غيّر هذه الأشياء فيك!

نشر في 23-04-2014 | 00:02
آخر تحديث 23-04-2014 | 00:02
كي نتصرف على سجيتنا أخيراً، لا داعي لتغيير شخصيتنا، بل يجب تغيير نظرتنا إلى أنفسنا، وبالتالي نظرتنا إلى الحياة. قد تبدو المهمة بسيطة لكنها عبارة عن نضال فعلي ضد الذات وضد الآخرين أيضاً!
لماذا نكرر دوماً الأخطاء نفسها؟ ما الذي يدفعنا إلى تكرار تجربة لا تناسبنا بأي شكل؟ وما العمل لتغيير هذا الوضع؟ من خلال التمسك بقناعات معينة، نحن نصنع حظنا السيئ بأنفسنا، كما حين نغرم مثلاً بشخص غير مناسب.

يجب ألا ننسى أن تجاوز الفشل يتطلب وقتاً ومثابرة ولا تكون المهمة سهلة ومريحة. يجب أن نجدد حوافزنا ونقنع أنفسنا بأننا قمنا بالخيار المناسب، وبأن ذلك الفشل كان عبارة عن حظ سيئ، لكننا أصبحنا الآن أكثر سعادة. إن اكتساب هذه العقلية ليس سهلاً دوماً.

غداة سلسلة من التجارب الفاشلة التي تسيء إلينا، حان الوقت لطرح أسئلة محورية على أنفسنا. هذا ما يسمح لنا باستعادة الثقة بالذات كي لا نعتبر أن كل لقاء جديد مع رجل أو امرأة سيحمل المستوى نفسه من المجازفة والمعاناة.

إسقاط عائلي لاواعي

نستنتج عموماً وجود نقاط تشابه لافتة بين مشاكل ثنائي معين وأهل ذلك الثنائي. تتكرر المواقف عينها من جيل إلى آخر. فنلحظ مثلاً أن ابنة شخص مدمن لا تتعلق إلا برجال مدمنين. لا شك أنها شاهدت كم عانت والدتها من الوضع مثلما عانت هي شخصياً. لكن بعد مرور سنوات، تكرر نموذج العلاقة الثنائية التي أثرت بها. قد يحصل ذلك لأنها، في لاوعيها، لا تعرف وضعاً مغايراً ولا تتخيل أنها ستنجح في المكان الذي فشلت فيه أمها بفضل الحب.

يرتبط بعض النساء إذاً برجل عنيف، مثل والدهنّ، فيكررن القصة التي عاشتها الأم. هكذا تتكرر المأساة العائلية نفسها مرة جديدة. في المقابل، تكرر نساء أخريات نوعاً آخر من السيناريوهات عبر الارتباط برجل ضعيف.

يتم تناقل بعض القصص من جيل إلى آخر. هذا ما يحصل مع أي امرأة تشهد على حرب مستمرة بين والدَيها، فتجد نفسها بعد سنوات في صراع دائم مع شريكها.

فقدان الثقة بالنفس

إذا كنت تعيش علاقة غرامية تسبب لك المعاناة لأن الشريك الذي تقابله ليس حراً، يجب أن تسأل نفسك: {هل أتمتع بثقة كافية بنفسي كي أقابل شخصاً يناسبني فعلاً وكي أحسّن فرصة الارتباط به بعلاقة كاملة ودائمة؟}. أو {هل أشك بقدرتي على كسب إعجاب الآخرين؟ ألا تخفي هذه العلاقة الكئيبة التي أعيشها خوفي من إقامة علاقة مبنية على السعادة والانفتاح لأنها تتطلب التزاماً أكبر؟}.

معتقدات خاطئة

نشعر عموماً بأننا مجبَرون على تكرار أفعال وسلوكيات مترسخة في لاوعينا مع أنها لا تفيدنا. تتعدد التفسيرات الخاطئة التي تغذي تلك الدوافع وقد تكون واعية نسبياً. للتغلب على تلك الدوافع، يجب تركيز الانتباه على أفكارنا وعواطفنا ومشاعرنا حين نحاول وقف السلوك القهري. لكن لتحقيق ذلك ومواجهة المشاكل المطروحة، يجب أن نتحلى بالشجاعة اللازمة لمعرفة ما وراء ذلك الدافع ورصد قناعات غير منطقية يرتكز عليها.

