة، ولو أنها تشكو مرّ الشكوى من معاناتها الخاصة، بعدم تبني أي جهة، رسمية كانت أو أهلية، لجهدها، والتعاون مالياً معها، لإنتاج أعمالٍ تؤرخ وتوثّق وتقدم الجوانب المختلفة لحياة المجتمع الكويتي.

العنصر الأول الذي يجب التوقف عنده لحظة التفكير بأي إنتاج سينمائي، يكمن في التمويل، فوحده شكّل ويشكّل الصعوبة الكبرى! فالنصوص كثيرة، وكتّاب السيناريو والمخرجون ونجوم وكوادر الممثلين متوافرين، لكن المموّل غائب ومتوار عن الأنظار!

ليس لمراقبة السينما في المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، ميزانية للإنتاج السينمائي تستوعب إنتاج اي فيلم روائي! فالتكلفة الإجمالية لإنتاج وتسويق أي فيلم روائي طويل، باستخدام كل عناصر التقنيات الحديثة، لا يمكن أن تقل عن ربع مليون دينار كويتي!

التمويل إشارة حمراء بائسة تقف أمام الإنتاج السينمائي في بلد خليجي نفطي غني. وبالرغم من ذلك فإن همة الفنان السينمائي الكويتي، وإصراره على العطاء، يكسران الإشارة الحمراء، ويتجاوزانها بمغامرات خطيرة، وقد تكون قاتلة. فذاك عشق الفن، ورسالة الفنان المقدسة، وتفانيه في محاكاة وتقديم شيء من نبض مجتمعه الحقيقي.

حضرت الأسبوع الفائت عرضاً سينمائياً للفيلم الكويتي الطويل "كان رفيجي"، قصة وسينايو وحوار يعرب بورحمة، وبطولة خالد أمين وفيصل العميري، وفاطمة الصفي، وعبدالمحسن القفاص ومرام البلوشي ومجموعة أخرى من الكوادر الكويتية، ومن إخراج أحمد الخلف. الملاحظة الأهم، واللافتة للنظر، والمفرِحة للقلب، هو أن صالة العرض كانت ممتلئة تماماً بجمهور الحضور، علماً أن الفيلم ربما مرَّ قرابة الشهر على بدء عرضه، مما يكشف جلياً تلهّف الجمهور الكويتي والعربي للأعمال السينمائية الطويلة، خاصة إذا لامست هذه الأعمال حياته ومشاكله الاجتماعية. كما يؤكد أن التجارب السينمائية الجادة تلاقي ترحيباً وقبولاً لدى الجمهور. ولم يكن خافياً تفاعل الجمهور وانفعاله، وتأثره سعادةً وحزناً بأحداث الفيلم.

الفيلم يحاكي الراهن الكويتي القائم، بقضاياه الاجتماعية، وهو إذ يطرح فكرة الصداقة، بين ثلاثة أصدقاء، ينتهي إلى خلاصة انسحاق كل منهم بحياته الخاصة، أياً كانت طبيعة هذه الحياة، وكأنه يشير إلى أن وقع الحياة الراهنة وتعقيدها يقتل الصداقة، إلا إذا ما عمل أطرافها بجد وبإخلاص للمحافظة عليها، وإبقاء شمعتها مشتعلة.

الصديق الأول الزوج المسؤول "خالد أمين" منشغل تماماً بعمله عن زوجته "فاطمة الصفي" وأصدقائه، والصديق الثاني "فيصل العميري" تائه بسبب خواء عالمه الروحي الداخلي، لذا يلجأ للسفر الذي يأخذه إلى مهلكة المخدرات، وآخر الأصدقاء "عبدالمحسن القفاص، لاهياً بمتعه وسهره.

الفيلم يسير في أكثر من خط درامي، لكن تلك الخطوط تلتقي عند صداقة الأصدقاء الثلاثة، وكيف أنها أعجز من أن تعود حارة ودافئة، تقدم زاداً للروح، وتخلق ضحكة تهزّ القلب. وفي خضم هذه الأحداث، يبدو جميع رجال الفيلم منشغلين عما حولهم، وعاجزين عن الإمساك بمعادلة صحيحة للحياة.

الموسيقى التصويرية، صاحبت أحداث الفيلم في كل مشاهده، وبقدر ما خدمت بعض المشاهد، فإنها شوّشت على مشاهد أخرى، كما أن رسالة الفيلم وشحنته العاطفية وصلت ذروتها مع دفن الصديق المدمن، وبدء أصدقائه المشيعين بإهالة التراب عليه. وأظن أن ما جاء بعد هذا المشهد، قلل من شحنة التأثر التي كان يمكن أن يخرج المشاهد محمّلاً بها.

"كان رفيجي" فيلم كويتي جميل يضاف الى سجل السينما الكويتية الحديثة.

back to top