هل يسبب فيروس البقر سرطان القولون؟

نشر في 10-07-2014 | 00:01
آخر تحديث 10-07-2014 | 00:01
لم يمنعني الاحتمال البسيط بأن أصاب يوماً بمرض جنون البقر من التلذذ بتناول همبرغر شهي ودسم (مع كثير من الكاتشب والتوابل). لكن تغير الوضع حين سمعتُ هارالد تسور هاوزن يطلق فرضية مفادها أن فيروس البقر قد يكون مسؤولاً عن معظم حالات سرطان القولون.
الكلام لكريستيان غورمان في {سينتيفيك أميركان}.
لكن ما الذي يدفع أي شخص إلى التأثر برأي هارالد تسور هاوزن؟ فاز بجائزة نوبل لعام 2008 بعدما أثبت أن معظم حالات سرطان عنق الرحم تنجم عن بضع سلالات من فيروس الورم الحليمي البشري. لكنّ فيروس الورم الحليمي البشري ليس السبب الفيروسي الوحيد للسرطان. يُعتبر الالتهاب المزمن مع بعض فيروسات التهاب الكبد مثلاً سبباً رئيساً لسرطان الكبد.

طرح تسور هاوزن بعض الوقائع المثيرة للاهتمام لدعم فكرته خلال اجتماع الفائزين بجوائز نوبل للسنة الرابعة والستين في لينداو، ألمانيا. لكنه لا يملك طبعاً أي أدلة دامغة.

مع ذلك، لم يستطع أن يقاوم استفزاز المجموعة التي تعتبر السرطان خللاً وراثياً، بما في ذلك ج. مايكل بيشوب الذي تحدث قبل يوم عن {تشكيل معيار وراثي للسرطان}.

قال تسور هاوزن أمام 600 عالم شاب كانوا قد فازوا في مسابقة شملت بين 3 و4 آلاف مشارك تنافسوا لحضور الاجتماع: {الفكرة الشائعة أن السرطان البشري يظهر بسبب اختلال توازن الجينات المسرطنة وجينات قمع الأورام. تلك الالتهابات الفيروسية التي تسبب السرطان تسيء إلى الوضع العام}.

يعترف تسور هاوزن طبعاً بأن الجينات تؤدي دوراً في هذا المجال (حتى في سرطان عنق الرحم والكبد). لكن لا تنتشر تلك الأورام في معظم الحالات من دون حدوث التهاب فيروسي في المقام الأول.

سبب فيروسي لسرطان القولون؟

تتألف مجموعة الأدلة الغامضة التي يطرحها تسور هاوزن بشكل أساسي من أسئلة استفزازية تهاجم الأفكار الموروثة. يبدو أنه مستعد لاستكشاف تلك الأسئلة عبر إجراء تحقيقات إضافية لإثبات فرضيته أو نفيها.

على سبيل المثال، تعتبر الأفكار الشائعة أن الرابط بين اللحوم الحمراء وارتفاع خطر سرطان القولون يتعلق بعدد الأمينات الحلقية غير المتجانسة التي تتشكل خلال طبخ اللحوم الحمراء.

لكن أكد تسور هاوزن على أن {السمك أو الدجاج المقلي أو المشوي أو المدخّن يحتوي على الكمية نفسها من الأمينات الحلقية غير المتجانسة كما في اللحوم الحمراء أو حتى أكثر منها». بعبارة أخرى، لماذا تطرح الأمينات الحلقية غير المتجانسة مشكلة في نوع واحد من اللحوم المطبوخة دون سواه؟

ثم تحدث تسور هاوزن عن حقيقة مثيرة للفضول: تتراجع معدلات سرطان القولون كثيراً في منغوليا، مع أن هذا البلد يسجل أعلى نسبة في استهلاك اللحوم للفرد مقارنةً بأي بلد آخر في العالم. ربما يتعلق اللغز الحقيقي بواقع أن سكان منغوليا يأكلون بشكل أساسي لحم ثور التبت والماعز واللحوم المعلبة ولحم الحصان.

تتراجع حالات سرطان القولون نسبياً في الهند (حيث تنتشر الحمية النباتية)، وينطبق الأمر نفسه على بعض البلدان العربية (حيث يُعتبر لحم الماعز شائعاً) وبوليفيا بحسب قول تسور هاوزن. لكن تبدو حالة بوليفيا معقدة بعض الشيء لأن عدداً كبيراً من الأبقار هناك هو خليط من أجناس مختلفة.

بحسب تحليل تسور هاوزن، تشير الأدلة إلى أن عامل الخطر الذي يمهد للإصابة بسرطان القولون في اللحوم الحمراء يتعلق بجنس البقر الأكثر شيوعاً في العالم. وفق نظريته، ربما يتواجد فيروس لم يتم اكتشافه بعد وهو يسبب سرطان القولون والمستقيم عند البشر تزامناً مع استهلاك اللحوم الحمراء النيئة أو غير المطبوخة بما يكفي (لا سيما لحم البقر).

حتى الآن، وجد مختبره 18 سلالة وراثية مختلفة يمكن أن تكون مسؤولة عن الفيروس. لكنه يقول: {لا أريد أن أتحدث كثيراً عن هوية تلك الفيروسات لأن الموضوع لا يزال قيد الدراسة}.

في هذه المرحلة، لا يزال الرابط بين فيروس البقر وسرطان القولون مجرد تخمين وليس حقيقة علمية. لكن لم ينتهِ تسور هاوزن بعد.

في نهاية حديثه، أضاف هذا الفائز بجائزة نوبل فكرة أخرى إلى مجموعة نظرياته الاستفزازية. فذكر أن سرطان الثدي هو أحد أنواع السرطان القليلة حيث يؤدي القمع المناعي إلى تراجع حالات المرض.

تتعدد الأسباب المحتملة التي تفسر هذه الفرضية. وفق أحد الأسباب، قد يرتبط سرطان الثدي أيضاً بعنصر فيروسي. حين قارن تسور هاوزن معدلات الإصابة بسرطان الثدي وسرطان القولون في بوليفيا ومنغوليا والهند، لاحظ أنها مترابطة (ليس بشكل متطابق) لكن بطريقة متشابهة جداً.

إذا رُصد عنصر فيروسي مسؤول عن سرطان الثدي، فقد يكون مرتبطاً بالمرض ولكنه ليس العنصر نفسه المتورط في سرطان القولون.

عدا ارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب والتسمم الغذائي، إنه سبب آخر لتجنب الهمبرغر، لا سيما إذا لم يكن مطبوخاً بما يكفي.

back to top