خمسون عاماً من الأدب

نشر في 10-05-2014
آخر تحديث 10-05-2014 | 00:01
 يوسف عوض العازمي الثلاثاء القادم سيقام حفل بمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيس رابطة الأدباء الكويتيين، وهي جمعية نفع عام ترعى وتهتم بالثقافة والأدب وتصدر عنها مجلة راقية ومعتبرة هي "مجلة البيان". خمسون عاماً مرت وكأنها أيام، وها هي الرابطة تحتفل بهذه الخمسين؛ خمسون منتصف العمر، أو خمسون النضج، أو خمسون لها حكاية وقصة نجاح جديدة... وهو ما أجزم به.

في الآونة الأخيرة حضرت إلى الرابطة في مناسبتين بالطبع كواحد من الجمهور، حيث لا ارتباط لي معها ولست من أعضائها، المناسبة الأولى لحضور أمسية للإعلامي والشاعر عبدالرحمن النجار وأدارها الأديب والمؤرخ صالح المسباح، ووسط حضور متوسط العدد، استمتعت بأمسية قد لا تتكرر حيث كانت عفوية المحتفى به "النجار" طاغية، فكان يلقي أشعاره بتبسط وعفوية، وتجاوب الحضور معه بصورة مذهلة. خرجت من الأمسية ولم تفارقني الابتسامة، ابتسامة التقدير والإعجاب بالمحتفى به،

وكانت الزيارة الثانية قبل أيام في أمسية ثقافية هادئة ينغمس فيها الأدب الرفيع الذي يتحدث عن "هولندا التي لا تمطر رطباً"، حيث يعنون علاء الجابر، أو "علاوي" كما خاطبته زوجته الأديبة سعداء الدعاس أثناء مداخلتها في الأمسية، روايته الأولى التي نجحت في لفت القارئ العربي، حيث نفدت نسخها وطبع منها طبعات عدة. كانت أمسية "علاوي" عالية "الريتم" ثقافياً وأدبياً ونقدياً، حيث الإنصات إلى اثنين من مبدعي النقد الدكتورة سكينة مراد والدكتور علي العنزي اللذين كانت قراءتهما للرواية متميزة وعرضهما مدعماً بمفردات واضحة تلبي المضمون. وقد أدارت الأمسية باقتدار الأديبة القديرة أمل عبدالله، وختمها الروائي علاء الجابر بكلمة معبرة بدأها بتهنئة هولندا بيومها الوطني في بادرة ذات معنى، فعلاء الهولندي الجنسية يلبس الدشداشة، ويتحدث اللهجة الكويتية ككويتي أصيل، وإن كان لا يحمل الثبوتيات الكويتية. كان حديث الروائي عن روايته مفعماً بالنظرات البعيدة وبذكريات وطن لا أظن أنه فكر يوماً بالحصول على جنسيته ولن أقول الإقامة فقط، وهكذا حال بلاد يعرب، بلاد طاردة، بلاد لا تميز بين المثقف والمهرج. ورغم جلوسي في الطرف الأخير من مقاعد إضافية وضعت في القاعة الأنيقة، فقد شعرت بأني جالس في الصف الأول، ولاحظت أن كبار الأدباء كان جلهم جالسين في نفس المكان الذي أجلس فيه، والطريف أنني أثناء جلوسي أتاني أحد طاقم الضيافة في الرابطة، وأظنه مصرياً، ليهمس لي بصوت خفيض: حضرتك الدكتور الفيلكاوي؟!

أجبته بصوت أخفض من صوته: لا يالغالي... فاعتذر لي بلباقة وتهذيب ومضى إلى حيث كان، هنا تأكدت أن الصف الأول الحقيقي في القاعة هو الأخير!

* نعود إلى احتفالية الرابطة، فمن إيجابياتها إقامة معرض كتاب مجاني لا يبيع بل تأخذ ما تشاء من الكتب كبادرة من الرابطة لتشجيع المجتمع على القراءة بمشاركة بعض الجهات الثقافية المميزة كـ"البابطين" و"دار سعاد الصباح" و"مركز البحوث الكويتية" و"المجلس الوطني للثقافة"، وهذا قرار موفق ممتاز يتناسب مع الأهداف الحقيقية لهذه الرابطة الثقافية الأدبية الراقية بمثقفيها وفعالياتها و"أربعائياتها" الثقافية المبهرة.

الكلام كثير والحديث يطول ولا أملك إلا التقدير والاحترام للدور الإيجابي الواضح الذي تقوم به هذه الرابطة لدعم الثقافة في بلدنا العزيز، ولاشك أن احتفاليتها تستحق الرعاية السامية من سمو الأمير، حفظه الله ورعاه، واهتمام الدولة ممثلة بوزير الإعلام كونها تمثل وجهاً مشرقاً للثقافة والأدب في الكويت.

وإلى مستقبل متطور وزاهر بإذن الله.

back to top