يرغب كل واحد منا في تبادل الحب، لكن يمكن أن تؤدي بعض المعتقدات والأوهام إلى عوائق متعددة. نذكر مثلاً الخرافة الرومانسية الشهيرة عن إيجاد توأم الروح، ما يعني وجود شخص واحد بانتظارك في العالم، وهو الشخص الذي نعيش معه الحب الكبير. وثمة خرافة أخرى تعززها الأعمال الأدبية ثم السينمائية: يكفي أن نجد الشريك المثالي كي ننعم بالسعادة المثلى في الحب من دون الحاجة بعد ذلك إلى طرح أسئلة. وتعتبر خرافات أخرى أن الحب مؤلم بطبيعته أو أنه لا يدوم مطلقاً...

ثقل المعتقدات المسيئة

المعتقدات هي مسلّمات وأفكار مترسخة نؤمن بها. تلك الفكرة التي تتحول إلى قناعة تتكوّن بشكل أساسي خلال مرحلة الطفولة والمراهقة، وبإيقاع أبطأ في سن الرشد وعلى مر حياتنا كلها. خلال مدة وجودنا في هذه الحياة، نتأثر بلقاءاتنا وتجاربنا ونستنتج نمط حياتنا وفق الوسط الثقافي، والديانة التي نتربى عليها، ومستوى المنطق الذي نستعمله في المواقف المختلفة، وسلوكنا في ظروف الحياة العائلية والاجتماعية.

يمكن أن يكون ذلك الاستنتاج إيجابياً أو سلبياً، وفق سياق التجربة، وهو يترسخ في أعماقنا بقوة متفاوتة، بحسب السن تحديداً. أحياناً، لا تكون تلك القناعة إيجابية ولا سلبية بل لاواعية. نحن نعيش ونتطور معها وهي التي تبني شخصيتنا.

عموماً، تكون المعتقدات التي تتشكل في الطفولة أقوى بسبب غياب حس المنطق في تلك المرحلة. سرعان ما تتأثر جميع قراراتنا وسلوكياتنا بتلك المعتقدات. يتفاعل الآخرون معنا بحسب تلك المواقف. تزداد قناعتنا تدريجياً بأن جميع هذه الأفكار صحيحة. فتصبح أشبه بالحقيقة المطلقة بالنسبة إلينا، مع أنها لا تكون موضوعية بأي شكل. لكن من وجهة نظر موضوعية، يعكس هذا الموقف رؤيتنا الخاصة عن العالم.

كسر الحلقة المفرغة

كيف يمكن التخلص، إذاً، من هذه الخطط المتكررة والمعتقدات المحدودة؟ يجب الابتعاد قليلاً عن الموقف وتحليله بأكبر قدر ممكن من الموضوعية. تقضي الخطوة الأولى بإدراك حقيقة الوضع، وقد يكون هذا الأمر كافياً لوقف تلك الظاهرة المسيئة، لكن ليس دوماً. في هذه الحالة، يمكن الخضوع لعلاج معرفي أو تحليل نفسي لفهم حقيقة السيناريو الحاصل وإعادة صياغته. الحلول موجودة. يكفي أن نقتنع بأن كل فرد يمكن أن يؤثر على مسار حياته بدل أن يرضخ للظروف.

يجب ألا نتردد طبعاً بتقييم قناعاتنا، لا سيما تلك التي لا نعترف بها بسهولة! يجب أن نتساءل: ألم يحن الوقت للتخلص من العادات السيئة؟ الهدف الأساسي هو استبدال تلك المعتقدات المحدودة بقناعات جديدة وإيجابية تشبهنا فعلاً. على سبيل المثال، يجب تحديد أكثر ما نحب فعله بدل الاستسلام. وحين نتوصل إلى جواب صريح، يمكن أن نبدأ بتطبيق قناعتنا الجديدة. باختصار، ما يجب أن نغيره أولاً هو طريقة تفكيرنا!

back to top