جميلات ... في ملفات القضايا(24): إخلاص حتى النهاية

نشر في 22-07-2014 | 00:02
آخر تحديث 22-07-2014 | 00:02
No Image Caption
يتحدى الشك دائماً قصص الحب، يعرف كيف يتسلل بمهارة إلى عقول المحبين فيدمر ما في القلوب، لكن الإخلاص في الحب يقف حائلاً بين الشك والوصول إلى غايته، فمجدي رجل الأعمال الشهير، كتب قصة خاصة في الإخلاص لحب حياته منار بنت الذوات، التي راحت ضحية انتقام أعمى، وهو ما تكرر مع أحمد الذي وجد نفسه متهما بقتل حب حياته، منال، ورغم البراءة من التهمة، فإن ما أسعده نظرة الوداع من منال قبل الرحيل.
1 لقاء... وضياع

تتصدر صور رجل الأعمال المصري مجدي صحف الجرائد، فرصيده في البنوك كبير، ملايين الجنيهات لا يعرف أحد عددها، وحجم مشاريعه الناجحة يضمن له حق التباهي، فقد بدأت كلها صغيرة ثم كبرت وأثمرت ودخلت شريحة المشاريع الكبرى خلال سنوات قليلة. أما عدد النساء اللاتي تعرف إليهن مجدي فهو نفسه لا يستطيع أن يحصره، لكن المؤكد أنه تزوج ثلاث مرات وأحب مرة وعاش وهم الحب عشرات المرات.

أصبحت الأمور كافة في حياته كبيرة وكثيرة، لكن داخل حجرته الخاصة لا يوجد من الصور سوى صورة. صاحبة هذه الصورة تبدو فتاة مراهقة، عاشقة للحياة. ولأن الصور في أي مكان تلفت انتباهي فقد ظللت اختلس نظرة بعد أخرى إلى هذه الصورة، لكني ترددت كثيراً، حينما كنت أزوره، في السؤال عن صاحبة الصورة، فقد كان ظني أنها ابنته أو ربما ابنة زوجته، فقد كانت إحدى زوجاته الثلاث قد سبق لها الزواج والإنجاب. لكن الحقيقة كانت مختلفة تماماً عن توقعاتي وظنوني، بل كانت مفاجأة لي حينما أمسكني مجدي متلبساً بالنظر والتأمل في صاحبة الصورة لحظة دخوله الحجرة بينما كنت أنتظره في إحدى زياراتي له. قال لي:

• أعرف أن هذه الصورة شغلتك كثيراً... وأعذرك لأني أعلم أن حب الفضول يجري في دماء كل الصحافيين!

•• نعم شغلتني هذه الصورة، لكن وجودها في حجرتك الخاصة داخل بيتك منعني من السؤال عن أمر قد يبدو من خصوصيات صاحب المكان.

•  شوف يا سيدي... البنت دي كانت هتوديني على عشماوي من أقصر الطرق. هي صاحبة أكبر صدمة في حياتي. لكن الحق لازم يقال. البنت دي برضه هي سبب ثرائي وشهرتي. باختصار، هي سبب دموعي وأفراحي.

قلت له:

•  يا ريت أعرف حكايتها!

... وكأني فجرت بركانا من العاطفة الجياشة داخل صدر رجل الأعمال الذي عرفته الأسواق بالرجل الحديدي الذي لم يخسر صفقة منذ وطأت قدماه سوق المقاولات. أشعل الرجل سجائر عدة من بعضها البعض وهو يقص حكاية لم أقاطعه فيها مرة، فهي حكاية من أغرب الأسرار في حياة رجل الأعمال والأثرياء المعروفين والذين يبخلون عادة بأن يعرف عنهم الناس بداياتهم. فماذا قال لي مجدي عن صاحبة الصورة! وسمعت منه عجباً.

