«الأمنية»... تدور في فلك القوانين الكويتية النافذة... وتساير الدستور ولا حاجة لموافقة «الأمة»

نشر في 18-02-2014
آخر تحديث 18-02-2014 | 00:11
دراسة حول الاتفاقية الأمنية الخليجية من المنظور الدستوري والقانوني
الاتفاقية الأمنية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي وقع عليها وزراء داخلية دول المجلس، بتاريخ 13 نوفمبر 2012، لا تزال تراوح مكانها، بعد أكثر من عام ونصف العام على هذا التوقيع، وأكثر من عشرة أشهر على صدور المرسوم الأميري رقم 95 لسنة 2013، بتاريخ 15 أبريل لسنة 2013 بإحالة مشروع قانون بالموافقة عليها، إلى مجلس الأمة، ولا غرابة في ذلك. وتنفرد الكويت بين دول مجلس التعاون، بل وبين الدول العربية كافة بتجربة ديمقراطية لا مثيل لها في الحرية المتاحة للمعارضة داخل البرلمان، وفي حرية الرأي وحق التعبير عنه لكل مواطن، وحرية الصحافة.

كما أن اختلاف الآراء هو جوهر النظام الديمقراطي لأنه ثراء للفكر، وصراعها هو الذي يومض شعاع الحقيقة، والحوار واختلاف الآراء هما وسيلة المجتمع إلى بقائه وارتقائه، كما تقوم الديمقراطية على مبدأ أساسي هو احترام رأي الأقلية وإفساح الصدر لها في أن تعبر عن رأيها وأفكارها وتصوراتها، فكما أن للأغلبية قرارها فللأقلية حقوقها.

والاعتراف بحقوق الأقلية هو جوهر النظام الديمقراطي، بل هو اعتراف بمشروعية تعدد الآراء، وأن أحداً لا يملك الحقيقة كاملة، وأن أحداً لا يملك الزعم بانفراده بقول الصواب، كما لا يملك مصادرة حق الآخرين في إبداء الرأي الآخر.

وفي وسط هذا الخضم من المقالات والتصريحات التي صبت جام غضب بعض الكتاب وبعض النواب على الاتفاقية الامنية، واعتبارها شراً مستطيراً، وأن أكبر النار من مستصغر الشرر، فقد رموا الاتفاقية بمخالفة أحكام الدستور بما تنطوي عليه من إهدار لحقوق دستورية وانتهاك للحريات العامة ولشرعية الإجراءات الجزائية.

وهو ما دعاني إلى قراءة نصوص الاتفاقية أكثر من مرة، فلم أجد في هذه النصوص، شيئاً مما رموا به هذه الاتفاقية.

ومع تقدير، دون بخس، لحرص المعارضة البرلمانية على حماية الحقوق والحريات وضماناتهما الدستورية، فإن القراءة المتمعنة لهذه الاتفاقية، وتفسير نصوصها كوحدة واحدة، يفسر كل نص منها الآخر ولا يعيش بمعزل عنه، لا يمكن إلا أن يؤكد أن توقيع وزير الداخلية على هذه الاتفاقية، مع سائر وزراء داخلية دول مجلس التعاون التي وقعتها، لم يكن بمعزل عن أحكام الدستور.

الاتفاقية والحقائق الخمس

للتدليل على ما توصلنا إليه بأن توقيع الاتفاقية لم يكن بمعزل عن أحكام الدستور ذلك نسوق الحقائق التالية:

الحقيقة الأولى:

أن هذه الاتفاقية لا تخرج عن كونها تعاوناً بين أجهزة الأمن في دول مجلس التعاون على مكافحة الجريمة وتبادل الخبرات والأدلة والمعلومات والمحافظة على سريتها، وتعاون في الإجراءات القانونية التي تتخذها الدول الأطراف في مكافحة الجريمة وملاحقة المجرمين.

