رشدي أباظة... الرجل الأول: نصف ساعة جواز (26)

نشر في 24-07-2014 | 00:02
آخر تحديث 24-07-2014 | 00:02
في الخامس من يونيو عام 1967، دوت صفارات الإنذار في جميع أنحاء مصر، عندما أطلق سلاح الجو الإسرائيلي عملياته العسكرية ضد مصر وسورية، واجتاح سيناء واحتلَّ الضفة الغربية من قناة السويس، كذلك هضبة الجولان السورية، لتعيش الأمة العربية أياماً عصيبة، أصيبت خلالها أشكال الحياة في مصر بالشلل التام، وازدادت الأزمة تعقيداً بعد إعلان الزعيم جمال عبد الناصر تحمله المسؤولية كاملة، وتخليه عن كل منصب سياسي أو رسمي.
وخرج رشدي أباظة، ليقف إلى جوار والده الضابط السابق في الشرطة، مع جموع المصريين، يطالبون الزعيم ناصر بالعدول عن قراره والبقاء في السلطة، لاستكمال المسيرة وتصحيح الأوضاع، واسترداد الأرض، ومحو آثار العدوان.
لم تستمر حالة الشلل التي أصابت مصر طويلا، وسرعان ما أعيد تنظيم خطوط الجيش، وإعادة بنائه، في الوقت الذي بدأ فيه البناء لأوجه الحياة الأخرى، من بينها السينما التي كانت توقفت بشكل موقت. لكن رجوعها كان مختلفاً، إذ أعيد النظر في النصوص والمواضيع. حتى إن عدداً من الأفلام كان رشدي اتفق عليها قبل الخامس من يونيو، بعضها توقف بشكل موقت، وأخرى إلى أجل غير مسمى، وأفلام رفض تنفيذها، بعدما اختلفت نظرته إلى الأمور كافة، حتى عندما حصل شقيقه فكري أباظة على التوجيهية أو «الثانوية العامة» أفصح لرشدي عن رغبته:

- طبعا الفن شيء جميل وأنا مستعد أكلم بابا وأقنعه.

* بجد يا آبيه؟

- طبعا جد. أنت حظك أحسن مني لأنك جاي في وقت الدنيا فيه اختلفت... والأهم أن نظرة بابا للفن اختلفت. عارف يابني لو كنت جيت في زمني... كان زمانك مطرود شر طردة زي ما حصل معايا. لكن دلوقت أعتقد أن بابا مش هايمانع أنك تبقى فنان.

* مش ممكن يمانع وأنا جايب أكبر واسطة في الوسط الفني كله... أكبر نجم في مصر والوطن العربي.

- هاهاها. دا أول درس لازم تتعلمه... الفن عمره ما ينفع فيه الواسطة. مش علشان أخوك رشدي أباظة تبقى تشتغل في الفن على طول.

* لا طبعا أنا عارف. أنا بحب التمثيل جدا وعندي موهبة.

- خللي الناس هي اللي تحكم إذا كان عندك موهبة ولا لأ.

* خلاص... أديني الفرصة وأنت تشوف.

- برضه مش أنا اللي هاديك الفرصة. أنت اللي هاتروح لها بعد ما تبقى جاهز.

* وأبقى جاهز إزاي من غير ما أخد فرصة وأشارك في عمل؟

- شوف يا فكري.. زي ما كنا بنقول من شوية إن بابا نظرته اتغيرت للفن. مش لأنه اقتنع بعد ماشافني نجم سينمائي كبير بس... لا... لأن نظرة المجتمع كله أتغيرت ناحية الفن. ودلوقت بقى فيه معاهد أكاديمية بتدرس الفن علشان يطلع فنان متسلح بالعلم.. دارس الأساليب الجديدة ومطلع على أحدث الفنون في العالم.

* يعني تقصد أني...

* أيوا. إذا كانت دي رغبتك بجد لازم تدرس الفن... وأنا بنفسي هاقدملك في معهد السينما.