حب للنهاية

اسمها منار. كانت طالبة في الجامعة حينما وقع لها حادث شهير في كافيتريا كلية الآداب. لم يكن أحد حتى هذا الوقت يعرف شيئاً عن حياتها الخاصة، حتى أقرب الصديقات إلى قلبها، فالغريب أن منار التي كانت ملكة الأناقة بين زميلاتها وكل طالبات الجامعة، وصاحبة السيارة الفارهة، كانت توحي دائماً لكل من يحدثها بأنها من عائلة عادية ورثت بعض الأطيان عن جدودها. كانت أيضاً تتعمد الانغماس في صداقات بنات الأسر الفقيرة والطالبات القادمات من الأحياء الشعبية، لهذا حظيت بشعبية كبيرة ونالت شهرة واسعة تحت قبة الجامعة فهي كانت جميلة ومتفوقة ومتواضعة رغم علامات الثراء كافة، ما جعل الجميع يتغاضون عن مساحة الغموض في حياتها الخاصة.

 في هذا الوقت كانت التوقعات كافة تشير إلى أن منار ستتم خطبتها إلى شريف، أحد أبناء الذوات المعروفين في الجامعة بعدما ربطت بينهما علاقة وصفها زملاء وزميلات منار بأنها علاقة حب بينما كانت منار تصر على أنها مشروع زواج وبدايات حب لم ينضج بعد... لكن فجأة ومن دون سابق إنذار أنهت منار هذه العلاقة، ورفضت محاولات شريف في الصلح، وبدأت تقترب بشدة من مجدي ابن الموظف الصغير الذي يسكن في حي الإمام الشافعي. ويبدو أن نار الغيرة دفعت شريف إلى أن يقتحم مائدة منار وشلتها في كافيتريا الكلية، ويبدأ بالسخرية من مجدي ومنار. هنا، تحمس مجدي وتحول إلى وحش كاسر وقلب المائدة والمقاعد فوق رأس شريف، ولم يتركه إلا والدماء تنزف من وجهه بغزارة.

بعد هذا الحادث الذي قضت فيه المحكمة على مجدي بعقوبة الحبس مع الإيقاف حفاظاً على مستقبله، انتقل الانتقام من أسرة الشاب ذات النفوذ إلى جميع أفراد أسرته ويواجه والد مجدي وأمه اتهامات ملفقة وإن كانت مرتبة بمهارة شديدة لتنتهي بأحكام حبس للأب والأم ليذهب مجدي ويتوسل إلى شريف ليتنازل المجني عليهم المأجورون عن الدعاوي.

هتف قلب منار لمجدي... وراحت تكسر الحواجز كافة في علاقتها به وتكشف له عن جوانب مهمة من المساحات الغامضة في حياتها، فقد مات أبواها في حادث وهي طفلة فتولت تربيتها عمتها التي كان قطار الزواج قد فات من دون أن يتوقف في محطتها! ومع توالي السنوات عرفت منار أن ميراثها يتجاوز مليونين من الجنيهات وأن عمتها هي الوصية عليها. ورغم أن منار لم تفكر يوماً في هذه الثروة فإنها فوجئت برجل يعمل مديراً لملهى ليلي يتودد إلى عمتها ويطلب الزواج من اليتيمة التي اقتربت من التصرف في أموالها بعدما اقتربت من سن الرشد. لكن منار رفضت الرجل بشدة، وأمام إصرار عمتها تركت منار البيت يوم عيد ميلادها الحادي والعشرين لتقيم مع أسرة مجدي. وقبل أسابيع من تخرجها في الجامعة يصرّ والد مجدي على عقد قران ابنه على منار ليحميها من كلام الناس في الحي الشعبي. يتم الزواج، وتبدأ إجراءات نقل الميراث إلى منار التي أصبحت مليونيرة بين عشية وضحاها.

