الفيل الأزرق يعيد الأدب إلى دور العرض المصرية

نشر في 23-08-2014 | 00:01
آخر تحديث 23-08-2014 | 00:01
No Image Caption
أعاد فيلم «الفيل الأزرق» الأدب إلى دور العرض المصرية بعد غياب ثماني سنوات منذ تقديم رواية «عمارة يعقوبيان» للأديب علاء الأسواني، فهل ستفتح هذه الخطوة المجال أمام أعمال أخرى، لا سيما بعدما حقق الفيلم مراكز متقدمة في سباق أفلام الموسم الراهن، وبإيرادات تخطت حاجز ثمانية ملايين جنيه.
أكد مؤلف رواية «الفيل الأزرق» أحمد مراد (كاتب سيناريو الفيلم أيضاً) لـ «الجريدة» أنه أجرى بعض التغييرات على نص الرواية لتتلائم مع مشاهد السينما، قائلًا: «وضعت في اعتباري أن قارئ الرواية يختلف كثيراً عن مشاهد السينما، فالأول لديه قدرة على الاستكمال رغم الإطالة، والثاني يرغب في التمتع بعناصر الإبهار في ظل سيطرة عنصري التشويق والغموض، ما يدفعه إلى الاندماج مع الفيلم، لذا حذفت بعض الأحداث، التي يعرفها جيداً قراء الرواية».

وأضاف: «كنت حريصاً على أن يجد قارئ الرواية القصة التي أحبها في العمل، ولكن مع التمسك بوجود عنصر المفاجأة، ولا يظل القارئ يتابع المشاهد كما لو كان يتمم على عهدة حكومية، ولكن الفكرة الأساسية عندي أن أصل إلى معادلة تخدم قارئ الرواية وتفاجئه في آن، ومن لم يقرأ الرواية سيتوجه لمتابعة الفيلم باعتباره وجبة أدبية فيلمية».

مراد أكد أن عملية الحذف والتعديل لم تقف عند مرحلة التحضير، وإنما أثناء التصوير، إذ حدثه المخرج مروان حامد ذات مرة، وطلب منه التوجه إلى موقع التصوير، مؤكداً أنه يجب تعديل بعض التفاصيل، وكان من ضمنها مشهد لجملة يقولها أحد الأبطال في زمن معين غير متوافق مع مدة تصويره، فكان الحوار مضبوطاً في النص، وليس في التنفيذ، لذا عدَّله من دون كلام فائض.

ولفت إلى الفرق بين النص المكتوب والتعامل معه على أنه سيتحول إلى صورة، وهذا يرجع إلى التعامل مع مخرج يفهم جيداً ما يقدمه، وتحويل عبارات إلى مشهد يوضحها، كأن نقول إن فولاناً رجل فاسد، فيظهر ذلك أثناء حصوله على رشوة مثلًا، وبالتالي تم ابتكار مشهد غير موجود في النص، وهذا ليس خروجاً عنه، وإنما ترجمة بصرية له.

وأرجع نسبة المشاهدة المرتفعة والإيرادات التي حققها الفيلم إلى القراء الذين أحبوا الرواية، حتى هؤلاء الذين كرهوها رغبوا في متابعته لمعرفة مدى اختلافه عن الرواية، مؤكداً على أن الرواية شكلت تحدياً أثناء كتابتها، وهو ما جعله مستغرباً من موقف مروان حامد باختياره لها على وجه التحديد، لا سيما في ظل احتياجها إلى إمكانات إنتاجية مرتفعة تفتقدها السينما المصرية خلال الوقت الراهن، إذ تعتمد على عوالم غريبة وجديدة عليها.

وأشار إلى أنه كسب قطاعاً جديداً من الجمهور الذي وجد في «الفيل الأزرق» فرصة للانتباه إلى الأعمال الأدبية والجديرة بالقراءة، بما قد يشجع هؤلاء الذين لم يقرأوها على مطالعتها، ولفت إلى أن عودة الروايات إلى السينما يعيدنا إلى فترة ذكية في الخمسينيات والستينيات، والتي حفلت بروايات عظيمة لنجيب محفوظ، على سبيل المثال، فنالت رواياته المصورة شهرة أكثر من تلك التي لم يتم تصويرها.

وتابع: «تخليد الرواية في عمل سينمائي يمنحها عُمراً طويلا ويسمح لها بالعيش في ظل نشأة جيل جديد من الدراما التي لا تعرف القراءة والرواية، وأتوقع عودة موجة أخذ الأفلام عن روايات من نصوص أدبية بعد عرض «الفيل الأزرق»، وهذا في حد ذاته نجاح كبير للفيلم.

منافسة الشعبية

الناقد محمود قاسم قال إن عودة الرواية إلى دور العرض أمر مرغوب فيه لإثراء الحالة السينمائية، وتقديم أفلام قادرة على منافسة الشعبية التافهة، على حد وصفه، التي سادت خلال الفترة الماضية، معبراً عن إعجابه بأن هذه العودة جاءت من خلال رواية «الفيل الأزرق» التي حققت نسبة مبيعات مرتفعة، ولها جمهورها الكبير من القراء الذي تردد على دور العرض لمتابعتها إلى جانب قدرة ورؤية المخرج مروان حامد في تقديمها بشكل مبهر استطاع جذب شريحة من مشاهدين لم يكونوا على علم بالرواية.

وهو ما أكدته الناقدة ماجدة موريس، إذ أوضحت أن نجاح «الفيل الأزرق» وقدرته على منافسة الأفلام المطروحة واعتلاءه المركز الثاني وأحياناً الثالث، يداعب عقول المنتجين للتفكير في اختيار روايات أخرى على المستوى نفسه وتقديمها من خلال عمل سينمائي، ينال النجاح والقبول، لافتة إلى أنها كانت تتوقع أن الجمهور الذي سيتوجه لمتابعته من المثقفين فحسب، ولكنها اكتشفت أن العمل محبوب من الفئات كافة، نظراً إلى احتوائه على عناصر الإبهار المغرية للمشاهد.

واعتبرت موريس الروائي أحمد مراد ظاهرة في حد ذاته، وذلك لقدرة روايته على تحقيق نسبة مبيعات وقراءة عالية على شبكة الإنترنت وخارجها، وأيضاً لقدرته على كتابة السيناريو والحوار للعمل السينمائي، ما يشير إلى قدرات كثيرة قد يملكها الرواة، وتساعدهم في تنفيذ أعمالهم باعتبارهم أكثر دراية بها.

وذكرت أن الصورة الذهنية حول الأفلام المأخوذة عن أعمال أدبية جامدة، ولا حياة فيها، وتفتقر إلى عناصر الجذب والإبهار، لذا يجب على الصانعين الذين سيقدمون أعمالا في هذا الإطار أن يهتموا بهذه الجوانب، ولعل نجاح «الفيل الأزرق» بفضلها وفضل إتقان الممثلين لتجسيد أدوارهم أكبر دليل على ذلك، مؤكدة أنه إذا ما تحققت هذه النقاط فإنها بالطبع ستتمكن من منافسة الأعمال التجارية.

back to top