فعلاً أقنع رشدي والده بأن يلتحق فكري أباظة بالمعهد العالي للسينما.كانت المفاهيم كلها تتغير حولهم، في الوقت نفسه أعاد رشدي التفكير في ما يمكن أن يقدمه خلال الفترة المقبلة، غير أنه رأى أن يبدأ مع فيلم «شقة الطلبة» قصة وسيناريو أبو السعود الإبياري، حوار فارس وهبة، إخراج طلبة رضوان، الذي قبل أن يظهر خلاله كضيف شرف في مشهد واحد في نهاية الفيلم، مجاملة لأصدقائه أحمد رمزي وحسن يوسف ومحمد عوض، ومعهم عبد المنعم مدبولي، ومساندة للفنانة سعاد حسني التي كان يحاول الاقتراب منها واسترضاءها بالطرق كافة، فيما كانت هي مشغولة بحب آخر، لا تعرف له برا يمكن أن ترسو عليه، من خلال علاقتها مع العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ:

* أرجوك يا رشدي بلاش كلامك دا... أنا مش مستحمله لأني ممكن أخدك دلوقتي من أيدك وأطلع على أقرب مأذون.

- يا ريت. وأنا جاهز... واللي يرجع يبقى عيل.

* وأنا يا عم عيلة وبرجع في كلامي بسرعة.

حافظت سامية جمال على رشدي وعبرت به السنوات، من دون أن يذهب مجدداً إلى المأذون، غير أنها لم تستطع أن تمنعه من التنقل بين زهرات الفن، ورغم علمها بذلك علم اليقين لم تعمل على منعه يوماً، فقد تفهمت شخصية رشدي بشكل لم تفهمه سيدة قبلها، ولا حتى من التقين به بعدها وهي لا تزال في عصمته، غير أن السبب الأول والأخير هو الحب الذي جمع بينهما وكان رشدي يعرف ذلك جيداً. غير أنها كانت من وقت إلى آخر عندما تريد أن تذكره بأنها على علم بما يقوم به، ترسل إليه برسالة عبر الموسيقى، فيفهم على الفور، مقصدها ويرد بما يثير غيرتها، فيضحكان:

* خدي يا قسمت حطي الأسطوانة دي

= حاضر يا طنط

- الله... يا حبيبتي يا كاميليا. كانت بتحب الأسطوانة دي أوي.

* الله يرحمها.

* أيوا... الله يرحمها ماتت في عز شبابها.

بعدها ينظران إلى بعضهما البعض ثم ينفجران في الضحك، وتعاود سامية التلميح إلى ما أشيع عن مطاردته لسعاد حسني، لدرجة قبوله المشاركة معها بمشهد واحد فيلم «شقة الطلبة»:

* صحيح سعاد خلصت فيلم «شقة الطلبة»؟

- أيوا خلص.

* بس برافو عليها والله..

- أشمعنى يعني؟

* جمعت في الفيلم تلاتة فنانين كبار جنبها. وختمت الفيلم بنجم كبير.

- أنا فاهم أنت بتلمحي بأيه... بس ما تنسيش أن فنانين كبار كتير بيعملوا دا... زي ما أنت وعماد حمدي عملتوه معايا في فيلم «شقاوة رجالة».

* بس دا ما يمنعش أنها ذكية جداً.

- دا حقيقي. على فكرة سعاد حسني موهوبة جداً. موهوبة لدرجة ترعب اللي يقف قدامها, لكن أنا فعلا خايف عليها.

* خايف عليها... من إيه؟

- سعاد عندها وسوسة ظهرت عليها في الفترة الأخيرة هي بتقول عنها إنها دقة... لكن أنا شايف أنها وسوسة... ومتهيألي إنها دايما خايفة.

* من إيه؟

- ماعرفش... بس دايما تقول إنها خايفة من اللي جاي.

حاول رشدي في الفترة التي تلت نكسة 1967، أن يدقق في اختياراته من بين ما يعرض عليه، وأن يكون لما يقدمه ارتباط وثيق بالواقع الذي يعيشه البلد، وهو ما جعله يوافق على الفور على تقديم فيلم الجاسوسية «جريمة في الحي الهادئ» الذي كتب قصته ضابط المخابرات اللواء عبد المنصف محمود، حول قصة اغتيال «اللورد موين» وزير المستعمرات البريطاني علىَ يد إحدى العصابات اليهودية لمناصرته الفلسطينيين، ويتم القبض على القاتلين الإسرائيليين اللذين يعملان ضمن منظمة صهيونية تدير نشاطها من القاهرة. بدوره، يتولى الضابط أحمد عزت التحقيق في القضية، لكن الأمن المصري يستشعر بوجود المنظمة، فيقرر زرع الضابط أحمد عزت وسطها، فيبدأ بالالتفاف حول إحدى العاملات في المنظمة، لإيهامها بأنه وقع في غرامها، غير أنهم يكتشفونه فيخطفون ابنته للضغط عليه لتهريب القاتلين، فيجاريهم حتى تتمكن الشرطة من تحرير الابنة والقبض علىَ أفراد المنظمة وإعادة القاتلين إلى مصر.