وتمضي أشهر بعد تخرج منار. تشتري شقة، تعيش مع مجدي أسعد أيام عمرها. لكن فجأة ومن دون مقدمات... وفي عز النهار يشاهد الجيران منار وهي تركض في شرفة شقتها ثم تقفز من الطابق السادس لتسقط جثة هامدة! الذين شاهدوا مجدي إلى جوارها اختلفوا. البعض شهد بأن مجدي كان يحاول إنقاذها، والبعض شهد بأن مجدي هو الذي ألقاها من الشرفة. تلقي المباحث القبض على مجدي وتتجمع الأدلة ضده، وتشهد عمة منار العجوز بأنه غرر بها طمعاً في ثروتها! ويواجه مجدي تهمة القتل عمداً... لكن معجزة تنقذه في اللحظة الأخيرة!

بواب العمار يؤكد أقوال مجدي التي لم تتغير منذ لحظة القبض عليه. شخص مجهول أتى في سيارة حمراء ثم سلم البواب مظروفاً وطلب منه أن يصعد به ويسلمه إلى مجدي في يده!

يقول مجدي:

{داخل المظروف كانت صورة لمنار مع شريف زميلنا القديم. لكن اللقطات كانت في لحظات حب ساخنة! ولما تغير وجهي واختنق صوتي وقمت لوضع أسطوانة كانت داخل المظروف، لمشاهدتها على الكمبيوتر رفضت منار بشدة... واحتد الحوار بيننا وفوجئت بها تركض كالمجنونة نحو الشرفة وتلقي بنفسها! وفشلت محاولتي في إنقاذها!

فجأة... وبعد أيام مريرة في الحبس الاحتياطي تتطوع صديقة لمنار لتدلي بشهادتها، وتؤكد أن منار اتصلت بها قبل يومين من الحادث وأخبرتها بمكالمات تهديد من شريف إذا لم تطلق من مجدي أو تعيد علاقتها به... وتؤكد أن منار أخبرتها أن ثمة أموراً يهددها بها شريف ولو فعلها ستنتحر لأنها تحب مجدي حباً جنونياً ولا تقبل أن تخونه مع شريف ولا أن تعيش مع مجدي ذليلة. وكانت المفاجأة الكبرى على لسان الشاهدة أنها اكتشفت أن زوجها كان يسجل المكالمات كافة التي تصل إلى هاتف منزلها واضطر إلى مصارحتها بسماعه هذه التسجيلات وإصراره على أن تذهب إلى المحكمة وتدلي بشهادتها لأجل إنقاذ إنسان بريء من حبل المشنقة.

... وينهي مجدي حديثه الخطير بأنه لم يشعر بفرحة البراءة ولا بالملايين التي ورثها عن منار، وأنه كان يشغل نفسه بالعمل لينسي هذه التجربة المؤلمة... إلا أنه بعدما فوجئ بالنجاح الهائل للمشاريع التي بدأها بدأ يجتر الذكريات، ويتذكر منار منذ أول لحظة صارحته فيها وأهدته في آخر اللقاء صورة لها وهي في المرحلة الثانوية.

سألته وأنا أنظر إلى الصورة المعلقة فوق جدران الحجرة:

•  هذه هي الصورة بعد أن ضاعفت حجمها؟

•• نعم...!

•  ولماذا فشلت في جميع علاقاتك وارتباطاتك الزوجية؟!

•• لأن منار تأتيني كل ليلة في المنام. أصبحت لي رمزاً للحب الذي لم أجده مع امرأة أخرى. كلهن بعد الزواج كن يطلبن أن أرفع صورتها من حجرتها، وكنت أرفض حتى لو وصل الأمر إلى الطلاق.

نعم كان لمنار ماض يؤلم أي زوج... لكنها لم تكن مسؤولة عنه لأني لم أكن قد ظهرت في حياتها بعد، لم تكن خائنة بل أخلصت لي حتى النهاية.

