الأسئلة الصعبة

نشر في 27-07-2014
آخر تحديث 27-07-2014 | 00:01
 ناصر الظفيري يبدو أن النظرة للصراع بين إسرائيل والعرب تحكمها مزاجية جديدة وذائقة لم نعتد عليها من قبل، وهناك مجموعة من التطورات لابد أن تؤخذ بالاعتبار حين يتم طرح هذا الصراع للتداول. أول مزاجية هذه النظرة أن الصراع حالياً يحمل تسمية جديدة فهو ليس صراعا بين اسرائيل والعرب، كما كان يطرح في السابق. ولهذا التطور أسباب مهمة، فالعرب أنفسهم يعيشون صراعا دمويا لا يستطيع المراقب تحديد أطرافه بدقة ولا النهاية التى يمكن ينتهي بها أو حتى تخمين حجم الدمار الذي سيخلفه.

ونتيجة لهذا الشكل الجديد للعالم العربي في العواصم المهمة والتي لا تكاد تطفئ النيران في حواشي ردائها تصبح التسمية الواقعية للصراع العربي الاسرائيلي هي الصراع الفلسطيني الاسرائيلي. ولكنها أيضا تسمية غير دقيقة ولا تعكس واقعية الصراع أو مزاجيته الجديدة. فلا يشارك حاليا في الصراع الدائر في غزة كل فلسطينيي الداخل، فمن يسمون بعرب اسرائيل أو عرب 48 اندمجوا تماما في الحياة الاسرائيلية وأصبح يهود اسرائيل أكثر منهم احتجاجا ومطالبة لحكومتهم في رفع السيف عن رقاب أطفال غزة. وعرب الضفة الغربية ينظرون للصراع كجزء من الصراع السياسي بين تنظيمين فلسطينيين لا يمكن أن يتعايشا معا وعلى أحدهما أن ينتهي كي يستمر الآخر.

وتضيق دائرة الصراع ويتطلب الأمر تسمية جديدة وأكثر واقعية ليصبح الصراع بين أهل غزة وحدهم والعدو الاسرائيلي، وسنقبل هذه التسمية رغم امكانية تضييقها مرة أخرى لتصبح بين مجموعة حماس وحدها واسرائيل. وحماس عاشت مرحلة من التخبط وتنقلت بين أحضان سورية مرة وايران مرة ومصر مرة والخليج العربي مرة أخرى وفي كل مرة ترحل منها الى مكان آخر تترك كما من الغضب والسخط يجعل الوقوف معها ومساندتها سياسيا أمرا صعبا.

لكن الحقيقة التي علينا أن ندركها أن حماس لا تدفع وحدها ثمن العدوان الاسرائيلي على غزة، فالذين يدفعون الثمن والدم هم أطفال غزة ونساء غزة وشيوخ غزة. وسواء اختلفنا مع حماس أو اتفقنا علينا أن نقف مع الدم الفلسطيني الذي تمت محاصرته ووجد نفسه عاريا أمام سلاح لا طاقة له بمواجهته. وسينتهي به الأمر ليجد نفسه محاصرا  بين عدو يقتله وصديق يغلق الباب في وجهه.

يطرح الغرب دائما في أدبياته اليومية أن اسرائيل تملك الحق المطلق في الدفاع عن نفسها أمام العرب الذين يحاصرونها، وبعد أن تلاشت قدرة العرب على حصارها أصبحت تدافع عن نفسها أمام غزة التي تحاصر اسرائيل. وحين يسأل المحاور ضيفه الغربي، ولماذا تملك اسرائيل حق الدفاع عن النفس ولا يملكه الفلسطيني؟ يأتي الجواب بأن اسرائيل دولة والفلسطينون ليسوا دولة. والسؤال الطبيعي للمحاور ولماذا لا تمنحوا الفلسطينيين دولة كما منحتم اسرائيل؟ يجد الرجل مخرجا لطيفا وهو يبتسم: دعهم يتفقون أولا كي يجلسوا لبحث ذلك. نعم دعهم يتفقون أولا. هذا هو السؤال الصعب الذي لا يجد المحاور سببا لطرحه ولماذا لا يتفقون أولا؟

اذا كان الاتفاق صعبا تحت القصف الحالي لماذا لم يتفقوا بعد القصف السابق؟ وهل سيتفقون بعد أن يهدأ هذا القصف؟ جميعا نعلم الاجابة.

back to top