الغيث: العرض القطري «مساء للموت» غني بقراءاته المتعددة

نشر في 24-09-2013 | 00:01
آخر تحديث 24-09-2013 | 00:01
أشاد بفكر الكاتب ورؤية المخرج وبأداء الممثلين الثلاثة
رأى الناقد المسرحي جاسم الغيث أن عرض «مساء للموت» قدم أصعب أنواع المدارس التي تعتبر الممثل علامة مسرحية.

قدم عضو هيئة التدريس في قسم النقد بالمعهد العالي للفنون المسرحية الناقد جاسم الغيث، قراءة تحليلية في الجلسة النقاشية للعرض القطري «مساء للموت» المشارك في المسابقة الرسمية لمهرجان الخليج المسرحي العاشر للشباب.

في البداية، قال الناقد جاسم الغيث: «يستلهم هذا العرض المسرحي أحداثا من عبق التراث الخليجي الأصيل، إذ يحمل القضايا والأفكار والكثير من المعاني والرموز، في فضاء خشبة المسرح. وحتى نتمكن من قراءة هذه المعاني وفك تشفير رموزها لابد لنا من الاستعانة بثلاثة محاور رئيسية في الحقل الدلالي ألا وهي الرمز، الشاهد، الأيقونة».

ثم شرع الغيث تحليله العلمي من الأيقونة: «حيث (دزدمونة) التي يقابلها في العرض شخصية (مريم)، ويحق لنا أن نتساءل كيف يمكن لعرض مسرحي معاصر ذي بيئة تعتمد على نماذج القوالب المسرحية وتقنيات الممثل، والتركيز على الشخصيات المحورية، ما يدعو للتساؤل كيف يمكن أن يتقاطع مع المسرح الشكسبيري الذي يضم الكثير من الشخوص الدرامية والحبكات الرئيسية والفرعية؟ وهل كان التقابل عن طريق البناء الفني الدرامي أو الشخصيات التراجيدية أو المضمون الدرامي».

وأضاف في «سوسيولوجيا المسرح» لجان دوفينيو نجد أن الأعمال الشكسبيرية تستجيب لمقتضيات نماذج بعض المجتمعات المعاصرة الخاضعة للتعسف ولمنطق القدر المحتوم.

وهنا نرى الأيقونة الخليجية تقترن بالأيقونة الشكسبيرية (دزدمونة) من الجانب الإنساني، فمأساة (دزدمونة) تختلف عن (مريم)، حيث ان العرض المسرحي هو خليجي بثقافته وتراثه الشعبي.

والخطأ التراجيدي عند (مريم) قائم على قرارها الذي سبب مأساتها في النهاية، وهذا ما يميزها عن (دزدمونة)، وفي هذا المجال نستطيع القول ان روم جيل في دراسته لمسرحية عطيل، أكد أن أحد التأويلات لشخصية (دزدمونة) انها تتطابق مع مدينة فينيسيا كشخصية بيضاء متسامحة، تمثل واقع المدينة في تلك المرحلة، وبما أن ثنائية الأرض – الشخصية المحورية الماثلة أمامنا يمكن أن نطبقها على العرض الخليجي. أي أن المجتمع يقابله شخصية (مريم) التي هي ليست الشخصية النسائية بقدر ما تمثل فكرا وشريحة اجتماعية ونمطا من الفكر المضاد. وما تمر به أدى إلى موت الشخصيات الأخرى في (الكورس)، وهذه دلالة على أن (مريم) ليست شخصية ذات تميز خاص في بنائها ومصيرها، بل هي تمثل نمطاً تأثر بمصيرها المحتوم باقي شخصيات (الكورس).

وانتقل الغيث إلى العنصر الثاني وهو الشاهد، مشيراً إلى ترنح ومشي البحار تدلان على مهنته (غيص)، أو النوخذة بشكله وأدائه، لكن المخرج أوكل لهذه الشخصية دوراً مغايراً بين شخصية النوخذة المعاصرة و(ياغو) في عطيل، حيث كان النوخذة هو المحرض على قتل مريم.

واعتمد المخرج على مدرسة تعتبر الممثل علامة مسرحية، بتأديته الشخصية والحوار وتجسيده كقطعة من الديكور والتشكيل في الفضاء، وهي من أصعب المدارس التي إذا أراد ممثلون محترفون القيام بها تحتاج إلى الانضباط و(السيمترية) العالية، مثنياً على القدرة الأدائية للممثلين وهم عبدالله الهاجري (مبارك) و فهد القريشي(غانم) وريم الفيصل (مريم).

وأشار الغيث إلى اختيار المخرج لثلاثة مستويات، تكمن في الشخصيات على المسرح وأدائها، واستدعاء الحدث الماضي وإعادة تمثيله مرة أخرى وأثره على التطور الدرامي، وأخيراً دور الكورس في التأثير على الشخصيات ومحاولة تغريبها لنقدها لابراز الأخطاء التي تحملها واثرها على المجتمع.

أما في جانب الرمز، فهو الدانة (الحصباء) الأغلى ثمناً، وترمز إلى مجموعة من الشخصيات النسوية، كما أن الرمزية في الصراع هي صراع الأفكار وقدرة سلطة المال وتأثيره والأطماع النفسية تجاه الآخر، والآخر هنا سواء كان رجلا أو امرأة يمثل طبقة اجتماعية أو نمطا في المجتمع.

ويرى الغيث ان العرض كان غنياً بقراءاته المتعددة وبنيته العميقة ولغته الشعرية التي استخدمها سواء اللغة العربية الفصحى أو اللهجة العامية، فالعرض قدم صراعا فكريا اجتماعيا إنسانيا، وأيقونة عروس التي تموت في ليلة زفافها لكنها عروس أرخت بضفائرها في جزر موحل بالغدر والخيانة وتحنت بدم التعصب الأعمى.  

back to top