2 آخر نظرة حب

طال به الليل... الظلام يشتد... والصمت يسود... والساعات تدق هنا وهناك كأنها توقظ فجراً يأبي النهوض قبل أن يسبقه العدل إلى هذا الكون الفسيح، وقف حسن خلف النافذة يرقب الدنيا وأهلها نيام... الجميع في فراشهم وسط ظلمة هذه الليلة. أهل الخير ينعمون بنوم عميق بعدما فوضوا أمرهم إلى الله، والأشرار تفزعهم الكوابيس والأفكار السوداء التي يمتلئ بها نهارهم والمؤامرات الكيدية التي يتنفسون بها ومنها.

فجأة... لمح حسن ضوءاً يسطع في الأفق، أدرك فوراً أن موكب الفجر يتحرك والنهار يسعى إلى عرشه، تفاءل حسن بالمشهد الرائع الذي لم يره سابقاً بهذا الوضوح لأنه من عشاق النوم المبكر والاستيقاظ في السابعة صباحاً بعد أن يكون الليل والنهار قد أتما عمليات التسليم والتسلم.

تفاءل حسن بانسحاب قوى الظلام وتراجع الليلة المظلمة التي كادت أن تحتل الكون إلى الأبد... تفاءل حسن بظهور بشائر الفجر المضيئة في ما يشبه العملية القيصرية لتلك الليلة المتعثرة. تمنى لو مات الليل بظلامه ووحشته ليعيش المولود المشرق. لكنها سنة الحياة ونواميس الكون. المعنى أسعده، فمهما طال الليل لا بد من أن ينجلي... ولا بد للقيد أن ينكسر... وما أشبه العدل بعد الظلم بالفجر العائد بعد ليل، ومثلما يعرف الناس الخطاب من عنوانه، يعرفون اليوم من بداياته. تلقى حسن مكالمة هاتفية من زميله أيقظت مشاعره أيضاً من سبات عميق. أبلغه زميله بعودة أحمد.. إلى رئاسة الشركة حيث يعملان. طار حسن من الفرحة فالقرار كان أشبه بقنبلة الحب التي انفجرت في زمن الكراهية والأحقاد والسموم.

ارتدى ملابسه بسرعة... انطلق كالسهم إلى عمله. فوجئ بالشرفاء قد دبت الحياة في عروقهم بعد أن كانت ترتسم فوق وجوههم سرادقات العزاء. العاملون في الشركة يتبادلون التهاني وقد تحولت ملامحهم إلى حفلات وأفراح. شخص واحد كان يعيش المأتم بمفرده هو {مدحت} الذي صعد على جثث زملائه وارتفع فوق ضحاياه وروج للفساد على أنه الشرف وادعى الفضيلة معتقداً أن أحداً لا يرى رذائله وخطاياه، وسواد قلبه، وكان الهدف الدائم لمدحت هو حسن الذي تزوج قريبته منال قبل سنوات وكسب احترام الجميع مع الوقت.

التف الجميع حول أحمد رئيسهم العائد... جلسوا حوله يحلمون بمجد جديد لشركتهم التي كانت تحتضر، فهو الذي كان يثير حماستهم ويلهب عواطفهم ويفجر مواهبهم ويكتشف نجومهم مهما امتلأت السماء بالسحب الملبدة أو الغيوم القاتمة، بينما انسحب مدحت في هدوء بعدما دبّ اليأس في قلبه لأن أحمد لا يحمي فساداً ولا يزرع أحقاداً ولا يدعي ما ليس فيه ولا يسرق نجاحات الآخرين وينسبها إلى نفسه.

قرر حسن أن يكون اليوم جديداً على جميع الجبهات، اتصل بزوجته منال يصالحها بعدما كان قد أصرّ على الانفصال عنها... سحب استقالته من عمله، فتح خزانة ملابسه يبحث عن الأناقة التي أغلق ملفها من سنوات، بحث عن عطره الذي كان يعشقه، فتح أوراقه وأعاد قلمه إلى الحياة وأخرج قلبه من دائرة اليأس والبؤس.