1) فالمواد (1 و2 و4 و12 و15) من هذه الاتفاقية تتناول تعاون الدول الأطراف في إطار هذه الاتفاقية لملاحقة الخارجين على القانون، عند طلب المعلومات عن مواطني الدولة الطالبة أو المقيمين بها من دولة طرف في المعاهدة، وفي منع الدخول والخروج غير المشروع للأشخاص ومكافحة التهريب والتسلل عبر حدود الدول الموقعة على هذه الاتفاقية، وتسهيل إجراءات قبول الإسعاف الجوي أو دخول الإسعاف البري والبحري أقاليم هذه الدول لإنقاذ المصابين في الحروب، ويتم نقل المصابين دون انتظار إجراءات الدخول أو الخروج الرسمية لدى أي دولة طرف مع مراعاة استيفائها لاحقاً.

2) تعمل الدول الأطراف في الاتفاقية- حسبما نصت على ذلك المواد (3 و6 و10 و14)- على اتخاذ الإجراءات القانونية في ما يعد جريمة، كما تعمل على تبادل المعلومات والخبرات لمنع ومكافحة الجريمة وتقديم التسهيلات اللازمة في مجالات التعليم والتدريب في الأجهزة الأمنية وإنشاء مراكز تدريب ودورات تدريب أمنية متخصصة، وتزويد الدول الأطراف ببرامج المؤتمرات والندوات والحلقات الدراسية التي تعقد، ودعم الأجهزة الأمنية بأحدث التقنيات وتحقيق التكامل الفعلي للأجهزة الأمنية والتعاون الميداني في ما بينها.

3) تتبادل الدول الأطراف في الاتفاقية- حسبما نص على ذلك المادتان (8 و9)- المعلومات المتعلقة بالجرائم التي تم ارتكابها أو يتم الإعداد لارتكابها على إقليم دولة طرف، وأسماء مرتكبيها أو من يعدون لارتكابها والسوابق الخطيرة والمعلومات المتعلقة بهم، والإبلاغ عن تحركاتهم بموجب المواد (6 و7 و17).

4) يعقد المسؤولون في الدول الأطراف المعنيون بالجريمة المؤتمرات والاجتماعات واللقاءات الدورية، والتشاور للتنسيق في ما بينهم في الموضوعات المطروحة فيها، ولتدعيم فاعليه التعاون وتطويره.

5) تتخذ الدول الأطراف الإجراءات الضرورية للمحافظة على سرية المعلومات والمواد والوثائق والمستندات المتبادلة في ما بينها إعمالا لأحكام المادة (18) من الاتفاقية الأمنية.

ولم أجد في كل ذلك حكماً واحداً يخالف أحكام الدستور، أو حكما يخالف أحكام القوانين المعمول بها في الكويت.

الحقيقة الثانية: الشرعية الجزائية

وتخلو هذه الاتفاقية في ما نصت عليه من إجراءات تُتخذ في مكافحة الجريمة أو ملاحقة الخارجين على القانون، أو في درء الأخطار التي تهدد أمن المجتمعات الخليجية واستقرارها، من أي نص يخالف شرعية الإجراءات الجزائية في ما يكفله الدستور من ضمانات.

في ما تنص عليه المادة (32) من أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة للعمل بالقانون الذي ينص عليها.

وفيما تنص عليه المادة (33) من أن العقوبة شخصية.

وفيما تنص عليه المادة (34) من أن المتهم بريء حتى تثبت ادانته في محاكمة قانونية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية لممارسة حق الدفاع. ويحظر إيذاء المتهم جسمانياً أو معنوياً .

فلم يرد في هذه الاتفاقية نص واحد يجرم فعلاً من الأفعال أو يستحدث إجراءً واحداً يمس حرية المواطنين أو المقيمين، أو يخل بضمانات المحاكمة العادلة التي نص عليها الدستور.

1) فالمادة (1) من الاتفاقية الأمنية تنص على أن يتم هذا التعاون في إطار هذه الاتفاقية وفقاً لتشريعاتها الوطنية.

ومؤدى ذلك أن التعاون المنصوص عليه في هذه الاتفاقية، في أهدافه ووسائله وأساليبه، وفي كل الآليات التي وضعتها هذه الاتفاقية، يخضع لما تنص عليه التشريعات الوطنية، وفقا لهذا النص.