شارك إلى جانب رشدي في بطولة الفيلم كل من نادية لطفي، سهير المرشدي، زوزو نبيل، زين العشماوي، رشوان توفيق، فيما تولى السيناريو والحوار حسن رمزي، والإخراج حسام الدين مصطفى.

مثلما حاول الفيلم إعادة الثقة في الأمن المصري، وبث الأمل في نفوس الشعب، صُنعت أفلام أخرى دورها مواجهة الفساد، وتسليط الأضواء عليه لأجل تطهير المجتمع وإعادة البناء، وهو ما قدمه رشدي من خلال مشاركته في فيلم {العيب}، التجربة الأولى في الإخراج السينمائي للمخرج المسرحي جلال الشرقاوي، والمأخوذ عن قصة الكاتب يوسف إدريس، وكتب لها السيناريو والحوار رمضان خليفة، فيما أدى البطولة رشدي أباظة إلى جانب لبنى عبد العزيز، شفيق نور الدين، مديحة حمدي، مديحة كامل.

يدور الفيلم حول ثلاث فتيات يتم إلحاقهن في إحدى المصالح الحكومية، وتؤدي المصادفة دورها في أن تلتحق إحداهن بمكتب فيه مجموعة من الموظفين المرتشين الذين يحاولون ضم الفتاة إليهم، والتي رغم حاجتها الشديدة إلى المال، ترفض حفاظاً على مبادئها وأخلاقها، التي هي رمز للقيم الجديدة في المجتمع، في الوقت الذي ترى فيه إحدى زميلاتها قد انجرفت مع التيار وانزلقت في مستنقع الفساد. ويحاول الموظف محمد فرض عواطفه على الفتاة المثالية ويتقدم لخطبتها، لكنها تكتشف سلوكه فترفضه، فتكون سببا في تغير سلوكه، بل ويساعدها في الكشف عن انحراف الآخرين الذين كان واحداً منهم.

لم تكن هذه الروح الجديدة مقصورة على مخرج بعينه، فالكل اجتهد في مساندة الدولة الجديدة. حتى إن المخرج فطين عبد الوهاب الذي اشتهر بأعماله الكوميدية، تخلى عنها بشكل موقت، ولجأ إلى أفلام تبث روح التحدي والإصرار على النجاح، وتفضيل المصلحة العامة على تلك الخاصة. قدم مع رشدي فيلم {عندما نحب} قصة وسيناريو حسين حلمي المهندس وحواره، جسد رشدي شخصية {أحمد سامح}، بطل دولي في السباحة ومحط أنظار النساء الحسناوات، ويختار من بينهن مديحة ويتفق معها على الزواج. لكن قبل الزواج يصاب أحمد بأزمة قلبية ويبلغه الطبيب أنه يصعب عليه الارتباط، ويطلب منه الابتعاد عن السباحة. يحاول أحمد إبعاد حبيبته عنه كي تكرهه، ويرمي شباكه حول فتاة من النادي، لكنه لا يتحمل أن يرى حبيبته تتألم، فيعود إليها مخفياً عنها الحقيقة، ويرجع أيضاً إلى الرياضة ضارباً بنصائح الأطباء عرض الحائط. حتى إنه يدخل في المسابقة الحاسمة للنادي الذي ينتمي إليه كي يحقق حلم البطولة. وقبل أن تبدأ المباراة تكتشف مديحة حقيقة مرضه، فتصدم وتحاول منعه من المشاركة في المسابقة، لكنه يصر ويتحدى نفسه. فيحقق أحمد الفوز ويحصل على الكأس لناديه، لكن قلبه الضعيف يتوقف ويموت وهو يستلم جائزته.

شارك رشدي في بطولة الفيلم كل من نادية لطفي، محمود المليجي، سهير البابلي، يوسف فخر الدين، كوثر شفيق، الراقصة زينات علوي، أحمد لوكسر، عبد الخالق صالح، أحمد خميس، والمعلق الرياضي محمد لطيف.

