عوائق في طريق هيلاري

نشر في 25-07-2014
آخر تحديث 25-07-2014 | 00:01
 واشنطن تايمز من المستبعد أن تصبح هيلاري كلينتون رئيسة للولايات المتحدة في أحد الأيام، بل ثمة احتمال أكبر مما يظن الكثيرون من المطلعين على الوضع في واشنطن بأنها لن تترشح للرئاسة أصلاً، لكن إذا فعلت فستكون العوائق التي تواجهها هائلة، فقد كانت حملتها في عام 2008 آخر فرصة جيدة لها كي تتولى المنصب الرئاسي لكنها فشلت، ومنذ ذلك الحين اجتمعت تطورات عدة من شأنها أن تضعف فرصها بالفوز، وأصبحت تلك الفرص الآن شبه معدومة.

هذا الإطار التحليلي لا يُعتبر ساذجاً في واشنطن، إذ غالباً ما ينحصر منطق التفكير هناك بالأفكار التقليدية، ووفق الأفكار التقليدية يُعتبر ترشح كلينتون شبه حتمي ويبقى انتخابها في المرحلة اللاحقة وارداً جداً، فهي ذكية ومخضرمة ومعروفة عالمياً وتجيد جمع التبرعات، وتحظى بالاحترام بشكل عام، لقد تلاشت الفضائح القديمة التي جعلت أحد أبرز الصحافيين يصفها بـ"الكاذبة بالفطرة" من ذاكرة الوعي الوطني، وعلى الورق هي تبدو مرشحة لا تُقهر، لكن لا تحصل الانتخابات الرئاسية على الورق بل في العالم الحقيقي، حيث تتعلق السياسة دوماً بالمستقبل، لكنّ كلينتون هي نتاج الماضي.

يواجه البلد نقطة مفصلية بسبب أزمته التي أوصلته إلى جمود سياسي، فهو يحتاج بشدة إلى نوع جديد من السياسة التي يمكن أن تخرق جدار الأزمة وتضعه على مسار جديد كي يحقق مستقبله ومصيره، وفي أوقات مماثلة تتوسع الفجوة في العادة بين المؤسسة السياسية التي ترتكز على دروس الماضي والناخبين الذين يسبقون تلك المؤسسة دوماً ويضغطون لفرض معايير سياسية جديدة وتفكير جدلي جديد وتحالفات جديدة، في سنة 2016 التي ستشهد انطلاق الحملات الانتخابية يبدو أن الناخبين الغاضبين والقلقين سيحرصون على انتزاع السلطة من المؤسسة السياسية واستثمارها في مرشّحي المستقبل.

في هذه الحالة، لن تتمكن كلينتون من تحمّل رياح التغيير، فتعكس سيرتها الذاتية الأخيرة امرأة سياسية مجردة من التفكير العصري أو عاجزة عن تحديد نوع الرسالة السياسية المطلوبة في هذا العصر، وفي بعض الحقب من ماضينا السياسي، ما كان هذا الوضع ليُعتبر عائقاً لكنه سيكون مصيرياً في ظل المناخ السياسي الراهن.

يُطرح السؤال نفسه دوماً في هذه المرحلة من أي نقاش عن نقاط ضعف المعركة التي يخوضها أي مرشح: من يستطيع هزمها؟ لنعد بالزمن إلى الوراء، قبل ثماني سنوات تحديداً، حين افترض المعلقون والمراقبون السياسيون نفسهم نتيجة حتمية بشأن المرشحة عينها، فاختاروا استطلاعات الرأي كأداة يرتكزون عليها، وفي يناير 2007، دمج موقع Real Clear Politics عدداً من استطلاعات الرأي وتوصل إلى نتيجة تشير إلى تفوق كلينتون على أقرب منافس لها، باراك أوباما بنسبة 38% إلى 18%، وبعد عشرة أشهر تراوحت الفجوة بين 49% و20%، وكشف استطلاع مشترك بين "واشنطن بوست" وقناة "إيه بي سي نيوز" في أكتوبر 2007 أن نسبة تأييد كلينتون بلغت 53% مقابل 30% لأوباما، فقال المسؤولون عن الاستطلاع إن نسبتها تحسنت بمعدل 12 نقطة خلال ثلاثة أسابيع بينما تراجعت نسبة أوباما بسبع نقاط.

نعرف جميعاً ما حصل لاحقاً، فجاء أوباما، الرجل الجديد على الساحة السياسية، ليقلب تلك الأرقام الأولية كلها وتفوّق عليها في معركة الترشيحات؛ لذا من الواضح أن استطلاعات الرأي الأولية لا قيمة لها بالنسبة إلى كل من يريد تقييم فرص أي مرشح، فما الذي يجب أن نبحث عنه إذاً؟ يجب التركيز على الوضع السياسي العام الذي يكشف أنّ البلد يحتاج إلى نشوء منطق تفكير جديد وطريقة للخروج من الأزمة الراهنة، ولا يمكن أن توفر كلينتون أياً من الأمرين.

لكن إذا تفوقت في الانتخابات الأولية فستواجه عائقاً كبيراً آخر في الانتخابات العامة: تدهور الأداء السياسي لأوباما في ولايته الثانية؛ صحيح أن عدداً كبيراً من العلماء السياسيين لا يصدقون هذه الفكرة، لكن يخبرنا التاريخ أن الانتخابات الرئاسية هي أشبه باستفتاءات ترتكز على أداء الرئيس أو الحزب الحاكم خلال أربع سنوات. انتُخب أوباما في الأساس بسبب إخفاقات جورج بوش الابن الفاضحة في ولايته الثانية، وانتُخب رونالد رايغان أيضاً بسبب سجل جيمي كارتر المريع.

قد يتسنى لأوباما أن يغير أداءه المتعثر خلال ولايته الثانية لكن بدأ الوقت ينفد، ونلاحظ أن الإدارة تتخبط وتبدو يائسة أحياناً بسبب المشاكل المتنوعة التي يمكن أن تعيق مسار أي رئيس أو حزب حاكم، وتشمل تلك المشاكل غياب المبادرات على الجبهة المحلية، وانتكاسات جدية في الشؤون الخارجية، وغياب أي انتصارات كبرى في السياسة الخارجية، وفضيحة "دائرة الإيرادات الداخلية"، والجمود المطول في النمو الاقتصادي الحقيقي للفرد الواحد، والتراجع المحتمل في مكانة الكونغرس بالنسبة إلى الديمقراطيين، وتنامي الاضطرابات المدنية بسبب تدفق الأولاد الأجانب إلى الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية.

هذه المعطيات كلها تنذر بالمشاكل لأي مرشح سيواجه الشعب الأميركي في عام 2016 تحت راية الديمقراطيين، ويظن البعض أن شهرة كلينتون وسجلها الماضي ومكانتها السياسية وخبرتها الطويلة على الساحة الوطنية قد تتفوق على أي مصاعب مرتبطة بأداء أوباما، لكن يبدو هذا الاحتمال مستبعداً استناداً إلى المعطيات التاريخية.

لذا يسهل أن نستنتج أن العوائق التي تقف في وجه هيلاري في عام 2016 لا يمكن تجاوزها، فهي لن تكون الشخص المناسب خلال تلك السنة السياسية الانتقالية التي لن تتقبل على الأرجح أي مرشحين ديمقراطيين للرئاسة؛ لذا يبدو احتمال انسحابها من الساحة قبل بدء المعركة أكبر مما يظن الجميع.

روبرت دبليو ميري

back to top