التحالف الوطني العراقي... متى استعبدتم الناس...؟

نشر في 23-08-2014
آخر تحديث 23-08-2014 | 00:01
 أنس محمود الشيخ مظهر طالما أشرنا في مقالات سابقة للشبهات التي تعتري الدعوات المنادية لتحويل «التحالف الوطني» إلى مؤسسة سياسية رسمية في البلد، وما جعلنا متوجسين من هذه الدعوات هو أن تتحول هذه المؤسسة «المقترحة» إلى دكتاتورية تحل محل دكتاتورية المالكي الفردية؛ مما يجعل الوضع السياسي في العراق أكثر تأزما، ويبدو أن «التحالف الوطني» يتحرك نحو هذا الهدف بخطى وئيدة بعد إزاحة المالكي وترشيح حيدر العبادي مكانه.

إن التسريبات الخبرية التي رافقت تنازل المالكي عن مطالبته بمنصب رئاسة الوزراء تفيد بتقديم «التحالف الوطني» ضمانات بعدم ملاحقته قانونيا، وإعطائه منصبا يكسبه الحصانة اللازمة حيال ذلك، وأفادت بأن الاتفاقية تلك كانت بإشراف دولة إقليمية أبدت استعدادها لإيواء المالكي والمقربين منه في حال عدم إيفاء «التحالف الوطني» بضماناته تلك.

لا يمكن إنكار حقيقة أن «التحالف الوطني» يمثل أغلبية سياسية في العراق، ويحق له التحرك ضمن هذه الحقيقة بحرية طالما كان الأمر متعلقاً بالمكون الشيعي في العراق، إلا أنه لا يملك الحق في التحرك بنفس الحرية فيما يتعلق بحقوق المكونات الأخرى أو التحدث نيابة عنهم، فالحقيقة الأخرى تشير إلى أن ممارسات المالكي التعسفية بدأت بالمكونات العراقية الأخرى عبر إركاعها وتضعيف وجودها السياسي بطرق وصلت في الكثير من الأحيان إلى مستوى «الجينوسايد»، خصوصا في تعامله مع اعتصامات المدن السنية في العراق، وقطع رواتب موظفي إقليم كردستان، إضافة إلى سوء إدارته للسلطة، والفساد الذي استشرى في عهده، مع الصفقات المشبوهة التي كانت تبرم بعلمه، وأهدرت من خلالها مليارات الدولارات من أموال الشعب، وفي الحقيقة لا يمكن لنا تخمين الأسس التي اعتمد عليها التحالف الوطني في اتفاقيته هذه مع المالكي.

على هذا الأساس فإنه لا يمكن لجهة سياسية إعطاء ضمانات بعدم ملاحقة قانونية لسياسي اقترف جرائم بحق الشعب، لا سيما أن هذه الجهة (التحالف الوطني) لا تمثل جهة قضائية، وهي، وكما تعلن، بصدد ترميم ما اعترت العملية السياسية من أخطاء وتحريف يستوجب التوجه إلى الأطراف المتضررة، وتصفير المشاكل معها. وهكذا فليس من المفترض تقديم المالكي إلى القضاء العراقي ليقول فيه كلمة الفصل فحسب، بل كل من كان يدعمه في نهجه الدموي هذا، وكل من وقف معه في ممارساته القمعية ضد أبناء الشعب، كمخترعي نظرية (سبعة سنّة مقابل سبعة شيعة)، وأبواقه الذين كانوا يملؤون الأرض ضجيجا وأزمات، ولكي نطوي صفحة السنوات العجاف الثماني تلك بشكل كامل أرى أنه من الضروري إصدار قانون اجتثاث المالكيين على غرار قانون اجتثاث البعثيين الذي طوينا من خلاله صفحة صدام سابقا، لا أن تتم حماية مجرمي العهد البائد باتفاقيات سياسية.

فإذا ما تمكن التحالف الوطني من فرض تفاهمه هذا مع المالكي على الأطراف العراقية الأخرى فستكون سابقة خطيرة تفتح المجال أمام أي رئيس وزراء عراقي لارتكاب الجرائم بحق مكونات الشعب العراقي مستقبلا دون رادع من قضاء أو قانون، معتمداً على الحماية التي سيضمنها له «التحالف الوطني» في حال تركه للسلطة.

إن كانت الأطراف الإقليمية غير العراقية الداعمة للتحالف الوطني تصب جل اهتمامها لتمرير أجنداتها في العراق دون اكتراث بعلاقة المكونات العراقية مع بعضها، فإن الواقع السياسي والأمني في الساحة العراقية حاليا يشير إلى أن كسر العظم بين مكوناته قد لا يكون دائما في مصلحة المكون الأكبر، وعليه فإن العبادي ومعه التحالف الوطني مطالبان بكسب ثقة المكونات العراقية الأخرى والتعامل معها كشركاء حقيقيين في العملية السياسية لا كمكملين لها.

* كردستان العراق – دهوك

back to top