صارت حياته الجديدة حديث الناس. تفرغ للعمل والإبداع وودع الكسل وهجر الظلام والظلم والأشرار. أما مدحت فقد أوضح للجميع رغبته في إصلاح نفسه، لكنهم قالوا في صوت واحد {أفلح إن صدق} فقد أدرك مدحت أخيراً، أن اللهو يكون في الكباريهات لا في أماكن العمل.

تذكر حسن أيام كانوا يتهمونه أنه تزوج منال لثرائها الفاحش وأموالها الطائلة وحساباتها في البنوك التي تربك جيشاً من أمهر المحاسبين... وفي زمن الكراهية قرر حسن أن ينفصل عنها ولكن عودة أحمد كانت إيذاناً بأن زمن الحب انتفض من مخبئه وبدأت عودته المظفرة. اتصل بزوجته ولم تصدق منال وهي تستمع إلى مكالمة حسن أنه تخلى عن أفكاره وتخلص من يأسه وطرد همومه وصار غير عابئ بالحكايات والإشاعات وكلام الناس ومؤامرات الحاقدين. لم تصدق أنه حدثها هاتفياً وسيعود إليها الليلة ليأخذها من بيت أبيها إلى بيتهما القديم. ارتدت أجمل فساتينها، وقفت طويلاًً أمام المرآة حتى صارت على الهيئة التي تشعل عواطفه.

سمعت صوت سيارته... هرولت إلى أمها تودعها وتذكرها بالوعد الذي قطعته الأسرة على نفسها بأن يقطعوا علاقتهم بمدحت زميل حسن الذي لا يطيق نجاحه ويعرف بداياته المخجلة رغم قرابته الشديدة لمنال. ضحكت الأم وتمنت لابنتها السعادة في بيتها القديم الجديد.

الشارع مزدحم، حسن لا يجد مكاناً لسيارته، يتوقف بعيداً، يلمح منال تخرج من العمارة تتلفت يميناً ويسارا بحثاً عنه، ثم تراه فتسرع نحوه... يعود بسيارته إلى الخلف في اللحظة ذاتها التي تركض فيها منال نحو السيارة كالفراشة المنطلقة إلى الضوء... يتعالى الصراخ فجأة. يلطم حسن خديه، سقطت منال جثة هامدة بعدما طارت في الهواء من شدة الصدمة ثم سقطت على مقدمة سيارة حسن في مشهد يخلع القلوب. ودعت منال الحياة وعيناها في عيني حسن لا يفصل بينهما سوى زجاج السيارة الأمامي. طالت نظرتها إليه ونظرته إليها وفي عيونهما دموع تجري.

تنتهي التحقيقات بحفظ الواقعة لأن القتل كان بطريق الخطأ الذي ساهمت فيه المجني عليها. أيام عصيبة، عزاء لا ينتهي، الحزن يعتصر قلب حسن، بينما يروج مدحت أن حسن قتل منال ليرث ثروتها بعدما أقامت أمها دعوى لتوزيع الميراث أمام المحكمة، وصدقت الأم إدعاءات مدحت الذي أقسم أن حسن يتظاهر بقتل منال خطأ رغم أنه أعادها إلى عصمته بعد طول خصام خطط فيه لمؤامرته العمدية. ودفع محامي الأم في المحكمة بعدم أحقية حسن في ورث زوجته.

وتقضي المحكمة بأحقية حسن في الميراث تأسيساً على صدور حكم ببرائته، وأن القتل تم بطريقة الخطأ. لكن لا يهتم حسن بالحكم لأن خسارته لمنال لن تعوضها كنوز الدنيا. ربما كان عزاؤه الوحيد ذكريات النظرة الأخيرة التي جمعت بين دموعه وبين دموعها وهي تحتضر.

back to top