مع بداية العام 1968، وتحقيق الجيش المصري انتصارات متتالية في {حرب الاستنزاف}، وقيام المرأة المصرية بدور مهم خلال هذه الفترة على الجبهة الداخلية، انتشرت الدعوة لإظهار دور المرأة في المجتمع، والمطالبة، ليس بمساواة مع الرجل مبنية على عبارات جوفاء، لكن بمشاركة الرجل دوره واقتسام الأعباء في فترة حرجة تمر بها الدولة، وهو ما حاولت الفنانة ماجدة الصباحي، كعادتها في تبنّي كثير من هذه القضايا المهمة أن تقوله عبر الفيلم الذي أنتجته بعنوان {حواء على الطريق}، كتبه وأخرجه حسين حلمي المهندس.

جسدت ماجدة دور {منى} الحائرة بين مشاعرها كفتاة تقع في حب الشاب الوسيم {خالد} (رشدي أباظة)، وبين مبدئها الرافض لتحكم الرجل في المرأة. لكن خالد يتحايل عليها بإقناعها أنه رجل متحرر على عكس ما تظن. وفعلاً يتزوجان، لكنها تكتشف أنه خدعها ويبدأ في الظهور على حقيقته. تقرر منى الانتحار من قمة الهرم لإعلان رفضها سيطرة الرجل وتحكمه، لكن خالد يكتشف أنه أخطأ في حق زوجته فينقذها من الانتحار ويسعى إلى البدء معها من جديد، على وعد في مساواة عادلة بينهما في الحقوق والواجبات.

شارك ماجدة ورشدي أباظة بطولة الفيلم كل من عبد المنعم إبراهيم، آمال رمزي، حسن مصطفى، إبراهيم عمارة، ملك الجمل، رشوان توفيق، محمد البشاري، عبد العظيم عبد الحق، الطوخي توفيق، عزيزة حلمي، كوثر رمزي، ومديحة سالم.

ما إن هدأت الأوضاع حتى بدأت الحياة الاجتماعية ترجع إلى سابق عهدها، وبدأ رشدي يعاود زيارة أسرته، في يوم الجمعة من كل أسبوع، ليمضي اليوم بأكمله وبصحبته سامية وقسمت في بيت والده، حيث كان يحرص على دخول المطبخ بنفسه ويطرد نساء البيت منه، ليقف في داخله ما يقرب من أربع ساعات يطهو الأطباق الإيطالية وأشهرها المعكرونة. ثم تحول الأمر بعد ذلك إلى زيارات متبادلة منه إلى بيت الأب، ومن الأسرة إلى مزرعة رشدي التي اشتراها على الطريق الصحراوي، لتمضية يوم أسبوعياً في شواء اللحوم والتنزه وسط الخضرة، ليصبح يوم الجمعة مقدساً بالنسبة إلى رشدي والأسرة يمضونه معاً. حتى بدأ الأب يعده ليكون كبير العائلة خلفاً له، خصوصاً بعد تقدمه في العمر، وهو ما شعر به رشدي عندما أصرَّ الأب على حضور رشدي وموافقته على من تقدم لخطبة شقيقته {زينب}، فأقام لها رشدي عرسا لم تر مثله سوى في الأفلام السينمائية، وأصر على أن يزف العروسين في سيارته الـ{سبور} الحمراء، لتسافر بعدها للعيش مع زوجها في بيروت.

حرص رشدي خلال هذه الفترة على ألا يعتمد على نوعية واحدة من الأدوار، أو العمل عبر الرؤية الإخراجية نفسها، بل التنوع في الأعمال والموضوعات. عاد إلى الأدوار الرومانسية مع المخرج محمود ذو الفقار في فيلم {روعة الحب} في مطلع يوليو من العام 1968، عن قصة هالة الحفناوي، سيناريو عبد الحليم نصر وحواره، أمام كل من نجلاء فتحي، يحيى شاهين، عماد حمدي، محمود المليجي، نادية سيف النصر، عبد المنعم إبراهيم، ومديحة حمدي. وفي نهاية الشهر من العام نفسه قدم نوعاً آخر من الكوميديا الاجتماعية مع المخرج نيازي مصطفى في فيلم {بابا عايز كده}، قصة وسيناريو عبد الحي أديب وحواره، إلى جانب كل من سعاد حسني، محمد عوض، نوال أبو الفتوح، حسن مصطفى، ميمي شكيب، آمال رمزي. ثم قدم مع المخرج حسام الدين مصطفى الكوميديا الهزلية في فيلم {المساجين الثلاثة}، قصة وسيناريو فيصل ندا وحواره، أمام كل من يوسف شعبان، محمد عوض، نوال أبو الفتوح، ناهد يسري، عبد المنعم مدبولي، وزوزو شكيب.