2) والمادة (3) من هذه الاتفاقية تنص على اتخاذ الدولة الإجراءات القانونية فيما يعد جريمة وفقاً للتشريعات النافذة لديها، فهي لا تستحدث تعريفاً للجريمة يخالف ما عرف به الدستور الجريمة في المادة (32) بل تؤكد أن كافة الإجراءات القانونية التي تتخذها الدولة تتم فيما يعد جريمة وفقاً للتشريعات النافذة لدى كل طرف في الاتفاقية، أي أن الاتفاقية الأمنية لا تؤثم فعلاً بذاته، بل تترك تجريم الأفعال وتأثيمها للتشريعات الوطنية.

الحقيقة الثالثة: لا مساس بسيادة الدولة

على أراضيها

فالاتفاقية تؤكد ذلك في أكثر من موضع:

1) في مجال ضبط الحدود تنص المادتان (12 و14) على تعاون الدول الأطراف على منع الدخول أو الخروج غير المشروع للأشخاص ومكافحة التهرب والتسلل عبر حدودها، وإيجاد آليه لتنظيم سلطات الحدود تكون ثنائية بين كل دولتين من الدول الأطراف في مجال ضبط الحدود المشتركة من خلال عقد الاجتماعات الدورية وتنظيم وتنسيق دوريات التلاقي وتقديم المساعدة والإسعافات الأولية والتنسيق بشأن فتح المنافذ الحدودية بين الطرفين.

2) وتحظر المادة (14) على دوريات المطاردة التابعة لأي دولة من الدول الأطراف اجتياز الحدود البرية للدولة المجاورة، وتتولى الدولة التي دخل المطاردون إلى حدودها- بعد إبلاغها بذلك – مطاردتهم.

3) وغني عن البيان ان السماح للمختصين في دولة ما حضور مرحلة جمع الاستدلالات، في دولة اخرى طرف في الاتفاقية، والذي تنص عليه المادة (11) هو أمر تقديري وجوازي للسلطة المختصة في الدولة التي يتم فيها جمع الاستدلالات، وفقا لكل حالة على حدة، طبقاً لأحكام هذه المادة.

الحقيقة الرابعة: القبض على

الأشخاص وتسليمهم

1) وهو إجراء طبيعي نصت عليه المادة (13) من الاتفاقية بقيام السلطات المختصة في الدول الأطراف بالقبض على من يدخلون إقليمها بطريقة غير مشروعة، وتتخذ الاجراءات المناسبة بحقهم.

2) كما أجازت المادة (14) لدوريات المطاردة التابعة لأي دولة طرف في الاتفاقية إلقاء القبض على من تمت مطاردتهم، لتسليمهم وما في حوزتهم إلى الدولة التي بدأت المطاردة في أرضيها.

وقيدت المادة (14) ذلك بأن تكون:

متى كانت القوانين المعمول بها في الدولة التي تم إلقاء القبض فيها تسمح بذلك.

وبذلك لا يسري هذا الحكم، طبقا لدستور الكويت ابوالقوانين على المواطنين لما يتمتع به المواطنون من حصانة وفقا لأحكام المادة (28) من الدستور التي لا تجيز إبعاد كويتي عن الكويت أو منعه من العودة إليها، حيث يعتبر تسليم المواطن إلى دولة أخرى إبعاداً عن الكويت، وهو ما لا يجوز. وهو ما أكده الاستثناء الوارد في المادة (14)، حيث استثنت هذه المادة «من يكونون من مواطني الدولة التي دخلوا إقليمها، حتى لو كانوا دخلوا إقليم دولة أخرى أو أكثر بطريقة غير مشروعة»، وانتهى المطاف بهم إلى إقليم دولتهم.

- الحقيقة الخامسة: لا مساس بحرية

التعبير وحق النقد

وهما حقان كفلهما الدستور في ما تنص عليه المادة (36) من أن حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما.

