يوم الكتاب العالمي

نشر في 23-04-2014
آخر تحديث 23-04-2014 | 00:01
 طالب الرفاعي الألماني يوهان غوتنبرغ (1398-1468) كان يعمل بمهنة صياغة الذهب، وبالرغم من عبقريته في ابتكار تصاميم تخلب عقول زبائنه، فقد نقش اسمه بالذهب الخالص في سجل الخالدين يوم اخترع الآلة الكاتبة عام 1440. فحينها اخترع ذهباً جديداً، ليس حكراً على الطبقة المرفّهة، بل زاداً لعقول البشر، وزينة لافتة لا ينالها الإهمال مهما تقادمت. فاختراع الآلة الكاتبة، انتقل بالعالم من عصر شح المعلومة، إلى عهد جديد يكون وصل البشر وتواصلهم ممكناً عبر القراءة.

منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» تحتفل بالثالث والعشرين من شهر أبريل كل عام بيوم الكتاب العالمي، وذلك منذ عام 1995، فبالرغم من ثورة المعلومات والاتصال، ومحركات بحث الشبكة العنكبوتية، ووسائل التواصل الاجتماعي، فإن الكتاب يبقى مصدر المعرفة الإنسانية الأول، وتبقى علاقة الإنسان بالكتاب علاقة خاصة ومتجددة، أبعد من أن يطالها الصدأ!

إننا في الكويت، نحتاج الى جهود مخلصة، تشترك فيها الأسرة مع المؤسسات الرسمية والأهلية، لتقريب المواطن من الكتاب. وجهود أخرى أكبر منها، وأكثر إبداعاً ومعاصرةً لخلق علاقة بين أبنائنا الصغار والناشئة والكتاب. فليس بالجديد القول: إن علاقة المواطنين بالكتاب تتردى من ضعف إلى ضعف، وأن زيارة خاطفة لأي مكتبة عامة، في أي من مناطق الكويت، تقدم صورة ناطقة بالبؤس للذي وصلت إليها المكتبات العامة، والحالة الأكثر بؤساً لعلاقة أطفالنا وتلاميذنا بالكتاب والقراءة! والتوصيف عينه ينطبق على حال «المكتبة الوطنية» بمبناها الجديد، وخلو قاعاتها وردهاتها الجديدة، من أي حضور للقراء أو الباحثين أو طلاب العلم!

يخطئ من يعتقد إمكانية خلق تنمية في أي مجتمع من المجتمعات دون أن يكون الكتاب، عنوان المعرفة، حاضراً وعنصراً من عناصرها الأساسية. لذا فإن الحلم بتنمية فكرية وإبداعية وثقافية، لأطفال وشباب الكويت لا يمكن تصوره دون وضع استراتيجية مدروسة لخلق علاقة جديدة بين أبنائنا والكتاب. فالتلفزيونات وأجهزة الهواتف النقالة، و»الآي باد»، ببرامجها وعوالمها العجيبة والسحرية، أصبحت أقرب إلى الطفل، من أي مصدر آخر للمعرفة، واستحوذت على وقته وذهنه، وسرقته من أقرب الناس إليه! بل وأخذته إلى شواطئ أبعد ما تكون عن الكتاب والقراءة وعن طبيعة المجتمع الذي يحيا. وربما، علاقة الطفل بأجهزة التسلية، تصلح لأن تكون المنطلق في خلق علاقة جديدة بينه وبين الكتاب.

ما عاد ممكناً بناء علاقة بين طفل القرن الواحد والعشرين والكتاب، تعتمد على الأساليب القديمة، وأن القراءة هي بوابة المعرفة، بل الواجب هو التفكير الجدي بطرق عصرية، تقدم للطفل الكتاب بوصفه متعة، ولوناً براقاً، وقصة ممتعة ومشوقة، وأخيراً بوصفه صديقاً ساحراً وعجيباً يمكن التواصل معه والتعرف على عوالمه والتخاطب معه. فما عادت طرق التدريس القديمة تصلح لطفل اليوم، بل يجب احترام عقليته، وتركه يخلق علاقته بالكتاب عبر الأجهزة الحديثة، وجعل علاقته مع الجهاز طريقاً ومعبراً، لتواصله مع الكتاب. نعم، ما عاد التلقين مقبولاً ولا مفيداً، ولا عاد الحثّ والترغيب بقادر على مخاطبة عقل طفل اليوم.

المجتمعات المتقدمة، صارت تعمل بفكرة المجاميع، وفكرة الجهد المنظم. حيث يتم إخضاع مجموعة من الأساتذة، نساء ورجال، لبرنامج علمي مدرس يتعلمون من خلاله كيفية التواصل مع الأطفال، وكيفية مراقبتهم عن بعد وطبيعة علاقتهم بأجهزتهم الخاصة، التلفون، والآي باد، والكمبيوتر، ومن ثم جعل مادة القراءة ضمن مواد أخرى مادة يومية، والتركيز على تقديم مواضيع جاذبة ومتحركة وبعيدة عن الملل الذي يصيب الطفل في حالة التلقين. بل خلق مواد متفاعلة، عبر مقاطع من أفلام أعدّت خصوصاً للمساعدة على خلق علاقة تفاعلية بين الطفل والكتاب.

back to top