قبل أن ينتهي العام 1968 قدم رشدي فيلم {ايدك عن مراتي}، سيناريو نزيه العكرمي وقصته، حوار أحمد الملا وإخراج رضا ميسر. جسد رشدي في الفيلم دور {فهمي} إلى جانب صباح، والفنانين اللبنانيين، سميرة بارودي، محمد الدكش، نعيمة الإسكندراني، سليم حانا، شفيق حسن، ليلى نصر، نجوى زاهر، روبي بريدي، سمير الغصيني، شاهين يوسف، عبد الكريم العرب، فوزي الكيالي، الطفل جوني أشقر، الراقصة نادية جمال، إضافة إلى الفنان إبراهيم خان.

يفقد «فهمي» ذاكرته، ويترك زوجته «ناهد» خمس سنوات في بيروت، ويصبح اسمه «عنتر» ويعيش في قبيلة ويخطط للزواج من «ليلى». لكن فجأة يسترد ذاكرته، فيقرر السفر إلى بيروت والعودة إلى زوجته «ناهد» فيجدها تزوجت من «عباس» وفي طريقهما لتمضية «شهر العسل»، فيصمم على مواجهتهما.

لم يخل الفيلم من مشاهد رومانسية وغرامية جمعت بين رشدي وصباح، ما أعاد إلى ذاكرته تلك الرومانسية التي مرا بها معاً سابقاً، فرغم مرور عشر سنوات، منذ أن شاركا معا في فيلم «الرجل الثاني» وحاول أن يصارحها بحبه، فإنه لم ينس هذه اللحظة وسرعان ما تجددت ذاكرته، بل ذاكرتيهما معاً، خصوصاً أن صباح كانت قد خرجت أخيراً من تجربة زواج ثالثة فشلت فيها مع المذيع أحمد فراج، فأعادت لهما مشاهد فيلم «ايدك عن مراتي» هذه المشاعر التي توارت بفعل الزمن والحياة الاجتماعية لكل منهما.

حفلة ثم زواج

انتهى تصوير فيلم «ايدك عن مراتي» فأقام المخرج حفلة ضخمة بهذه المناسبة في قصر آل جنبلاط في قرية البرامية قرب مدينة صيدا (جنوب لبنان)، ضمت طاقم العمل. جلس الجميع في حالة من النشوة والسعادة، وفي مقدمهم رشدي وصباح.

راحت الموسيقى تصدح، وغنت صباح، فوقف رشدي وطلب منها أن تشاركه الرقص، فرقصا معاً، وأخذ الحاضرون يصفقون لهما بقوة، وبعد أن انتهيا من الرقص عاد رشدي إلى المائدة، وإذا بالمخرج رضا ميسر يفاجئه:

* وحياة الله كنت بتمنى تكون معي الكاميرا من شان أصور هالمشهد الغرامي اللي ما بيتكرر... اللي بيشوف هيك بيقول إنك بتحبها حب مافي كلام.

- أنت بتقول فيها... ومين مايحبش صباح.

 

سمعت صباح الجملة فابتسمت ونظرت إليه نظرة ذات معنى لتشكره، غير أن المخرج رضا ميسر لم يكف عند هذا الحد، فعاد ليسكب «البنزين» على النار المتأججة في داخلهما:

* إذا كان هيك... ليش ما بتتزوجها؟

- لأني متجوز سامية جمال.

* ولو... صباح لبيروت وسامية للقاهرة. شقراء للأرز وسمراء للنيل، والشرع بيعطيك الحق، وأنت ماشا الله قادر على العدل بيناتهم.

وهنا نطقت صباح بما استفز رشدي:

= اسكت يا رضا.. بعدين سامية إذا بتشم خبر بتصير مشكلة كبيرة لرشدي.

 

سمع رشدي ما قالته صباح، ولم يرد، بل هبّ واقفاً وأمسك بيدها واتجه بها إلى أقرب مأذون... ليعلنهما زوجين.

back to top