وفي تأويل ما تنص عليه المادة (3) من الاتفاقية من أن تعمل كل دولة طرف على اتخاذ الإجراءات القانونية، عند تدخُّل مواطنيها أو المقيمين بها في الشؤون الداخلية  لأي من الدول الاطراف الاخرى، فقد قيدته المادة (3) بأن يكون ذلك:

«فيما يعد جريمة وفقاً للتشريعات النافذة لدى الدولة»

فهذه المادة لا تصادر فكراً أو رأياً بما يخل بحرية الرأي أو حق التعبير عنه اللذين كفلهما الدستور، بل تدور في فلك التشريعات المعمول بها في الدولة، والقول بغير ذلك قول مرسل فيه تحريف للكلم عن مواضعه، بلا سند من نصوص الاتفاقية أو من مبادئ القانون الدولي والمبادئ الدستورية العامة، بل فيه تجنٍ على هذه المبادئ وتلك الاتفاقية، التي لا تمس حق النقد المباح في الدول المتعاقدة، وأن التعدي الذي تنصرف إليه نصوص الاتفاقية، هو ذلك الذي يعتبر جريمة في قانون الدولة يعاقب عليها بالعقوبات المقررة فيه.

• خلاصة ما تقدم

نخلص من ذلك إلى النتائج الآتية:

- النتيجة الأولى: أن هذه الاتفاقية لا تؤثم أفعالاً أو تعاقب عليها، بل تترك ذلك لكل دولة وفقاً لقوانينها، وفي ظل مبدأ شرعية التجريم والعقاب، الذي تحميه جميع الدساتير بالنص فيها على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون.

وأن ما يتم اتخاذه من إجراءات قانونية لملاحقة المجرمين والمتهمين والمطاردين، هو طبقاً للقوانين المعمول بها في كل دولة، الأمر الذي لا تنطوي هذه الاتفاقية، على مخالفة هذه القوانين ولا تتضمن تعديلاً لها أو إهداراً لأي ضمانات تقررها.

فالتزامات الكويت في هذه الاتفاقية، لا تعدو أن تكون تنفيذا للقوانين المعمول بها، وتدخل في التزامات الأجهزة الأمنية التي حددتها هذه القوانين، وحددها المرسوم الصادر بتاريخ 7 يناير سنة 1979، باختصاصات وزارة الداخلية التي عُهد إليها بمسؤولية حفظ الأمن والنظام داخل البلاد وتنفيذ ما تفرضه القوانين واللوائح.

وأنه يدخل في اختصاص الوزارة في تولي هذه المسؤولية- وفقا لأحكام هذا المرسوم- ما يلي:

• وضع وتنفيذ الخطط الكفيلة باستقرار أمن الدولة والمواطنين.

• إعداد قوة الشرطة والأمن العام وتنظيم أجهزتها وتأمين قيامها بواجباتها.

* تنفيذ قوانين إقامة الأجانب ومراقبة مراكز الحدود البحرية والبرية والجوية لتنظيم دخول البلاد والخروج منها.

• التعاون مع الشرطة الجنائية والدولية والمنظمات الدولية الأخرى وفقاً للقوانين والاتفاقيات الدولية.

- النتيجة الثانية: يترتب على ما تقدم في النتيجة الأولى، أن تصبح الاتفاقية الأمنية نافذه بذاتها ودون حاجة إلى أداة أخرى لتنفيذها، باعتبار أن تنفيذها هو تنفيذ لهذه القوانين، وللصلاحيات المقررة لوزارة الداخلية، وأن ما ورد فيها لا يعدو أن يكون استحثاث أجهزة الأمن في الدول الأطراف في هذه الاتفاقية على تفعيل أحكام القوانين في مكافحة الجريمة، وتفعيل التعاون بين هذه الأجهزة وهو التعاون الذي يقوم عليه في كافة المجالات النظام الأساسي لمجلس التعاون، الذي تم إقراره بالقانون رقم (44) لسنة 1981.

- النتيجة الثالثة: وفقا لما ابديناه في النتيجتين الأولى والثانية، فإن الأمر يتطلب ان تقوم الحكومة بسحب المرسوم رقم (95) لسنة 2013 بإحالة مشروع قانون بالموافقة على هذه الاتفاقية، إلى مجلس الأمة.

وأساس ذلك ما نصت عليه المادة (70) من الدستور والتي فرقت بين نوعين من الاتفاقيات الدولية.

