«ثقب الألواح الصلبة»... حكايات سياسية عن البشر والذئاب والحروب الأهلية

نشر في 01-08-2014 | 00:01
آخر تحديث 01-08-2014 | 00:01
No Image Caption
ينتقي الكاتب الألماني ألكسندر كلوجه عنواناً لإصداره «ثقب الألواح الصلبة» محملاً بكثير من الرمزية.
يقدم الكاتب الألماني ألكسندر كلوجه تأملات فلسفية وسياحة تاريخية في صيغة حكايات سياسية بعضها عن «مهنة» السياسي الأشبه بعملية إحداث ثقب في لوح صلب، وبعضها يفسر لماذا تكون المجتمعات البشرية «دائما.. في حاجة ضرورية» لحاكم أكثر قسوة لمنع وقوع حروب أهلية.

ويقع الكتاب في 295 صفحة كبيرة القطع، وترجمته إلى العربية علا عادل أستاذة الأدب الألماني بجامعة عين شمس، وصدر عن دار صفصافة للنشر والتوزيع والدراسات في القاهرة.

ويقول إن على الحاكم «التصدي لمثل هذه الحروب (الأهلية)، وإلا أصبح بمنزلة أداة لا قيمة لها، فهو يتعين عليه ترويض القسوة... ما يدفعه في بعض الأحيان إلى أن يكون أشد قسوة من رعاياه».

ويسجل أن الفيلسوف البريطاني توماس هوبز (1588 - 1679) درس تاريخ الحروب الأهلية في بريطانيا، وهو يتأمل هذا المعنى «الإنسان ذئب لأخيه الإنسان»، وهو ما انتقده آخرون بعد نحو مئة عام.

ويقول كلوجه في كتابه «ثقب الألواح الصلبة.. 133 حكاية سياسية» إن الصديقين الاسكتلنديين آدم سميث (1723-1790) وديفيد هيوم (1711-1776) خالفا هوبز انطلاقا من كون الإنسان كائنا اجتماعيا سياسيا، وليس دقيقا تشبيهه بالذئاب التي تتسم حياتها «بالشر والخطورة»، وإن كانت تتعاون معا من دون دستور ينظم علاقاتها.

التعاطف مع الآخر

ويسجل قول سميث وهيوم أن الإنسان إذا تعرض للعدوان يكون أكثر تركيزا من الذئب عشرات المرات، ويصبح «بمنزلة حيوان مفترس قادر على اصطياد فريسته»، ولكنه رغم ذلك يحتفظ بسمتين بارزتين لا تتمتع بهما الذئاب «على الإطلاق»، وهما الموضوعية والتعاطف مع الآخر.

وفي مقدمة الكتاب يفسر المؤلف اختياره لعنوان «ثقب الألواح الصلبة» بالإحالة إلى وصف الألماني ماكس فيبر (1864 - 1920) للسياسة بأنها مهنة تتلخص في أنها «ثقب قوي وبطيء في ألواح صلبة بتفان وحسن تقدير ودقة في الوقت ذاته»، وهكذا تحتاج هذه المهنة إلى كثير من المراس والذكاء.

ويتفق المؤلف أيضا مع الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو (1926-1984) في تعريفه للسياسية بأنها «امتداد للحرب لكن بوسائل أخرى».

وكلوجه الذي ولد عام 1932 درس القانون والتاريخ والموسيقى، وعمل في المحاماة ثم درس السينما على يد المخرج فريتس لانج، ونال جوائز في الإخراج، منها جائزة الفيلم الألماني عام 2008، كما سجل الناشر في الغلاف الأخير للكتاب.

ولكن الرؤية الغربية الاستشراقية توجه المؤلف في الحكم على بعض الوقائع التاريخية، ومنها قيام سليمان الحلبي - وهو طالب سوري عمره 23 عاما كان يدرس في الأزهر بالقاهرة - بقتل الجنرال كليبر الذي تولى في مارس (أذار) 1800 قيادة جيش الاحتلال الفرنسي في مصر بعد عودة نابليون إلى فرنسا.

فيقول كلوجه إن الحلبي احتال على كليبر وطعنه في صدره ثلاث طعنات، فقضت محكمة عسكرية بإعدامه على الخازوق هو وثلاثة من مدرسيه في جامعة الأزهر، بحجة أنهم عرفوا أمره ولم يبلغوا سلطات الاحتلال.

ويعلق كلوجه على الواقعة «بقي جسده معلقا في هواء الصيف أياما ثلاثة. لاحقا قام رئيس الجراحين لاري باستخلاص العمود الفقري من كل قطع اللحم والطفيليات والميكروبات. في أثناء إجلاء الفرنسيين عن مصر عني الجراح باصطحاب الهيكل العظمي في خزينة خشبية إلى فرنسا وحفظت رفات الجاني الشهير في حديقة النباتات بمتحف تاريخ الطبيعة في باريس».

(رويترز)

back to top