- النوع الأول: الاتفاقيات الدولية التي اكتفت الفقرة الأولى من المادة (70) من الدستور بإخطار مجلس الأمة بها بعد إبرامها في ما نصّت عليه من أن «يبرم الأمير المعاهدات بمرسوم ويبلغها مجلس الأمة فوراً مشفوعة بما يناسبها من بيان وتكون للمعاهدة قوة القانون بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية».

وقد أخذ الدستور في ذلك بمبدأ اندماج قواعد القانون الدولي العام الاتفاقية في القانون الداخلي للدولة، وهو مبدأ تأخذ به الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبلجيكا وهولندا وألمانيا وأستراليا وإيطاليا والبرازيل، والتي تحيط دساتيرها تطبيق نصوص الاتفاقيات الدولية بشروط وقيود تختلف من دستور إلى آخر.

- النوع الثاني: الاتفاقيات الدولية، التي تطلبت الفقرة الثانية من المادة (70) لنفاذها صدور قانون بإقرارها في ما نصت عليه من:

«ان معاهدات الصلح والتحالف، والمعاهدات المتعلقة بأراضي الدولة أو ثرواتها الطبيعية أو بحقوق السيادة أو حقوق المواطنين العامة أو الخاصة، ومعاهدات التجارة والملاحة، والإقامة، والمعاهدات التي تُحمِّل خزانة الدولة شيئاً من النفقات غير الواردة في الميزانية أو تتضمن تعديلاً لقوانين الكويت يجب لنفاذها أن تصدر بقانون».

ومؤدى الأحكام الواردة في المادة (70) من الدستور أن المشرع، بعد أن قرر الأصل العام في أن إبرام المعاهدات هو اختصاص يمارسه الأمير بواسطة السلطة التنفيذية، وأنها تصبح جزءاً من النظام القانوني للدولة بعد إبرامها والتصديق عليها ونشرها في الجريدة الرسمية، ولا يملك مجلس الأمة بالنسبة إلى هذه المعاهدات سوى إبداء ما يراه من ملاحظات بصددها من دون اتخاذ قرار في شأن المعاهدات ذاتها، إعمالاً لأحكام المادة (115) من اللائحة الداخلية، في حين اختص المعاهدات التي نصّت عليها الفقرة الثانية، بحكم خاص هو أنها لا تندمج في النظام القانوني للدولة إلا بعد إقرارها بقانون أي أنه لم يكتفِ بإخطار مجلس الأمة بها، بل اشترط موافقته عليها وإقرارها كقانون من قوانين الدولة، لتصبح جزءاً من هذا النظام، وذلك لخطورة وأهمية المسائل التي تنظمها هذه المعاهدات فضلا عن احترام، مبدأ الفصل بين السلطات، الذي يقوم عليه نظام الحكم في الكويت طبقاً للمادة (50) من الدستور، وذلك حين تتضمن المعاهدة تعديلاً لقوانين الدولة أو تنظيماً لمسائل هي بطبيعتها من المسائل التي لا تنفرد السلطة التنفيذية بإقرارها.

ولما كانت الاتفاقية الأمنية سالفة الذكر تدور في فلك القوانين النافذة في الكويت، ولا تتضمن تعديلاً أو نسخاً لها، فإن الدستور لا يتطلب صدور قانون بنفاذها.

والبادي لنا أن الكويت بذلت جهوداً مكثفة في السنوات الماضية للخروج بهذه الاتفاقية إلى المحتوى والشكل الذي خرجت به، فقد كان مشروع الاتفاقية الأمنية في أصله يحوي الكثير من الأحكام والإجراءات التي تنطوي على تعديل في القوانين المعمول بها، الأمر الذي كان يتطلب صدور قانون لنفاذ هذه الاتفاقية.

وعندما تناسى مشروع الاتفاقية أصل نشأته، وأصبح مجرد بروتوكول يقنن تعاون أجهزة الأمن في دول مجلس التعاون للدول الخليجية بقي مقترناً بأداته السابقة.

وهو ما يؤكده ما تنص عليه الاتفاقية الأمنية في المادة (20) من حلولها محل اتفاقية أمنية وقعت بتاريخ 28/ 11/ 1994، وكانت تتطلب لنفاذها صدور قانون.

وعلمنا هذا رأي فمن جاءنا بخير منه قبلناه.

back to top